|
الأسلام المعتدل في الغزل الامريكي
د. لميس كاظم
غيرت الولايات المتحدة سياستها الخارجية بالكامل بعد احداث 11 سبتمبر 2001 فتحولت من مهادن للاسلام المتطرف الى محارب له وضرب كل مواقعه ومنابع تمويله الاقتصادية والفكرية، فحثت الخطى في افغانستان في ضرب الموقع الرئيسي لتنظبم القاعدة لكنها لم تقض عليه وتناثر الى مناطق مختلفة من بقاع العالم وسارعت الخطئ الى العراق لايجاد موطئ قدم ثابت في المنطقة العربية لتحريرها من الأنظمة الدكتاتورية والشمولية على الطريقة الأمريكية، تلك التي تغذي للنزعات الطائفية والصراعات الداخلية والغاء سياسة القطب القوي، بيد ان حملتها التحريرية في العراق واجهت صعوبات اكثر مما واجهتها في افغنستان تناسبا مع دور واهمية العراق وثقله الساسي والبترولي والأستراتيجي، واهم عقبة في تطبيق سياستها هو الأسلام السياسي، فعرجت الى سياسة جيدة هي مغازلة الأسلام المعتدل والتخلي عن الأسلام العلماني. فقد وافق الكونكرس الأمريكي على تخصيص ميزانية قدرها 1,3 مليار دولار لمشاريغ الغرض منها تطبيع وترويض المعتدلين الأسلاميين للسياسة الأمريكية وان تتضمن ايجاد وسائل الأعلام واعلاميين وادباء ومثقفين يروجون لثقافة المحتل التحرري ومحاولة تغيير مفاهيم وكسر الثوابث الوطنية المقدسة التي تربى عليها المواطن العراقي . اي بأختصار شديد اللهجة ان امريكا تبحث عن نجوم ثقافية ويفضل اسلامية، تمرر من خلالهم السياسة الأمريكية وتثبت مفاهيما للمواطن العراقي والعربي عامة. فالسياسة الأمريكية تواجه ضغوط شديدة من الأسلام السياسي الرافض للسياسة والوجود الأمريكي في العراق والناهض لسياسته ضد ايرن رغم المهادنة معها فهي تعرف انهما لايتفقان استرايجيا وان اتفقا في الهدف المرحلي. لذلك جاء قرار الكونغرس ليوكد حقيقة ان القاعدة الأمريكية في العراق لاتزال قلقة، فهي تمتلك تيارات ليبرالية علمانية كثيرة تلعب بهم الأن في الملف العراقي الحالي لكنها تبحث عن خيار اكثر اطمئنانا للمستقبل. فقد بدء الخلاف الشيعي الأمريكي في اول مراحله حتى قبل تشكيل الحكومة حين اعترض رامسفلد على عدم اجراء اي تغيير في هياكل وزارتي الداخلية والخارجية، ويفضل ان يكون وزراء هذين الوزارتين لاينتمون لأحزاب تتسم بالولاء لأيران وهو يقصد مرشح حزب الدعوة ومرشح مجلس الأسلامي الأعلى وقائد قوات بدر خوفا من ضم جهاز بدر نفسة لأجهزة الأمن الذي يبلغ تعداده اكثر من 100000 متطوع، وبالتالي تنقسم الأجهزة الأمنية حسب الولاء الطائفي مما يؤدي الى تعثر الأداء الأمني اكثر مما هو متعثر الأن، بالوقت نفسة بدئت تصريحات المجلس الأسلامي الأعلى علنا بانها تريد تغيير الهياكل الأمنية التي تشكلت من قبل أيادي بعثية سابقة تحت اشراف وزراء الداخلية والدفاع ورئيس الوزراء المنتهية ولايته. هذا الأشكال سيخلق متاعب كبيرة في المستقبل لان امساك عصب البلد الأمني بيد فئات طائفية هما كان نوعها يعني ان الخطوات الديمقراطية المزمع اجرائها في العراق محفوفة بالخطر وتكون سقوفها منخفضة جدا ومحددة في شكلها السياسي فقط وهذا لا يشفي غليل المواطن العراقي لان السلم الأجتماعي في خطر وحقوق المواطنة والقانون في خطر، فماذا تستطيع ان تفعل فقرات يتيمة في الدستور واجهزته الأمنية لاتنصاع لقوته، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لقد كتبت المادة الثالثة عشر من قانون ادارة الدولة العراقية للفترة الأنتقالية بشكل جميل وشفاف يضمن حق والمواطن وحقوق القانون و حرية التجمع السلمي ومع ذلك جرى التجاوز على القانون بشكل واضح وامام اعين كل السلطات العراقية، فما جرى في احداث جامعة البصرة صورة واضحة للعيان من تطويع قانون الأحوال المدنية للولاء الطائفي ولم يتم المحاسبة او الرجوع للقانون. فالمشكلة إذاَ ليست في الدستور الذي سيسن لكن في الأجهزة التنفيذية التي ستحمي الدستور وصلاحيتها والأهم هو ان هذه الأجهزة لاتعبر عن ولائها الكامل للدستور ولا حتى تمتلك ثقافة حمايته، وهنا تكمن الطمة الكبرى، فالعراق لايمتلك من يدين بثقافة القانون الذي يحميه ويحمي المجتمع من سطوة الطائفةاو العشيرة او الحزب. ثم ان هناك الكثير من الأحزاب لن تعلن كل سياستها خوفا من الضغوط الخارجية والداخلية، لذلك تحمي نفسها تحت جنح الطائفة او العشيرة او القومية. أذا استمر هذا النهج الطائفي فان دولة القانون المزمع تطبيقها في المستقبل لاتبشر بوضع امني مطمئن لان الأغتيالات الجارية على قدم وساق منسق لها بشكل دقيق ومدروس وهي تستق معلوماتها من نفس الأجهزة الأمنية العراقية مما يعكس ان الجهاز الأمني العراقي وبقية الأجهزة الحكومية مخترقة بقوة من قبل بقايا عصابات الصنم الأجرامية التي تحاول ادخال الرعب في مؤسسات الدولة الأمنية واخماد صوت من هو معارض بالقوة وكسر سلطة المؤسسات الرافضة للأرهاب وابرز دليل في هذا المجال هو اغتيال رئيس شرطة مدينة النجف الشهيد الجزائري وهو من القادة الأبطال الذين حارب الأرهاب علنا وكذلك الحال في اغتيال احد قادة لواء الذيب في الموصل وبالأمس مستشار وزارة الداخلية واليوم احد اساتذة كلية الأداب قسم اللغة الألمانية، ناهيك عن اغتيال القلم والكادر الأعلامي المناهض للأرهاب في ظل الديمقراطية. كل هذه الحمامات من الدماء التي يسبح بها الشعب العراقي في ظل الديمقراطية والأحزاب الفائزة لاتزال غير متفقة فيما بينها على اقتسام الكعكة العراقية. ان مايجري التنافس علية بين الكتل الفائزة على من يتسولى على عصب الأمن والمال في البلد انما يعكس الوجه الحقيققي لهم ، ويتنافى مع الخطاب السياسي المنمق الداعي لوحدة العراق فما يهمهم هو السطوة والهيمنة وترويض الدستور والديمقراطية كادوات لتكريس سطوتهم . ان العراق يمر بضروف غاية في الصعوبة وكل الكتل حصلت على مراكز حكومية لم تحلم يوما ما ان تحققها بجهودها الذاتية طول نضالها السياسي، لكنها ظلت تواقه للمزيد لأشباع رغبتها السلطوية، ولم يظهر اي بوادر تعبر عن نكران ذاتها تجاه مصير البلد ولو امتلكو ذلك لتنازلو بعض الشيئ عن مطاليبهم وشكلو حكومة بسرعة والاهم انهم لم يتصارحو مع الشعب الذي سلمهم امره في مفاوضاتهم السرية فهو لم ينتخبهم ليعقدوا ماراثونات من المفاوضات السرية التي لاتنتهي. اما المفردات والخطاب السياسي الشفاف الذي يمكن تصريفه في المحافل الرسمية والأعلام يختلف تماما مع سلوك القادة العملي ، لذا يبقى الخطاب المزدوج هو سمة مميزة للقائد السياسي العراقي.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |