نص كلمة رئيس الوزراء بمناسبة
الذكرى السنوية الاولى للاستفتاء
على الدستور
احمد الطائي / بنت الرافدين
بسم الله الرحمن الرحيم
يا ابناء الشعب العراقي العزيز،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يطيب لي في الذكرى السنوية
الاولى للتصويت على الدستور ان
ابارك لكم الملحمة التي صنعتها
الاصابع البنفسجية، اصابع الشيخ
والعجوز اللذين ذاقا مرارة
الدكتاتورية واصابع الشباب الذين
يحلمون بعراق حر ديمقراطي مزدهر.
ان التصويت على الدستور يعد عيدا
وطنيا للديمقراطية، هذا العيد
الذي شاركت فيه جميع مكونات الشعب
العراقي ليقولوا رأيهم في
الدستور، مؤيدين له او معارضين.
سيسجل التاريخ يوم الخامس عشر من
شهر تشرين اول (اكتوبر) من عام
الفين وخمسة يوما عظيما لجميع
العراقيين الذين تحدوا الارهاب
حين قرروا الاقبال بالملايين على
مراكز الاقتراع. لقد اصطحب الرجال
والنساء اطفالهم وساعد الشباب
الشيوخ في مسيرة تحد للظلاميين
والصداميين.
لقد كان للمرجعية
الدينية العليا دور بارز في حث
الامة على ان تقول كلمتها الحاسمة
في التصويت على الدستور كما لعبت
القوى السياسية وللمرة الاولى في
تاريخ العراق الحديث دورا محوريا
في جميع المراحل التي مرت بها
عملية صياغة الدستور ومن ثم
التصويت عليه. ولا يفوتنا ان
نتذكر جميعا الوقفة البطولية
لقواتنا المسلحة التي شكلت درعا
حصينا لحماية عملية التصويت وان
نقف بكل احترام واجلال لشهداء
القوات المسلحة الذين بذلوا
ارواحهم دفاعا عن خيار الشعب.
ايها الاخوة والاخوات،
ان ملحمة التصويت على الدستور
اظهرت عمق ايمان شعبنا بالعملية
الديمقراطية وعزمه الراسخ على
التخلص من سياسة التهميش
والاقصاء للاخر، وهي السياسة التي
انتهجها النظام البائد ودفعت
البلاد الى حروب ومغامرات طائشة
سفكت فيها دماء مئات الالاف من
ابنائنا واعادت العراق عشرات
السنين الى الوراء.
لقد اسس الدستور لعملية الفصل بين
السلطات الثلاث التشريعية
والتنفيذية والقضائية، وذلك للمرة
الاولى في تاريخ العراق، فالسلطات
الثلاث تعمل بتفاهم وانسجام دون
تدخل من اي سلطة في شؤون السلطة
الاخرى. ان دستورنا الذي يضاهي
ارقى الدساتير في العالم يكرس
مفاهيم الديمقراطية والحرية
والتعددية واحترام حقوق الانسان
وبناء مؤسسات الدولة وسيادة
القانون.
ان الدستورالذي لم يكتبه دكتاتور
اوجماعة يمثل وثيقة شرف وقع
عليها جميع العراقيين لانهاء حقبة
الانقلابات العسكرية وانظمة الحكم
الدكتاتورية وان شعبنا لن يسمح
بعد الان لأي فئة او قومية او
طائفة ان تصادر ارادته وحريته
وكرامته. لقد ولى والى غير رجعة
عهد ما يسمى بالانقلاب الابيض
وبيان رقم واحد ومجلس قيادة
الثورة، هذه العهود المظلمة التي
كبلت ارادة الشعب لتتحكم فيه حفنة
من المغامرين واصحاب النوايا
الشريرة.
يا ابناء شعبنا العراقي العزيز،
ان تصويتكم على الدستور هو الذي
دفع الارهابيين من الظلاميين
والصداميين لارتكاب المجازر
البشعة بحق المدنيين الابرياء
وهتك حرمة الاماكن المقدسة وتدمير
البنى التحتية واعاقة عملية اعادة
البناء وتوفير الخدمات. ان
الاعمال الارهابية لهؤلاء
المجرمين جاءت للانتقام منكم ايها
العراقيون الذين صوتم لخيار
الديمقراطية والتعددية والحرية،
انهم يحاولون اعادة التاريخ الى
الوراء وهيهات ان يتحقق لهم مثل
هذا الوهم
لقد حدد الدستور والانتخابات التي
جرت في شهر كانون اول (ديسمبر)
الماضي ملامح حكومتكم التي تعتبر
اول حكومة وحدة وطنية في التاريخ
الحديث للعراق حيث تشارك فيها
جميع مكونات الشعب. لقد عقدت
الحكومة العزم على التصدي
للتحديات الكبيرة التي تواجهها في
مجالات مكافحة الارهاب وتعزيز
الوحدة الوطنية وعملية اعادة
البناء والاعمار.
ورغم الفترة الزمنية القصيرة التي
مرت على تشكيل الحكومة، فقد تمكنت
من تفكيك العشرات من الخلايا
الارهابية وقتل واعتقال المئات من
الارهابيين من بينهم قادة بارزون
للزمر الارهابية الضالة، كما ان
مبادرة المصالحة والحوار الوطني
التي اطلقناها ساعدت وبمؤازرة
ودعم القوى السياسية وعلماء الدين
وشيوخ العشائر في توجيه ضربات
قاصمة للارهابيين في عموم محافظات
البلاد وتحديدا في محافظة
الانبار، هذه المحافظة العزيزة
على قلوب جميع العراقيين التي
بدا ابناؤها بقتل واعتقال
ومطاردة الغرباء وتنظيفها من
شرورهم، واعدكم بان الايام
القليلة المقبلة ستشهد صحوة في
محافظة اخرى ستتخلص قريبا باذن
الله وقدرة قواتنا المسلحة من
التكفيريين والصداميين.
ان الحكومة مصممة على حل
الميليشيات، فالدولة والميليشيات
نقيضان لا يجتمعان وان السلاح لا
بد ان يكون بيد الحكومة فقط وان
لا احد له الحق في ان يكون فوق
القانون. ان الميليشيات لن تكون
بديلا للحكومة واجهزتها الامنية
كما انها لا تشكل ضمانا لأي جهة
او فئة. ان الحكومة هي وحدها
القادرة على توفير الامن لجميع
المواطنين دون استثناء.
ايها الاخوة والاخوات،
ان الحكومة تعاهدكم جميعا على بذل
اقصى الجهود لتسريع عملية اعادة
البناء وتطوير الاقتصاد وتوفير
الخدمات التي نعترف بانها ليست
بالمستوى الذي يليق بالشعب
العراقي الكريم، وتتعهد الحكومة
بايجاد فرص عمل مناسبة لجميع
العراقيين وان الشهور المقبلة
ستشهد قفزة نوعية انشاء الله في
القضاء على البطالة. كما ان
الحكومة مصممة على التصدي للفساد
الاداري الذي يعتبر احد اخطر
التركات الثقيلة للنظام البائد.
يا ابناء الشعب العراقي العزيز،
ان الحكومة ستكون قادرة على تحمل
اعباء هذه المسؤوليات وتواجه كل
هذه التحديات بدعمكم ومساندتكم،
ونحن واثقون بانكم والقوى
السياسية المشاركة في العملية
السياسية ستكونون سندا قويا
لحكومة الوحدة الوطنية لبناء عراق
سيد مستقل مزدهر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم
ورسوله والمؤمنون
نوري كامل
المالكي
رئيس وزراء جمهورية العراق
15/10/2006