قصة قصيرة

حوار ثقافي تلفزيوني!!

بقلم محسن العبيدي الصفار

بعد انتهاء شارة البرنامج،اضاءت الانوار في الاستوديو المظلم فظهر مقدم البرنامج متوسطا الطاولة وعلى جانبيه ضيفي البرنامج الثقافي الفضائي المباشر (اصول النظافة في بحوث الثقافة), ابتسم المقدم وقال بصوته الجهوري :

- اهلا ومرحبا بكم اعزائي المشاهدين في حلقة جديدة من برنامجنا الثقافي الذي يناقش كل مستجدات الساحة الثقافية العربية حيث نستضيف في هذه الحلقة الكاتب الكبير ابو قلم والناقد الادبي المعروف ابو دواة، حيث سيكون حوارنا اليوم عن النقاش الفكري واصوله وادابه، وأترك الميكرفون لضيفي الاول الاستاذ ابو قلم .

بعد التحيات المعتادة قال ابو قلم :

- والله ياسيدي نحن في العالم العربي نعاني من تدني مستوى الخطاب الثقافي، فالكتاب والادباء ينحدرون احيانا في مستوى خطابهم لبعض الى مستويات لايصل اليها حتى ابناء الشوارع وهذا أمر مؤسف ومخجل بحق الثقافة والادب العربي . وأنا لا أتصور كيف يسمحون لأنفسهم وهم نخبة المجتمع بهكذا تصرفات .

التفت المذيع الى الضيف الثاني ابو دواة وقال :

- وانت استاذ ابو دواة بصفتك ناقد ادبي، كيف ترى تقبل الادباء لنقدك لنصوصهم ؟

اجاب الناقد :

- والله مع الاسف في كثير من الاحيان يأتي رد الكاتب على النقد انفعاليا وعصبيا وكأن الناقد قد سب عرضه وشرفه . وتصبح المسألة عداوات وثارات بين الاثنين، ولكن الحمد لله الكثير منهم مؤدب ورزين مثل الاستاذ الكبير ابو قلم فعلى الرغم من اني وصفت روايته الاخيرة بالطفولية التي تفتقر الى النضج الادبي ولكنه كما ترى تقبل الموضوع بكل رحابة صدر .

وهنا قاطعه ابو قلم قائلا :

- لحظة من فضلك، انت وصفت روايتي بالطفولية وغير الناضجة ؟

اجابه ابو دواة :

- نعم، وقد نشرت نقدي في العديد من الصحف ولكن يبدوا لي ان لاتقرأ كثيرا .

وهنا قال ابو قلم وهو يكز اسنانه :

- والله روايتي حققت مبيعات ممتازة يشهد بها القاصي والداني وجميعهم كان لهم رأي يخالف رأيك ياسيدي .

رد ابو دواة ضاحكا :

- اذا استثنينا رأي زوجتك واولادك واولاد عمك فلا اظن ان احدا اخر قد استحسن هذه الرواية .

تدخل المذيع لتلطيف الاجواء فقال :

- يااستاذ ابو قلم هذا رأي ناقد في روايتك وهو ليس رأي جميع النقاد و نحن نحترم عملك الاد..

فجأة قاطعه ابو قلم قائلا :

- لو سمحت حضرتك خليك برة الموضوع، هذا بيني وبين هالمدعي اللذي يحسب نفسه ناقدا وهو لايعرف الفرق بين الديك والدجاجة .

رد عليه ابو دواة :

- انا لا أعرف الفرق بين الديك والدجاجة ؟ انت من تشبه كتاباته خربشات دجاجة في التراب لا احد يفقه منها شيئا .

رد عليه ابو قلم :

- انت لاتفقه ما اكتب لانك حمار وستين حمار !! ولازم يربطوك في اسطبل وليس خلف طاولة حوار ثقافي .

تدخل المذيع محاولا انهاء النزاع :

- ياجماعة الخير، خلونا في موضوع الحلقة وبدون اهانات عيب احنا على الهوا

لم يلتفت كلا الضيفين لكلام المذيع وقال ابو دواة :

- نصوصك ياحبيبي ليست بحاجة الى ناقد بل الى عراف يضرب الودع ويقرأ الرمل والاسطرلاب، فهي عصية على الفهم البشري، وأنا انصحك تراجع طبيب نفسي او بالاحرى طبيب بيطري كي يشخص حالتك .

وهنا خلع ابو قلم سترته ووقف ووضع يده على الطاولة مخاطبا ابو دواة :

- اصلا انت واحد حقير حيوان بلا شرف  وبلا غيرة، واختك ماشية في الشوارع على حل شعرها ولو انت حقيقة  رجل اذهب ولم فضايح اختك بدل ما انت عامل نفسك ناقد ادبي .

وضع المذيع يده بين الضيفين وقال :

- ياجماعة الخير من فضلكم عيب …

ولكنه لم ينه الجملة لأن ابو دواة دفعه ووقف وقال :

- انا اختي ماشية على حل شعرها يا فاسق يافاجر ؟ ام انت من لو جمعت محاضر التحرش الجنسي التي نظمت لك لاصبحت كتابا اكبر من اي موسوعة .

فجأة رفع ابو قلم كأس الماء من على الطاولة ورشق بها ابو دواة، الذي نهض بدوره ووجه لكمة لابو قلم اخطأته وجاءت في عين المذيع  الذي سقط ارضا بينما استمر ضيفا البرنامج في تبادل اللكمات والرفسات وعذب الكلام من شتائم يندى لها الجبين .

وبعد قطع البث وامساك رجال الأمن بكلا الضيفين وطردهما الى خارج الاستوديو، دخل المخرج الى حيث كان المذيع مرميا على الارض واحد العاملين يضع كيس ثلج على عينه المتورمة وقال :

- برافو ياصديقي، هذه الحلقة كانت رائعة، فكما تعلم الجمهور تشده هذه الصراعات وياريت في الحلقة القادمة تستضيف اديبتين كي نشهد حلقة مصارعة نسائية  فهي تشد الجمهور ايما شد .

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com