واشنطن، 19 تشرين الأول/أكتوبر، 2005- وصف مسؤول رفيع المستوى في حكومة الرئيس بوش الاستفتاء على الدستور الذي جرى في العراق يوم 15 تشرين الأول/أكتوبر الجاري بأنه يمثل يوما عظيما للديمقراطية وللشعب العراقي، وبأنه "يوم سيئ جداً للإرهابيين الذين حاولوا تعطيل التصويت."
وقال جيمس جيفري، وهو كبير مستشاري وزيرة الخارجية ومنسق الشؤون العراقية إن عدد الذين أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور قد فاق عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التي جرت في 30 كانون الثاني/ يناير الماضي لاختيار حكومة عراقية انتقالية بحوالي مليون ناخب.
وأضاف: "لقد شاهدنا بالتحديد إقبالا أقوى بكثير من قبل الناخبين من السنة -- ففي الفلوجة وحدها بلغ عدد الذين اقترعوا مئة ألف ناخب. كما رأينا حضورا قويا جدا في منطقة بغداد، منطقة الموصل، ديالى، تكريت، وفي معظم المناطق، باستثناء محافظة الأنبار الغربية. وهذا يختلف اختلافا كبيرا واستراتيجيا عما كان عليه الوضع في كانون الثاني/ يناير 2005."
قال المسؤول إن الاستفتاء سيساهم في قيام "عراق متحد، ديمقراطي، تعدّدي وفدرالي" وهذا ما يطالب به مجلس الأمن الدولي. وتابع يقول إن هذه الصفات الأربع الآنفة الذكر يتحتم أن تدمج سوية ولا يمكن فصلها عن بعضها البعض بالنسبة للعراق.
وأردف أن الصفات الأربع جميعها تتطابق وتتناسب مع بعضها البعض، وأن ثمة من يحبذ كلمة "ديمقراطي" غير أنهم ينفرون من الصفات الأخرى. وهناك العديد من الناس ممن يحبون كلمة "متحد"، لكنهم لا يحبون كلمة "فدرالي".
وأوضح جيفري الذي خدم في البعثة الأميركية في بغداد من حزيران/يونيو 2004 إلى حزيران/يونيو 2005 أن عدد الهجمات التي حدثت أثناء الاستفتاء كانت أقل بمقدار ثلثين بالمقارنة بعدد الهجمات المشابهة التي حدثت في 30 كانون الثاني/ يناير الماضي، رغم أن هجمات المتمردين قد ارتفعت بنسبة تقدر بحوالي 20 في المئة خلال الثمانية أو التسعة أشهر الماضية.
وقال المسؤول الأميركي "إن هذا يمثل نبأ سارا ولا سيما بالنسبة لهذا (الموضوع)؛ وهكذا فقد كان يوما سيئًا للإرهابيين." وأضاف أن العراق لا يزال يواجه تمردا نشيطا يستوجب التصرف معه عسكريا وبواسطة العملية السياسية.
وأكد جيفري أن نجاح الاستفتاء لن يكون له تأثير مباشر على أي قرار لسحب القوات الأميركية العاملة في العراق، مضيفا أن ذلك يتوقف على قدرة قوات الأمن العراقية وقدرة السلطات المحلية في العراق على المحافظة على الأمن والنظام. إلا أنه أشار إلى أن نجاح العملية السياسية يشكل عنصرا آخر في الاستراتيجية الخاصة بقهر المتمردين.
وقال إن حكومة الولايات المتحدة ترجو وتؤمن بأن العملية السياسية سوف تضم جل المتمردين العراقيين الأصليين وتعزل من أسماهم "الإرهابيين الحقيقيين" الذي قال إن العديد منهم ينتمون إلى بلدان أخرى.
وأردف جيفري أن الخطوة القادمة في المسار العراقي نحو الديمقراطية هي الانتخابات المقرر إجراؤها في 15 كانون الأول/ ديسمبر القادم. وإذا ما أقر الدستور المقترح، فسينتخب الناخبون برلمانا جديدا دائما. أما إذا رُفِضَ الدستور المقترح، فسيتعين على الناخبين اختيار كيان آخر من الممثلين تكون مهمتهم صياغة مسودة دستور أخرى.
وأوضح أن الخلافات الحادة العلنية التي عبرت عنها بعض المجموعات السياسية العراقية تعتبر طبيعية، نظرا للكبت الذي عانى منه العراقيون لعقود من الزمن وخصوصا في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين.
وقال جيفري "إن مسألة أن الناس قد أخذوا ينتقدون ويعبرون عن رغباتهم واهتماماتهم ومخاوفهم لا تدل بالضرورة على نذير سوء. وما أود قوله هو أن هذه المخاوف والانقسامات كانت دائما موجودة."
وشدد على أنه في الوقت الذي تتجلّى فيه العملية الديمقراطية في العراق، فسيكون أمام البرلمان العراقي المقبل أربعة أشهر لتعديل الدستور للتعاطي مع هواجس الزعماء السنة بشأن تقاسم السلطة في ظل نظام فيدرالي. وبعد شهرين، سيتم تقديم التنقيحات المقترحة على الوثيقة إلى الناخبين في استفتاء آخر.
وقال إن الحكومة الأميركية تصر على أن التعددية السياسية هي السبيل الوحيد للاستقرار في العراق وفي غيره من دول المنطقة، بعيدا عن الاستبداد والظلم الفاحشين.
وخلص جيفري إلى القول إننا نحاول طرح حججنا بأن قيام نظام إقليمي تعددي لا يكون بالضرورة مناهضا للوحدة ، بل بالأحرى، قد يكون السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة البلد، بعيدا عن الظلم والتسلط اللذين شاهدناهما في عهد صدام. وهذه هي القضية التي يواجهها الجميع في الشرق الأوسط."