رايس تقول إن هزيمة الإرهاب لا تتم عسكريا فقط بل وبالسياسة، وهذا ما آمن به العراقيون
واشنطن، 16 تشرين الأول/أكتوبر -- أشادت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بإقبال الناخبين العراقيين وخاصة المسلمين السنّة على صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الاقتراع على الدستور الجديد. وقالت إن "من الواضح أن الشعب العراقي أصبح الآن مهتما بهذه العملية السياسية."
وأضافت رايس في مقابلة تلفزيونية أجرتها معها شبكة فوكس نيوز الإخبارية من لندن صباح اليوم الأحد 16 تشرين أول/أكتوبر أنها علمت من متابعي الاقتراع في الموقع أن "نحو مليون ناخب أدلوا بأصواتهم هذه المرة زيادة عن عدد الذين صوتوا في انتخابات كانون الثاني/يناير الماضي." ووصفت هذا التطور بأنه "أنباء طيبة."
وقالت رايس إن السّنيين في المناطق السنية أقبلوا على صناديق الاقتراع "بأعداد كبيرة." وأشارت إلى أنه بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء "فإن من الواضح أن الشعب العراقي استفاد من العملية السياسية للتعبير عن آرائه، مما يشكل أنباء سيئة بالنسبة للإرهابيين."
وردا على سؤال حول ما إذا كانت تعتقد بأن الدستور قد حظي بالموافقة ومعنى فوزه بالنسبة للسنة قالت رايس "نحن لا نعلم مصير الاستفتاء حتى هذه اللحظة، فمازال تحليل استطلاعات الخروج لما بعد الانتخابات جاريا لمعرفة مجرى وأعداد الأصوات" في المناطق المختلفة. وأضافت أنه بغض النظر عن النتيجة "فإن الأمر المهم هو أن العراقيين أقبلوا على التصويت بأعداد كبيرة في هذه العملية." ورغم ما نقل عنها من أنها تعتقد بأن الدستور قد فاز في الاستفتاء قالت رايس إن المراقبين لعمليات التصويت أعربوا عن اعتقادهم بفوزه "لكن أعتقد أن علينا أن ننتظر ما تم نتيجة الاستفتاء."
وأشارت رايس إلى أن الدستور يدل على أن الشيعة والأكراد حاولوا "جاهدين أن يوفروا لنظرائهم من السّنة أسباب ومبررات التصويت تأييدا للدستور حتى الأيام الأخيرة التي سبقت الاستفتاء، وسنرى ما إذا كانوا قد نجحوا في ذلك."
وسئلت رايس عن تزايد موجة العنف في العراق وتأثير العملية السياسية على الوضع الأمني فقالت إنه "ما من شك في أن عددا قليلا ممن يمارسون العنف يستطيعون إتعاس حياة أغلبية الشعب العراقي. فهم يستطيعون قتل الصغار من طلبة المدارس أو اغتيال المدرسين، كما فعلوا، أو أن يهاجموا مكاتب الحزب الإسلامي العراقي بعد إعلان تأييده التصويت الدستوري." لكنها أكدت أن هذا لن يؤدي إلى وقف المسيرة السياسية وهو ما يسيء للتمرد. وقالت إن هزيمة التمرد "لا تتم عسكريا وحسب، بل وسياسيا أيضا، ومن الواضح أن الشعب العراقي يؤمن الآن بأن مستقبله يعتمد على هذه العملية السياسية." وأشارت إلى أن ألسّنة مقبلون على المشاركة في القاعدة العريضة للعملية السياسية مما يؤدي في النهاية إلى وقف التمرد.
وبالنسبة للوضع الأمني الذي تميز بالهدوء النسبي أثناء الاستفتاء قالت رايس إن قوات الأمن العراقية بما فيها الشرطة والجيش "قد أدت مهامها جيدا وكانت قادرة على حماية مراكز الاقتراع مما أسفر عن عدد أقل من الهجمات عما وقع في انتخابات كانون الثاني/يناير، مما يعتبر أمرا طيبا." وقالت إن ثقة الشعب العراقي بالقوات العراقية واحترامه لها قد تزايدا.
وعن التعديلات الأخيرة التي تسمح بتعديل الدستور في المستقبل أشارت إلى أنه ليس غريبا أن تجري مثل تلك التعديلات وقالت إن ما حدث هو أن القادة العراقيين قد "أوجدوا في الدستور أساسا ممتازا للحقوق الفردية ودورا للإسلام لا يختزل الحقوق الفردية والديمقراطية، والتأييد المبدئي للفدرالية" ويسمح بأن تأتي الجمعية الوطنية التي ستنتخب لاحقا ذات قاعدة أوسع من الجمعية الحالية، وبإعادة النظر في كيفية تأثير الدستور في حياة الناس.
وأشارت رايس إلى أن ما يدعو إلى الارتياح في العراق هو أن الفئات المختلفة التي دأبت على "معالجة خلافاتها إما بالعنف أو القمع، باتت تعالجها الآن من خلال السياسة والتفاهم والتنازلات." وفي حين أشارت إلى أن ذلك لن يحل كل المشاكل، لفتت الانتباه إلى أن الأميركيين أيضا لم يحلوا كل المشاكل بالنسبة لدستورهم في البداية "وكان لا بد من تطوره مع الزمن, وهذا ما تمكّن العملية السياسية الديمقراطية من فعله."
وسئلت رايس في مقابلة تلفزيونية لاحقة اليوم الأحد في برنامج "قابل الصحافة" على شبكة إن بي سي عما يعنيه فوز الدستور أو هزيمته وما سيكون لذلك من تأثير فقالت إن إقرار الدستور يعني "أن الديمقراطية تكون قد نجحت في أداء غرضها، وإذا لم يقر لسبب ما، فإن الديمقراطية عندئذ تكون قد أدت غرضها." وأشارت إلى أن الأساس في الموضوع هو أن السنة أدلوا بأصواتهم بأعداد كبيرة مما يعني أنهم بدءوا يشاركون في العملية الديمقراطية الأمر "الذي يؤدي في كل الأحوال إلى التقدم إلى الأمام." وأكدت رايس أن الانتخابات المقررة في كانون الأول/ديسمبر القادم لاختيار جمعية وطنية جديدة ستجري في موعدها في حالة إقرار الدستور أو رفضه.
وردت رايس على الاستطلاعات القائلة بتزايد قلق الشعب الأميركي من الوضع في العراق والمطالبة بتحديد جدول زمني للانسحاب فقالت إنها لا تستغرب ذلك في ضوء "ما يشاهده الشعب الأميركي يوميا من عنف على شبكات التلفزيون، ومن الطبيعي أن يصعب تقبل موت الأميركيين وغيرهم من الائتلاف، فنحن نحزن لكل تضحية."
وأوضحت رايس أنه كان على أميركا بعد تعرضها للهجمات في 11 أيلول/سبتمبر 2001 أن تختار بين هما ملاحقة القاعدة وطالبان "والدفاع عن أنفسنا، أو نتخذ أسلوبا أشد وهو أن نستهدف المسببات الأساسية التي ولّدت ذلك النوع من الإرهاب هناك وهذا يعني شرق أوسط من نوع مختلف، ولم يكن أحد ليتصور أنه يمكن أن يوجد شرق أوسط مختلف مع استمرار وجود صدام حسين في السلطة."
وأعربت رايس عن اعتقادها بأنه تم وضع الأساس لعراق ديمقراطي مزدهر يستطيع حل خلافاته عن طريق السياسة والتفاهم ويصبح منطلقا "لشرق أوسط متغير بالنظر إلى ما يحدث في لبنان والأراضي الفلسطينية وما يجري في مصر." وقالت إن هذا التحول سيجعل الشرق الأوسط أفضل بكثير "مما عرفناه خلال السنوات الستين الماضية عندما فكرنا في تجاهل الديمقراطية مقابل تحقيق الاستقرار، ولم نحصل على أي منهما في الواقع."
وردت رايس على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في رؤية النظام السوري وقد تغيّر فقالت "إن ما نركز عليه هو دفع النظام السوري على تغيير سلوكه. فالنظام السوري شاذ عما يجري في المنطقة." وقالت إن سوريا تسببت بوجودها في لبنان ثلاثين سنة في عدم الاستقرار. وتساءلت عما إذا كانت سوريا تفي بالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن 1559 بعد خروجها من لبنان. وأشارت إلى أن سوريا تثير مشاكل في المخيمات الفلسطينية في لبنان وتضع صعوبات في طريق الفلسطينيين وجهود محمود عباس في إقامة دولة فلسطينية.
وكررت رايس الاتهامات الأميركية بأن سوريا تسمح باستخدام أراضيها لعبور الإرهابيين مؤكدة أنهم يصلون عن طريق مطار دمشق وليس فقط عن طريق عبور الحدود لقتل النساء والأطفال والرجال العراقيين الأبرياء.
وردا على سؤال في مقابلتها مع شبكة فوكس نيوز حول ما أعلن عن قرب تقديم الزعيم العراقي السابق صدام حسين إلى Ãلمحاكمة وإمكانية أن يثير ذلك مشاعر السّنة قالت رايس إن العراقيين هم الذين اختاروا تحديد الموعد، ووصفت المحاكمة بأنها ستكون مرحلة مثيرة لعواطف الشعب العراقي وقالت إن السنة يرفضون "تحمل مسؤولية كل ما فعله النظام البعثي الصدّامي الرهيب" فهم أيضا يعتقدون بأنهم عانوا تحت نظام صدام. وأعربت رايس عن أملها في أن تكون المحاكمة فرصة "للمصالحة والوفاق."