|
ملك الإرهاب
نــزار حيدر NAZARHAIDAR@HOTMAIOL.COM
لشد ما أضحكني ، وصف الأردنيين ما يشهده العراق من مظاهر التنديد بالإرهاب الوافد إليهم من (جار السوء) ، انه (نكران للجميل) الذي قدمه الأردن (ملكا وحكومة وشعبا) للعراق وشعبه ، على مدى ربع قرن الأخير . ولمن تخونه ذاكرته ، فينسى الجميل الذي قدمه الأردن للعراق ، خلال الفترة المنصرمة ، اسرد بعضه للتاريخ : فالأردن ، مثلا ، قدم كل الدعم السياسي والإعلامي واللوجستي والدبلوماسي ، لنظام صدام الشمولي ، طوال فترة حربه على الجارة إيران ، فمليكه الراحل ، هو الذي شارك الطاغية الذليل ، صدام حسين ، في سحب حبل المدفع الذي أطلق أول قذيفة في تلك الحرب اللعينة ، والتي راح ضحيتها أكثر من مليون قتيل من كلا الشعبين الجارين ، الإيراني والعراقي . والأردن ، كمثال كذلك ، اصطف إلى جانب النظام البائد عندما غزا الجارة الكويت ، وظل يبذل كل مساعيه من اجل إقناع الطاغية الأرعن ، بالمكوث في الكويت وعدم الانسحاب منها ، مهما كلفه الثمن ، من خلال الإيحاء له ، بان البطولة ، في الصمود وليس في الإذعان للتهديدات والقبول بالانسحاب من المحافظة التاسعة عشرة ، كما كانت تسميها وقتها ، ماكينة الدعاية الأردنية المملوكة ، مع زميلتها العراقية . والأردن ، كمثال آخر ، هو الذي دعم وأيد النظام البائد ، في جهوده الدموية التي سخرها لقمع انتفاضة العراقيين ضد الاستبداد والديكتاتورية ، والتي أعقبت حرب تحرير الجارة الكويت من شره وشروره ، فكان إعلامه ينعت الانتفاضة بنفس العبارات والمصطلحات التي كان يرددها الإعلام العراقي ، وكأنه يتلقى التعليمات من بغداد أولا بأول . والأردن ، كمثال فقط ، هو الذي عمد ، من بين كل دول الجوار، والعربية بشكل عام إلى فرض الضرائب على العراقيين المقيمين على أراضيه ، ممن فروا من بطش النظام الشمولي البائد ، ومن لم يستطع منهم ذلك ، كانت أجهزته الأمنية المتعاونة مع الأجهزة القمعية العراقية آنذاك ، تعمد إلى ترحيله إلى العراق وتسليمه إلى أجهزته القمعية ، ليلقى مصيرا واحدا فقط لا غير ، ألا وهو الإعدام المحتم ، كما حصل ذلك للمئات من العراقيين ، فيما كان الإعلام الأردني وقتها ، يعرض صورا لعراقيين يقول أنهم اختاروا العودة إلى بلادهم طوعا ، للمشاركة في ( أم الحواسم) ، والمقصود بها الحرب الأخيرة التي انتهت ، ولله الحمد ، بسقوط الصنم ، وإنهاء عهد الاستبداد والديكتاتورية والنظام الشمولي في العراق . والأردن ، للتذكرة فقط ، هو الذي ظل ، وعلى مدى السنتين الماضيتين ، يضع العصي الغليضة بعجلة العملية السياسية الجديدة التي يشهدها العراق ، من اجل عرقلة تقدمها إلى الإمام ، للحيلولة دون تمكن الأغلبية المطلقة من العراقيين في المشاركة في السلطة الجديدة ، تارة بالإرهاب ، وأخرى بتخويف الغرب والاميركان ، على وجه التحديد ، من خطر ما يسمى بالهلال الشيعي ، وثالثة بالتشكيك في ولاءات ابرز قادة وزعماء العراق الجديد ، وعلى رأسهم المرجع السيستاني ، الذي سماه مليكها بالاسم ، عندما شكك في ولاءاته ، وطعن في انتماءاته الفكرية وتوجهاته السياسية ، ورابعة ، عندما تآمر مع المبعوث الدولي للعراق ، العنصري الطائفي المعروف ، الأخضر الإبراهيمي ، لفرض حكومة انتقالية على العراقيين ، ساهمت بشكل أو بآخر ، في تمكين الإرهاب من التمدد ، وإعادة البعثيين إلى السلطة ، والتي تسللوا إليها ، تسلل النمل من بين حبات الرمل . والأردن ، ومن باب (الشئ بالشئ يذكر) ظل طوال العامين الماضيين ، يتجسس على المسؤولين العراقيين ، الذين لم يجدوا أمامهم منفذا وممرا للسفر إلى خارج العراق ، سوى الأردن ، أو هكذا تم افتعال المنفذ وتحديده بالأردن فقط ، وبطرق سيتم الكشف عنها لاحقا . والأردن ، للتذكرة بجميله على العراقيين فقط ، هو اكبر اللصوص الذين سرقوا من أموال العراق ، ما لا يعد ولا يحصى ، فمن المليارات التي نقلتها إليه عائلة الطاغية الذليل ، إلى المليارات التي نقلها كبار ازلام النظام الشمولي البائد ، إلى المليارات التي ينقلها إليه الإرهابيون الذين يحصلون عليها بعمليات الاختطاف والتهديد بالقتل ، ناهيك عن المليارات التي سرقها من برنامج (النفط مقابل الغذاء) وكوبونات النفط والعقود التجارية والاقتصادية التي ظل يحصل عليها خلال سني الحصار الاقتصادي ، وحتى المليارات التي تم سرقتها بالتعاون والتنسيق مع عدد من وزراء الحكومة العراقية الانتقالية الحالية ، تحت مسميات عقود تسليحية وهمية ، وما أشبه . والأردن ، أخيرا وليس آخرا ، ظل يسرق قوت الشعب العراقي ، تارة باسم عقود تدريب الشرطة العراقية الجديدة ، والتي لم ينس أن يزرع في مجموعاتها العائدة إلى الوطن ، خلايا إرهابية ، تنتشر لاحقا في كل مراكز الشرطة العراقية وفي المخافر ، على امتداد العراق ، لتتحول ، فيما بعد ، إلى جيوب تحتضن الإرهابيين الذين سيتم تعبئتهم وتدريبهم في الأردن ، ومن ثم يرسلوا إلى العراق في مهمات إرهابية محددة ، ليجدوا الحواضن المنتشرة في مراكز الشرطة ، بانتظارهم ، لتقدم لهم الدعم اللوجستي والغطاء الأمني على أحسن ما يرام ، وبصورة رسمية وقانونية ، كونها ، في الأصل ، جزء لا يتجزأ من منظومة جهاز الشرطة العراقية الجديدة ، التي تم تدريبها في الأردن بملايين الدولارات ، وهذا المعلن منها ، أما المخفي ، فأرقامه السرية تجدونها محفوظة عند رئاسة الوزراء وأرشيف وزراء الداخلية والدفاع والشؤون الأمنية ومسؤول جهاز الاستخبارات (الجديد) . الأردن ، إذن ، فضله كبير على العراق وعلى العراقيين ، ولأننا لا نريد أن نكون ممن ينكر جميل جيرانه عليه ، إذ يكفي جميلهم علينا ، فليس بوسعنا أن نتحمل المزيد منه ، ومن اجل أن يكتشف العالم ، من الذي استفاد ممن ؟ ومن الذي أغدق بجميله على من ، نقترح ما يلي: أولا ؛ إغلاق السفارة الأردنية في بغداد ، وطرد كل العاملين فيها ، فورا . ثانيا ؛ إلغاء كل العقود التجارية والاقتصادية ، وكل أنواع التعاملات المالية مع الأردن ، فورا . ثالثا ؛ من اجل أن لا تتكرر مأساة قتل الطالبين الأردنيين في مدينة الحلة المجروحة ، نتمنى على كل الأردنيين المتواجدين على الأراضي العراقية ، ولأي سبب كان ، مغادرة العراق ، فورا . رابعا ؛ مقاطعة كل ما يحمل اسم الأردن ، من شركات اقتصادية ، وشركات نقل جوية وبرية وغيرها ، ومؤسسات تعليمية ، وكل شئ . خامسا ؛ إلغاء عقود تدريب الشرطة العراقية في الأردن فورا ، فهي مصدر تسريب الإرهابيين إلى داخل العراق ، وزرع بؤر الإرهاب في مراكز الشرطة العراقية في مختلف مناطق العراق ، ما يعني سيطرتهم على الملف الأمني ، وسطوتهم على حياة العراقيين ، كما انه مصدر هام وخطير من مصادر السرقة المنظمة لأموال العراقيين . سادسا ؛ غلق الحدود مع الأردن ، وعدم اعتماده منفذا للعراق بأي شكل من الأشكال ، حتى لتنقل المسؤولين العراقيين ، من والى العراق ، لان ذلك بمثابة المكافأة التي يقدمها العراقيون لمن لم يقدم لهم يد المساعدة في التخلص من النظام الشمولي البائد ، أبدا ، لا في الماضي ، ولا في أثناء الحرب على الديكتاتور الأرعن ، على العكس من جيران العراق الآخرين ، واخص منهم بالذكر ، الجارة الشقيقة الكويت ، التي جازفت بأمنها وسمعتها وبقرارها السياسي ، من اجل المساعدة في إنقاذ العراق والعراقيين من اسر النظام الشمولي البائد ، والتي يجب أن تتحول إلى المنفذ الأهم للعراق ، مكافأة لها على حسن صنيعها للعراقيين . إن الذي يجري اليوم في العراق من ثورة عارمة ضد الأردن ، ترقى أهميته إلى أهمية ذلك الحدث الكبير الذي شهده العراق في التاسع من نيسان عام 2003 ، عندما تهاوى الصنم ، وسقط النظام الشمولي ، إذ بهذه الثورة الشعبية العارمة ، سيتهاوى النصف الآخر من الواقع المر الذي تحكم بالعراق طوال عقود مظلمة من الزمن ، وسنشهد سقوطا مدويا للأردن الذي ظل يلازم ظل النظام البائد في العراق أكثر من ربع قرن تقريبا . انه تعبير عن اختزال الغضب العراقي المقدس ، ضد جلاديه وسراق قوته ولصوص الليل والنهار . يلزم أن لا يستغرب الأردنيون مما يلاقوه اليوم من غضب ونفور عراقي ضدهم ، لان الإرهاب الأردني في العراق فاق كل التصورات ، فــ : الأردن ، هو البلد الوحيد الذي ظل يحتفي بمقتل رعاياه الإرهابيين في العراق ، وعلى مرأى ومسمع من العالم ، ولمزيد من التفاصيل ، يلزم العودة إلى التحقيق الصحفي الذي كانت قد نشرته جريدة الحياة اللندنية بتاريخ (14 – 12 – 2004) وعلى ثلاث حلقات متتالية ، للتأكد من ذلك . وهو البلد الوحيد الذي تحتفي صحافته (المملوكة) بأعراس قتلاها من الإرهابيين الجهلة الذين ينفذون أعمالهم الإرهابية الإجرامية في مختلف مناطق العراق . وهو البلد الوحيد الذي يشارك زعيمه ، أعراس الإرهابيين ، بزيارته غير المسبوقة في تاريخ الأردن ، مكاتب الجريدة التي نشرت خبر الحفل الذي أقامته عائلة الإرهابي القتيل الذي نفذ عملية الحلة الفيحاء ، والتي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ، وفضحت أكذوبته التي يحاول تمريرها على المغفلين ، كونه ضحية الإرهاب . وهو البلد الوحيد الذي سارع مليكه صاغرا ، لتقديم آيات الاعتذار والتذلل والدونية لأسر الجنود الإسرائيليين ، الذين أطلق عليهم الرصاص ، ذلك الجندي الأردني (المخبول) ، في الوقت الذي يرفض فيه المملوك الابن ، أن ينبس ببنت شفة ، تعبيرا عن مواساته لعوائل ضحايا الإرهاب الأردني في العراق . وهو البلد الوحيد الذي يصدر الإرهاب إلى العراق بصورة رسمية ، وعلنية ، وكأنه يصدر لجاره ، الفاكهة والملابس ووجبات الطعام الجاهزة . سألني مراسل إحدى القنوات الفضائية بقوله ، ماذا تريدون من الأردن أن يفعل إزاء مشاعر الأردنيين الذين احتفلوا بقتيلهم الإرهابي ، أكثر من ذلك ؟ خاصة وان وزير خارجيته يقول ، بان الحكومة غير قادرة على ضبط هذه المشاعر ؟ . أجبته بالقول ؛ وهل أنها غير قادرة ، كذلك ، على ضبط مشاعر الملك ؟ عندما بادر إلى زيارة مكتب الجريدة المومى إليها ، في الوقت الذي كان العراقيون مشغولون بلملمة أشلاء ضحايا إرهاب احد رعاياه ؟ . وإذا كانت الحكومة الأردنية لا تستطيع ضبط مشاعر شعبها ، وهو الجاني والقاتل ، الذي لم يخسر شيئا ، فكيف تطالب الأحزاب والزعامات العراقية ، بضبط مشاعر شعبها وهو الضحية المجروح الذي يفقد يوميا ، وبسبب الإرهاب الأردني ، العشرات من أبنائه الأبرياء ؟ . على الأردنيين (ملكا وحكومة وشعبا) أن لا يغالطوا أنفسهم ، وعليهم أن لا يبحثوا عن شماعة وهمية يعلقوا بها خطاياهم ، أو يتهموا جهة ما أو حزبا معينا ، بالوقوف وراء ما يشهده العراق من غليان شعبي ضدهم ، عليهم أن يقرأوا رسالة العراقيين بشكل صحيح وسليم ، ليواجهوا الحقيقة ، من دون السعي للهرب منها ، إن ما يجري اليوم ، في حقيقة أمره ، موقف شعبي عارم وعام ، عبر عن مدى الاحتقان الشعبي الذي يختزنه العراقيون من جار السوء هذا . بكلمة واحدة ، الخص ما أريد قوله ، وهي ؛ أيها الأردنيون ، ملكا وحكومة وشعبا ، إنكم غير مرحب بكم في العراق ، وغير مرغوب فيكم عند العراقيين ، فارفعوا أيديكم عنه وعن شعبه ، طوعا ، قبل أن يأتي الطوفان ، فترفعوا أيديكم عنه ، كرها ، وأقول ما يقوله المثل العربي (افهموها بأ) يا جيران السوء ، فبئس الجار انتم .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |