الصمت لايتعب قلم المثقف العربي

 

 

د. لميس كاظم

lamiskadhum@hotmail.com

 

 

أطل علينا الأعلامي السعودي احمد الملا، بمقالة نُشرت يوم الأربعاء الماضي، في صحيفة اليوم السعودية، يعتذر فيها الكاتب عن التأخر في التضامن مع الشعب العراقي في مقارعة الارهاب وعدم الدفاع عن الدم العراقي الذي يسال كل يوم بدون ذنب. فالكاتب يناجي ويكرر اعتذاره نيابة عن كل مواطن سعودي شريف رافض للأرهاب .

 انها مبادرة تستحق الثناء والتقدير وهي مشاعر صادقة وكلمات دافئة ادخلت الأطمئنان الى قلوب الكثير من العراقيين المنتظرين لمثل هذا القلم التضامني النزية ،مدركون ان هناك لايزال مثقفين عرب يشعرون بحجم الدمار الذي يتعرض له الشعب العراقي. ان هذا المقال وان جاء متاخرا ، فالمثل السويدي يقول، المتاخر افضل من عدمه، فهو افضل بكثير من ان تُصم الأذنين ويخرس اللسان ويجف الحبر عن الكتابه تجاه المذابح البشرية التي يتعرض لها الشعب العراقي.

 نحن نأمل من الأعلامين والمثقفين السعودين ان يحذو حذوة الأعلامي احمد الملا، لزيادة الأصوات الأعلامية المناهضة  للأرهاب ، مما يساعد على بث وعي سلمي اجتماعي يفضح جذور ومنابع الأرهاب. اننا بحاجة الى النضال الأعلامي المشترك ضد الأرهاب ونتضامن معا كشعوب ومثقفين واعلاميين عرب ليتشكل صوت عربي قوى ضد المذابح والمسالخ التي تقتل شعوبنا.

 ان الدم العراقي الذي يسيل في شوارع العراق، هو نفس الدم الجزائري الذي أسيل في ذبح ابناء القرى الجزائرية في التسعينات من القرن المنصرم، وهونفس الفصيلة من الدم الذي يسيل في المملكة العربية السعودية والكويت ودولة الأمارات، يوم يفجر هؤلاء الوحوش البشرية من الأرهابين الكثير من المجمعات السكنية الامنة ، وهو نفس الدم الطاهر الذي أسيل في بيروت باغتيال علم من اعلام لبنان الوطنية المرحوم رفيق الحريري.

ان الأرهابيين سَخروا العديد من المراجع الدينية الفاسدة، مأجورة الثمن، تحلل هدر الدم العراقي وتحرمه في بلد اخر، فالقرضاوي يشارك في التظاهر ضد الأرهاب في الأمارات ، ويحلل الأرهاب في العراق. فقد اسس الأرهابيون مسالخ لتعليم  الذبح الحلال على الطريقة الأسلامية للمسلم الشيعي والسني والمسيحي والدرزي بل وحلال اكل قلب كل عربي تواق للديمقراطية، فهولاء الأرهابيون الكفرة يبغون العودة بنا لزمن هند بنت عتبه عندما أستأجرت عبدا لقتل الحمزة عم الرسول في معركة احد واكلت قلبه.

اننا نطمح ان يقوى الصوت الأعلامي والثقافي المعادي للأرهاب، وان تصبح ثفاقة السلم الأهلي هي الثقافة السائدة في المجتمع في المملكة العربية السعودية، وعندئذ ستكون صمام الأمان الأجتماعي الذي يفضح هولاء المرتزقة وعلمائهم ومنهم ال 26 عالم ديني ومفتي سعودي، الذين حللوا هدرالدم وذبح وقتل المواطن العراقي البريئ بفتاوى دينية متعارضة مع تعاليم الدين الأسلامي الحنيف، مما ساهمت في تضليل الكثير من الشباب في المملكة العربية السعودية  وباقي البلدان العربية واوهمتهم بعدالة وشرعية الجهاد في أستباحة الدم العراقي خاصة والعربي عامة. أن هؤلاء المفتيون هم القتلة الحقيقون،  لأنهم هم من يزرع بذرة الأرهاب الخبيثة في عقول هؤلاء الشبان وهم من يحللون القتل. ان تطور ثقافة الحوار المتحضر في المجتمع ستساعد على توسيع صلاحيات ومهام لجان  حقوق الأنسان في المملكة العربية السعودية، مما يتسدعي مقاضاة هؤلاء المفتيين الكفرة امام المحاكم السعودية المدنية كمجرمين ضد مبادئ الأسلام  وان ينالو القصاص العادل.

إذ ان بالأمكان القضاء على شبكات الأرهاب تدريجيا لكن من الصعب القضاء على جذور الأرهاب الفكرية المستندة الى مراجع دينية ولهم شأن ديني متأصل في عمق المجتمع  وهولاء الدعاة للارهاب متوفرة لهم الحماية من دور الأوقاف ومختبئين بدور العبادة والاماكن الأسلامية المقدسة تلك الأماكن التي تدنست مقدساتها بوجودهم فيها.

ان الشعب العراقي لايعرف اي ذنب واي جرم اقترفه تجاه القلم والصوت العربي الشريف، فمند سقوط الصنم يتعرض الشعب العراقي لحصار اعلامي وثقافي ظالم من قبل الأعلام الحكومي العربي واغلبية الأعلام العربي الحر، فالغالبية العظمى من المنابر العربية هي مؤسسات مهنية تابعة للدولة الممؤلة واعلاميهم هم موظفون ماجورون الكلمة والقلم. أن باقلامهم المأجورة حولو قتل العراقي البريئ الى حفل عرس دم عربي يُفتخر به عبر صحفهم الصفراء لتصور تلك الأعمال الأجرامية كشكل من اشكال المقاومة. 

ان  محاولة الأعلامي السعودي احمد الملا جائت لتكسر هذا الصمت والأتفاق العربي الأعلامي الذي يمتد من المحيط الى الخليج. ان بهذا الصمت الأعلامي العربي سوف يتساوى الأعلاميون العرب صاحبي الرأي الوطني النزيه مع الذين كانو ومازالو يتباكون على سقوط الصنم، فالصنم كان مورد رزقهم ورب عملهم يتقاضون اجورهم بنظام المقالة الصحفية الرذيلة كمأجورين القطاع الخاص، ثمنها كان يكبر بمقدار زيفهم ودفاعهم عن جرائم الصنم الذي اغرقهم في سخائه.

أيها الأعلاميون العرب الشرفاء، لاتاخذوا الشعب العراقي بجريرة الاحتلال، ولاتعاقبو وتشكلوا حوله حصار ثقافي عربي كونه مع الأحتلال، فالشعب العراقي وللأسف الشديد واقع تحت قبضة ديمقراطية الأحتلال، تلك الديمقراطية التي تمنح الحرية بيد وتدمر المدن والحضارة العراقية وتقتل الأبرياء باليد الثانية. لكن من خلال القضاء على أخر خلايا ومعاقل الأرهاب واستقرار الوضع الامني  والدستوري في البلد سيكون قد اُنجزت الظروف التي تهيأ لانهاء الأحتلال.

ان الشعب العراقي مدرك ان الثقافة والاعلام العربي يمر بزمن الصمت اللاتضامني ، الذي يسكت عن  قتل وذبح الشعب العراقي ، لكن لاتمضو قدما وتصرخون وتتباكون في الدفاع عن الديمقراطية في العراق بسكاكين الأرهابيين والسيارات المفخخة وتجتهدون في تبرير الفلسفه الفكرية لهذا الذبح البشري بحجة الدفاع عن عروبة العراق وسيادته الوطنية المنقوصة، فنحن اعرف بالدفاع عن قضيتنا، فأهل مكة اعرف بشعابها. 

اصمتوا ايها الأعلاميون العرب أن شئتم لكن لاتفجروا قنابلكم الصحفية في وجه اطفال العراق، فهم نفس الأطفال الذين اذرفتم دموع التماسح واجهشتم في البكاء عليهم في زمن الصنم. لاتغرزوا سهام اقلامكم في قلب حرية العراق النابض. فنحن ماضون ايها الأحبة العرب في قطار الحرية ، الذي بدئت رحلته منذ يوم الأنتخابات المليونية، وهو يسير بوقود الدم العراقي الطاهر، وبالسكة التي بنيت من قوافل الشهداء.

 

 

 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com