من يتحمل مسؤولية الأفساد والفساد الأداري والمالي في العراق ؟

 

 

فرات الحداد

furat_alhadad@yahoo.com

 

الى انظار السيدات و السادة اعضاء الجمعية الوطنية العراقية ..

الفساد المالي والاداري المستشري في العراق, استدعى منظمة الشفافية الدولية , التنديد بالحكومة العراقية لعدم اعتمادها سياسية متشددة لمكافحة الفساد , ودعت المنظمة الدولية لاجراءات صارمة وفورية لمكافحة الفساد قبل ان تبدأ النفقات الحقيقية لاعادة الاعمار محذرة في الوقت نفسه من انه في حالة العكس فان العراق ( لن يصبح يوماً منارا للديمقراطية كما تريد له ادارة بوش بل اضخم فضيحة فساد في التأريخ  ) .

لابد من التذكير أن تركة النظام الفاشي من الأموال المنقولة وغير المنقولة للأشخاص وحزب  البعث ومنظماته في داخل وخارج العراق هو مال عام يعود للدولة العراقية والشعب العراقي , تتم مصادرته والسيطرة عليه واستغلاله من قبل الجهات ذات العلاقة ( وزارة المالية ), وكل تصرف جرى ويجري من قبل القوى والأحزاب والفعاليات العراقية والأشخاص , من سيطرة ومصادرة واستغلال لتركة النظام المقبور ,على أساس أنها أموال عامة تعود للدولة العراقية والشعب العراقي ويحق للعراقيين من العامة التصرف بها كتركة، سيكون باطل وغير جائز ويجب أن يخضع للتدقيق و للمحاسبة. وعليه لا يمكن للجمعية الوطنية أن تبدأ أعمالها وأشغالها واغلب أعضائها قد انتفع ولا زال ينتفع وبدون وجه حق وبشكل غير مشروع وقانوني بأموال عامة تعود ملكيتها للشعب العراقي وليس لأحزاب وافراد.
حين سقوط النظام الفاشي توفر مبلغ في حساب النفط مقابل الغذاء تجاوز  ( 21  ) مليار دولار , إضافة لمبالغ تم السيطرة عليها في البنك المركزي العراقي والبنوك الأخرى و التي عثرت عليها قوات الاحتلال   في أنحاء مختلفة من العراق تتجاوز  7مليارات دولار , إضافة لمبالغ بيع النفط العراقي التي تجاوزت (31 ) مليار دولار , أي توفر أكثر من ( 59 ) مليار دولار أمريكي خلال سنتين من تأريخ سقوط النظام الفاشي . .. أين ذهبت وكيف صرفت تلك المبالغ واغلب الوزارات كما يدعي المسؤولين عنها، تعاني من شح التخصيصات لمشاريعها أو حتى دفع الرواتب الشهرية لمنتسبيها. الداخلية مثلا  .   
الفساد الإداري والمالي في العراق ,  امتداد لذات سياسات النظام الفاشي المقبور الذي استحوذ على السلطة والدولة ومواردها لصالح  المسخ ( صدام ) وعائلته والمقربون من ازلامه .

 كنا نعتقد بأن الحكم الفاسد المقبور قد وصل لدرجة لا يمكن معها أن يأتي بعده ما هو أسوأ منه !. والنتيجة وكما أكدته منظمة الشفافية الدولية. ومن خلال مشاهدة ما يعانيه المواطن العراقي , جاءت بأوضاع وظروف أسوأ من التي سبقتها.  والحال والشواهد التي يعانيها العراق كدولة والمواطنين كشعب , أمر لا ينسجم والتطلعات لبناء دولة ديمقراطية يسودها العدل والمساواة والشفافية  , والسائد الآن لا يمكن توصيفه بأقل من حارة كلمن ايدو الو !.
المستغرب في المشهد العراقي لحالة بؤر الفساد المستشري , الميل لطمس أو تغيب الحقائق والتستر عن الفساد المالي والإداري , وإخضاع الدولة ومؤسساتها لهيمنة الأطراف السياسية الفاعلة  , ابتداً من مجلس الحكم وانتهاءاً بحكومة السيد علاوي , هذه الأطراف جعلت من الدولة العراقية مرتعاً خصباً لاستشراء واتساع الظاهرة التي لا يمكن التصدي لها والقضاء عليها بالسهولة واليسر الذي يتصوره البعض . الأطراف المشاركة في إدارة الدولة والعملية السياسية كانت ولازالت أسوة ومثل سيئ للفساد الإداري  وجمعت مابين الخاص والعام واستولت وصادرت لصالح منتسبيها ومسؤوليها القصور والشقق والسيارات واستنفرت ووظفت الحراسات  الشخصية على حساب الدولة , وأجازت لمنظماتها الاستغلال و السيطرة على منشآت ومباني حكومية أو شبه حكومية ( مقرات سابقة للبعث الفاشي ومنظماته أو مرافق ومراكز مؤسسات الدولة ،استخبارات، أمن ) وزادت من الموانع والحواجز الإسمنتية والحراسات حول هذه المقرات وكلها تكاليف تتحملها ميزانية الدولة العراقية , والظاهرة لا تقتصر على بغداد العاصمة وإنما تعم العراق من أقصاه الى أقصاه  . هنا نستطيع أن نشخص بعض الظواهر الملفتة للنظر والتي يطال ضررها المواطن العراقي، وهي قواسم مشتركة لأغلب القوى السياسية, والغاية ليس التشهير بها , فقط من اجل وضع النقاط على الحروف وبالأخص بعد أن بدأت الجمعية الوطنية العراقية  أعمالها ونشاطها , ومن الضرورة بمكان إطلاع أعضاءها على الوضع والحالة  .
في الجادرية  في بغداد سيطر الاتحاد الوطني الكردستاني على مجموعة قصور منها رئاسية ومنها لرموز النظام المقبور، احد هذه القصور خصص لإقامة السيد جلال الطالباني  مساحته أكثر من عشرة الآف متر مع ملحقاته ،وزود بأكثر من ( 2000) عنصر حراسة من البشمركة ينتشرون في الشوارع القريبة من الجسر ذي الطابقين الى نهاية حدود القصر وامتدا ته على نهر دجلة . وفي المنطقة ذاتها سيطر المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ولصالح السيد عبد العزيز الحكيم على قصرين مجاورين  بمساحة كبيرة تمتد من شاطئ دجلة والسدة والشارع المار بهما , وسيطر السيد حسين الصدر في ذات الشارع على مساحة كبيرة وعدد من القصور , وبذا ت الطريقة سيطر السيد بختيار أمين وزوجته على  عدد من المباني , طبعاً هذه القصور بحاجة الى الحماية والحواجز والموانع  التي تسبب الكثير من المشاكل والاختناقات المرورية وتشيع  الاضطراب  وتعطي الانطباع والمثال السيئ للمواطن العراقي المحروم من ابسط مقومات الحياة من مأكل ومسكن وعمل وكهرباء وماء, في ذات الوقت الذي لم تحل ولحد هذه اللحظة مشاكل العائدين من الإخوة الأكراد الفيلية والمواطنين العراقيين بشأن استرجاع ممتلكاتهم .

في مدينة المنصور الحديث يطول عن المساحات التي سيطر عليها حزب المؤتمر الوطني العراقي والوفاق الوطني وحزب الدعوة والاتحاد الوطني الذي تفوق مقراته الحزبية بأعدادها هو والحزب الديمقراطي الكرستاني على  ما موجود منها في منطقة كردستان العراق .

 في الكاظمية سيطرت جماعة السيد حسين سيد اسماعيل الصدر على مباني قاعة الكاظمية المخصصة للنشاطات المدرسية وتعد القاعة الوحيدة للمسرح في تلك المدينة، وأغلق الشارع المار بها , وحزب الوفاق الوطني سيطر على مباني ( شعبة الكاظمية للبعث الفاشي ) ليتخذه مقراً للوفاق , طبعا بحرس وموظفين وسيارات حماية , ولم يقصر الدكتور احمد الجلبي  بالسيطرة على مؤسسة الطحين والسايلو والبستان في الكاظمية حيث يعتبرها أرثه الشرعي , ولم ينتظر كحال عشرات الآلاف من المواطنين العراقيين لعرض شكواه على الجهة الحكومية التي تنظر بنزاعات الملكية , لكن القوة والسلاح والمحازيب كان له الفعل الحاسم لفض الاشتباك ! ,  والدكتور موفق الربيعي اشترى قصراً منيفاً على كورنيش الكاظمية خلف معمل فتاح باشا ( السجاد حالياً ) بمبلغ خيالي يقدر بمليون ونصف مليون دولار .. لم يسأله احد من أين لك هذا ؟ ..والسيد سالم الجلبي وحين كان  (الحواسم ) ينظفون البنوك والمؤسسات الحكومية , كان هو ورجاله ينظفون كراجات القصور الرئاسية من سيارات بماركات و مميزات خاصة ويجمعها في مزارع الراشدية واغلب تلك السيارات كانت عائدة للصبي المعاق المقبور ( عدي ). ولم يسأل احداً السيد جودت العبيدي عن بذخه وحراساته واقامته الدائمة في فندق فلسطين ( طبعاً خمس نجوم ) .. المال طبعاً من هبة ( الحواسم ) والخبر اليقين عند السيد ابو حيدر الكرادي ( محمد الزبيدي ) والذي هدد مراراً وتكراراً بكشف قيمة المبالغ التي تم السيطرة عليها ولم تصله الحصة منها , والأمثلة كثيرة وكثيرة جدا تتجاوز تفكيك المعامل والمصانع وعشرات الآلاف من السيارات الحكومية التي هربت الى دول الجوار من قبل أعضاء ومسؤولين في تلك الأحزاب.

هذه صورة فساد النخبة من سياسينا التي كان من المؤمل أن يقودوا عملية التغيير وبناء الدولة العراقية الجديدة, ومن الغريب أن ذات الأطراف تتحدث عن الفساد الإداري والمالي المستشري في جسد الدولة العراقية. ومن مظاهر الميل لطمس وتغييب الحقائق سلوك السادة الوزراء والسيد اياد علاوي بالذات حين يصمتون ويغلقون عيونهم عن صور الفساد التي سادت واستشرت في الفترة القريبة الماضية والأمثلة تتلخص بفضيحة وزير الداخلية السابق نوري البدران وشحن الأطنان من العملة العراقية الى لبنان ( 19,5 ) مليار ونصف من العملة العراقية و فضحية وزير الكهرباء السيد أيهم السامرائي والعقود المتعددة مع شركات وهمية ودول، وإنشاء مكاتب في الأردن لإدارة عمليات النصب والاحتيال والسرقة وباشتراك رجال من الكوادر البعثية وعلى رأسهم صلاح يوسف كزير وزير الصناعة ومن ثم وزير الكهرباء في عهد البعث الفاشي .أيضا فضائح وزارة الصحة والدواء المستورد الذي لا يدخل مخازن الوزارة , ووزارة الدفاع ووزيرها الشعلان وفضيحة شحن الملايين من الدولارات الى لبنان ( تقدر ب 600 ) مليون دولار أمريكي ,  وفضيحة أم الفضائح ( على وزن أم المعارك! ) عقد  وزارة المواصلات وشركة اوراسكوم المصرية وبسعر بخس لا يتجاوز ( 57 ) مليون دولار أمريكي !!؟؟ والذي تعهدت بموجبه الشركة (عراقنا ) بتشغيل الهاتف النقال في المنطقة الوسطى والتي يتندر المواطن الغلبان بتسميتها ( سراقنا ), إما وزارة المغوار فلح النقيب   الداخلية , لم تكتف بعودة الفاشيين من البعثيين الى الوزارة وإنما عينت على الورق عشرات الآلاف من الأسماء الوهمية ويتم قبض رواتبهم نهاية كل شهر ميلادي في الوقت الذي لا يتم تعين وتوظيف أفراد الشرطة إلا بعد دفع مبلغ ( رشوة بسيط ) لا يقل عن ( 200 ) دولار , ولوزارة التجارة نصيب كبير من سرقات الحصة التموينية وعقودها .

 السيطرة على الأراضي الحكومية وتوزيعها حزبياً وطائفياً , السيطرة على منافذ الحدود من قبل مافيات الأحزاب والقوى الحاكمة وتغيب دور الدولة  , ما يجري في جنوب العراق من عمليات تهريب النفط الخام والمشتقات النفطية الى خارج العراق والمستوردة أصلا للاستهلاك الداخلي .   وعلى هذا المنوال طحينك ناعم , جرت عمليات الإفساد والفساد الإداري والمالي ولم نرى ونسمع ان السيد اياد علاوي استنفر حميته الوطنية  لإقالة مسئول أو محاسبة وزير , بالعكس إن حملته الانتخابية كانت عبارة عن رشوة علنية للصحفيين و لجهاز وزارة الداخلية والدفاع  و وذلك بمنح مخصصات ورواتب إضافية سبقت أيام الانتخابات ( إذا كان رب البيت بالدف ناقر فما شيم أهل البيت إلا الرقص والغنى ) , ولم يبخل أقرباء المسؤولين الحكوميين من استغلال العلاقات العائلية , وما حادثة  تهريب 550 شاحنة محملة بالمواد  الغذائية الى سوريا من قبل المدعو مشعان مانع صفوك عجيل الياور , ابن عم رئيس الجمهورية السيد غازي الياور , والقضية الفضيحة نامت كما نامت ضمائر الفاسدين والمرتشين , استغل السيد غازي الياور منصبه وأعطى أخيه السيد فارس الياور سفارة العراق في الأمارات العربية المتحدة , حتى وزارة التخطيط المعنية بإعادة الأعمار والتنمية لم تنجو من المرض , فالسيد مهدي الحافظ أعطى لابنه عمار الحافظ منصباً مهماً , إضافة لما حصل عليه من عقود لإزالة الألغام , القائمة تطول لصورة قاتمة تلف المشهد العراقي .
الحكومة المؤقتة , المنتهية اعمالها , قررت وبغفلة من رقابة برلمانية , صرف رواتب تقاعدية لاعضاء مجلس الحكم ونوابهم والوزراء ومن بدرجتهم ووكلاءهم واعضاء الجمعية المؤقتة وموظفين في رئاسة الوزراء والمجلس الرئاسي  وبنسبة 80% من الراتب , اضافة لمخصصات حماية وسيارات ,هذا القرار خاطئ جملة وتفصيل,ولا ينسجم والحكمة والدراية وامر لا يوافق وعمل واختصاص السيد اياد علاوي , ان اغلب اعضاء مجلس الحكم ونوابهم يشغلون مقاعد الجمعية الوطنية او مكلفين بمهام اخرى ادارية او دبلوماسية , فكيف يجوز الجمع بين راتب تقاعدي ومخصصات باهضة وراتب الجمعية الوطنية او الوظيفة ..! هكذا القضاء على الفساد الاداري والمالي والا فلا . وبعد القرار بأيام خصص السيد علاوي ذاته مخصصات اولية مقطوعة ب ( 2000 ) دولار شهرياً لاعضاء الجمعية الوطنية العراقية الحاليين وهو مبلغ كبيرسوف يضاف الى الراتب والمخصصات الشهرية الاخرى الذي سيحصل عليها عضو الجمعية .. اين وزارة المالية والسيد الدكتور عادل عبد المهدي من هكذا قرارات .. !

سقوط النظام الفاشي وانهيار الدولة و المؤسسات الحكومية والاحتلال والتواجد الأجنبي وانفلات الوضع الأمني وغياب أو تغييب الوطنية العراقية لصالح الطائفية والعرقية والعشائرية وعودة الصداميين والبعثيين, وفر أوضاع شاذة وخطيرة لا يمكن معها إنجاح العملية السياسية والديمقراطية في العراق , إذا لم تتوفر الإرادة الوطنية المخلصة.

 الجمعية الوطنية الوطنية يمكنها ان توفرت النية الخالصة والوطنية الحقه, أن توفر فرصة للإصلاح المالي والإداري وان تضع حدا للفساد والرشوة  والمحسوبية والمنسوبية , بوضع الضوابط والآليات المناسبة لمعالجة الخلل من خلال تشريعات وقوانين عامة للمسائلة والكشف الضريبي السنوي والرقابة والتفتيش الدائمين ,  وكذلك وضع معايير السلوك للأطراف السياسية وأعضاء الجمعية الوطنية العراقية .

من معايير السلوك السوي لعضو الجمعية الوطنية العراقية والتي من الضرورة الاخذ بها , اقرار البراءة والذمة المالية من خلال كشف ما يملك عضو الجمعية وافراد عائلته من اموال منقولة وغير منقولة  ومصدرها , وهنا يمكن للاعضاء الذين اقاموا في الخارج ( وما اكثرهم ) وضع الضوابط والمعايير لهذه المكاشفة والمحاسبة وبالتالي اعطاء وزارة المالية ودوائر الضريبة الفرصة لتثبيت الاصول و بكيفية حساب الضريبة السنوية لاحقا ً,  وهنا يمكن وضع مبدأ ( من اين لك هذا ) ومن الضرورة بمكان ان لايجمع اعضاء الجمعية مابين الخاص والعام , ما بين ما يمتلكه شخصيا وأموال الحزب او الطرف السياسي .
واني ارشح السيد الدكتور علي الدباغ والسيد الدكتور حسين الشهرستاني والسيد الدكتور عادل عبد المهدي للأشهار بما يمتلكون لتقديم المثل لباقي  أعضاء الجمعية الوطنية العراقية, كبادرة حسنة وأسوة ونموذج للاخرين من أعضاء الجمعية,و بهذا العمل والخطوة يمكن إعادة الثقة للمواطن العراقي والشارع العراقي والرأي العام العراقي بممثليه المنتخبين .

فــرات الحـداد

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com