نص كلمة المالكي
بمناسبة عيد الصحافة
سارة الطائي
/
بنت الرافدين
بسم الله الرحمن الرحيم
ايتها السيدات ايها
السادة
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
يسعدني أن اشارككم
احتفالكم السنوي بعيد
الصحافة العراقية، التي
حفظت عبر سطورها المضيئة
تأريخ شعب عريق ولدت على
ارضه ومابين النهرين
الخالدين اولى الحضارات
وخطت أول الحروف
والكلمات. ويسرني ان
اتقدم للاسرة الصحفية في
العراق بأحر التهاني
والتبريكات متمنيا لكم
النجاح والتوفيق لأداء
رسالتكم النبيلة. وقفة
اجلال واكبار لشهداء
العراق وبالاخص منهم
شهداء الكلمة الحرة ،
فقد اختلطت دماء الصحفيين
الشهداء مع دماء الشعب
العراقي الذي يقدم كل يوم
كوكبة من خيرة ابنائه في
سبيل الدفاع عن العراق.
ايها الحضور الكريم
ان التحول الذي شهده
العراق من عهد الاستبداد
والدكتاتورية، الى
الديمقراطية والتعددية،
اتاح فرصة تاريخية
لولادة صحافة حرة تسعى
لممارسة دورها كسلطة
حقيقية تشارك في صنع
القرار وتبصير الراي
العام بعد ان ولى الزمن
الذي تسخر فيه الصحافة
لخدمة الحاكم الواحد
والحزب الواحد،
وما عمليات القتل
والاختطاف التي يتعرض لها
الصحفيون العراقيون الا
محاولة من الذباحين
والقتلة لخنق صوت الحرية
الذي يفضح افكارهم
المريضة وفتاوى الضلال
البعيدة عن عظمة ديننا
الاسلامي الحنيف ومبادئه
السمحة التي تدعو الى
السلم والمحبة وتؤمن
بالحوار ،وتحترم الرأي
والرأي الآخر. لقد دأب
النظام الدكتاتوري
السابق على محاربة حرية
التعبير والنقد والرأي
الاخر والتعددية السياسية
، وحرّف مهمة الصحافة من
الاعلام الى الدعاية ومن
ايصال الحقيقة والكلمة
الصادقة الى حجبها، ومن
اثراء ثقافة المواطن الى
تنميطها بلون واحد ، ولم
يكن الحصول على المعلومات
حرا و متاحا الا عبر
قنوات النظام، ويكفي
لتوصيف هذه الحالة
البائسة ان الاطباق
اللاقطة والهواتف
المحمولة
ممنوعة والانترنيت تحت
الرقابة الصارمة للاجهزة
القمعية، ولم يتركوا
هامشا للحرية الاما يتعلق
بالاشادة بالنظام وتحويل
نكساته وهزائمه الى
انتصارات وهمية، وهذا
مادفع الكثير من الصحفيين
المبدعين اما الى
الانزواء واحتراف مهن
اخرى، او الهجرة الى خارج
العراق. وبسبب السياسة
البوليسية التي انتهجها
النظام الدكتاتوري،
تقلصت اعداد الصحف
والمجلات بشكل لم يسبق له
مثيل وبلغت سطوة الرقابة
ذروتها، وهي ليست رقابة
حزبية فقط وانما رقابة
امنية ومخابراتية، وقد
بلغ من استهتار العائلة
الحاكمة واستخفافها بشريحة
الصحفيين ان اوكلت
المناصب الصحفية المهمة
الى اشخاص يعدون من الد
اعداء حرية الصحافة
والذين كانوا يمارسون
هواية اذلال وتعذيب
الصحفيين حتى السائرين
منهم في فلك النظام.
لقد ادركنا منذ البداية
ان طريق الحرية لن يكون
مفروشا بالورود ، وان
مسعانا لبناء عراق
ديمقراطي تعددي آمن مستقر
ومزدهر ليس سهل المنال ،
وبذلنا على هذا الطريق
الكثير من التضحيات وتحمل
الشعب العراقي مالم
يتحمله اي شعب من اذى
وارهاب ومؤامرات وحرب
اعلامية مضادة وتدخلات
خارجية. وكان نصيب
الصحفيين من التضحيات
كبيرا الى جانب تضحيات
باقي شرائح المجتمع
والنخب المثقفة واساتذة
الجامعات والرياضيين
والفنانين.
ايها الاخوة والاخوات
لقد ارعبت اجواء الحرية
فلول النظام السابق الذين
تحالفوا مع الارهابيين
لاعادة عجلة التاريخ الى
الوراء فصبوا جام حقدهم
على كل من يريد للعراق
ان ينهض من تحت رماد
الخراب والدمار والماسي
التي سببتها الدكتاتورية
، فكان برنامجهم الاسود
قائم على ثلاثة مفردات هي
الموت والتخريب وتمزيق
وحدة الشعب العراقي، وكان
في مقدمة المستهدفين
حملة مشعل الحقيقة
والكلمة الصادقة والراي
الحر، وليس هذا بجديد على
المنضوين تحت هذا
التحالف المقيت،
فالصداميون الذين
لايفهمون سوى القمع
والتصفيات والاقصاء هم
على شاكلة التكفيريين
الذين يقتلون من يعارض
افكارهم الضالة. واليوم
فان العالم اجمع يعرف حجم
الجرائم التي ارتكبها
هؤلاء العتاة ، ويعرف
ايضا ان الشعب العراقي
ليس من النوع الذي تكسر
ارادته او يتخلى عن
تجربته الفتية المعمدة
بالتضحيات. ان اهم شروط
الصحافة الحرة هي حرية
التعبير وحرية الوصول
الى المعلومة ونشرها،
وحرية اصدار الصحف
والمجلات دون قيود او
ارقابة، وعدم اعتقال
الصحفي بسبب ماينشره،
ونحن نؤمن بان العراق
الجديد لن ينهض بدون
صحافة حرة تمارس سلطتها
الرقابية وتنبذ ثقافة
الكراهية والحض على العنف
والتمييز والنيل من كرامة
الانسان. ليست حرية
الصحافة منّة من احد فقد
كفلها الدستور، ونحن
حريصون قدر مانستطيع على
ان يتمتع الصحفيون بالامن
والحماية والعيش الكريم
، لان حرية الصحافة هي
صمام امان التجربة
الديمقراطية.
ايها الجمع الكريم
اننا مع ما نواجهه من
تحديات لم ننس شريحة
الصحفيين وما قدمته من
تضحيات وما تواجهه من
مصاعب ، فقد كنتم في
مقدمة الصفوف في معركة
بناء العراق الجديد،
ولذلك وتقديرا منا لأهمية
الصحافة والصحفيين فقد
اوعزنا الى الجهات
المختصة بإعداد مشروع
قانون لحماية الصحفيين
العراقيين، كما وافقنا
على تخصيص اربعة الاف
قطعة ارض سكنية للصحفيين
ومنهم شهداء الصحافة
العراقية ، واملنا ان
نقدم لكم وللعراقيين
الكثير مما يستحقون. اننا
نثمن عاليا التضحيات
الغالية لشهداء وشهيدات
الصحافة والذين هم شهداء
العراق وسيبقون في
ضمائرنا نستمد منهم
الاصرار والعزم على تخليص
البلاد من شرور الارهاب.
واعداء الحرية. واننا
على يقين ان زملاء
الشهداء سيواصون مسيرة
العطاء من اجل عراق حر،
مزدهر، خال من الارهاب
نجدد لكم التهاني
والتبريكات وكل عام
والعراق وشعبه وصحافته
بالف خير.
والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته.
نوري كامل المالكي
رئيس وزراء جمهورية
العراق
24/ 6/ 2007