أهالي الديوانية يشكون من عدم
وجود مستشفى للعزل
الديوانية / الصباح:
دب القلق وسرت الشكوى بين كثير من عوائل مدينة الديوانية ولاسيما
حي الصدر والاحياء القريبة منه، ففي اجراء لم يألفه الواقع الصحي
العراقي تم نقل مركز الامراض الانتقالية ”مستشفى العزل“ في
الديوانية من مكانه السابق الواقع على طريق ديوانية-سنية البعيدة
عن السكان وهو مكان مناسب لوجودها الى بناية صغيرة غير مطابقة
للشروط الصحية تقع على حدائق مستشفى الديوانية العام الواقع وسط
احياء سكنية تشكل نسبة كثافة سكانها قرابة ربع المليون نسمة لتصبح
هذا البناية الصغيرة في تصورات سكنة تلك المنطقة اشبه بسيارة مفخخة
بالتدرن والحمى النزفية والسحايا وباقي الامراض المعدية التي إن
أُهملت اصابت وإن أصابت قتلت ولا تميز بين الفرد والجماعة، وهذه
البناية التي شيدت حديثاً لم تستوف الشروط الفنية ما ادى الى تفطر
جدرانها قبل ان يمضي عام على مدة تشييدها، تحتوي على خمس ردهات فقط
تفتقر لأبسط التجهيزات الطبية والصحية والاثاث المناسب فضلا عن ان
تلك الردهات خالية من مكيفات الهواء ما يجعلها مكاناً مسموماً
بأنفاس المصابين.. وللوقوف على أهلية بناء هذا المركز في المكان
آنف الذكر كانت لنا وقفة مع المهندس عزاوي جلاب مدير التخطيط
العمراني في مدينة الديوانية الذي قال:
- ليست لدينا ادنى فكرة عن تشييد هذا المركز الخاص بالامراض
الانتقالية والأصح ان تُبنى مثل هذه المراكز في أماكن بعيدة نوعاً
ما عن المناطق الآهلة بالسكان مع مراعاة النمو السكاني السريع
وبتصاميم خاصة لغرض توفيرجميع سبل الراحة للنزلاء وتعزيز طرق
الوقاية حفاظاً على ارواح الاصحاء من الاصابة بالامراض المعدية
فبناء مثل هذه المراكز في اماكن مكتظة وسط المدن لا تتماشى مع
النهج المعاصر للتخطيط الصحي العمراني.
من اجل دوام الموظفين
بعدها كانت لنا وقفة مع الدكتور راضي فرهود الشيباني مدير مركز
الامراض الانتقالية، وسألناه اذا ما كان وجود المركز (مستشفى
العزل) داخل مستشفى تقع في قلب المدينة يشكل خطراً على الاصحاء،
وما مدى خطورة ذلك؟
فأجاب بابتسامة عريضة وكأنه يخفي امراً:
- لا أبداً ليس هناك اي خطر في وجود مستشفى العزل داخل المدينة
وكوني مديراً لهذا المركز اود ان اشير الى ان عزل المريض المصاب
بالامراض الانتقالية يؤثر سلباً في وضعه النفسي والافضل ان يكون
قريباً من المجتمع ففي المانيا يعالج المصاب بالحمى النزفية التي
هي اخطر الامراض الانتقالية داخل المستشفيات العامة وبصراحة تامة
جاءت فكرة الغاء مستشفى العزل السابق وقرار نقله لهذا المكان من
قبل وزير الصحة في زمن النظام المباد وقد نفذ المشروع قبل اشهر
بموافقة الصحة الحالية ووجود مستشفى داخل المدينة يجعل من المقيمين
والممرضين اكثر التزاماً بأوقات الدوام الرسمي والخفارات بينما كنا
نعاني من كثرة التغيب لبعد المستشفى عن المدينة.
* ما دمتم ترون الامراض الانتقالية لا تشكل خطراً عندما يختلط
المصابون مع الاصحاء، ما دور هذه البناية التي اخذت التشققات تملأ
جدرانها، اما كان الاجدر ان يوضعوا في بناية المستشفى العام القريب
وهي بناية متطورة اكثر من هذه البناية التي اصبحت التشققات تملأ
جدرانها ومستوى الرطوبة آخذ بالارتفاع رغم حداثة تشييدها؟ ولماذا
أُخليت الردهات من مفرغات الهواء ما يؤكد عدم الشروط الصحية
والفنية؟
- البناية جيدة ولكنها ليست بمستوى الطموح، اما مسألة مفرغات
الهواء فهي موجودة ولكن وضعت في الحمامات الصحية.. واعتقد اننا
ماضون في تأهيل المرضى بشكل افضل من ذي قبل ولا توجد عوائق سوى عدم
وجود مولدة كهربائية فضلاً عن طفح المجاري وهذه الاشياء لن تؤثر في
عملنا بشكل كبير اما هيكل البناية وتصميمها فهي ليست من اختصاصي
كطبيب ومدير لهذا المركز..
سكان المناطق المحيطة بهذا المركز الصحي يعدون طرفاً متضرراً من
وجوده في هذا المكان فقد رافقهم القلق منذ سماعهم بافتتاح مركز
لمعالجة الامراض المعدية في منطقتهم ووسط منازلهم ما جعلهم يتخذون
من هذا الموضوع حكاية تأخذ من حكاياتهم اليومية المتمثلة (بشحة
المياه-انقطاع الكهرباء-ازمة الوقود-الخ) النصيب الاكبر فهم يرون
في هذا الطارئ الجديد موتهم الجماعي، لذا كانت وقفتنا التالية مع
رسول الحاج سالم عضو المجلس المحلي لحي الصدر الذي حدثنا عن مخاوف
اهالي المنطقة من هذا المركز قائلاً:
- الحقيقة ان اهالي المنطقة يعيشون قلقا مستمرا لا يمكن وصفه بسبب
نقل ”مستشفى العزل“ من مكانه السابق خارج المدينة الى مكانه الجديد
وسط المدينة وفي بداية الامر توقع العديد منهم انها اشاعة مغرضة
ولكن الامر اصبح واقعاً ملموساً ويرى بالعين المجردة وقد وردتنا
شكاوى عديدة من اهالي المنطقة يحثوننا من خلالها على التدخل لإيقاف
هذا الخطر المميت، فمن المؤلم ان يتم افتتاح مركز الامراض
الانتقالية (مستشفى العزل) وسط الاحياء السكنية حتى انه لا يبعد عن
حي الصدر سوى مائة متر او اكثر بقليل والمسافة نفسها بينه وحي
الفرات وبينه وحي الضباط وحي القيام وكلية الطب ومرقد الامام ”ابو
الفضل“ المزدحم بالزوار من اهالي المدينة والمدن الاخرى.
لقد كان من واجب المسؤولين نقل هذا المركز الى مكان ابعد من مكانه
السابق بسبب النمو السكاني وزحف الاحياء السكنية بدلاً من نقله الى
داخل المدينة فهذا التصرف يراه المواطنون تلاعباً بأرواحهم ومجازفة
قد تقودنا الى وضع صحي كارثي بسبب انتقال الامراض المعدية.
|