وقفه على الزمن المر...اي مجتمع تخلقه هذه الممارسات

 

نضال الحار / سويسرا

alhaarnedhal@msn.com

 

كثيرا ماتزعجنا الذكريات الحزينه والمؤلمه التي مررنا بها في العراق والتي لازالت قائمه لحد الآن وبالرغم من الدعوات المتكرره في عدم الاكثار من حديث المعاناة والآلآم والعيش في احزان الماضي والبكاء على اطلاله لان هذا فسد للروح وشل لكل القدرات الكبيره والكامنه في داخلنا.

الا ان هناك من الاحداث والجرائم المفجعه التي يجب ذكرها وطرحها بقوه وهذه دعوه لكل عراقي وعراقيه في الكتابه الى جميع وسائل الاعلام بكل مالديهم من معلومات لجرائم تدين النظام وازلامه ومااكثرها حتى يتسنى القصاص العادل منهم بالقانون في عراق الحريه والديمقراطيه.

الحكايه هنا جريمه اعدام وفي وضح النهار وفي احدى الساحات العامه في بابل لأحد الأخوه العراقيين رحمه الله والذنب تأخره 3أيام من الألتحاق بوحدته العسكريه اثناء الحرب مع ايران سيارات في كل الشوارع حامله مكبرات الصوت تجعر في المدينه عن الموعد والمكان للأحتفال الكبير مردده الشعارات الرنانه تشيد بالانتصارات الكبيره للجيش,,  وبالقائد حامي البوابه الشرقيه.

توافد حشود الحزبيين ببدلاتهم الزيتوني وكروشهم الظاهره وبنظراتهم الغبيه والمقززه كأنهم كتل هلاميه لزجه جاءتنا من زمان سحيق كنت اراقب وجوه الناس الكثيره التي جاءت للمكان واسجل في ذاكرتي كل شي رجال ونساء طلبة مدارس اخرجوهم من المدارس كي يأخذوا درسا مهما في أصول الرعب والخوف والدم أطفال تسلقوا جدران المنازل القريبه من المكان كي يتمكنوا من الرؤيه بوضوح للمكان الذي أعدوه خلف منتزه الشعب بعد أن تم أغلاق طرق الذهاب والأياب بين كراج بغداد وباب المشهد كانت المسافه كبيره وواسعه بين سياج المنتزه الخلفي والبيوت المقابله تستوعب المئات من الناس امتلأ المكان بالحشود القادمه يملئهم الفضول والترقب بنظرات بليده قاتله كنت اتنقل من مكان لأخر كي أكون ما أستطعت قريبا من مكان الجريمه  ، مجموعه من الحزبيين احضروا اكياسا وبدأوا يملأونها بالرمل الذي جلبوه بسيارة خصيصا لهذا الغرض .مجموعة اخرى اقتلعت شجره  جميله من المنتزه لربط الرجل عليها   ، نفر من النساء ال....?جاء بهن الرفاق وكن اول الحضور هناك كن يزغردن ويصفقن بكل حماس,, ومثابره الخائن شعبه نكص ايده,, مع دبجه قويه وعاهره وتلويح بأطراف العباءه.

كنت أسترق السمع لبعض احاديث الناس المتوافدين للمكان عن الرجل بأنه شاب في مقتبل العمر وان اهله حاضرون هنا اي في مكان الأعدام وانه متزوج وله بنت صغيره وتم اعتقاله اليوم صباحا متنكرا بملابس مصري صعيدي بالجلابيه والعمه تصوروا وبعد ان اصبح لهؤلاء حقوق مدنيه اكثر  من العراقيين انفسهم بالعمل والتملك والصول والجول ايام الحرب وباوامر شخصيه من صدام .

وقد تم فور القبض عليه المصادقه على تطبيق قرار الأعدام بعد تخويل صدام شخصيا كل ,, أمناء سر الحزب ,, في المحافظات ونص القرار الرمي بالرصاص لكل متخلف عن وحدته 3 ايام مع قيام اهله بدفع ثمن الرصاص ومنعهم من القيام بمراسيم العزاء على روحه.

صفوا أكياس الرمل وامامها الشجره المسكينه التي أعدمت هي ايضا عندما اقتلعوها بوحشيه من جذورها وقطعوا اغصانها بحرابهم وفؤوسهم,, سيارات تقتحم المكان وتدافع من الناس هنا وهناك ترجل من الاولى مسؤول الجيش الشعبي ويدعى,,حجي طه,,وابنه ومن الأخريات مجموعه اخرى من الحزبيين, ترحيب من الرفاق البعثيين بالمسؤول وتزايد ملحوظ في ترديد الشعارات,بوصول ,,,,الحاج طه,,,كأنه اعطى اشارة لبدأ العمل جاءوا بالرجل المسكين الذي كان يجلس بسياره قريبه من المكان بحراسة مجموعه من,,, الرفاق,,,جاءوا به بجلابيته المصريه حافي القدمين وبرأسه كيس أسود .

كانت خطواته ثقيله وواهنه مريضه وكأنه يمشي لأول مره في حياته وكان يتكأ بيديه على أثنين من الحزبين,كنت أتوقع حينها منه ان يصيح بهم رافضا ومستنكرا ان يسبهم ويلعن اهلهم ,,وقائدهم ,,صاحب قرارات الدم والدمار والألم ان يركل رجله بالهواء على الاقل تعبيرا منه بالظلم والاستنكار وحقه في الحياة لكني لم اسمع منه اي شي او ارى اي حركه وكأنه تواطأ معهم في موته?ربطوه بسرعه الى الشجره وخلفه الساتر الرملي واصطفت مجموعه من,,الرفاق,,بهمة عاليه ونشاط كالضباع الجائعه للدم يتقدمهم ,,الحاج طه,,ببنادقهم التافهة الصدئه التي لايتقنون اي عمل سوى حملها طوال اليوم على اكتافهم استكمالا لذكوريتهم الناقصه كنت اشبهها عندما اراها على اكتافهم بالخازوق التركي الذي ما ان يصل حد الأذن من الأسفل مخترقا الكتف حتى يقال عن الشخص ,,تخوزق,,صمت قاتل ووجوم من الناس المجتمعه بالمئات بنظراتهم الخائفه والمتردده كم كنت اتمنى ان اسمع كلمات استنكار منهم كم كنت مستعدا كي اشارك فيه ,كنت ارتجف من الحماس كنت ارتجف من التمرد كنت ارسم في رأسي افكارا آنيه لمظاهره صاخبه من الناس المحتشده تنتهي بسحق كل السفله الحزبين أزلام السلطه بالأقدام وتحرير الرجل كنت على يقين ان احساسي هذا كان لدى أغلب الناس كشعور انساني طبيعي لكن لكل اعتراض او تمرد شراره لم تقدح لامني انا المتحمس ولامن الناس.

قبل اعطاء أشارة التنفيذ انهارت كل أكياس الرمل وكأنها تقول لي ولكل حشود الناس المجتمعه نحن اشجع منكم ها نحن نتمرد ونرفض وبكل جراءه هذه المذبحه القذره وهذا الأنتهاك لكل القوانين الأنسانيه.

همهمات من الناس في كل مكان برؤوس منكسه كردة فعل على انهيار اكياس الرمل كانت اصواتهم مخنوقه وواطيه احسستها ترتطم بالأرض وتتلاشى بين اقدامهم لامعنى لها.

بعد أعادة صف أكياس الرمل واعطاء أشارة التنفيذ ,الرصاصه الأولى اخترقت اسفل البطن وكردة فعل طبيعة من الرجل ان ضرب مؤخرة رأسه بالشجره المصلوب عليها انهال عليه الرصاص من أربع الى خمسة أشخاص بضمنهم ,,الحاج طه,,رأيت جسمه استرخى على الشجره أشاره الى موته لكن الرصاص لم يتوقف عنه فكل ,,الرفاق,, الذين لم يشاركوا جاءوا ليطلقوا عليه ليثبتوا الولاء لدرجة لم يبق في جسمه النحيل مكان سالم من اختراق الرصاص ,تفرقنا بالسرعه التي اجتمعنا بها وكل منا يحمل في انفه رائحة البارود الممزوجه بالدم التي طالما تعودنا عليها.

 

 

 

 

 

 

 

 

                         

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com