البذور
د. عباس
العبودي
في
صباح يوم ربيعي مشمس قرر رجل الاعمال ورئيس الشركة التنحي واعطاء
الفرصة للدماء الجديدة ان تتحمل المسؤولية .فطلب اجتماع من المسؤولين
التنفيذيين الشباب في الشركة واخبرهم بقراره: لقد حان الوقت بالنسبة لي
للتنحي واختيار الرئيس التنفيذي القادم من بينكم. فذهل الجميع من
القرار حيث لم يعيين احدا من اولاده او احفاده لهذه المسؤولية .فقال
لهم جميعكم ستخضعون لاختبار البذرة فمن نجح بها سيتولى المنصب
!!.والاختبار سيكون التالي:
سيتم توزيع البذور النباتية التالية التي أتيت بها خصيصا من حديقتي
الخاصة وسيستلم كل واحد منكم بذرة واحدة فقط يجب عليكم أن تحرثوا الارض
وتدعوها في الارض وتعتنوا بها عناية كاملة طوال العام ومن يأتيني بنبته
صحية تفوق ما لدى الآخرين سيكون هو الشخص المستحق لهذا المنصب الهام .
كان بين الحضور شاب يدعي المستمر جيم وشأنه شأن الآخرين استلم بذرته
وعاد إلى منزله واخبر زوجته بالقصة أسرعت الزوجة بتحضير الوعاء والتربة
الملائمة والسماد وتم وضع البذرة في الوعاء وكانا كل يوم لا ينفكان عن
متابعة البذرة والاعتناء بها جيدا, وبعد مرور ثلاثة أسابيع بدأ الجميع
في الحديث عن بذرته التي نمت وترعرعت ما عدا المستمر جيم الذي لم تنمو
بذرته رغم كل الجهود التي بذلها مرت أربعة أسابيع ، ومرت خمسة أسابيع
ولا شيء بالنسبة الى المستمر جيم ومرت ستة أشهر – والجميع يتحدثون عن
المدى التي وصلت إليه بذرته من النمو وبقي المستمر جيم صامت لا يتحدث.
وأخيرا جاء موعد اللقاء والمستر جيم حائر ماذا يعمل وقد بلغ به اليأس
وقد اقترب الموعد. فقال المستمر جيم لزوجته بأنه لن يذهب الى الاجتماع
بوعاء فارغ ,فقالت له زوجته إذهب واخبر رئيسك بما جرى وبكل صدق
,اطمئنان وهو بعد ذلك سيقرر .كانت تلك الحظة أكثر اللحظات الحرجة التي
سيواجهها في حياته وأخيرا اتخذ قراره بالذهاب بوعائه الفارغ رغم كل شيء
وعند وصوله انبهر من أشكال وأحجام النباتات التي كانت على طاولة
الاجتماع في القاعة كانت في غاية الجمال والروعة .تسلل بهدوء ووضع
وعائه الفارغ على الأرض وهو يشعر بالخجل والياس وبقى واقفا منتظرا مجيء
الرئيس مع جميع الحاضرين فكتم زملائه ضحكاتهم والبعض أبدى أسفه من
الموقف المحرج لزميلهم. وأخيرا اطل الرئيس ودخل الغرفة مبتسما وهو ينظر
الى الاشجار والزهور التي نمت وترعرعت وأخذت أشكال رائعة ولم تفارق
البسمة شفتيه وفي الوقت الذي بدأ الرئيس في الكلام مشيدا بما رآه مهنئا
الجميع على هذا النجاح الباهر الذي حققوه. توارى المستمر جيم في آخر
القاعة وراء زملائه المبتهجين الفرحين فقال الرئيس يا لها من زهور
ونباتات جميلة ورائعة اليوم وسيتم تكريم أحدكم وسيصبح الرئيس التنفيذي
القادم. وفي هذه اللحظة لاحظ الرئيس المستر جيم ووعائه الفارغ فأمر
المدير المالي أن يستدعي المستر جيم إلى المقدمة هنا شعر المستمر جيم
بالرعب وقال في نفسه بالتأكيد سيتم طردي اليوم لاني الفاشل الوحيد في
القاعة ,فعند وصول المستمر جيم سأله الرئيس ماذا حدث للبذرة التي
أعطيتك إياها قص له ما حدث له بكل صراحة وكيف فشل رغم كل المحاولات
الحثيثة كان الجميع في هذه اللحظة قائما ينظر ما الذي سيحصل فطلب منهم
الرئيس الجلوس ما عدا المستمر جيم ووجه حديثه إليهم قائلا ر حبوا
بالرئيس التنفيذي المقبل المستمر جيم جرت همسات وهمهمات واحتجاجات في
القاعة كيف يمكن أن يكون هذا ؟؟!!! وتابع الرئيس قائلا في العام الماضي
كنا هنا معا وأعطيتكم بذورا لزراعتها وإعادتها إلى هنا اليوم ولكن ما
كنتم تجهلونه هو أن البذور التي أعطيتكم إياها كانت بذور فاسدة ولم تكن
بالإمكان لها أن تنمو إطلاقا جميعكم أتيتم بنباتات رائعة وجميلة جميعكم
استبدل البذرة التي أعطيتها له اليس كذلك ؟ . المستمر جيم كان الوحيد
الصادق والأمين والذي أعاد نفس البذرة التي أعطيته إياها قبل عام مضى
وقد سعى لذلك بقوة , وبناء عليه تم اختياره كرئيس تنفيذي لشركتي
ايها
الاحبة
إذا زرعت الأمانة فستحصد الثقة
إذا زرعت الطيبة فستحصد الأصدقاء
إذا زرعت التواضع فستحصد الاحترام
إذا زرعت المثابرة فستحصد الرضا
إذا زرعت التقدير فستحصد الاعتبار
إذا زرعت الاجتهاد فستحصد النجاح
إذا زرعت الإيمان فستحصد الطمأنينة
لذا كن حذرا اليوم مما تزرع لتحصد غدا وعلى قدر عطائك في الحياة تأتيك
ثمارها ولاتتياس من النتيجة مادمت كان سعييك صحيحا ولم تييأس من نتائج
عملك لان الصدق والمثابرة الصحيحة والاخلاص سيؤدي بك الى النتائج
الصحيحة.