نص كلمة رئيس الوزراء بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش العراقي

 

 

اعلام رئيس مجلس النواب / بغداد / بنت الرافدين  

بسم الله الرحمن الرحيم

 

   أيها الشعب العراقي العزيز

   ياأبناء قواتنا المسلحة الباسلة

   نحتفل اليوم بالذكرى السنوية السادسة والثمانين لتأسيس الجيش العراقي الذي تخلص من حكم الدكتاتورية البغيض، هذا الحكم الذي ألحق إساءة بالغةً بالجيش مثلما أساء إلى باقي قطاعات المجتمع الأخرى بسبب سياساته الفردية والوحشية.

   إن حكومة الوحدة الوطنية تولي إهتماماً بالغاً بالجيش بإعتباره حامي الوطن من شر الأعداء في الخارج وضمانة الأمن والإستقرار في داخل البلاد.                                                                                                                                       

   ويعّد بناء القوات المسلحة على أسس وطنية تتجاوز الولاءات المذهبية والحزبية والقومية والطائفية في مقدمة أولويات الحكومة، فالجيش يجب أن يكون ملكاً للجميع فهو للعربي والكردي والتركماني والمسلم والمسيحي والصابئي ويجب أن لاينحاز إلى أي جهة سياسية أو طائفية وأن يبقى بعيداً عن تدخل الأحزاب والتيارات السياسية.

    وأعلن من هنا منع جميع الأحزاب والمنظمات السياسية وبدون إستثناء من ممارسة النشاط الحزبي في  صفوف القوات المسلحة لأن ذلك من شأنه أن يزيد في قوة وتماسك المؤسسة العسكرية.

   إن الإنخراط في القوات المسلحة يجب أن يتم على أساس المساواة وعدم التمييز، فالجيش الجديد لابد أن يكون صورة مصغرة للمجتمع العراقي من مختلف مكوناته وأن هذا التنوع سيشكل الضمانة الحقيقية لوحدته وقوته ومنع وقوع الإنقلابات العسكرية والحروب الطائشة التي عانى منها العراق على مدى العقود الماضية.

   لقد تحول الجيش في ظل النظام البائد إلى أداة قمعية ضد الشعب كما جرى في الإنتفاضة الشعبانية والأنفال وحلبجة والمقابر الجماعية. لم يكن الجيش العراقي مؤمناً بالحروب المدمرة التي زجه فيها الطاغية. لقد كانت فرق الإعدام هي التي تجبر الجنود على القتال في حروب عبثية. إن تعريض الجيش الى الهزيمة التي مني بها في حرب الكويت وحرب عام ألفين وثلاثة دليل على أن الطاغية كان قد صمم الجيش ليكون مدافعاً عنه وليس عن العراق وهذا ماأفقد الجنود الوازع الوطني للدفاع عن البلاد. إننا مصممون على عدم تكرار هذه المآسي التي لحقت بالشعب ودمرت مؤسساته المختلفة.

  ياأبناء قواتنا المسلحة

   إن الجيش الجديد الذي نعمل على بنائه لن يعتدي على جيران العراق الذين نطالبهم بمساعدتنا في ضبط الأمن ومنع تسلل الجماعات الإرهابية، فالأمن لن يتحقق في المنطقة دون تحققه في العراق. إننا نطالب دول الجوار الإقليمي بضرورة تنفيذ الإتفاقيات الأمنية التي تم التوقيع عليها، فالجماعات الإرهابية التي تسعى لزعزعة الأمن في العراق لن تتوقف أعمالها الشريرة عند حدوده.

   لقد منح الدكتاتور المقبور نفسه وزمرته أعلى الرتب العسكرية وبما يشكل إستهانة بالمؤسسة العسكرية التي إستفحل فيها الفساد وشاعت فيها المحسوبية والرشاوى بصورة لم يشهد لها تأريخ العراق الحديث مثيلاً.

   أيها الجنود البواسل

   لن نسمح لأي جهة سياسية أن تضعف قواتنا المسلحة أو أن توجه لها الإتهامات الباطلة فإضعاف الجيش سيؤدي إلى تأخير عملية تسلم المهام الأمنية من القوات المتعددة الجنسيات كما أن الحكومة ستعد ذلك تشجيعاً للمنظمات الإرهابية.

   على قواتنا المسلحة أن تنتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم للقضاء على البؤر الإرهابية في المناطق التي تتعرض لهجمات الإرهابيين من الصداميين والتكفيريين. إن محاربة الإرهاب هي مسؤولية تأريخية يتحملها أبناء القوات المسلحة دفاعاً عن قيم الخير والحرية ونيابة عن جميع دول العالم. إننا مصممون على دحر قوى الشر والظلام وسننتصر في نهاية المعركة التي لن تطول.

   إن حكومة الوحدة الوطنية عازمة وبكل جد على تسريع عملية بناء القوات المسلحة وتجهيزها بكل ماتحتاج إليه من العدة والعدد لتتمكن من حماية الوطن وتوفير الأمن للمواطنين.

   إن حماية المواطنين هي مسؤولية القوات المسلحة التي يحب أن يكون السلاح بيدها فقط ولن نسمح لأحد أن يكون بديلاً عن الدولة من ميليشيات وغيرها ومن مختلف إنتماءاتها أن تعبث بأمن المواطنين وسنتصدى لها بكل قوة وحزم.

   لاأحد يشك في شجاعتكم أيها الأبطال من أبناء قواتنا المسحة في تصديكم للإرهابيين وأن التأريخ سوف يسجل لكم وقفتكم البطولية دفاعاً عن الشعب، فالحكومة والشعب تثق ثقة كاملة بقواتنا المسلحة التي قدمت الشهداء دفاعاً عن تجربته الديمقراطية وبناء مؤسساته الدستورية.

   وفي موازاة الجهود الحثيثة التي تقوم بها الحكومة لتأهيل القوات المسلحة في المجالات كافة، تسعى الحكومة لتطوير البنى التحتية وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين والنهوض في البلاد في المجالات الإقتصادية والزراعية والتجارية والعلمية والصناعية وإنعاش الحركة الرياضية والفنية.

   لقد أنجزنا والحمد لله كل المقدمات اللازمة لإنعاش الإقتصاد والخدمات من قوانين للإستثمار والنفط والإعمار إلى مؤسسات وطنية ترعى الحركة الإقتصادية والعمرانية والخدمية، وبكل ثقة نقول إن العام المنصرم قد شهد تحولاً إقتصادياً وزيادة في دخل المواطن وعدد الذين تم توظيفهم في دوائر الدولة المختلفة، وسيشهد العام الحالي حملة واسعة للقضاء على البطالة من خلال تطوير حركة الإعمار في القطاعات العامة والخاصة.

 أيها الشعب العراقي الكريم

   لم يكن إعدام الطاغية قراراً سياسياً كما يروج اعداء الشعب العراقي وقد تم تنفيذ الحكم القضائي بعد محاكمة نزيهة وعادلة لم يكن يستحقها وقد  إستمرت على مدى أكثر من عام. وكما أعلنّا في خطابات سابقة فإن صدام لايمثل أية فئة أو مكون من مكونات الشعب العراقي، فالجرائم التي إرتكبها بحق الشعب لاتشرف أية جهة.

   سنمضي قدماً في تطبيق القانون بحق كل من تجاوز على حرمات الشعب وتلطخت أيديه الآثمة بدماء العراقيين الأبرياء ولن تثنينا الأصوات الظالمة أبداً عن محاسبة كل من أساء للشعب العراقي.

   لنطو صفحة الماضي الأسود ونعمل سوياً لبناء عراق حر ديمقراطي تعددي إتحادي بدون تمييز أو إقصاء أو تهميش، وحكومة الوحدة الوطنية التي أعلنت إستعدادها لفتح باب الحوار مع معارضي العملية السياسية ونظمت مؤتمرات المصالحة الوطنية تجدد إلتزامها بمبدأ الحوار مع تأكيدها على أهمية الإستفادة من فرصة إعدام المجرم صدام لتعزيز الوحدة الوطنية وقاعدة التفريق بين المنتمين لحزب البعث، بين أولئك الذين إنظموا تحت الضغط والإكراه والآخرين الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء.

   لقد باشرنا العمل بتنفيذ التوصيات التي أقرها مؤتمر المصالحة الوطنية للقوى السياسية في مجال إستيعاب الضباط السابقين في الجيش العراقي الجديد حسب خبراتهم وإختصاصاتهم وصرف رواتب تقاعدية لمن لايتم إستيعابهم في الجيش الجديد ولم يتورطوا بجرائم بحق الشعب.

    ونأمل من مجلس النواب الموقر ان يعطي اهتماما مركزا لعملية مراجعة الدستور واعادة تقييم عمل الهيئات المستقلة مثل النزاهة والاجتثاث والاعلام والاتصالات 

  إننا نعتبر إعدام الدكتاتور شأناً داخلياً يخص الشعب العراقي وحده ونرفض وندين كل التصرفات التي قامت بها بعض الحكومات سواء بشكل رسمي أو من خلال وسائل الإعلام المرتبطة بها.

   نستغرب أشد الإستغراب من صدور تصريحات من بعض الحكومات وهي تتباكى على الطاغية بذريعة إعدامه في يوم مقدس مع أن هذه الحكومات تعرف جيداً إن صدام كان قد إنتهك جميع المقدسات والحرمات طيلة خمسة وثلاثين عاماً ولكنها لم تنبز ببنت شفه.

   ولايفوتني هنا أن أذّكر المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وأتساءل أين كانت هذه المنظمات من جرائم الأنفال وحلبجة ، أين كانت عن المقابر الجماعية، أين كانت عن الإعدامات، أين كانت عن كل هذه المجازر والإعتداءات التي تسببت بقتل مئات الآلاف من العراقيين ومن دول الجوار، لماذا لم نسمع منهم تصريحاً وإدانة حين كان الدكتاتور يفتك بالشعب العراقي.

    وفي الوقت الذي نرى في هذه التصرفات عملاً تحريضياً ومثيراً للفتنة وتدخلاً سافراً في شؤون العراق الداخلية وإهانة لمشاعر عوائل ضحايا الطاغية، نؤكد بأن الحكومة العراقية قد تضطر لإعادة النظر في علاقاتها مع أية دولة لاتحترم إرادة الشعب العراقي طبقاً للمبدأ القائم على أساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل.

   أيها الشعب العراقي العزيز

   ياأبناء القوات المسلحة البطلة

  إن خطة أمن بغداد قد أصبحت جاهزة بعد مراجعة محسوبة للخطط السابقة وإننا سنعتمد على قواتنا المسلحة لتنفيذ الخطة بكل قوة وإقتدار وستقوم القوات المتعددة الجنسيات بأسناد ودعم قواتنا المسلحة, وسيطلب القادة الميدانيون المساعدة من هذه القوات عند تقديرهم الحاجة  للمزيد منها.

   إننا نرفض رفضاً قاطعاً تدخل الأحزاب السياسية في تنفيذ الخطة الأمنية إنسجاماً مع مسؤولياتنا وحرصاً منّا على المصالح العليا للبلاد. إن خطة أمن بغداد لن توفر ملاذاً لكل الخارجين عن القانون بغض النظر عن الإنتماء الطائفي أو السياسي كما سنحاسب كل من يتهاون في تنفيذ الأوامر أو يعمل على خلفيات سياسية أو طائفية وسيلاحق قانونياً ويتعرض لأشد العقوبات.                         

   وطبقاً لخطة أمن بغداد، فإن القائد  العسكري سيمنح كل الصلاحيات لتنفيذ الخطة في القاطع الذي يتولى الإشراف عليه. إن خطة أمن بغداد سوف يستمر تنفيذها حتى إنجاز المهام كاملة بما يساهم في تعزيز الأمن وخدمة المواطنين.

   إننا ندرك جيداً إن تنفيذ الخطة سيؤدي إلى حدوث بعض المضايقات لأهالي مدينة بغداد الأعزاء لكننا واثقين بأنهم يعرفون أبعاد الهجمة الإرهابية الشرسة التي يتعرض لها عراقنا العزيز وكلنا ثقة بأن أهالي مدينة بغداد سيقدمون كل أنواع الدعم والمساعدة لأبناء قواتنا المسلحة.

  المجد والخلود لشهداء القوات المسلحة وعاش العراق قوياً عزيزاً بشعبه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.       

       

نوري كامل المالكي

رئيس وزراء جمهورية العراق

القائد العام للقوات المسلحة

6/1/2007

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com