|
قصة قصيرة
النجمة
إيستر كلايس ترجمة/ مي المدلل عندما وصل العالم الى نهايته، كنت تشعرين بالخزي من نفسك على نحيبك في غرفة نومك طوال يوم كامل، رأيت الرئيس وهو يبكي ويتوسل على شاشات التلفاز وهذا ما بث الذعر في نفسك، مستلقية على الفراش والاغطية تغطي انفك، باكية، رافضة الاجابة على طرقات الباب عندما كانت الخادمة، مديرك بالعمل، مساعدك واخيراً والداك يتوسلون اليك لتفتحي الباب وتخرجي من الغرفة. بعد 24 ساعة جاء والدك وخلع مفاصل الباب وجرّك الى الطابق الارضي مخترقاً السلالم باتجاه غرفة المعيشة بسجادتها البيضاء واثاثها الجلدي. صرخت وقاومت حتى اضطر لحملك على اكتافه، اسميته "اللعين" وهددته باسترجاع المرسيدس التي اشتريتها له في عيد رأس السنة الماضية. امك تجلس برصانة على الاريكة تطبق قبضتها باحكام على الجريدة قائلة "كل شيء انتهى". وجهك يتوهج حد الاحمرار وتتساءلين "ما الذي يحدث؟" وهل ستكونين ضيفة البرنامج الصباحي الشهر المقبل؟ محطات التلفزيون كلها عبارة عن الواح ملونة متحجرة خالية من الحياة. والدك يقول ان كل البرامج الصباحية انتهت وان لا داعي للقلق، يخبرك ان كثيراً من الامور البالغة الاهمية تحدث الان، كيف يمكن لك ان لا تقلقي؟ كان من المفترض انك ستطلقين عطرك المنتج حديثاً لاول مرة الشهر القادم بالتزامن مع اطلاق آخر آلبوم غنائي لك. والدتك تقول ان صدور الآلبوم الجديد لن يتحقق بينما تقبض يداها باحكام اكثر من قبل على الجريدة. لا تستطيعين تصديق ما تقوله، كيف لها ان تقول ذلك؟ الآلبوم سيصدر وسيكون التلفاز دائماً موجود. تخبرين والداك انهما احمقان وان كل شيء سيرجع الى اصله في غضون ايام معدودة حالما يغيرون ذلك الرئيس المخنث. " ان العالم وصل الى نهايته، لقد اسقطوا القنابل علينا "، تقول والدتك بسوداوية وكآبة. " الامراض والاشعاعات السامة انتشرت في انحاء البلد "، والدك يقول. ليس في مدينتنا، تصرخين متحدية. والدتك تقلب الجرائد تباعاً صفحة بعد صفحة، الحرب .... موجودة على كل الصفحات تتبعها الامال والتوقعات حول مصير البلد المحتوم بما فيه مدينتنا. تشعرين بالغثيان والدوار، تريدين معرفة ما الذي اقترفته لتستحقي كل هذا؟ وهل من المعقول ان ينتهي كل شيء قبل ان تسنح الفرصة لك لاكمال تحقيق الاشياء التي تعني لك الكثير. -2- بعد يومين والدك ووالدتك يناقشان طرق النجاة ويملآن الاباريق بماء الحنفية تحسباً لاي طارئ. والدك قلق بشأن انقطاع التيار الكهربائي، تجلسين في غرفة المعيشة وتتسائلين عن سبب ترك الخدم لعملهم بالامس وهل ان مساعدك سيتصل بك مجدداً. الراديو هو وسيلة الاتصال الوحيدة بالعالم الخارجي ومن الصعب وصول المعلومات الحقيقية عن الوضع وسط كل ذلك النحيب والصلوات في المحطات. على محطة الاغاني المنسق يقول ان الامر يحتاج الى وقت، والدك يطلب منك تغيير المحطة الى المحطة العادية لانهم يمتلكون احساساً اكثر من محطة الاغاني ... اللعنة. تستمعين الى تقارير عن الموت والدمار الذي حدث والشيء الوحيد الذي تتمنينه هو ان تكون مدينتك بخير، حتى بعد سماع التقارير عن الاشخاص الذين ماتوا داخل سياراتهم الا انك تظلين تتخيلين مضمار السيارات كما كان من قبل على حاله لم تطله الاشياء القذرة كالحروب، الامراض والموت. كيف يمكن لامكنة جميلة كهذه الامكنة ان تدمر؟ لا احد يعبث بمدينتي، والدك يرفض النظر الى عينيك. عندما انقطع التيار الكهربائي تلك الليلة عيناك امتلأت بدموع الاحباط، اضأت الشموع المعطرة التي طالما احتفظت بها لمناسبات خاصة. الراديو يدار بالبطارية ولكنها لن تدوم طويلاً، والدك يطلب منك المحافظة عليها وعدم ترك الراديو مشغلاً لفترات طويلة. تطلبين من والدك السكوت وتخبريه باستطاعتك توفير الاف البطاريات. الرجل الذي يتكلم في الراديو يقول ان معظم مناطق الساحل الشمالي دمرت بالاضافة الى مدينتين محاذيتين للساحل، يقول ان الاشعاع يتجه شرقاً ويجب اخذ الحذر، تتمنين لو ان لديك خارطة حتى تفهمي ما يعني ذلك. بدلاً من القلق تخرجين طلاء الاظافر الفاخر وتلونين اظافرك، عندما انسكب طلاء الاظافر على السجادة التي تلونت بلونه لم يكن امامك سوى البكاء. في الصباح والدك يخبرك والد بأن امك مريضة جداً، حتى هو لا يشعر بالارتياح، عيناك تتقلبان تخبريهما بضرورة تناول بعض الحبوب المساعدة على الهضم لكنك في داخلك لا تستطيعين التعامل مع امكانية موتهما وتركك بمفردك لذا تعودين الى غرفتك وتجلسين مقابل الشباك، حديقة البيت لم تتغير والموت والدمار لم يطأ منطقتك، ولكن تتسائلين ما الاشياء التي تغيرت في الخارج؟ -3- في المساء تحضرين اسطواناتك الاربعة الذهبية وجوائز غرامي الثلاث الى غرفتك لتمعني النظر اليها، تمررين اصابعك على اسمك المكتوب فوقها مراراً وتكراراً، لا تستطيعين فهم كيف ان شخصاً حقق كل هذه الاشياء في وقت قصير يمكن ان يمر بكل تلك الاحداث المروعة. انت نجمة، حباً بالرب، تستحقين اكثر من ذلك. والدك يناديك من الصالون، يبدو انه مريض، صوته يتقطع باستمرار وكلماته متباعدة، لا ترغبين في ان يتقيأ على سجادة الصالون ولكنك تبقين ساكنة، اذا تقيأ فأن الخادمة ستهتم بالامر غداً. تسحبين الغطاء الى ذقنك وتغلقين عينيك، صوت والدك يصبح ابعد فأبعد الان بينما تحتضنين بشدة جوائز الغرامي وتشدينها بقوة الى صدرك. ستستيقظين غداً والامور ستكون على ما يرام. غداً ستكونين ضيفة البرنامج المسائي ومدير اعمالك سيعتذر لعدم اتصاله بك. غداً ستبقين انت ... النجمة.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2.. bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |