قناة العراقية تجتذب المشاهدين بالاعترافات المصورة للارهابيين المعتقلين

 

 كانت أم مفجوعة بملابس سوداء تحدق في كاميرا التلفزيون قبل أن تردد بغضب «أنا ضربت الإرهابي بحذائي... هو الذي قتل ابني». ثم تحولت الكاميرا صوب القاتل المزعوم محمد عدنان الذي كان يواجه الأم الثكلى وحفيدها الذي ما انفك يذرف الدموع. قال المراهق إن عدنان، الذي بدت عينه اليسرى منتفخة، كان قد جاء إلى بيتهم مرتديا ملابس شرطة ثم أخذ أباه معه ومنذ ذلك الوقت لم يره أحد ثانية.

عرض شريط الفيديو بطريقة حرفية عالية في الفترة الأخيرة عبر محطة تلفزيون «العراقية» التابعة للحكومة، وهو واحد من سلسلة شرائط فيديو مكرسة للاعترافات، وقد جذبت هذه الشرائط اهتمام أهالي بغداد بقوة. ويهدف عرض تسجيلات الفيديو هذه التي تنتمي إلى صنف «تلفزيون الواقع» إلى كسب قلوب وعقول الشعب العراقي، ويتم بثها مرتين في اليوم، وهي تفيد كإجراء معاكس لما يقوم به المتمردون من عرض لرهائنهم وما يرافقه من قطع لرؤوسهم. كذلك فهي تشكل الجزء الأساسي من حملة حكومية مكثفة مصممة لإقناع الجمهور المتوتر من أن الحكومة الناشئة وقوات أمنها تجعلان العراق بلدا أكثر أمنا.

وتحمل هذه السلسلة من الشرائط عنوان «الإرهاب في قبضة العدالة»، وبدأ بثها قبل انتخابات 30 يناير (كانون الثاني) الماضي بفترة قصيرة لكن ليس واضحا كم تحمل هذه الكاسيتات من صدق، وهي تهدف إلى تعزيز الثقة في نفوس العراقيين المتشككين تجاه الحكومة التي ظلت تعتبر غير فعالة تجاه انعدام القانون والعنف.

قالت الطالبة من بغداد فدوى خليفة، 22 سنة «هذا شيء ممتاز لأنه يجعلني أشعر بأن هناك حكومة تعمل وتحسن عملها كل يوم وأن الوضع الأمني يتحسن... لكنني أخاف من أن يكون كل ذلك مجرد أكاذيب».

لكن شعبية البرنامج لم تقابل بالتجاهل من قبل المتمردين الذين شنوا حملة علاقات عامة مضادة، معتبرين تسجيلات الفيديو مجرد خدعة وهددوا في نشرات بأن ينفذوا «عدالة الله» بحق العاملين في محطةالتلفزيون الحكومية. وفي سياق هذا التهديد أختطفت المراسلة رائدة وزان التي تعمل في فرع محطة «العراقية» في مدينة الموصل الشمالية يوم 20 فبراير(شباط) وقتلت لاحقا. وقال زوجها إن ورقة كتبت فوق جثتها «خائنة».

وعلى الرغم من قتل رائدة وزان فإن مسؤولي محطة «العراقية» وعدوا بعدم الخضوع للترهيب. وقال كريم حمادي المدير الجديد للمحطة، ان «إظهار تسجيلات الفيديو هذه عن الإرهابيين هو التزام أخلاقي من جانبنا تجاه الشعب العراقي»، لكن ليست هناك أية طريقة يمكن وفقها التحقق من المعلومات التي يتم بثها عبر هذه الكاسيتات أو كم من هذه «الاعترافات» تم انتزاعها بالقوة أو تم تلفيقها.

وقال المسؤولون الأميركيون من جانبهم إنهم لا علاقة لهم بهذه الكاسيتات التي تبث في بغداد عند ظهيرة كل يوم ثم تتم إعادتها مساء. وفي واشنطن قال مسؤول استخبارات إن المحللين لم يستبعدوا أو يقبلوا المزاعم الموجهة تجاه هذه الكاسيتات لكنهم لا يعتبرونها إنجازا كبيرا.

وصورت معظم المشاهد في الموصل; المدينة المبتلاة بالعنف، وشارك في تسجيلها آمر عسكري للواء تابع لوزارة الداخلية ويحمل اسم «لواء الذئاب». وقال الآمر الذي يحمل ثلاث نجمات على كتفيه «وجد لواء الذئاب الإرهابيين في بؤرهم... نحن لم ندمر المدينة مثلما فعل الأميركيون في الفلوجة... هذه عملية عراقية بحتة».

ويعتبر «لواء الذئب» واحدا من عدة وحدات عسكرية مخصصة لمحاربة الإرهاب، وتم إرسالها على عجل إلى الموصل في الفترة الأخيرة بعد أن حاول المتمردون احتلال المدينة. كانت طرق الموصل وغيرها مملوءة في شهر نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي بجثث ضحايا الارهابيين وهؤلاء هم عادة رجال أمن عراقيون أو مترجمون أو آخرون اعتبروا متعاونين مع القوات الأميركية أو مع قوات الحكومة العراقية المؤقتة. وأدى كل ذلك إلى ترك ما يقرب من 4 آلاف شرطي لعملهم.

ولم تبد القواعد المستندة الى الأدلة والى تحذير المتهمين من توجيه الاتهام لأنفسهم، ذات أهمية كبيرة بالنسبة للمشاهدين العراقيين الذين ظلت أعينهم ملتصقة بشاشات التلفزيون بينما ظل المتمردون يواصلون شرحهم بدون أي عاطفة على وجوههم لما قاموا به من قطع رؤوس ومن فظائع أخرى. ويتحول البرنامج من وقت إلى آخر من اعترافات المتمردين إلى تسجيلات المتمردين التي أظهرت عمليات قطع الرؤوس.

وقال الموظف الحكومي كريم الزبيدي، 47 سنة «يجب أن يعدموا هؤلاء المجرمين في مركز بغداد». كذلك لاقى القتل ببرود دم شديد صدى لدى أولئك العراقيين الذين بلغت بهم الحال إلى اعتقادهم بأن بلدهم قد خرج عن طريق السلامة بشكل نهائي. وبينما كان أحد المشتبه فيهم يتكلم بهدوء عن قطع الرؤوس كان شركاؤه جالسين وراءه يستمعون إليه مع قدر من الاهتمام وكأنهم رجال أعمال يتحدثون عن أساليب البيع والشراء.

وفي أحد أفلام الفيديو راح المتمردون المزعومون يرددون واحدا بعد الآخر من أنهم تسلموا أموالا من الاستخبارات السورية وإنهم تم تدريبهم في سورية وباكستان. لكن الحكومة السورية أنكرت تورطها في ذلك.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com