الرئيس المالكي: كانت ثورة الصدر تحدي لأعتى الأنظمة الديكتاتورية
كوثر الكفيشي / بنت الرافدين
في الذكرى السنوية لاستشهاد السيد محمد باقر الصدر، ذلك المفكر العراقي الذي اطفا النظام البائد شمعته الوهاجة القى السيد رئيس الوزراء نوري المالكي خطابا وفيما يلي نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
(( ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ))
صدق الله العلي العظيم
ايها الحضور الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمر علينا اليوم الذكرى السنوية السابعة والعشرون لاستشهاد المفكر الاسلامي الكبير والمرجع الديني السيد الشهيد محمد باقر الصدر وشقيقته العلوية بنت الهدى رضوان الله عليهما. ويعد الاحتفال بهذه المناسبة احياء لذكرى القائد الذي تصدى لاعتى الانظمة الدكتاتورية وفي اصعب الظروف التي كان يمر بها العراق. لقد كان قرار اعدام الشهيد الصدر ذروة التحدي والتجاوز على الرموز الدينية والوطنية وعلى معتقدات ومشاعر الامة وكذلك على المثل العليا والقيم الانسانية النبيلة، فالشهيد الصدر قدم للانسانية طروحات علمية وابداعية وضعته في مصاف رواد الفكر الاصلاحي.
وقد ادت الشجاعة النادرة للمرجع الشهيد في تحدي السلطة القمعية والممارسات الوحشية التي كانت ترتكبها بحق العراقيين من مختلف مكوناتهم الى حسم خيار الشعب العراقي في مواجهة النظام الدكتاتوري. ان استشهاد المرجع الكبير وسفك دماء عشرات الالاف من خيرة ابناء الشعب العراقي من علماء دين ومثقفين واساتذة جامعيين واطباء ومهندسين ومعلمين وكسبة في زنزانات اجهزة الامن والمخابرات ومقتل مئات الالاف في المقابر الجماعية والانفال وحلبجة قد قوض اركان النظام الصدامي الذي انهار بطريقة اذهلت اولئك الذين كانوا يدافعون عنه من احزاب وسياسيين ووسائل اعلام كانت تقبض كوبونات نفط على حساب جوع والآم العراقيين. وليس مبالغة القول ان تصدي المرجع الصدر ومن ثم استشهاده قد هيأ الارضية المناسبة لانطلاق قوى المعارضة العراقية من شتى اتجاهاتها الفكرية والسياسية وتنظيم صفوفها في مواجهة الحكم الدكتاتوري.
لقد كانت بيانات الشهيد الصدر تؤكد على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية من خلال مخاطبته لجميع العراقيين، سنة وشيعة، عربا وكردا وتركمانا، واقليات دينية وتدعوهم للثورة ضد النظام باعتبار ان طغيانه قد طال جميع مكونات الشعب، ولم تنطلق هذه المخاطبة من دوافع سياسية انما من خلفية فكرية اصيلة برزت بقوة في جميع كتاباته التي تعاطت مع قضايا فكرية متعددة ودقيقة وصعبة. ظل الشعب العراقي مشدودا فكريا وسياسيا وعاطفيا مع السيد الشهيد وفي احلك الظروف التي مر بها، وكان ينتظر تحقق نبوءة المرجع الشهيد بان عمر النظام الصدامي قصير وانه سيتهاوى وسيكون في مزبلة التاريخ. لقد جسد الشهيد الصدر تطلعات الشعب العراقي في التحرر من سياسة التهميش والاقصاء والتمييز، وتحول الى رمز يتذكره العراقيون في جميع مراحل المواجهة مع الحكم الدكتاتوري كما حدث في الانتفاضة الشعبانية المجيدة عام 1991 وبعد سقوط الدكتاتور عام 2003 ويوم اعتقاله في حفرته ويوم اعدامه. انني ادعو اليوم جميع علماء الدين في العراق من مختلف الاديان والمذاهب كما ادعو القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمثقفين والفنانين والصحفيين الى الاستفادة من الرؤية الوطنية الوحدوية التي رسم معالمها الشهيد السعيد، هذه الرؤية التي تلازمت فيها الدعوة الى التغيير السياسي والاصلاح الاقتصادي والاجتماعي مع ضرورة احترام معتقدات الاخر وحريته في التعبير.
لتكن مناسبة احياء ذكرى استشهاد المرجع الشهيد الصدر، فرصة جديدة لتعزيز الوحدة الوطنية والتسامي فوق الانتماءات القومية والمذهبية والطائفية والحزبية، فالعراق الذي تخلص من الاستبداد والتمييز الطائفي والقومي يواجه اليوم هجمة ارهابية شرسة ينفذها اعداء الشعب من الصداميين والتكفيريين لاستهداف مؤسسات الدولة وجميع مكونات المجتمع وذلك في محاولة يائسة للعودة الى الحكم. وهيهات ان يتحقق هذا الوهم بعد ان حسم الشعب خياره في التصويت على الدستور وانتخاب مجلس للنواب وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي حققت انجازات كبيرة في المجالات المختلفة على الرغم من التحديات الارهابية. ستواصل حكومتكم السعي بكل جد لتوفير الامن واعادة البناء وتفعيل مبادرة المصالحة والحوار الوطني ليبقى العراق حرا عزيزا قويا بابنائه شامخا بوحدته الوطنية وتماسكه الاجتماعي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب