علاقة شيعة العراق بامريكا والتحديات التي تواجهها

 

صاحب مهدي الطاهر / هولندا

keesbees@hotmail.com

 

لا شك ان البعض ممن لا يريد ان تكون هناك نجاحات للطائفة الشيعية العراقية على كافة الصعد وخاصة على الصعيد السياسي والقيادي في المرحلة الحالية واللاحقة يحاول وضع اسفين بين هذه الطائفة والولايات المتحدة الامريكية لعلمه الاكيد ان تلك النجاحات لايمكن ان تتحقق الا اذا اجتمعت الارادتين الامريكية والشيعية معا بمقدارمعين يؤهلهما ان يكونا حليفين وليس عدوين فقد حاول صدام بواسطة ابواقه ومخابراته وطيلة فترة حكمه المقيت ايجاد نوع من عدم الثقة والريبة بين الطرفين حيث كان يضخم بعض الصغائر ويحجم بعض الكبائر حسب ما يريد  ومن ثم يطرحها بشكل خبيث وذكي في اوساط المجتمع العراقي الشيعي لبلورة ذلك الهدف البغيض وبالتالي ضرب العدوين بحجر واحد ،ثم جاءت الحرب العراقية الايرانية لتدق اخرمسمار في نعش العلاقات الامريكية وشيعة العراق بعدما وجد صدام ان فرصته قد اقتربت اكثر من اي وقت مضى لبرهنة هذا المفهوم وتكريسه في المجتمع  العراقي الشيعي، فهذه الحرب التي يخوضها ضد بلد شيعي ذو قيادة شيعية وتحت مرجعية شيعية ترفع شعارالعداء للولايات المتحدة الامريكية ستدفع الادارة الامريكية دون شك للانحياز الى جانبه وبالتالي سوف ينعكس هذا الموقف بصورة مباشرة على الراي العام الشيعي العراقي بما يجعله يتخذ موقفا معاديا للسياسات التي تتبعها الولايات المتحدة الامريكية لقد استمر هذه الوضع لثمان سنوات متتالية وهي عمر الحرب العراقية الايرانية حتى اذا وضعت الحرب اوزارها عاد كل شيء الى وضعه الطبيعي اي الاختلاف الايدولوجي الكبير بين النظامين الامريكي الديمقراطي والبعثي الشمولي الدكتاتوري فاخذت المواقف تتباعد مرة اخرى لتتجه الى الخصام والعداء الواضح والمكشوف تمخضت عنها حرب الخليج الثانية ولكن تحت ذرائع واهية ساقها النظام البعثي كانت واجهتها اقتصادية بينما غيبت الاسباب الرئيسية والحقيقية التي تقف وراء نشوب هذه الحرب حيث كانت في مجملها اسباب سياسية تتعلق بمستقبل هذا النظام  ومدى امكانية استمرار بقاءه على سدة الحكم بناءا على جملة من  الهواجس  كانت تحرك تصرفات  صدام ومواقفه  وتدفع به الى الاعتقاد ان القيادة الامريكية تخطط للاطاحة به وبنظامه بالتعاون مع حكومة دولة الكويت لذالك اتخذ قرارالحرب تحت مبدا الهجوم افضل وسيلة للدفاع. وبعد تحرير الكويت استمر نظام صدام بهذا الاسوب بل زاد قوة وفعالية حتى قبل فترة وجيزة من تاريخ سقوطه وهنا يمكنني على سبيل المثال لا الحصر ان استشهد بهذه الحادثة حيث اخبرني احد الاشخاص النجفيين قبل سنتين من وقوع الحرب التي اسقطت نظام صدام ان النجفيين على العموم يمقتون امريكا لان طائراتها ذات مرة قامت بضرب حشد من الناس كانوا يحتفلون بزواج احد اقاربهم  استشهد على  اثرها العشرات من المدنيين العزل. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف علم هؤلاء الناس ان هذه الطائرات هي طائرات امريكية؟ وما هي المصلحة الامريكية التي تقف وراء القيام بمثل هذه المجزرة البشعة؟ ومن هو المستفيد الذي يقف وراء ترويج واشاعة مثل هذه المعلومات؟ ان الوثائق التي تثبت ان المخابرات العراقية السابقة كانت تقف وراء مثل هذه الاعمال قد ظهرت مؤخرا حيث نشر اكثر من موقع الكتروني تفاصيل الخطط التي كانت تتبعها هذه المخابرات في معالجة مفردة او ظاهرة معينة فقد انيط اللثام  مؤخراعن ان المخابرات واجهزة الامن الصدامية كانت ضالعة بهذا الامر حيث اظهرت هذه الوثائق ان اجهزة الامن الصدامية ارادت قبل بضعة سنوات من سقوط النظام ان تحد من اتساع ظاهرة سماع محاظرات مسجلة  للشيخ الوائلي في الاماكن العامة والخاصة  فانتدبت لذلك لجنة كانت تضم بعض الاسماء المعروفة الان على الساحة العراقية من ضمنهم مجيد عبد الحميد والشيخ الفيضي والشيخ عبد السلام الكبيسي وغيرهم واوكلت لهم القيام بحصر وتحديد المقاطع الضعيفة التي يذكرها الشيخ في محاظراته بحيث يمكن الردعليها والنفوذ منها الى افكارعامة الناس وبالفعل فقد نشرت هذه الردود  في بعض الصحف المتخصصة واذيعت عبر بعض  وسائل الاعلام وطبعت  بعض الكتيبات باسماء مستعارة تتناول هذا الشان فيما تجنب اعضاء هذه اللجنة ذكر اسم الوائلي بشكل مباشرللرد عليه بغية ان لا يشعرالقارئ او المتلقي باي نوايا خفية تقف وراء ذلك العمل وبالتالي سوف لا يتخذ مواقف استباقية فيكون في هذه الحالة اكثر تقبل للراي الاخر واكثر مرونة على تغيير افكاره ومن ثم مواقفه وقد تعهدت المخابرات بدورها ببث هذه المعلومات عبر شرائح المجتمع العراقي الشيعي ‘باساليبها الخاصة‘ . اما ما يثارمن هنا وهناك حول الدورالامريكي في المجيء بنظام صدام الى سدة الحكم عام 1968حيث يعتقد الكثيرون ان هذا الامرمن المسلمات التي لايمكن الطعن بها او التشكيك فيها باعتبارها مدعمة بالكثير من الوثائق والشهادات الا ان الواقع يؤكد ان مجملها صادرة عن شخصيات قد ارتبطت بهذا النظام لفترات معينة ومحددة سربت لها مخابرات صدام عن عمد وبناءا على نصيحة الصديق الروسي وجهاز مخابراته الكي جي بي هذه المعلومات بشكل منظم ودقيق حتى اعتقدت هذه الشخصيات ان هذه المعلومات دقيقة وصحيحة ثم قامت دوائر صنع القرار في نظام صدام بابعاد هؤلاء عن حلقة الحكم البعثي لتفرزهم اما الجمهوركمعارضين له لكي تضفي فيما بعد المصداقية والثقة على اقوالهم ومعلوماتهم، والا لو كانت امريكا ترغب بالمجيء بحكم موالي لها لكان من الافضل لها الابقاء على النظام الملكي الذي كان يحكم العراق ذو التوجهات الغربية الواضحة والثابتة كما هو حاصل الان في الاردن والدول الخليج العربية بدل  الدخول في  مطبات ومتاهات ومغامرات غير واقعية لا يمكن التنبا بنتائجها . ان من ينظر الى الاطار العام الذي يحدد شكل العلاقة التي تربط نظام صدام بامريكا يستطيع ان يجد دون صعوبة حقيقة هذه العلاقات حيث ان نظام صدام كان يتعامل بشكل وثيق مع الاتحاد السوفيتي السابق( الخصم اللدود للولايات المتحدة الامريكية) على كافة الصعد العسكرية والاقتصادية والمخابراتية والسياسية.....الخ، ومن الجدير بالذكر انني حاولت ان استعرض امامي كافة الدول التي تنتهج في تعاملها وسياستها هذه الخطوط العريضة التي اتبعها نظام صدام فلم اجد بلد واحد يحتفظ بعلاقات قوية ومميزة مع الولايات المتحدة الامريكية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا اراد نظام صدام تمرير هذا الامر واشاعته في اوساط المجتمع العراقي ؟ ان جميع الانظمة الدكتاتورية عندما تتقلد مقاليد الحكم والقيادة تعرف مسبقا ما هو هدفها وماذا تريد وما هي الجهات المحتملة التي قد تقف حجرعثرة في طريق استمرارها على المدى البعيد والمنظور فتضع حلول سريعة لبعضها كاعدام المناوئين او المنافسين المحتملين وتضع لبعضها الاخر حلول بعيدة المدى تتعلق في غالبيتها بالخطر الخارجي ولما كانت هذه الانظمة قد وضعت في اجندتها منذ اللحظة الاولى لاستلامها الحكم انها لن تغادر هذا الموقع ابدا لا عن طريق صناديق الاقتراع ولا عن طريق اي شيء اخريحمل الطابع السلمي فهي ما  جاءت الا لتبقى لذالك وضعت نصب عينها اللحظة التي ستجد نفسها في وقت ما وجها لوجه امام شعوبها المبتلية بها حينها لن تجد هذه الشعوب من يساندها ويدعمها الا جهة واحدة الا وهي الدول المتحضرة ذوات  الديمقراطيات العريقة التي تعتبر العنصر البشري هو اهم عنصر واعلى قيمة مادية وحضارية يجب الحفاظ عليها بكل السبل وبشتى الوسائل وبناءا على المفهوم وهذه الاستراتيجية وجدت هذه الانظمة ان الحل يكمن في زعزعت الثقة مسبقا بين شعوبها وهذه الجهات واعطاء انطباع غير حقيقي ان تلك الانظمة الديمقراطية هي سبب وجودنا في الحكم وعليه تتحمل هي جزء من المسؤولية وان حنقكم ومقتكم ايها الشعوب يجب ان يشمل هذه الاطراف وبالتالي فقد تخلصت هذه الانظمة الدكتاتورية من عدوين محتملين بضربة واحدة قاتلة بينما كان من المنطقي والطبيعي ان تتعاون هذه الاطراف فيما بينها على عدو واحد محدد مكشوف ومعلن الا وهو انظمتها الدكتاتورية . ان وجود الثقة والتعاون بين شيعة العراق وامريكا  كان يعتبر خطر كبير يهدد وجود واستمرار نظام صدام لذلك عمد صدام الى اسلوب فرق تسد وذلك بزرع نوع من الشك بين طرفين عاونته في ذلك حكومات الدول العربية التي كانت لا ترغب ان يتبوء الشيعة اي منصب قيادي على مستوى عال في الهرم السياسي القيادي في العراق ،لذلك كان من الصعوبة بمكان على الولايات المتحدة الامريكية وقتذاك اختراق الوسط الشيعي لبلورة اتجاه عام تدعمه هي بشكل مباشر ضد نظام صدام قادرعلى تهديد وجوده.وهذا ما اتضح جليا في انتفاضة اذار الشعبانية المباركة عام 1991 حيث كان الاتجاة العام يميل الى قيام دولة اسلامية على غرارالنموذج الايراني يكون معاديا بطبيعة الحال لامريكا وهذا يتناقض تماما مع المصلحة الامريكية نتيجة للعداء المستحكم الذي كان يوجه السياسة العامة للقيادة الايرانية وهذه حقيقة لايمكن لاحد نكرانها او دلسها حيث كنا الشهود العيان عليها باعتبارنا العمود الفقري الذي اوقد شرارة هذه الانتفاضة دون منازع وضحينا فيها ومن اجلها بالغالي والنفيس ولم نطرح يوما من الايام انفسنا كقياديين اواردنا بعملنا هذا مصلحة شخصية او فئوية بل كانت اهدافنا وطنية بحتة لا تشوبها اية شائبة ،اقول لقد اسقطت شعارات الانتفاضة التي رفعها السواد الاعظم الذي اشترك في الانتفاضة تلك الانتفاضة بعزوف الولايات المتحدة الامريكية عن دعمها وكذلك عزوف من كان يرتجى منه المساعدةاو التاييد الاوهي الحكومة الايرانية . ان من مفارقات الزمن ان تتبنى الحكومة الايرانية  مواقف ورؤى تتحد وتتطابق تماما مع مواقف ورؤى الحكومات العربية ومخابرات نظام صدام البائد يصب في اتجاة واحد قديم جديد الا وهو زرع الشك والريبة بين شيعة العراق والقيادة والشعب الامريكي خدمة لمصالحها العليا الذي نعتبره نحن حقا مشروع لها فالسياسة هي فن الممكن حيث لا يوجد في قاموس عالم السياسة موقف او مفهوم اسمه ثوابت بل كل شيء قابل للتغيير او التغير  .ان خير دليل على هذا التوجه يمكن حصره في موقف معين اتبعته قناة العالم الفضائية الايرانية التي تعطي شيء من ملامح الخطوط العريضة للاسلوب الذي تتبعه المخابرات الايرانية العاملة على الساحة العراقية الحالية فقد اوردت هذ القناة خبر للمعركتين اللتين دارتا في القائم والمدائن مؤخرا على الشكل الاتي: في ما يخص معركة القائم( شنت القوات الامريكية المحتلة هجوما على مدينة القائم العراقية) ولم تتطرق من بعيد او قريب عن القوات العراقية التي شاركت في هذه المعركة اما فيما  يخص المدائن فكان الخبر كلاتي: (اجتاحت القوات العراقية مدينةالمدائن) ولم تتطرق ابدا عن القوات الامريكية سواء بالمشاركة او بالمساندة ،فيما ان الواقع يؤكد اشتراك كلا الجيشين وبطريقة او اخرى بكلا العمليتين اما السبب وراء ذلك فان هذه القناة ارادت ان تعرض صورة مشوهة للمتلقي يكون على ضوءها اكثر حنقا وغضبا على هذه القوات باعتبارها اجتاحت مدينة عراقية عربية مسلمة مسالمة،اما في عملية المدائن فكان الاسلوب يختلف لان هناك استغاثة من قبل مجموعة شيعية تحتجزها عناصر ارهابية فكان المنقذ يستحق الثناء والاطراء من قبل الجمهور الشيعي بشكل عام لذلك كان عليها ان تستثني القوات الامريكية لانها لا تستحق الثناء اوالاطراء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                                                                  

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com