واشنطن، 19 تشرين الأول/أكتوبر، 2005- وضعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الخطوط العريضة لاستراتيجية الولايات المتحدة لتحقيق النصر في العراق، وذلك في شهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي يوم 19 تشرين الأول/أكتوبر 2005.
وقالت رايس للجنة "باختصار، أنه بالتضافر مع الحكومة العراقية، فإن استراتيجيتنا -- أساسا- هي الإخلاء، والاحتجاز، والبناء: أي إخلاء المناطق من المتمردين، واحتجازهم في مكان مأمون، وبناء مؤسسات عراقية قومية يكتب لها البقاء.
في ما يلي: نص الشهادة المعدة مسبقا لوزيرة الخارجية الأميركية:
وزيرة الخارجية الأميركية
العراق والسياسة الخارجية
لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ
19 تشرين الأول/أكتوبر، 2005
السيد رئيس اللجنة، أعضاء اللجنة، أشكركم على إتاحة هذه الفرصة للحديث عن استراتيجيتنا في العراق.
لقد تحدثت مرارا حول السبب في وجودنا هناك. واليوم سأتحدث عن كيفية ضمان النصر.
باختصار، إننا مع الحكومة العراقية، واستراتيجيتنا -- أساسا - هي الإخلاء، والاحتجاز، والبناء: أي إخلاء المناطق من المتمردين، واحتجازهم في مكان مأمون، وبناء مؤسسات عراقية قومية يكتب لها البقاء.
ففي 2003، وتطبيقا لقرار الأمم المتحدة أطحنا بدكتاتور همجي وحررنا أمة. وتركزت استراتيجيتنا على الهزيمة العسكرية لقوات النظام وتشكيل حكومة مؤقتة مع سلطة التحالف المؤقتة ومجلس الحكم العراقي.
وفي 2004 حدد الرئيس بوش الخطوط العريضة لخطة مكونة من خمس خطوات لإنهاء الاحتلال، وهي: نقل السيادة للحكومة العراقية الانتقالية، وإعادة بناء البنية الأساسية بالعراق، الحصول على مزيد من الدعم الدولي، والتحضير لأول انتخابات عراقية في كانون الثاني/يناير، والمساهمة في إرساء الأمن. وخاض جنودنا وأفراد مشاة البحرية الأميركية معارك كبرى ضد التمرد في مناطق مثل النجف ومدينة الصدر والفلوجة.
وفي 2005 ركزنا على عملية التحول. التحول الأمني إلى زيادة الاعتماد على القوات العراقية والتحول السياسي إلى ديمقراطية دستورية دائمة. وكان الاستفتاء الذي استكمل للتو علامة بارزة على الطريق في تلك العملية.
والآن نحن نعد للعام 2006 . فأولا يجب أن نساعد العراقيين وهم يجرون انتخابات أخرى مهمة في كانون الأول/ديسمبر . لقد صوت أكثر من تسعة ملايين عراقي يوم السبت. وسواء صوت العراقيون بنعم أو لا، فإنهم كانوا يصوتون من أجل أمة عراقية ومن أجل ديمقراطية عراقية.
وكل أصواتهم، المؤيدة والمعارضة، ستسمع مرة أخرى في كانون الأول/ديسمبر. فإذا تمت الموافقة على الدستور فإن الذين صوتوا بلا هذه المرة سيدركون أن نوابهم المنتخبين سيكون بإمكانهم عندئذ أن يشاركوا في عملية تنقيح الدستور الذي اتفقوا عليه في الأسبوع الماضي.
وهذه العملية ستؤدي في نهاية المطاف إلى اختيار العراقيين حكومة دائمة لمدة أربع سنوات. وينبغي أن تكون لدينا استراتيجية حاسمة تساعد تلك الحكومة على رسم طريق نحو الديمقراطية والاستقرار والازدهار.
إن بلادنا- وأفراد قواتنا المسلحة نساء ورجالا -- يحاربون في العراق في وقت بالغ الأهمية من تاريخ العالم. وأصبح لزاما علينا أن ننجح. ولنعمل معا ونتعاون حول كيفية تحقيق النصر.
* أهدافنا:
إننا نعلم أهدافنا وإننا سننجح نحن والحكومة العراقية إذا استطعنا أن نفعل معا ما يلي:
- كسر ظهر التمرد لكي يتمكن العراقيون من القضاء عليه دون مساعدة عسكرية كبيرة من الولايات المتحدة.
- الحيلولة دون أن يصبح العراق ملاذا آمنا للمتطرفين المتأسلمين يرهبون منه المنطقة والعالم.
إظهار الاحتمالات الإيجابية للتغيير الديمقراطي وحرية التعبير في العالمين العربي والإسلامي، حتى في ظل أصعب الظروف.
- تغيير الظروف المالية والاقتصادية لكي يسود شعور بالأمل ويظهر طريق واضح نحو الاعتماد على الذات.
* تقييم للعدو:
من أجل تحقيق ذلك يجب علينا أن نعرف من نحاربهم. فبعضهم صنيعة طاغية مخلوع، وآخرون عبارة عن عدد صغير من المتطرفين المتأسلمين الذين نموا داخل العراق والقادمين من خارجه، وهم يتعيشون على جزء من سكان البلاد الذين تغمرهم مشاعر الخوف والسخط واليأس.
لقد قلت إن استراتيجيتنا هي الإخلاء والاحتجاز والبناء. بينما تتمثل استراتيجية العدو في التلويث والترهيب والتخريب.
وهم يريدون نشر مزيد من الخوف والسخط واليأس -- بالتحريض على العنف الطائفي مثلما فعلوا قبل أسبوعين في الحلة، حينما قاموا بتفجير المصلين الورعين داخل مسجد واقترفوا فظائعهم خلال شهر رمضان المبارك. وهم يهاجمون البنية الأساسية مثل الكهرباء والمياه حتى يفقد المواطنون العراقيون الأمل.
كما أنهم يستهدفون الأجانب. إن قوات العدو لم تنتصر على الإطلاق ولا حتى في معركة مع فرقة صغيرة جدا من قواتنا المسلحة وأفراد مشاة بحريتنا. لكن الهدف الذي يصبون إليه هو مركز الجاذبية في التحالف : ألا وهو إرادة أميركا، وبريطانيا وبقية أعضاء التحالف. ولنقلها بصراحة شديدة: إن الإرهابيين يريدون أن تفتر شجاعتنا وأن نتوقف ونرحل. وهم يعتقدون أنه لا تتوفر لدينا العزيمة لكي نرى اكتمال المهمة. وهم يتحدثون بصراحة عن ذلك في مواقعهم الالكترونية وكتاباتهم.
وهم يهاجمون الحكومة العراقية ويستهدفون أكثر العاملين المدنيين تفانيا في الحكومة الجديدة.... رؤساء بلديات وأطباء ومدرسون ورجال شرطة أو جنود -- بلا استثناء. إن ملايين العراقيين يعرضون حياتهم للخطر كل يوم من أجل بناء دولة جديدة. والمتمردون يريدون ضربهم.
ومن المحزن أن استراتيجية العدو لها ميزة على المدى القصير. فمن الأسهل أن تخرب أو تدمر عما هو الحال عند البناء. ومن الأسهل أن تبذر الخوف عما تزرع الأمل.
لكن استراتيجية العدو تحتوي على ضعف قاتل. فالعدو ليست لديه رؤية إيجابية لمستقبل العراق. والعدو لا يطرح بديلا يمكن أن يوحد الأمة العراقية. وهذا هو السبب في أن معظم العراقيين يزدرون المتمردين. وقادة العدو يدركون أن حركتهم لا تحظى بشعبية. فرسالة الظواهري إلى الزرقاوي في شهر تموز/يوليو تكشف عن أنه "قلق إلى أقصى حد" من أن حرمان المتمردين من التأييد الشعبي سيدفع بهم إلى "أن يسحقوا في الظل." وحذر من أنهم "لا يريدون تكرار خطأ طالبان، التي انهار نظامها خلال أيام نظرا لأن الناس إما كانوا سلبيين تجاهها أو معادين لها." ونظرا لأنهم يدركون مدى ضعف شعبيتهم فإن قادة العدو يكرهون فكرة الديمقراطية. وهم لن يسمحوا لأنفسهم أو لأفكارهم بأن تواجه اختبار الاختيار الديمقراطي.
* استراتيجيتنا
واسمحوا لي أن أنتقل الآن إلى (الحديث عن) استراتيجيتنا. إننا ننتقل حالياً من مرحلة انتقال إلى استراتيجية إعداد حكومة عراقية دائمة لانتصار حاسم.
وقد استفادت الاستراتيجية التي يتم تطبيقها حالياً من تبصر عدد من المفكرين الاستراتيجيين، المدنيين والعسكريين، من داخل وخارج الحكومة، الذين أمعنوا التفكير في تجربتنا وفي حوادث التمرد التي وقعت في فترات أخرى عبر التاريخ.
ونحن نعكف حالياً، مع حلفائنا العراقيين، على العمل على ما يلي:
- اجتثاث المتمردين من أصعب الأماكن، لا ملاذ آمنة للعدو، وقطع الدعم الأجنبي للمتمردين.
- الاحتفاظ بالمناطق الآمنة وتوسعتها بشكل مطرد، مع دمج التواصل السياسي والاقتصادي مع عمليات العسكرية.
- إقامة مؤسسات قومية حقاً تعمل مع سلطات محلية وإقليمية أكثر كفاءة. ويجب أن تدعم هذه المؤسسات العراقية، المجسّدة لميثاق وطني، وليست أداة في يد طائفة دينية أو فئة إثنية معينه، قوات أمن وأن تُحِل سيادة القانون، وأن تقدم الخدمات الأساسية بشكل ملحوظ، وأن تمنح الشعب العراقي الأمل في مستقبل اقتصادي أفضل.
ولا يمكن تحقيق أي من هذه العناصر من خلال الإجراءات العسكرية وحدها. وما من عنصر منها يتصف بكونه عنصراً مدنياً قحا. وهي تتطلب جميعاً شراكة مدنية-عسكرية متكاملة. وسوف أستعرض كل عنصر منها بإيجاز.
اجتثاث المتمردين من أصعب الأماكن- لا ملاذ آمنة. ينبغي، أثناء بسطنا رقعة الأمن في المناطق الحضرية الرئيسية ومع تراجع المتمردين، ألا يتمكنوا من العثور على منطقة كبيرة يمكنهم أن يعيدوا تنظيم أنفسهم فيها والعمل بحرية. وقد تحولت قواتنا أخيراً إلى العمليات الهجومية. وتقوم القوات العراقية والأميركية باجتثاث المتمردين من مناطق مثل تل عفر، قرب الحدود السورية، وفي الغرب بمحاذاة وادي الفرات في أماكن مثل القائم وحديثة وهيت.
وكما كتب أحد الإرهابيين لإرهابي آخر: "إذا ما بسطت الحكومة سيطرتها على البلد، سيكون علينا أن نحزم أمتعتنا ونرحل."
وتسمح سوريا وإيران بوصول المحاربين والمساعدات العسكرية إلى المتمردين في العراق. وفي ما يتعلق بسوريا، نشعر بالقلق بشأن التسلل عبر الحدود، بشأن شبكات السفر التي لا تفرض عليها أي قيود، وبشأن الشباب المثيرين للشبهات الذين تتم الموافقة على دخولهم عبر مطار دمشق الدولي بسهولة.
وكجزء من استراتيجيتنا، اتخذنا خطوات عسكرية، كعمليتنا الهجومية في تل عفر، لقطع تدفق الناس والإمدادات قرب الحدود. كما أننا بدأنا باتخاذ خطوات دبلوماسية جديدة للتبليغ عن جدية بواعث قلقنا. ويجب أن تقرر سوريا وإيران ما إذا كانتا تريدان الوقوف في صف قضية الحرب أو في صف قضية السلام.
السيطرة على المناطق الآمنة وتوسعتها: كانت مشكلتنا في الماضي أنه لم يكن بمقدور القوات العراقية الاحتفاظ بمنطقة لدى إخلائها تماماً (من المتمردين). أما الآن فقد أصبحت القوات العراقية أكثر كفاءة.
في شهر آب/أغسطس من العام 2004، كانت هناك خمس كتائب من الجيش العراقي النظامي تخوض القتال. أما اليوم، فهناك 91 كتيبة من الجيش العراقي النظامي تخوض في القتال.
قبل عام، لم يكن هناك أي مستشارين أميركيين تم دمجهم مع هذه الكتائب. أما الآن، فلدى جميع هذه الكتائب مستشارون أميركيون.
وبإمكاننا، بوجود قوات عراقية أكثر كفاءة، تطبيق هذا العنصر من عناصر الاستراتيجية، من حيّ إلى حي. وقد بدأت هذه العملية بالفعل.
قارنوا بين الوضع قبل عام في أماكن مثل شارع حيفا في بغداد أو مدينة الصدر في بغداد أو وسط مدينة الموصل أو النجف أو الفلوجة، بما هو عليه وضعها اليوم.
لقد تحسن الأمن على الطريق إلى مطار بغداد الذي كان رديء السمعة جداً في هذا المجال في وقت من الأوقات، بشكل قابل للقياس. وقد أصبحت النجف، حيث خاضت القوات الأميركية معركة رئيسية في العام الماضي، واقعة تماماً تحت سيطرة القوات المسلحة العراقية المستقلة.
ومع تطبيق الاستراتيجية، ينحسر الجانب العسكري وينتقل الجزء المدني، كمراكز الشرطة وقادة المجتمع المدني والتنمية الاقتصادية، إلى الواجهة. وقد أكدت استراتيجيتنا الانتقالية على بناء الجيش العراقي. أما الآن فقد أصبحت جهودنا الخاصة بتدريب الشرطة تحظى بمستويات جديدة من الاهتمام.
إقامة المؤسسات القومية: لقد كانت مؤسسات نظام حكم صدام حسين عنيفة وفاسدة، مزقت الأواصر التي تربط عادة ما بين فئات المجتمع المختلفة. وقد شهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة ثلاث حكومات مؤقتة حكمت العراق، مما جعل من الصعب جداً تشييد مؤسسات قومية حتى في ظل أفضل الظروف. ويمكن للحكومة الجديدة المقبلة أن تبدأ أخيراً في ترسيخ جذور حقيقية.
ويتعين على تلك الحكومة، كي تكون فعالة، أن تتضمن من جميع الفئات والطوائف. كما يتعين ألا تصبح مؤسساتها أداة في يد أي طائفة أو مجموعة معينة.
والولايات المتحدة لن تختار فائزين. إننا سندعم الأحزاب والسياسيين من كل جالية المتفانين في سبيل المشاركة السلمية في مستقبل عراق ديمقراطي.
ويجب أن تدعم المؤسسات القومية القوات المسلحة. كما يجب أن تُحل حكم القانون في العراق.
ويجب أن تقدم المؤسسات القومية الخدمات الأساسية بشكل واضح للعيان. وقد استثمرت الولايات المتحدة بالفعل، بفضلكم وبفضل أعضاء آخرين في الكونغرس، آلاف الملايين من الدولارات للمحافظة على تدفق التيار الكهربائي والوقود في جميع أنحاء العراق. وقد ركزنا في المرحلة الانتقالية على الاستثمارات الرأسمالية، مضيفين قدرات إلى نظام كان قد تدهور إلى درجة الانهيار. ولكن، ومع الحرية، ازداد الطلب على الكهرباء بنسبة 50 بالمئة ولا يتم حالياً استخدام كامل القدرات التي أضفناها بسبب هجمات المتمردين المتواصلة. ونقوم حالياً بتطوير أساليب جديدة لإضافة مزيد من الأمن إلى هذا النظام الحيوي وإن تكن تتم مهاجمته بشكل متكرر. ويتعين على العراقيين أن يصلحوا سياساتهم الخاصة بتسعير الطاقة لجعل النظام قادراً على البقاء والاستدامة.
ويجب أن تمنح المؤسسات القومية الشعب العراقي الأمل بمستقبل اقتصادي أفضل.
إن الملايين من المزارعين وأصحاب المشاريع الصغيرة والمستثمرين بحاجة إلى حكومة تشجع النمو بدل تشجيع الاعتماد على هبات من الحاكم. وسيتعين على الحكومة التالية أن تتخذ بعض القرارات الصعبة ولكن الضرورية.
والخلاصة هي أنه يتعين علينا وعلى العراقيين اقتناص الفرصة الأساسية التي يوفرها تشكيل حكومة دائمة.
* ما هو المطلوب؟
أولاً، يجب أن يواصل العراقيون التكاتف لبناء بلدهم. وقد تم تشييد الدولة فوق الصدوع الفاصلة بين الحضارات القديمة، بين العرب والأكراد، السنة والشيعة، المسلمين والمسيحيين. ولا يمكن لأي كان أن يقوم بحل هذه المشكلة لهم. وقد تمت معالجة هذه الخلافات طوال سنوات بواسطة العنف والقمع. أما الآن فيستخدم العراقيون الحلول الوسط والسياسة.
ثانياً، يجب أن تقيم الحكومة العراقية شراكة أكثر فعالية مع الحكومات الأجنبية، وخاصة في مجال تشييد وزاراتها وقدراتها الحكومية.
من ناحيتنا نحن في هذه الشراكة، يجب أن تحافظ الحكومة الأميركية على أقصى الجهد لمساعدة الحكومة العراقية في النجاح، رابطينها بوضوح أكبر بأهدافنا السياسية-العسكرية الآنية.
من ناحية العراق، يجب أن تثبت الحكومة لنا ولغيرنا من الدول التي تقدم المساعدة أن الأموال الحاسمة الأهمية تنفق بطريقة صحيحة، مهما كان مصدرها. ويجب أن يثبتوا التزاماً بإضفاء صبغة الاحترافية على حكومتهم وبيروقراطيتهم. كما يجب أن يثبتوا الاستعداد لاتخاذ القرارات الصعبة.
ثالثا، يجب أن يقيم العراق شراكات أوثق مع المجتمع الدولي تتعدى الولايات المتحدة.
لقد أوضح العراقيون أنهم يريدون بقاء التحالف العسكري المتعدد الجنسيات. ويستحق الجنود والمدنيون من المملكة المتحدة، من بين الكثير من المساهمات، امتناناً خاصاً لتصميمهم ومهارتهم وتضحياتهم.
ويجب أن يضارع هذا الدعم العسكري دعم دبلوماسي واقتصادي وسياسي. وقد اجتمعت في وقت سابق من هذا العام، في بروكسل وعمان، عشرات الدول لتقديم مزيد من المساعدة. وقد افتتح حلف شمال الأطلسي (ناتو) الآن مقراً للتدريب قرب بغداد. والآن، وأثناء اختيار العراق حكومة دستورية دائمة، حان الوقت لأن تقوم الدول المجاورة للعراق بأمور أكثر بكثير للمساعدة.
لقد كسبت الدول الرئيسية المنتجة للبترول في الخليج عشرات مليارات الدولارات من العائدات الإضافية بسبب الارتفاع في أسعار البترول. وهي تدرس حالياً كيف تستثمر هذه الأرباح لتفيدها في المستقبل.
يجب أن تكون الحكومات شريكة في تحديد شكل مستقبل المنطقة.
هناك احتياجات وبرامج متعددة الأطراف في مختلف أنحاء المنطقة، في الأراضي الفلسطينية وفي لبنان وأفغانستان وباكستان، بالإضافة إلى العراق. وبدل التفكير بكل منها بشكل مفكك دون الربط بينها، فإنها تشكل مجتمعة جزءاً من جهد إقليمي أوسع يغير العالم العربي والإسلامي بشكل جذري. ونأمل أن تقوم هذه الحكومات، وحكومات أخرى في آسيا وأوروبا، بدراسة هذه الاحتياجات ثم الاستثمار بشكل حاسم على نطاق لم يسبق له مثيل، لتصبح شريكاً له مصلحة دائمة في مستقبل العراق ومنطقتها.
وأخيرا، يجب علينا نحن، الحكومة الأميركية، أن نعمق ونقوي الدمج والتكامل بين نشاطاتنا العسكرية والمدنية.
في المرتبة الأولى في العراق، عقدنا شراكة فعالة بين السفارة والسفير (زلماي) خليل زاد من جهة، وقيادة القوات المتعددة الجنسيات والجنرال (جون) كايسي من الجهة الأخرى.
ولا يمكن إنكار كون الوكالات المدنية قد بذلت مجهوداً هائلا. وقد فقد المئات من الموظفين المدنيين والمتعاقدين أرواحهم في العراق. إلا أنه يمكن القيام بالمزيد لحشد الوكالات المدنية في حكومتنا، وخاصة لجلب مزيد من الناس إلى ميدان العمل، خارج منطقة بغداد الدولية، للمتابعة عند توقف القتال.
سوف ندمج دبلوماسيينا ومدربي الشرطة وعمال الإغاثة التابعين لنا إلى حد أكبر في القواعد العسكرية ليسافروا مع جنودنا وبحارتنا.
لتطبيق استراتيجيتنا، سنعيد هيكلة جزء من البعثة الأميركية في العراق. وسوف نقوم، مستخلصين العبرة من النجاح الذي حققته السوابق في أفغانستان، بنشر فرق إعادة تعمير خاصة بالأقاليم في الأجزاء الأساسية في البلد. وستكون هذه فرقاً مدنية-عسكرية، تعمل معاً مع كل من القيادات الثانوية الرئيسية، مدربة الشرطة، ومشكلة المحاكم، ومساعدة الحكومات المحلية في تقديم الخدمات الأساسية كمعالجة مياه الصرف وأقذارها أو الري. وسيصل أول فريق من فرق إعادة تعمير الأقاليم هذه إلى ميدان العمل في الشهر القادم.
حضرة الرئيس، أعضاء اللجنة، إننا نحتاج، كي نحقق النجاح، إلى مساعدتكم ودعمكم ومساعدة ودعم الشعب الأميركي أكثر من حاجتنا إلى أي شيء آخر. إننا ننشد الدعم من الحزبين، من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء.
وأنا أعرف أن هذا صعب. ومن الصعب تصور انتصار حاسم عندما يواصل رجال عنيفون هجماتهم على المدنيين العراقيين وعلى قوات الأمن وعلى الجنود أو مشاة البحرية الأميركيين أو التابعين لقوات التحالف. وكل شخص يحمل في ذاته قصص حياة وأصدقاء وعائلة، ويخلف حزناً لا يمكن تقدير حجمه في قلوب من يتركهم وراءه.
ولكن النتائج مهمة جدا. ذلك أن عراقاً حراً سيكون في صميم شرق أوسط من نوع مختلف. يجب أن نلحق الهزيمة بإيديولوجية الكراهية، بالإيديولوجية التي تشكل جذور التهديد المتطرف الذي نواجهه. إن نضال العراق، نضال المنطقة، هو لإظهار وجود طريق أفضل، طريق أكثر حرية، إلى السلام الدائم.