تقرير .. زيارة الى مشرحة بغداد تكشف حجم مأساة العراق

 

بغداد (رويترز) - لو كان لدى أحد أي شك في حجم المأساة الناجمة عن العنف بالعراق فما عليه سوى زيارة مشرحة بغداد.

فقد امتلات البرادات وغرف التشريح عن اخرها بالجثث التي شوه بعضها بشدة أو تعفن وتحلل بشكل يجعل من التعرف على أصحابها ضربا من المستحيل.

وكل يوم يصل الى المشرحة نحو 30 جثة جديدة لاحدث ضحايا موجة مستمرة منذ عامين من الحرب والجريمة والتمرد مما يجعل المحققون يكافحون من أجل التعامل مع حالة من الفوضى.

ويقول فائق امين بكر مدير معهد الطب الشرعي الذي يشرف على المشرحة ان جميع هذه الجثث مصنفة تحت اسم "وفيات مشتبه فيها" والغالبية العظمى منها مصابة بالرصاص.

والامر الاكثر خطورة ان هذه ليست الا الجثث التي تحتاج الى تشريح اي أنها لا تتضمن جثث من ماتوا في ظروف طبيعية أو في هجمات يكون فيها سبب الموت واضحا ولا يحتاج الى تشريح.

وقال بكر الذي تلقى تدريبه بمستشفى جايز في لندن ويشرف على العمليات بالمشرحة منذ 15 عاما ان المشرحة كانت تستقبل في المعتاد قبل الحرب نحو 250 جثة شهريا ولكنها تستقبل الان ما بين 800 و 900 جثة شهريا من منطقة بغداد وحدها.

وأضاف ان الوضع تفاقم بشكل يجعل من المستحيل التعامل معه.

وبينما يصعب اجراء مقارنات مع مدن أخرى في انحاء العالم لان العراق يعتبر أيضا منطقة حرب فان العدد سيجعل معدل الوفيات المشتبه بها في بغداد يبلغ نحو 230 حالة لكل مئة ألف نسمة سنويا.

وفي العاصمة الكولومبية بوجوتا التي تعتبر من أكثر المدن عنفا في العالم لم يزد معدل هذه الوفيات عن 90 حالة لكل مئة الف نسمة في ذروة حروب المخدرات في التسعينيات.

وبلغ سوء الوضع مداه في بغداد لدرجة ان الجثث التي لم يتقدم أحد لاستلامها من المشرحة بعد بضعة اسابيع تدفن الان في مقابر مؤقتة لافساح مكان لقادمين جدد.

ومنذ مطلع العام تم دفن أكثر من 400 جثة لم يتقدم أحد لاستلامها أو لم يتم التعرف عليها بهذه الطريقة.

وتقوم السلطات البلدية في بغداد أو جماعة من المتطوعين الشيعة بدفن هذه الجثث في مقبرة بالنجف المدينة المقدسة لدى الشيعة جنوبي العاصمة بغداد.

ويتم التقاط صور للجثث مقدما وجمع أكبر قدر ممكن من التفاصيل حتى اذا ما تقدمت احدى الاسر لاستلام جثة يكون من الممكن الوصول اليها.

وفي محاولة لتبديد مشاعر القلق من احتمال ظهور نوع جديد من المقابر الجماعية في العراق قال بكر ان لدى معهد الطب الشرعي سجلات وشهادات وفاة وانه يتم دفن الجثث في مكان محدد.

وكل صباح تصل عشرات الاسر الى المشرحة بحثا عن أقارب مفقودين. ويراجع أفراد هذه الاسر صور الموتى المسجلة على الكمبيوتر في محاولة للتعرف على ذويهم. واذا كانت الصور غير واضحة يسمح لهم بالتجول في ممرات المشرحة.

ووصف ياسين وهو سائق يعمل لحساب رويترز الوضع بأنه "مروع ومخيف". وقد أمضى ياسين هذا الاسبوع ساعات يبحث عن شقيقه المفقود الذي ظل جثمانه على ما يبدو ملقى تحت اشعة الشمس الحارقة عدة ايام بعد قتله بالرصاص واحتراق وجهه بشكل جعل من الصعب التعرف عليه.

وتابع ياسين "تعرفت عليه فقط من خلال ملابسه ووشم على ذراعه.

ويقول بكر ان نسبة الجثث التي لا يتقدم أحد لاستلامها تصل الى 20 في المئة من اجمالي الجثث بالمشرحة شهريا.

وأضاف ان المسؤولين في المشرحة يبقون على الجثث أطول مدة ممكنة. لكن مدة بقائها تعتمد على عدد الجثث الجديدة الواردة. ومضى يقول ان الجثث تبقى في المشرحة نحو ثلاثة أسابيع ولكن احيانا تبقى مدة أقل.

 

 

 

 

 


 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com