|
شجرة لأتجدد أوراقها لكنها تثمر دائما أفكارها
ماجد فيادي بعد أن انتخب السيد جلال الطالباني رئيسا للعراق من قبل الجمعية المنتخبة خرج والابتسامة تأخذ ثلاثة أرباع وجهه, حتى إني سألت نفسي هل هو فرح لانتخابه رئيساً ( إحساس ذاتي ) أم لأنه أول رئيس عراقي كردي منتخب( إحساس بدور الكورد في العراق الجديد). وفي أول مؤتمر صحفي له بعد انتخابه رئيسا للعراق لم يتصرف السيد جلال الطالباني كعادته مع الصحفيين, فقد عرفناه سريع الغضب حاد الإجابة, لكنه هذه المرة كان يتصرف بنشوة الفرح التي لم يستطع إخفائها, كما إنني لا أطالبه أن يتصرف بشكل آخر. أجاب السيد جلال الطالباني أول رئيس عراقي منتخب من قبل الشعب العراقي على أسئلة الصحفيين بروح الصداقة وكانت إجاباته واضحة ومباشرة وتنم عن قدرات سياسي محنك, لكنه استوقفني عندما أجاب عن سؤال حول قوات البشمركة ( قوات التحرير والدفاع عن كردستان ) عندما وصفهم بالقوات العراقية التي قاتلت ضد الدكتاتورية وحررت ارض كردستان العراق وجعلت منها موطئ قدم لباقي القوى الوطنية العراقية المعارضة للدكتاتور, لكنه لم يتطرق إلى قوات الأنصار الشيوعيين وأصدقائهم التي كان لها الدور الكبير في محاربة الدكتاتور وعلى ارض كردستان العراق في معارك يشهد لها القرى الكردية بالبطولة والتضحية إلى جانب قوات البيشمركة في فترة الثمانينات, ولم يذكر السيد الرئيس جلال الطالباني المساعدات العسكرية ( من أسلحة وعتاد ومقاتلين ) التي قدمتها قوات الأنصار على مدى سنين للبيشمركة ودور حمامة السلام الذي قامت به هذه القوات متمثلة في الحزب الشيوعي العراقي بين القوى الكردية المتنازعة دوما في تلك الفترة استوقفني هذا لأني في اليوم السابق كنت قد دخلت غرفة ينابيع (Y.A.N.A.B.E.3 ) على برنامج البال تالك في الانترنيت ( وهي غرفة للأنصار الشيوعيين وأصدقائهم الديمقراطيين ) وكعادتي بدأت أوجه الأسئلة إلى رواد هذه الغرفة واغلبهم من قوات الأنصار الشيوعيين وأصدقائهم ممن قاتلوا في جبال كردستان العراق ضد الدكتاتور إلى جانب قوات البيشمركة, عندما أثرت موضوع عن مشاعر وتخيلات هؤلاء المقاتلين المتقاعدين عن القتال, في اللحظات الإنسانية التي كانوا يمرون بها خارج فترات القتال وكيف كانوا يتصورون العالم في تلك اللحظات وهم في الجبل بعيداً عن الحضارة والمدنية, تلك اللحظات التي كانوا يسرقونها من الزمن وهم بعيدين عن الجنس الأخر, وهم ينتظرون الموت في كل لحظة مع مستقبل مجهول المعالم, كانت الإجابة من هؤلاء المقاتلين المتقاعدين عن الحرب والمستمرين في حياة مليئة بالعطاء الفكري والإنتاج الإنساني مختلفة من مقاتل إلى آخر, بين لحظات الضعف والقوة, والانهيار والأمل, وبين الاستسلام والإصرار على مواصلة القتال, بين فقدان الأهل والعائلة والشوق للقاء ألام والزوجة والبنت والابن والأب, بين صورة الحبيبة التي لا تفارق حدقات العيون, الرغبة في مشاهدة مباراة كرة قدم والمتعة في مشاهدة التلفاز, الاحتفال بالحصول على رأس بصل والحلم ببيضتين مقليتين, قال احدهم انه لم ينم الليل لان احد فتيات القرية لمسة يده وهي تعطيه الطعام وإنها سخرت منه لأنه لم يبادلها المشاعر حفاظا منه على سمعة المقاتلين الأنصار, وآخر راح يوصف تلمسه الشارع المسفلت بعد سنين طويلة لم يسر عليه, آخرين استذكروا رفاقهم الشهداء وتمازحوا على مواقف جرت قبل استشهادهم, وغيرها من القصص الإنسانية التي ينحني أمامها الآخرين احتراما لشجاعتهم وقتالهم ووفائهم للوطن ولرفاقهم, وهنا أطالب هؤلاء الإبطال أن يدونوا قصصهم حتى يحفظ نضال الشعب العراقي ضد الدكتاتور من أن يفقد بمرور الزمن ما دفعني لكتابة هذه المادة هو التهميش الذي تعرض له الحزب الشيوعي العراقي في المباحثات التي جرت بين قائمة الائتلاف العراقي الموحد (ممثلي العرب الشيعة) والقائمة الكردستانية والقائمة العراقية وقائمة عراقيون (ممثلي العرب السنة) لانتخاب هيئة الرئاسة والتي بدورها تنتخب رئيس الوزراء الذي سيشكل الحكومة القادمة. وكذلك حديث السيد رئيس الجمهورية المنتخب جلال الطالباني عندما تجاهل ذكر مقاتلي الأنصار الشيوعيين وأصدقائهم في جوابه عن البيشمركة والدور الذي قاموا به من اجل كردستان العراق والعراق كله. أرى من المفيد تذكير هؤلاء السياسيين ممثلي القوائم الفائزة بالانتخابات داخل الجمعية الوطنية إن الشيوعيين سبقوكم بالسياسة وقدموا من التضحيات أكثر من بعضكم وبقدر البعض الأخر منكم, واذكركم عندما كان الدكتاتور صدام حسين قوياً كيف تجاهلكم وتصرف بفردية , وانتم ألان تفعلون مثله فاحذروا أن تقعوا في الخطأ نفسه, لان العراق لا يتحمل أخطاء جديدة. اختتم باختيار كلمتين لاثنين من المقاتلين الأنصار , فقد قال الأول وهو كردي القومية , إن المقاتلين الأنصار من العرب كان لهم دور كبير في حركة الأنصار الشيوعيين وأصدقائهم , وكانوا من القدرة على التحمل التي يشهد لها بالاحترام والإعجاب , بالرغم من أنهم جاءوا من السهل والهور وأوربا ولبنان إلى الجبل وهم لم يخبروه من قبل, وكانوا من الشجاعة أنهم نافسوا رفاقهم الأنصار من الكورد وإخوانهم من البيشمركة في قتال الدكتاتور رغم صعوبة الجبل وحياته, وأحبهم أهل القرى الكردية كما لو كانوا بناتهم وأبنائهم. وقال الثاني وهو عربي القومية, إن شجرة الأنصار الشيوعيين وأصدقائهم لا تجدد أوراقها لان وقت القتال قد ذهب وأضيف أن شجرة الأنصار الشيوعيين وأصدقائهم التي لا تجدد أوراقها تثمر دائماً أفكارها .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |