الزمن في مجمل مفاصل الحياة

 

عبد الكريم هداد/ السويد

hadadkarim@hotmail.com

 

حين قامت قوات الولايات المتحدة الأمريكية في احتلال بغداد يوم التاسع من نيسان ، كان ذلك نتيجة لاستراتيجية السياسة الأمريكية اتجاه العراق منذ عام 1963، حيث برزت فعالية هذه الأستراتيجية بشكل واضح ، خلال عهد كلنتون الديمقراطي ، عندما أقر في عهده قانون تحريرالعراق ، ليأتي بعدها دور بوش الأبن لتنفيذه مباشرة خلال فترته الرئاسية الأولى ، إن التاسع من نيسان هو يوم انطلاقة تنفيذ المشروع شرق اوسطي ، وهو سيناريو لابد لأنطلاقته من خلال البوابة العراقية لأجتياح المنطقة برمتها . وإلا لماذا ساهمت الولايات المتحدة في وأد إنتفاضة آذار المجيدة عام 1991 ، لتبقى الأقمار الصناعية تسجل وحدها فظائع فصول المقابر الجماعية . إنها أمريكا وسياسات الدولة الرأسمالية بأعتى مراحلها في خطى إقتصاد شركاتها ، إنني أقول هذا للتذكير ، فالولايات المتحدة لم ولن تمثل أبداً الشعوب المستنزفة خيراتها وحقوقها المشروعة ضمن لائحة اتفاقية جنيف .

وحين تستبق مصالح الولايات المتحدة كل شئ ضمن الخرائط المتغيرة في عالم متغير ، كانت هي السبّاقة نحو تكسيب  شركاتها العملاقة والعابرة للقارات ، ضمن حلقات التنافس المتصاعد مع الأتحاد الأوربي المتنامي اقتصادياً وسياسياً . من هنا كان لأمريكا أن تتسرع في حلها العسكري لضرورة وضع استراتيجية البيت الأبيض على الأرض ، وهي استراتيجية تتقاطع مع بقاء  نظام  العفالقة الفاشست ، الذين أدوا مع عليهم من أدوار سياسية لنظامهم ، الذي ساهمت المخابرات الأمريكية العتيدة في انتاجه وتسييره محلياً وإقليمياً ودولياً ، وتشهد احداث 8شباط الأسود على ذلك وما بعدها من حروب داخلية وإقليمية . فليس ما جرى مكرمة أمريكية للشعب العراقي ، بل هو استباق امريكي خدمة لمصالحها ، تخوفاً من تغير تاريخي مفاجئ، قد يفجره أي انقلاب عسكري أو حركة شعبية عراقية كامنة.  

من هنا يجب صياغة المفاهيم الوطنية العراقية وهويتها، على أسس التجربة التاريخية التي مر بها العراق ومراحلها السياسية ، التي لها ملموسات اجتماعية عظيمة داخل حركة مجتمع الأمة العراقية ، التي يجب توضيحها علناً والأعتماد عليها في البناء ، ولتتفق وتتقاطع مع الدول الأخرى مصالحنا الوطنية حسب مسارها الطبيعي في السياسة والأقتصاد الذي يسعى الجميع تطويره نحو الأحسن والأفضل ، ضمن أطر حضارية رحبة وشفافة ، ليعطينا القوة والدلالة في العلاقات الدولية والأقليمية ، لا كما يتم صياغتها أمريكياً تحت قياسات المحاصصة الطائفية والقومية  ، التي لها نتائج عكسية مدمرة لبنية مجتمع الأمة العراقية إن أصبحت هي الأساس في العمل والبناء والتفكير ، التي  كثيراً ما حاول العفالقة الفاشست ترسيخه منذ سنين ، لهذا أقول إن ما تريده أمريكا للأسف الشديد أصبح أغلبية الساسة العراقيون يأخذون به  في مناحي التداول والتخاطب وعند طرح الآراء ، كذلك الشعارات والهتافات ، أصبحت تصرخ بها المظاهرات والأحتفالات السياسية ، وهو ما سوف يساهم في خلق البيئة الطبيعية  لتنامي ذرائع إكذوبة " الجهاد" التي يديرها فلول البعث العفلقي تحت ستار الدين السلفي ، الذي بدأ في لملت بقاياه تحت مسميات كثيرة ، ضمن ماتسمح به لعبة حرية الآراء والوطنية والأحتلال  التي لم تبلور تجريم وتحريم الأفكار الفاشية والعنصرية بما فيها الأفكار القومية والدينية المتطرفة التي كان يمثلها حزب العفالقة .

ان نفور الشعب العراقي من سياسات ادارة الولايات الأمريكية ونهجها المضاد لتطلعات شعوب المنطقة والعراق خصوصاً  ، كان يوازيه كذلك في الكفاح والنضال ضد فكر العفالقة  الفاشست وسياساتهم القمعية التعسفية  ، التي تطابقت في عقود عديدة سياسياً واقتصادياً  مع المبتغيات الأمريكية الأقتصادية التي تقود سياستها الداخلية والدولية. وعندما اسقط أحدهم الآخر كان  للشعب العراقي أن يقتنص هذه الفرصة السانحة لديه في بناء حقيقي متطور ، ضمن أسس متينة يسندها تشريع عالي الجودة والتقنين الحديث ، مع الأخذ بنظر الأعتبار تجربة اليابان والمانيا كدولتين  تنامتى  في تغليب  مصالحهما الوطنية على أي اعتبارات اخرى  ، ضمن قانون يحرم  ما يساعد على عودة الأنظمة التي جلبت لهما الويلات .

فليكن حلمنا عراقياً ، لا أمريكياً ، حين يحاول البنتاغون إعادة  تأهيل كتائب من رجالات النظام  السابق تحت ذرائع ومسميات كثيرة ، لا تلتقي أبداً مع مصلحة المواطن العراقي ، الذي رزح تحت ويل الحروب وقسوة العيش والتعسف السياسي عقوداً . انهم قتلة وجرائمهم ليست وجهة نظر .

 

 

 

 


 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com