الحمدانى : الآثار في ذي قار تتعرض لمخاطر كثيرة

 

طالب خيون / الناصرية / بنت الرافدين

قال الآثري عبد الأمير الحمداني مدير مفتشية آثار محافظة ذي قار إن المواقع الأثرية في المحافظة تتعرض في الوقت الراهن لمخاطر كثيرة تبدأ بالنهب والسرقة ولا تنتهي عند التجاوز عليها سواء بالزراعة أو الصناعة. وأوضح الحمداني في سياق مقابلة مع جريدة" بنت الرافدين" لا يوجد من يقف أمام كل هذه المخاطر لانقاذ ما يمكن إنقاذه سوى مفتشية آثار المحافظة." وأشار إلى أن " كل الآثار مهمة مهما كانت خلفيتها التاريخية و الحضارة التي خلفتها ، ففي ذي قار تجد كل الحقب الحضارية على أرضها بدءا بعهود ما قبل التاريخ حتى العصر الإسلامي المتأخر." وقال " توجد في بعض المناطق 18 طبقة حضارية منها فجر السلالات و الفترة الأكدية والبابلية والفرثية وعدة فترات إسلامية تنتهي بالفترة العباسية المتأخرة." وأضاف " مفتشية أثار محافظة ذي قار هي دائرة تابعة للهيئة العامة للآثار المرتبطة بوزارة السياحة ، ويتركز عملها في الوقت الراهن على توفير الحماية للمواقع الأثرية ، دون أن يكون هناك مسح للمواقع وجرد وتوثيق وتصنيف لتأسيس بنية تحتية معلوماتية لحضارة هذه المنطقة الغنية." وعن عدد المواقع الأثرية التي توجد في المحافظة قال " ما تم جرده حتى الآن موجود على الخريطة وهو 800 موقع وتلة بحيث أعدت لكي تتضمن كل المواقع بالتعاون مع الإيطاليين في المحافظة." وأضاف " لكننا يوميا نكتشف مواقع جديدة لعدة أسباب منها أن بعضها كان يصعب الوصول إليه إما لأن المياه كانت تغمره كليا أو جزئيا أو لاسباب أمنية كما هو الحال في زمن النظام السابق أو بسبب وعورة الأرض و التي أصبحت أسهل في الوقت الراهن." وأشار إلى أن " المواقع التي يستهدفها اللصوص و النهاب هي الممتدة على يمين و يسار مجرى الفرات القديم (وادي الرافدين القديم – ميسوبتوميا) وتقع على شريط حدودي بين أربع محافظات وتمتد من قضاء الرفاعي شرقا في محافظة ذي قار حتى قضاء الرميثة غربا في محافظة المثنى، ثم من قضاء النعمانية شمالا في محافظة واسط حتى ناحية البطحاء جنوبا في محافظة ذي قار أيضا." وعن عدد الحراس الذي يحمون هذه المواقع ، قال الحمداني في حديثه لـ (بنت الرافدين)" هناك 100 حارس مدني يقومون بالإبلاغ عن التجاوزات على المواقع القريبة من منازلهم وقراهم وكذلك هناك 206 حراس مزودين بالاسلحة هم قوة حماية الآثار." وأضاف " يتركز عمل هؤلاء الحراس المسلحين على حماية الآثار من خلال تسيير دوريات على مدار الساعة ، و25% من بين هؤلاء من المسلحين ولدى القوة تسعة سيارات نقل فقط ، يعملون في أربعة محاور في المحافظة هي الرفاعي و الشطرة و الناصرية والبطحاء." وأشار إلى أن " العدد غير كاف بالتأكيد خاصة مع تزايد عدد المواقع الاثرية." وقال "عملنا الأساسي ليس الإمساك بالنهاب بقدر ما هو ردع من تسول لهم أنفسهم النهب من خلال الدوريات اليومية على المواقع، التي تبعث برسالة بأن السلطة موجودة وتدافع عن هذه المواقع ؛ والنهب في الوقت الراهن يحدث في المناطق النائية البعيدة عن الدوريات وفي المناطق غير المأهولة كما هو الحال في الشريط الحدودي بين المحافظات الأربع ." وقال الحمداني " السارق دائما في هذا المجال من أهالي المنطقة، ونحن نطلق على من يقوم بالسرقة نهابا لأن هؤلاء الناس يتحينون الفرص وهم ليسوا لصوصا بطبعهم غير أنهم يقومون بنبش وحفر المواقع الأثرية." وأضاف " من وجهة نظري أصنف النهاب كالتالي، أولا الفقراء و المعدمين الذين ليس لديهم فرص عمل وهؤلاء على استعداد للعمل مع أي جهة لديها مال ، ثانيا بعض سكان القرى المحيطة بالمواقع الأثرية الذين فقدوا مزارعهم وأراضيهم الزراعية حيث يعتبر البعض أن ما موجود في هذه المواقع ملك لهم و يحق لهم التصرف فيه على أساس أنه من حصتهم الافتراضية في مال الدولة ." وأوضح أن " المجموعة الثالثة يعانون من فجوة ثقافية وحضارية ، منقطعون عن أرثهم الحضاري و لا يشعرون بالانتماء للوطن و يعتبرون أن الحضارة طارئة عليهم ، أما المجموعة الرابعة فهؤلاء الأخطر لأنهم يعملون بحرفية عالية و يعرفون ماذا يفعلون و أين يحفرون، وهم العمال الذين عملوا مع البعثات الاستكشافية الأجنبية و العراقية خلال الفترات السابقة والذين أصبحت لديهم دربة ودراية اثارية كبيرة حتى أنهم شكلوا عصابات و مافيات متخصصة للعمل في هذا المجال." وأضاف " كما أصبحوا كذلك وسطاء لبيع اللقى الأثرية على المهربين والتجار والذين يأتون من محافظات بعينها كبغداد و كربلاء و كردستان ويدفعون الأموال الطائلة للحصول على القطع الأثرية ." وقال "من يقف وراء مثل هذه الاعمال هدفه إفراغ المنطقة ( وادي الرافدين القديم – ميسوبتوميا) ثقافيا ، فهناك جهات خارجية تقف وراء الإفراغ من الإرث الحضاري فالسومريون وأبناء هذه المنطقة تعرضوا لتمييز حضاري وحورب كل ما هو سومري ، كما قد تكون هناك متاحف عالمية تسعى وراء الحصول على هذه القطع بأي ثمن لان الحضارة السومرية حضارة أصيلة و فريدة بحيث لا تجدها إلا في مكانها الذي نشأت فيه - دون الانتقاص من الحضارات الأخرى بالطبع- كما قد يدخل الأمر بغسيل الأموال عن طريق هذه القطع التي ترتفع أسعارها مع مرور الأيام و تصل لأسعار خيالية." وفي ختام حديثه قال الحمداني "دائرتنا فيها 12 موظفا مدنيا و نحن على استعداد لحماية هذه الآثار من الشيطان نفسه، ولا يهمنا المسمى، ولكن نحن بحاجة إلى عمل مؤسساتي للحفاظ على هذا الإرث الحضاري من السلب والنهب وليس عمل فردي كما يجري الآن، كما نحتاج إلى التواصل مع الجمهور ليعرفوا حقيقة عملنا وأهميته كما نحتاج لنفتح آفاق تعاون مع المؤسسات الفكرية الأخرى."

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org