صحافيو العراق يعانون من متاعب المهنة ولا من مجير

 

يتعرض الصحافيون العراقيون لاكثر من اضطهاد على ايدي جهات مختلفة، فاذا نجا زملاؤنا هناك من شرور الارهابيين ومصائد الاختطاف، فإنهم مهددون بالاعتقال من قبل الحرس الوطني او الشرطة العراقية، واذا تلافوا هذه الاعتقالات فقد لا يفلتون من نيران القوات الاميركية التي اودت بحياة عدد غير قليل منهم.

حكاية الصحافي حسن الشمري، مراسل قناة «الديار» الفضائية العراقية احد الامثلة لما يتعرض له الصحافيون العراقيون من اضطهاد. يقول شقيقه حسين الشمري: «بعد ان اغلقت امامي كل السبل الكفيلة التي تساعد في اطلاق سراح شقيقي، الذي كان يعمل في قناة «الديار» الفضائية، توجهت الى نقابة الصحافيين العراقيين حاملا ادلة ثبوتية على براءة شقيقي من التهمة الموجهة اليه وهي مساعدة الارهابيين وتجهيزهم بالاسلحة».

وحسب الوثائق التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» في بغداد، والتي تشير الى القبض على الصحافي حسن الشمري من قبل الحرس الوطني العراقي في 9 ابريل (نيسان) الماضي، اثناء تصويره وقائع مؤتمر اسلامي في جامع سارية في محافظة ديالى.

يضيف حسين قائلا: ان اوراق المحكمة التي اصدرت الحكم على حسن، دونت في احكامها انه القي القبض عليه بتأريخ 17 ابريل (نيسان) الماضي، وهو ينقل قنابل هاون. مؤكدا ان شقيقه حسن تعرض للتعذيب الشديد ليجبر على هذه الاعترافات وقد زرته وشاهدت آثار الكدمات وحروق اعقاب السكائر على جسده، واخبرني انه اعترف على نفسه من جراء التعذيب الذي مورس ضده، مشيرا الى تهديدات تلقتها عائلتي موقعة من مجهول تطلب من العائلة عدم البحث عن ادلة تبرئ حسن من التهم الموجهة اليه والا سنلقى مصيرا مجهولا.

وقال حسين ان «شقيقي كان قد تلقى تهديدات من سرايا الجهاد في الجيش السري الاسلامي في 5 اكتوبر (تشرين الاول) من العام الماضي، أي قبل اعتقاله، على اعتبار انه من ضباط شرطة محافظة ديالى»، موضحا ان اتصالا هاتفيا تلقيناه من احد الاشخاص بعد الاعتقال ايضا، يهددنا بعدم متابعة الموضوع من قبل العائلة، وظهر من البحث ان صاحب الهاتف الجوال، كان معتقلا ايضا من قبل الحرس الوطني العراقي وان الهاتف بقي في حوزتهم واستخدموه في ذلك الاتصال، وانا احتفظ باسم صاحب الهاتف، كما ان بحوزتنا مخاطبات رسمية صادرة من هيئة علماء المسلمين والمجلس البلدي في محافظة ديالى موجهة الى محكمة جنايات ديالى تؤكد أن شقيقي اعتقل، اثناء تصويره وقائع المؤتمر المذكور باعتباره مراسلا لقناة تلفزيونية عراقية.

غير حكاية حسن هناك ايضا قصة الصحافي محمد جبير سكرتير تحرير صحيفة «الصباح» اليومية، وهو صحافي معروف، فقد داهمت قوات لواء الذيب بيته ذات مساء واعتقلته، بعد تعرضه للضرب والاهانة، حسب احد المقربين منه، اذ لم نتمكن من لقائه بسبب ظروفه النفسية والصحية الصعبة بعد ان افرج عنه مؤخرا.

ويضيف احد زملاء جبير، الذي رفض نشر اسمه، لاسباب امنية ان «قوات الذيب اتهمته بدعم المقاومة والتحدث باسمها، والكلام عار عن الصحة، وبسبب هذه الاتهامات تعرض جبير الى اشد انواع التعذيب الجسدي والنفسي، اذ كانوا يقربون من رقبته السيف لاجباره على الاعتراف بما يريدون، وبعد ان فشلت محاولاتهم وتدخلت احدى الجهات المتنفذة، افرج عنه وهو يعاني الان من اضرار نفسية، ويطالب بتعويض مادي ومعنوي عما لحق به مع عائلته.

ولم يكن محمد او حسن الوحيدين اللذين تعرضا للاذى والاعتقال واطلاق الرصاص من مسلحين او من القوات المتعددة الجنسيات او القوات العراقية، بل ان هناك الكثير منهم ممن تحتفظ باسمائهم وثائق نقابة الصحافيين العراقيين.

شهاب التميمي، نقيب الصحافيين العراقيين قال لـ«الشرق الأوسط» انه «من المؤسف ان نشهد ازدياد وتكاثر الاعمال غير القانونية وغير المشروعة التي تمارس ضد الصحافيين والاعلاميين في العراق، سواء من القوات المتعددة الجنسيات او من جهات عراقية، وهي تتمثل في الانتهاكات كحوادث المداهمات والاعتقالات ومنع الصحافيين والاعلاميين من اداء واجباتهم الميدانية في متابعة الحدث، وتعريضهم للاهانة في حالات كثيرة، كما تتطور هذه الانتهاكات الى ممارسات قتل واعتقال، ولدينا شواهد كثيرة كان آخرها اعتقال الزميل محمد جبير.

واشار التميمي الى ان التغيير الذي حدث في العراق جوهري وجذري ويعني بالنسبة للصحافيين اطلاقا كاملا لحرية التعبير والعمل الاعلامي المضمون والمقدس، وان أي تقاطع مع هذا المفهوم يعيدنا الى ممارسات الترهيب والتنكيل والضغط على الحريات، التي عاشها رجال الاعلام في العراق في عهد نظام صدام حسين، موضحا ان الاوضاع التي اعقبت سقوط النظام السابق فتحت آفاقا واسعة لحرية النشر واصدار المطبوعات، وهو حسب تقديري الطابع العام للمسيرة التي يجب ان تكون للاعلام في العراق، ولكن ما يحصل الان من انتهاكات بكل التفاصيل يسيء للوجه المشرق والمحتوى الديمقراطي للتعبير عن الرأي في العراق.

واختتم التميمي حديثه قائلا: «اننا نؤمن بأن الزملاء الصحافيين اصحاب قضية مهنية وانسانية، وهم اصحاب رسالة يتمسكون بها تجاه الشعب العراقي الذي يتطلع لبناء حياة جديدة وان اية عقبات تواجههم ستزيدهم اصرارا على اداء الرسالة من دون وجل او خوف، وتعمق في نفوسهم الايمان بأن قضيتهم عادلة حقا».

 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com