|
قصة قصيرة
هل ستعود البلابل الى بساتينها؟
رحيم الحلي عاد الى الوطن بعد فراق دام ثمان سنوات المطرب الرائع صلاح عبد الغفور، بدعوة من الفنان الاصيل حسين البصري نقيب الفنانين العراقيين، الذي كان في استقباله في مقر النقابة، وقامت المحطات الفضائية العراقية الرشيد والحرية بتنظيم مقابلات فنية ترحابية لهذا الفنان الموهوب صاحب الثقافة والخبرة الفنية الغنائية العالية، ثم قدمت قناة الشرقية سهرة مع الفنان العراقي الجميل حاتم العراقي الذي وعد الجمهور بالعودة للوطن بعد فراق سنوات، نشكر كل الحريصين على الاغنية العراقية وعلى المغنيين العراقيين الذي دفعتهم اسباب عديدة الى مغادرة الوطن، الا نفر قليل ظل متمسكاً بارض اللوطن ملتصقاً بالارض رغم المخاطر، وقد لاحظنا استهداف واضح للغناء العراقي وتمت محاولات عديدة للاعتداء على حياة الفنانين، ومارست الاحزاب الدينية ومليشياتها تهديداً خطيراً على مصير المطربين والعازفين، واصبح من الصعب على بعض العازفين حمل الالاتهم الموسيقية، التي راح ينظر لها البعض على انها اداة فسق وفساد، ولم ينظروا الى ان الفساد هو سرقة اموال الناس، وهذا التفاوت الظالم بين دخول الفقراء والمسؤولين الذين اصبحوا اغنى من تجار بني امية، واصبح الفقراء مشردين وغرباء داخل بلادهم، وتذهب معظم اموال الخزينة كرواتب للمسؤولين التي يجهل المواطن حجمها المهول، دون ان يتحقق أي اصلاح للبنية التحتية . لقد تعرضت الاغنية الى محاولة اغتيال عبر تدمير ارشيف الاذاعة والتلفزيون، فالاغنية هي احدى الصور التي تذكر العراقيين بهويتهم الوطنية وتراثهم وتاريخم بل هي احدى العلامات الفارقة في هذه الهوية، لذا اشتركت كل قوى الظلام التي هي امتداد لقوى اقليمية معروفة بنشرها لايدلوجيات دينية متزمتة، تتعارض مصلحتها مع وحدة العراق وقوته، وتريد طمس الهوية العراقية لتمرير عقائدها الظلامية ومشاريعها السياسية المتعارضة مع مصلحة الوطن، لذا فان اعادة المغنيين الى بلادهم عملاً وطنياً كبيراً، يعادل اعادة المياه الى حافات الانهار، وان ذالك يشير الى ملامح الصبح القادم، والى فشل المشاريع الظلامية البعيدة عن طبيعة شعبنا الطيب المحب للغناء ولتغريد البلابل، ان داخل حسن وحضيري ابو عزيز ومحمد القبانجي ويوسف عمر وناظم الغزالي هم ملامح الصورة العراقية الغنَّاء وجزء من تراثنا السعيد، ولم يأتي هؤلاء من خارج الوطن او من كوكب اخر، بل هم من كافة اوساط شعبنا العراقي الطيب، التي يريد البعض تغيير هويته الوطنية الحضارية وخصوصيته عبر ازالة تراثه من الذاكرة . ان الاغنية العراقية بكل اركانها تعرضت للتقفيص في ظل الديكتاتورية، التي اجبرت بعض بلابلها الى التهليل لحروبها والغناء في لياليها وسهراتها الحمراء الداعرة، لقد انغمس بعض المطربين في مباهج اقطاب النظام السابق الذي اغرقهم بالمتع والشهرة والمال من فضلات موائده، وسط جوع شعبنا وعذاباته وسيل دماءه، واصبح المغنون احدى مقبلات لياليهم وشهواتهم الشيطانية، لذا استخدمت الاغنية استخداماً رخيصاً، وتعرض بعض الشعراء والمطربين للمضايقات والتنكيل وحتى القتل كما حدث للشهيد صباح السهل، بينما مات محترقاً في بيته البائس المتهالك المطرب ستار جبار، وهرب الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الذين رفضوا الخضوع للابتزاز السياسي والاكراه، مضطرين ولم يكونوا هواة المنافي ولم يكونوا عشاق الاحتراف السياسي، حيث لام البعض الفنان كوكب حمزة على مغادرته الوطن وانشغاله بالسياسة، فالفنان انسان يحق له ان يرفض الظلم بكافة اشكاله، اتمنى للفنان الكبير الملحن كوكب حمزة العودة الدائمة الى ربوع الوطن . ان عودة البلابل الى العراق يعني ان بستان الوطن قد أزهرت اشجاره، وان خيوط الصبح لاحت، وان مشاريع الظلام قد انفضحت، ارجوا من المحطات الفضائية الوطنية دون تحديد اسماء، ان يساهموا في دعم انتاج الاغنية العراقية، مثلما بذلوا في انتاج الدراما العراقية، التي كلف بعضها عشرات الملايين من الدولارات، ان الاغنية مهمة وبصمة عزيزة لشعبنا وتبقى في بعض الاحيان اكثر خلوداً من الدراما التي لا اقلل من اهميتها ودورها في نشر الوعي واعادة تشكيل المفاهيم الاجتماعية . ولنسامح بعض الاصوات التي غنت للطغاة والحروب، بسبب قوة الخوف والاغراء، ولنبتديء مرحلة جديدة ملؤها الحب، ولنعيد للاغنية روعتها وعافيتها بعد استغلال الشركات التجارية لمحنة الفنانين وغربتهم ومعاناتهم، حيث تعرض الكثير من المغنين لابتزاز اصحاب الملاهي الليلية، واصحاب شركات الانتاج الفني التي حاولت تدمير الوجه الانساني الابداعي للاغنية العراقية، ولنعيد الى الوطن المبدعين الموجودين في بلدان المنافي الذين تحاول شركات الابتذال الفني تهميشهم، كالفنان طالب القرغولي والفنان فاروق هلال وغيرهم من المبدعين سواء كانوا من الشعراء اوالملحنين اوالمطربين المبدعين المتوزعين على خارطة المنافي اوالمبدعين المتواجدين داخل الوطن من اجل الحفاظ على الاغنية العراقية ومن اجل الحفاظ على الهوية العراقية، ولنكرم الملحن محسن فرحان والملحن محمد جواد اموري وطارق الشبلي والفنان سامي كمال والمطرب جعفر حسن والشاعر كاظم اسماعيل الكاطع والشاعر عريان السيد خلف، والمطرب جبار عكار والمطرب عبد الجبار الدراجي وسلمان المنكوب وعبد الزهرة مناتي، وعشرات الفنانين والشعراء المنسيين داخل الوطن او خارجه فهم بلابل العراق .
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |