صدر في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع الأخيرة عشرات الكتب ومئات الدراسات التي تناولت الحرب في العراق. وتباينت هذه الدراسات في تقيمها لدوافع الحرب والسياسة التي اتبعتها إدارة الرئيس بوش فيما بعد الحرب. ومن خلال متابعة مركز المرايا للدراسات والاعلام في النجف الاشرف لما ينشر حول العراق في مختلف وسائل الاعلام العراقية والعربية والعالمية فقد وجد المركز من المناسب عرض ما نشره معهد الأمن العالمي وهو مؤسسة أمريكية غير حكومية اذ عرض لسبعة كتب عدها الموقع اهم الكتب الصادرة في واشنطن بمناسبة الذكرى الرابعة للحرب وهي كتاب بماذا ندين للعراق: حرب وأخلاق بناء الدولة لمؤلفه نوح فيلدمان وكتاب: تسلسل القيادة: الطريق من 11 سبتمبر إلى ابوغريب لمؤلفه سيمور هيرش وكتاب الليل يقرب!! الشعب العراقي في ظل الحرب الأمريكية لمؤلفه انتوني شديد وكتاب في بطن الطائر الأخضر: انتصار الشهداء في العراق لمؤلفه نير روسن وكتاب هدية الأجنبي: الأمريكيون والعرب والعراقيون في العراق لمؤلفه فؤاد عجمي وكتاب حالة الإنكار: بوش المحارب. الجزء الثالث لمؤلفة بوب وودوارد وكتاب عامي في العراق – تحدي بناء مستقبل مليء بالأمل. لمؤلفه بول بريمر وفي مايلي عرض للاتجاهات والآراء المختلفة الواردة في هذه الكتب دون تميز أو تفضيل لأي فريق. من خلال ملخص لأهم عروض الكتب التي تناولت الوضع في العراق والتي نشرت في التقرير خلال السنتين الماضيتين وكما نشره معهد الامن العالمي.
1- اسم الكتاب: بماذا ندين للعراق: حرب وأخلاق بناء الدولة
اسم الكاتب: نوح فيلدمان
عمل نوح فيلدمان في السابق مستشارا لشئون الدستور مع سلطة التحالف المؤقتة التي أدارت العراق منذ مايو 2003 إلي يونيه 2004، وكان ضمن فريق عمل شارك في إعداد قانون الإدارة المؤقت الذي احتوي علي ضرورة إجراء العملية الانتخابية، وتسليم الإدارة لحكومة عراقية منتخبة. يدرس فيلدمان مادتي القانون الدستوري والفكر الإسلامي بجامعة نيويورك المرموقة. وأهم ما يميز هذا الكتاب هو أن كاتبه يعكس خبرة أكاديمية ممتازة، ممزوجة بخبرة عملية داخل العراق بعد الاحتلال، امتزجت بخبرة عملية داخل العراق ومن خلال مشاركة الكاتب في إعداد خريطة الطريق لعراق ديمقراطي جديد.
ويعترف الكاتب أن إدارة الولايات المتحدة للشأن العراقي في حالة فوضي منذ بدء الاحتلال في مايو 2003. ويعرف فيلدمان العراق جيدا، بالإضافة إلي كونه يتحدث العربية، يجعله ملما بتفاصيل كثيرة عادة ما يجهلها الأمريكي العادي وحتى صانع السياسية. يعرض الكتاب لتفاصيل ما يجري خلف الأبواب المغلقة فيما يتعلق بإدارة الاحتلال في العراق. وينصح الكاتب بضرورة تبني الولايات المتحدة بصورة أكثر جدية لعملية بناء الدولة في العراق، “لأنه الشيء الوحيد الذي سيقبله العراقيين". ويؤكد الكاتب إمكانية بناء الدولة إذا أصبح ذلك هدف أمريكي استراتيجي، لأنه الوسيلة الأكثر فعالية لمحاربة الإرهاب علي المدى الطويل، هذا بشرط أن تنجح عملية بناء الدولة في العراق في خلق ديمقراطية مستقرة.
يتناول الكتاب ما اقترفته الولايات المتحدة من أخطأ في العراق مما أدي وصول الحالة لما نراه كلنا الآن من تسيب أمني كبير. ويعدد الكاتب الأخطاء الأمريكية بدأ من حل الجيش العراقي، وصولا إلي عملية اجتثاث حزب البعث التي تمت بعشوائية نتج عنها غضب قطاع كبير من الطبقة الوسطي في العراق. ومع غياب مجتمع مدني فعال، وبعد فشل تجربة مجلس الحكم الذي أوجدته الولايات المتحدة، ولم تحترمه، كذلك لم يحترمه الشعب العراقي، لم يعد أمام الولايات المتحدة إلا أن تبدأ في نقل السلطات الحقيقية للعراقيين.
في النهاية يركز فيلدمان علي غياب أي جدية داخل الولايات المتحدة فيما يتعلق بمناقشة الحالة العراقية، ويتمثل هذا في "غياب أي جدل أو مناقشة جادة داخل الولايات المتحدة بخصوص ضرورة بناء دولة عراقية حديثة ديمقراطية"، وبعيدا عن ذلك يتم "التركيز علي موعد عودة الجنود لبيوتهم". ويري فيلدمان أن إجراء الانتخابات العراقية لن ينهي مسئوليات الولايات المتحدة في العراق، بل سيغير طبيعتها، انتظارا لإقامة دولة متكاملة علي أسس ديمقراطية حقيقية.
2- اسم الكتاب: تسلسل القيادة: الطريق من 11 سبتمبر إلى ابوغريب
اسم الكاتب: سيمور هيرش
يجيء هذا الكتاب لكاتب مجلة نيويوركر الشهير الحائز علي جائزة بوليتزر– الجائزة الأكبر للصحافة في الولايات المتحدة- سيمور هيرش، ليلقي الضوء على سياسات الولايات المتحدة منذ أحداث 11 سبتمبر والتي أدت إلى وقوع جرائم وانتهاكات سجن أبو غريب. والكتاب إعادة كتابة لعدد من تحقيقاته الصحفية الجريئة والناجحة والتي أدت دورا كبيرا في الكشف عن العديد من فضائح ممارسات إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش والتي كان الأهم فيها فضيحة معتقل أبو غريب في العراق في صيف 2004. خلال عام 2004، كانت مقالات وتحقيقات هيرش تجعل القارئ يفهم أكثر ما حدث في معتقل أبو غريب، ويتساءل عن جدوى استمرار الحرب علي الإرهاب العالمي بصورتها الحالية، ومثلت تحقيقات هيرش صدمة للكثير من الأمريكيين الذين اعتقدوا أن حكومتهم تقوم بحرب دفاعية من أجل أغراض نبيلة.
ساعد سيمور هيرش على كشف فضيحة سجن أبو غريب. واذا كان برنامج "60 دقيقة" قد سبقه بوقت قليل جدا فان برنامج محطة «سي. بي. اس» قد تم تقديمه بعد تأخيره بناء على طلب من البنتاغون بعد سماعه بأن هيرش على وشك نشر تقريره. وقام الأخير بكشف تقرير الميجور جنرال أنتونيو تاغوبا حول "الانتهاكات الإجرامية المتميزة بساديتها الصارخة وطابعها الخليع" داخل السجن، وحصل على صورة مثيرة للاضطراب لكلاب استخدِمت لتهديد عراقي عار يرتعد هلعاً. وفي نهاية الأسبوع الماضي اتبع تقريره السابق بآخر يبين فيه أن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد قد وافق على توسيع البرنامج السري الذي يسمح بممارسة التحقيق القاسي مع المعتقلين والذي حسب رأي هيرش قد آلت في الأخير إلى وقوع الانتهاكات في سجن أبو غريب.
ويقدم هيرش تفاصيل أكبر عن عمليات التعذيب غير الشرعية-حسب اتفاقية جنيف- التي تدار تحت إشراف أجهزة الاستخبارات الأمريكية بالتعاون مع أجهزة المخابرات في الدول الصديقة داخل العراق وخارجه. ويري أن ما يحدث منذ عدة سنوات في معتقل غوانتانامو بكوبا كان هو المدخل الطبيعي لما حدث في أبو غريب. ويؤكد الكاتب مسئولية الرئيس جورج بوش شخصيا عما حدث في أبو غريب بسبب سماحه بتجاوزات غير مقبولة في غوانتانامو وإعطائه الكثير من الإشارات الايجابية التي أدت لما حدث في معتقلات العراق، وكانت الإشارة الأهم هي توقيع الرئيس علي وثيقة سرية في فبراير 2002 تقول " أن بنود اتفاقيات جنيف المتعلقة بأسري الحرب لا تنطبق علي حالة الحرب علي الإرهاب لا في أفغانستان ولا في أي مكان أخر في العالم".
3- اسم الكتاب: الليل يقرب!! الشعب العراقي في ظل الحرب الأمريكية
اسم الكاتب: انتوني شديد
يأخذنا أنتوني شديد في رحلة مشوقة تجوب أرجاء العراق على أنغام أغنية عبد الحليم حافظ "سواح" التي ترددت ألحانها ونغماتها كثيرا هربا من ليل طويل لا ينجلي ونهار لا يبدو أنه يقترب. ويقدم كتاب شديد نقدا لاذعا لفشل إدارة الرئيس جورج بوش في الإعداد بشكل دقيق لعراق ما بعد الاحتلال، وكذلك لخطواتها وحساباتها الخاطئة عقب الإطاحة بنظام صدام حسين.
ويجيء حساب شديد موضوعيا، حيث إن مراسل صحيفة الواشنطن بوست أختار ألا يبقي خلف الحواجز الأمنية الأمريكية داخل المنطقة الخضراء ببغداد، ورفض أن يرافق احدي الوحدات العسكرية المقاتلة كما فعل غالبية المراسلين الأمريكيين. فضل شديد أن يبقي مع مواطني الشعب العراقي، يتفاعل معهم مباشرة ويكتب عنهم وعن أحوالهم قبل وإثناء الغزو الأمريكي مما أعطاه ميزات فريدة لم يتمتع بها غالبية الصحفيين الأمريكيين. وفي حين يركز الإعلام الأمريكي على خسائر الولايات المتحدة في حربها في العراق من جنود وأموال...ينقل لنا انتوني شديد كما فعل في كتاباته السابقة وجها آخرا من الصراع يركز فيه على حياة الشعب العراقي الذي طالما عانى من حكم صدام حسين ويعاني حاليا من تبعات الاحتلال وعدم الاستقرار في العراق.
قابل شديد الكثير من العراقيين الذين لم يكن لديهم أي شيء جيد يذكر عن فترة حكم صدام حسين، بينما كان لديهم الكثير ضد الوجود والممارسات الأمريكية في العراق. ويذكر شديد الكثير من الحوارات التي كان قد أجراها مع عدد من أفراد الشعب العراقي ... فينقل عن صاحب محل اسمه محمد حياوي قوله "ماذا ستفعل معنا الآن الولايات المتحدة...الأول كانت معاناتنا من صدام حسين والآن معاناتنا من أمريكا".
4- اسم الكتاب: في بطن الطائر الأخضر: انتصار الشهداء في العراق
اسم الكاتب: نير روسن
نير روسن مؤلف الكتاب يعمل باحثا في مؤسسة نيو أمريكا فونديشن New America Foundation ، وصحافيا ومراسلا متخصصا في موضوع الوجود الأمريكي في العراق وأفغانستان، حيث قضى ما يزيد على عام في العراق بعد الحرب، وكتب العديد من المقالات في نيويورك تايمز وواشنطن بوست عن الاحتلال والعلاقة بين الأمريكيين والعراقيين وتطور الحركات السياسية والدينية العراقية بعد الحرب والصراع الطائفي. كما ركزت مقالات روسن على المسلحين الإسلاميين في العراق والمقاومة والتنظيمات الإرهابية الأخرى.
ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة ببساطة تخسر معركتها في العراق، وأن إدارة بوش خسرت الحرب في العراق بعدما انتصرت على الجيش العراقي بسهولة.وتمثلت الخسارة عندما سمحت الولايات المتحدة بوجود فراغ سياسي تم ملؤه بالعصابات المسلحة، والميليشيات والمتمردين ورجال الدين المتطرفين. ومنذ شهر إبريل 2003 ذهبت الولايات المتحدة من فشل إلى فشل أخر. ومنذ مرحلة ما قبل الحرب، كان الخطاب السياسي الأمريكي والحسابات الإستراتيجية إما غير محسوبة في أحسن الأحوال وأما كاذبة ومضللة في أحيان أخرى مما أضر حتى بالديمقراطية داخل أمريكا.ويتألف الكتاب من سبعة فصول ومقدمة وخاتمة. ويورد المؤلف في مقدمة كل فصل بعض الإحصاءات عن عدد القتلى بين الجنود الأمريكيين وعدد القتلى في صفوف المدنيين العراقيين وأحيانا عدد السجناء والمعتقلين خلال الفترة الزمنية التي يتناولها كل فصل.
يفرد روسن خاتمة كتابه للحديث عن أجواء الخوف والفزع والإحباط التي تخيم على العراق، حيث أطلق عليه جمهورية الخوف. وقد أورد الكاتب في بداية الخاتمة عدد السجناء العراقيين الذين اعتقلوا في الفترة ما بين مارس 2003 ويناير 2006، والذي بلغ 50 ألف سجين. ويضيف أن أقل من 2 بالمائة فقط من المعتقلين أدينوا جنائيا. أما عدد الهجمات ضد الأجانب وقوات الأمن العراقية والمدنيين فقد بلغت 34 ألف في عام 2005. يعبر الكاتب في مواضع كثيرة من الكتاب عن تشاؤمه إزاء واقع ومستقبل العراق، بل لا يتوقع أن يؤدي انسحاب القوات الأمريكية من العراق إلى توقف التوتر، ويرى أن العنف سيتصاعد بغض النظر عن الموقف الأمريكي وان الصوت الطائفي سيكون هو أعلى الأصوات في مستقبل العراق.
5- اسم الكتاب: هدية الأجنبي: الأمريكيون والعرب والعراقيون في العراق
اسم الكاتب: فؤاد عجمي
يحاول الدكتور عجمي من خلال كتابه الجديد "هدية الأجنبي: الأمريكيون والعرب والعراقيون في العراق" تدوين ما يصفه بمرحلة التحول التاريخية التي يمر بها العراق وغير المسبوقة في العالم العربي، والمتمثلة في الانتقال من الحكم الديكتاتوري الذي فرضه الرئيس العراقي السابق صدام حسين ونظام حزب البعث على مدى عقود إلى مرحلة الحكم الديمقراطي والحريات العامة.
يعتمد الكاتب أسلوب السرد في رواية الأحداث المتتالية التي عايشها، والتعريف بالشخصيات العراقية والأمريكية التي التقى بها خلال زياراته المختلفة للعراق منذ سقوط بغداد. والكتاب هو محاولة من الدكتور عجمي لتدوين هذه الحقبة في سجلات التاريخ من خلال أعين مراقب وباحث أكاديمي أمريكي من أصل عربي يتمتع بعلاقات جيدة مع حكومة الرئيس بوش، أيّد الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق منذ الوهلة الأولى ولا يزال ويؤمن بفكرة انتصار الديمقراطية على الاستبداد والتطرف في نهاية المطاف.
ويدافع عجمي عن قرار الولايات المتحدة غزو العراق واحتلاله، بل يصفه بالقرار النبيل الذي يأتي في إطار عالم ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ويجدد التذكير بتصريحاته التي سبقت الحرب في العراق ومفادها أن الحرب الدولية ضد الإرهاب تمر عبر كابل وبغداد. ويهاجم عجمي في كتابه الحكام والمفكرين العرب الذين قال إنهم يبذلون قصارى جهودهم لإثبات الفكرة الخاطئة القائلة إنه لا يمكن تثبيت الديمقراطية في العالم العربي، وأن البديل عن حالة الاستقرار التي توفرها الأنظمة السلطوية هو الفوضى العارمة.
ويقول عجمي إن صدام حسين دمر العراق وأطبق على الحياة السياسية فيه، ومزقه وقام بكبت المشاكل المذهبية والعرقية وتركها لكي تنفجر فيما بعد. فالعراق، حسب عجمي، كان مليئا بالأنشطة والمتناقضات بين التيارات السياسية المختلفة، حيث كان للشيوعيين دور في العراق وكذلك الأمر بالنسبة للزعماء القبليين والقوميين العرب والمقاتلين الأكراد والعصابات المعزولة ومن وصفهم بالدستوريين الذين كانوا يمارسون الوظائف المعاصرة. غير أن صدام حسين قام بتدجين وترويض الأطياف العراقية، ودمّر روحها المعنوية وحوّل العراق إلى سجن كبير. ولم يقم بحل المشاكل المذهبية والعرقية، وبالتالي عندما تمت الإطاحة بنظام صدام حسين جراء الغزو الذي تزعمته الولايات المتحدة ظهرت إلى الوجود تلك التوترات الطائفية القديمة التي كانت مدفونة ومكبوتة.
6- اسم الكتاب: حالة الإنكار: بوش المحارب... الجزء الثالث
اسم الكاتب: بوب وودوارد
أحدث كتاب الصحفي الشهير بوب وودوورد "حالة الإنكار" State of Denial زوبعة سياسية وإعلامية في واشنطن بسبب ما تضمنه من معلومات عما وصفها بحالة الخلل وعدم التنسيق التي تطغى على حكومة الرئيس بوش وجنوحها المعتاد لإخفاء الحقائق بشأن إخفاقاتها السياسية عن الشعب الأمريكي من خلال اعتماد سياسة التضليل والإنكار. وقد اعتمد وودوورد على سلسة لقاءات صحفية أجراها مع عدد من المسئولين في الحكومة ومع مصادر لم يكشف عن هويتها داخل البيت الأبيض ومؤسسات الحكومة المختلفة بسبب حساسية الموضوع، كما أشار إلى مضمون بعض الوثائق السرية ومقارنتها مع التصريحات العلنية للرئيس بوش وأعضاء حكومته للكشف عن التباين الحاصل بين حقيقة الأمور، خاصة التطورات المتعلقة بالعراق انطلاقا من الفترة التي سبقت الغزو ومرورا بعملية الغزو ذاتها وما بعدها ووصولا إلى مرحلة التدهور الأمني والاقتتال الطائفي الحالية، وبين الخطاب الرسمي للرئيس بوش الذي يعمد إلى إظهار الوضع على أنه وردي وآخذ في التقدم نحو الأفضل. وقد ركز وودوورد على موضوع الإخفاق في العراق إلى جانب ما وصفه بإحقاق مسئولي الأمن القومي في الولايات المتحدة خاصة كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي آنذاك في تفادي حدوث هجمات الحادي عشر من سبتمبر، على الرغم من جميع المؤشرات والتحذيرات الاستخبارتية التي كانت تؤكد أن شبكة القاعدة بزعامة أسامة بن لادن مصممة وعازمة على ضرب الولايات المتحدة داخل أراضيها.
المراقب للتطورات في واشنطن منذ تولي الرئيس بوش السلطة مطلع عام 2001 يدرك ويعرف عن قرب صحة ما تضمنه كتاب وودوورد من خلاصات ومعلومات بشأن سياسات الحكومة سواء المتعلقة بالحرب على الإرهاب ومرحلة ما قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر وكذلك الحرب في العراق، لأن وسائل الإعلام وعددا من الكتب والأفلام الوثائقية تطرقت إليها من قبل. فعلى سبيل المثال قضية "تجاهل" كوندايزا رايس والرئيس بوش لمذكرة الإستخبارات التي تحمل عنوان "شبكة القاعدة عازمة على المهاجمة داخل الأراضي الأمريكية" قبل بضعة أسابيع من الهجمات سبق وأن تطرقت إليها لجنة التحقيق في هجمات الحادي عشر من سيتمبر خلال جلسات الاستماع التي عقدتها وفي التقرير النهائي الصادر عنها. كما أن التباين بين تقييم الرئيس بوش وأعضاء حكومته للوضع في العراق وبين أعمال العنف الطائفي المتصاعدة وعدد الجثث التي يتم العثور عليها يوميا في شوارع المدن العراقية وتحمل أثار التعذيب واضح للعادي والبادي، خاصة وأن معدل عدد القتلى في صفوف المدنيين العراقيين فقط يبلغ حوالى ألف قتيل شهريا ناهيك عن عدد القتلى في صفوف القوات العراقية وقوات التحالف وعمليات الاغتيال التي أصبحت شبه يومية وتستهدف الشخصيات السياسية والدينية والأمنية. لكن الجديد في الكتاب هو كشف المؤلف عن مضمون الحوارات التي دارت بين المسئولين في حكومة الرئيس بوش بشأن مختلف تلك القضايا التي تطرق لها من خلال استخدام العبارات والحوارات كما وردت بالإضافة إلى كشفه عن مضمون عدد من التقارير السرية التي وُزعت داخل الحكومة.
7- اسم الكتاب: عامي في العراق – تحدي بناء مستقبل مليء بالأمل.
اسم الكاتب: بول بريمر
يعترف السفير بريمر بأن إدارة الولايات المتحدة للشأن العراقي كانت في حالة فوضي منذ بدء الاحتلال في مايو 2003. ولم يكن بريمر يعرف العراق قبل السفر إليه ولا يدعي ذلك. ويري بريمر أن مجمل الأخطاء الأمريكية تتمثل في:
ترك عملية اجتثاث البعث التي يرى أنها كانت ضرورية لفئات عراقية مما جعلها وسيلة لتصفية حسابات عراقية سياسية ضيقة. وكان يجب أن تناط هذه العملية إلى جهة قضائية محايدة.
كان يجب التخلص من بطء الإجراءات البيروقراطية الحكومية الأمريكية من أجل الإسراع في عمليات إعادة الاعمار، مما كان يضمن معه رضاء العديد من العراقيين عن أداء الإدارة الأمريكية في إدارتها للعراق.
السماح بحالة الفوضى التي وجد العراق نفسها غارقا فيها بعد انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية. ويرى بريمر أن التغطية الإعلامية الدولية الواسعة وبخاصة الإعلام العربي لعمليات السرقة والنهب جعلت الولايات المتحدة تبدوا بلا قوة في العراق في نظر الكثير من العراقيين. ويعيد بريمر تذكير القراء أنه لم يكن هناك أي توقعات من الخبراء الأمريكيين بإمكانية حدوث عمليات مقاومة عنيفة. ولم يتوقع الأمريكيين والعراقيين من حلفائهم اتساع عمليات المقاومة والتمرد لتستمر حتى هذا اليوم.
وعليه أرسل السفير بريمر رسالة عاجلة بعد عدة أشهر في العراق، وتأكد بريمر من استلام وزير الدفاع الأمريكي لرسالته، إلا أنه لم يتلق أي رد. هذا في الوقت الذي خصصت الإدارة الأمريكية فريقا كبيرا مكونا من 1400 شخص برئاسة ديفيد كي للبحث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية التي كان يقال إنها موجودة لدي النظام العراقي، ولم يهتم المخططون الأمريكيون كثير باحتمالات حدوث عمليات تمرد أو مقاومة عسكرية بعد سقوط نظام صدام حسين.
غياب إستراتيجية واضحة لإدارة ما بعد انتهاء المعارك العسكرية، وعبر بريمر لنائب الرئيس ديك تشيني في نهاية شهر نوفمبر 2003 عن غياب إستراتيجية عسكرية واضحة للنصر في العراق، ورد نائب الرئيس أنه يوافق رأي بريمر. وهذه مفاجئة حيث أن الخطاب السياسي الأمريكي الرسمي على لسان نائب الرئيس كان يعبر علنا عن عكس ذلك.