بإختصار: حرب الاراء المتطرفة مفيدة  حتى للمعتدلين

 

كاظم جواد السماوي

kadhimjawad@bredband.net 

في مقال كتبه الاخ الناصري حول" حرب الاراء المتطرفة على الانترنيت" استهله بالحديث عن العقل ونعمته التي منّ الله بها على الانسان, ليميزه عن سائر المخلوقات الاخرى في هذا الكون. لهذا راى السيد علي الناصري ان وظيفة هذا العقل ينبغي ان يمييز بين الصالح والطالح والنفع والضرر, لهذا وجد من المناسب ان يستخدم العقل في وضعنا الحالي    على طريق التخلص من التخبط في سلوكنا السياسي , والتعبير العقلاني تجاه كل مسالة يواجهها الانسان العراقي بعد نعمة التخلص من الدكتاتورية بمساعدة الاخرين.

نعم ان هذه وظيفة واحدة  من وظائف العقل, ولا شك ان هناك وظائف اخرى, غير التحليل للواقع المحيط  وحسب بل واستخلاص العبرة ومن ثم وضع الصيغ الملائمة للخروج بالوضع الى حال اخرحسنا كان او سيئا, ثم توجيه صاحب هذا العقل بسلوك يتلائم مع مستوى ادراك العقل وحاجات النفس ومصالح ذاتية وطموحات مستقبلية. ان عقول الناس تبنى بمقدمات سلبية او ايجابية,وتتربى بصورة تدريجية.  وتاخذ هذه المؤثرات الخارجية بشكل خاص وفي كل مرحلة حياتية بالتغيير . وفي مواجهة كل حالة, يستجيب العقل بصورة ما  ويواجهها بردود عقلية, انفعالية  سرعان ما تتحول الى سلوك وتصرف بناء او مدمر . لا ننسى ان هذه العقول تتاثر ايضا بمصالح كل فرد وجماعة,  والبيئة الاجتماعية التي نشأت في اجواءها هذه العقول. هذه وغيرها من العوامل تلعب دورا في كل انفعالات وسلوك هذه العقول. وترى يا عزيزي علي الناصري ان العقل ليس دائما مصدر خير عند الانسان, ربما ينقلب الامر الى نقيضه فيصبح احيانا بلاءا ليس على صاحبه وحسب وانما على المجتمع الذي يتحرك به هذا العقل. والا هل تظن ان الدكتاتور لا يملك عقلا مفكرا مثلا؟. لا ابالغ اذا قلت لك ان معظم الطغاة والظلمة يملكون عقولا تزخر  بالدهاء. وفي التاريخ امثلة لا حصر لها لهؤلاء, من امثال هتلر ونيرون. ومعاوية مثل صارخ عند العرب بالخبث والدهاء.

ما تراه يا سيدي ليس سوى خليط من العقل الفاعل والعقل المقلد. خليط من نوازع موجهة لمصلحة ما خطط لها ام تصرفات لاناس اختطفتهم الاسماء والشعارات. ما تراه خليط من ادنى مستوى للوعي الى اعلى ناصية في منهجية التفكير والتخطيط.

ولكني اجد ان مثل هذا الهرج الفكري بكل خليطه الصالح والطالح, ليس بالدرجة التي تقلق المتدبر. لماذا؟ نعم, اذ  ان التنفيس عن مكنونات النفوس المضطهدة سابقا وحتىالنفوس المهزومة حاليا بفعل الحدث, امر يفيد في هذه المرحلة وهو لازم لها, والتخفيف من الكبت الفكري والنفسي سيهدأ من الروع , بعدها ستجد هذه النفوس ليس امامها سواء العودة الى الحكمة ولو بمقادير مختلفة المستوى. ستهدأ بدرجات ولكنها ستهدأ على اي حال عندها يبدأ النضج التدريجي يدب في عقول الناس ليغيير من موازين التصرف باتجاه أحسن, ولكن يبقى بدرجات مختلفة دائما.

نحن امة لدينا مخزون كبت هائل يحتاج الى مصادر تصريف وتفريغ له. لتكن صفحات الانترنيت واحدة من اهم قنوات التصريف والتبديد. خاصة وان الصارخين بالسخط مجهولين لدى السامعين والقارئين والمحاورين لهم.

قبل الاطاحة بهذا الصنم ( اذ ان صاحبه لايزال قابع في نفوس الناس كرها وولاء) قبل هذا التاريخ كنت اظن دائما حينما يثار موضوع مستقبل العراق بعد التغيير, وما هي الضرورات التي يتطلبها المجتمع العراقي بأهمية فائقة, كان ظني ان مجمل السياسة السابقة من حروب متعاقبة في مراحل متقاربة واضطهاد وقمع لاي شكل من اشكال الحريات , خلقت امراضا نفسية و اجتماعية لا حصر لها عندنا جميعا, لهذا تتطلب مسالة الخروج من عنق الزجاجة المرجوجة بقوة , وسائل واساليب لمعاجة مثل هذه الظروف بدرجة تتصدر الكثير من الحاجات.

عزيزي.. انت قلت اشياء جميلة ولكن الجرح يحتاج الى الكثير من الرتق والتطبيب, ومن اهم ما يتطلبه  هو الصبر على الناس واعطاءهم فرصة التنفيس عن الامهم بالطرق المختلفة,  طالما لا تسبب قتلا لنفس بريئة وتحطيما لبنى ومساكن ومؤسسات. التعبير الحر عن الذات مرحلة مفيدة  في العلاج لنا.

 

 

 

 

                                                                                  

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com