شباب يغامرون بحياتهم للتطوع في الجيش والشرطة

 

لا يحيد ناصر جبار (24 عاماً) بصره عن بوابة مقر الحرس الوطني في مطار المثنى القديم وسط بغداد، متزاحماً مع مئات المتطوعين الجدد الذين اختاروا سياج متنزه الزوراء القريب للاحتماء من أشعة الشمس في انتظار الإذن لهم لتقديم أوراقهم الثبوتية الى مركز التطوع الذي استهدف قبل ايام بهجوم انتحاري قتل وجرح العشرات.

يقول ناصر إن أوامر صدرت بعد حادث التفجير حظرت استقبال المتطوعين الجدد، إلا أن ذلك لم يمنعه من التوجه فجراً الى المركز، عله يحصل على فرصة ما لتقديم أوراقه ليجد العشرات من المنتظرين سبقوه الى المكان.

مراكز التطوع في الجيش والشرطة باتت هدفاً أساسياً للتفجيرات المفخخة. (20 عملية خلال ثلاثة أشهر في بغداد وبابل وكركوك وأربيل والموصل وتكريت) أودت بحياة حوالي 200 شخص وجرحت المئات، بعضها نفذه انتحاريون وسط صفوف المتطوعين، فضلاً عن السيارات المفخخة.

ويؤكد عميد الشرطة عمار الفتلاوي أن «التركيز على ضرب مراكز التطوع يهدف الى عرقلة بناء أجهزة الأمن القادرة على مواجهة التحديات». ويضيف ان الإقبال الشديد على مراكز «أرعب الارهابيين، ودفعهم الى جعل تلك المراكز هدفاً يفوق في أهميته استهداف القوات الاميركية الموجودة في الشوارع».

لكن منشوراً على شكل قصاصة ورق صغيرة وجده المتطوع حسن مزهر في المكان الذي ينتظر فيه عادة حمل توقيع «مجاهدو العراق» يبرر استهداف المتطوعين، و «أنهم يشكلون عوناً لقوات الكفر على المؤمنين» وهذا «ارتداد على الدين يتوجب محاربته»، ويحذر المنشور الموجودين في المكان من تفجيرات مشابهة لتلك التي حدثت قبل أيام.

مزهر تعامل مع المنشور بسخرية مرة. وقال مخاطباً زملاءه: «وماذا نفعل بقوت عائلاتنا؟ هل نتركهم للموت جوعاً؟»، فأجابه زميله: «المسلحون حالهم حال الأحزاب والحكومة يتقاضون رواتب مجزية، ولا يهمهم أن تنخر البطالة عظامنا!».

خطر الوجود أمام مراكز التطوع يسهل في رأي بعض المتطوعين أمام صعوبات تقديم أوراقهم والانهاك الذي يصيبهم خلال الانتظار تحت شمس تموز (يوليو) اللاهبة. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يضطر معظمهم الى دفع رشاوى لضباط ومنتسبين وسماسرة يقفون عادة في الطوابير لتسهيل سير معاملة من يدفع.

يقول علي مناشد، من أهالي حي الحرية غرب بغداد، إنه دفع 100 دولار للحصول على أسبقية التطوع ليكتشف ان معاملته تأخرت لمصلحة من دفع 300 أو 400 دولار، وهو مبلغ يفوق راتب شهر لأفراد الجيش أو الشرطة.

وزارة الدفاع التي فتحت خطوطاً هاتفية مباشرة للابلاغ عن حالات الرشوة في مراكز التطوع وعلقتها ملصقات أمام الأبواب الرئيسية، لا تنفي حدوث مثل تلك التجاوزات، لكنها تؤكد انحسارها أمام جدية الوزارة في محاسبة المرتشين.

بعض الشباب من أهالي القرى والمدن البعيدة عن مركز التطوع اختاروا رصيف متنزه الزوراء لأخذ غفوة قصيرة، غير مبالين بزحام السيارات وطلقات التحذير من حراس المركز ولا حتى تهديدات المسلحين.

مصطفى سالم من أهالي المحمودية جنوب بغداد، صحا من غفوته ليقص على زملائه حلمه بقبول معاملة تطوعه. وارساله للتدريب في أميركا حيث يتعرف هناك الى فتاة شقراء. لكنه سرعان ما جمع أوراقه وهرول بعيداً عن المكان بعد اقتراب دورية لجنود عراقيين فرقوا المتجمعين باستخدام الهراوات مخافة ان يخترقهم انتحاري مفخخ.

 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com