صبيحة شبر
sabiha_kadhum@hotmail.com
شاعرة عربية كبيرة، أطلقت عليها ألقاب عديدة منها: أيقونة
فلسطين، أم الشعراء، الجبل الثالث في نابلس، شاعرة العرب،
الشاعرة العربية في مختلف العصور، استطاعت هذه الشاعرة الكبيرة
بجهودها الذاتية الدائبة، ودأبها المستمر، وصراعها المتواصل أن
تخترق الصفوف، وتذلل الصعاب، وتتربع على القمة العالية من قمة
الشعر الأنثوي الجميل، الذي يعبر عن المعاناة المستمرة للنساء
العربيات لاسيما المبدعات منهن
ولدت عام 1917 بفلسطين، تحمل الجنسية الأردنية، تلقت تعليمها
الابتدائي في نابلس، ثقفت نفسها بنفسها، التحقت بدورات اللغة
الإنجليزية والأدب الانجليزي، لكنها لم تتمكن من إكمال تعليمها
المدرسي أسوة ببنات جنسها، اذ أخرجت من المدرسة تعسفا، ذلك
المكان الحبيب الذي عشقته فدوى منذ الصغر ووجدت فيه متنفسا عن
البيئة المحافظة التي نشأت فيها، قصة هذا الحدث تكمن في فترة
صباها إذ تجرا فتى في مثل سنها أن يقدم لها وردة دليلا على
الحب الذي يحمله لها بين جوانحه الفتية البريئة، ولكن هذا
الأمر البسيط البريء سرعان ما بلغ مسامع الأهل، فعرف أخوها
يوسف بالأمر، ولما استجوب الشاعرة عما حدث ارتأت أن تحدثه
بالحقيقة، ووجد الأخ أن أخته مذنبة وفق قوانين ذلك الزمان،
أصدر الحكم الرادع وهو الخروج من المدرسة المكان الأثير إلى
نفسها والبقاء في المنزل طوال حياتها
كان لأخيها إبراهيم دور كبير في تثقيفها، عبر الرسائل وكان
شديدا في ذلك التثقيف، تقبلت إرشاداته بحب ونفذتها بسرور، كما
تتقبل الأرض الظمأى قطرات الغيث القادم بعد انقطاع طويل، أحبت
فدوى شقيقها الشاعر حبا عوضها عن أنواع الحب العديدة التي
يحتاج إليها كل منا، ونفذت نصائحه وتوجيهاته وحفظت ما كان يطلب
منها من روائع النصوص، فتطورت أداتها الشعرية، وتمكنت بفضل ذلك
الإصرار العجيب أن تبلغ شأوا كبيرا في الحركة الشعرية العربية
وان تتبوأ منزلة تمكنها أن تكون في طليعة الشواعر العربيات
مر شعر فدوى بمراحل عديدة، نسج في المرحلة الأولى على منوال
الشعر العمودي، وقد ظهر ذلك واضحا في ديوانيها ( وحدي مع
الأيام ) و ( وجدتها ) وشعرها في تلك الفترة يتسم بالنزعة
الرومانسية، نقرا لها تقول في ديوانها الأول ( وحدي مع الأيام
)
حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق، وديوان شعر، وعود
.×××××××××××××××
حياتي، حياتي أسى كلها
إذا ما تلاشى غدا ظلها
سيبقى على الأرض منه صدى
يردد صوتي هنا منشدا
حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق، وديوان شعر، وعود
××××××××××××××××
في المرحلة الثانية، اتسمت أشعارها بالرمزية والواقعية، وغلبة
الشعر الحر، وتتضح هذه السمات في ديوانيها: ( أمام الباب
المغلق ) و ( الليل والفرسان )، تقول فدوى في ليلة ماطرة:
لماذ ا لماذا يغلف قلبي الأسى
في ليالي المطر
لماذا إذا عصفت في الشجر
رياح الشتاء ألمت طيوف
الأحبة بي من وراء الحفر
اارواحهم في الرياح ترود الديار ؟
وتنشر دنيا
طواها الزوال، وتهمي ذكر
وتهمي ذكر
وتهمي ذكر
وإذا عرفنا أن الشاعر تخلقه المعاناة، وتصقل موهبته الخطوب،
وجدنا الشاعرة فدوى تتأثر كثيرا بما يعانيه بلدها جراء
الاحتلال الصهيوني، وفي قصيدتها ( نداء الأرض ) تقول:
أتغصب ارضي ؟
أيسلب حقي وأبقى أنا حليف التشرد
أصبحت زلة عاري هنا
اابقى هنا لأموت غريبا بأرض غريبة
سأنهي بنفسي هذه الرواية
فلا بد، لابد من عودتي
×××××××××××××
منحت الشاعرة الكبيرة فدوى طوقان الشعر العربي ثمانية دواوين،
كان أولها ( وحدي مع الأيام )الذي أصدرته عام 1952 وآخر
الدواوين ( اللحن الأخير ) عام 2000 ن وفي ديوانها الأخير كشفت
لمتابعيها عن تجربة حب عاشتها وهي في هذا العمر المتقدم مع رجل
أحبها وأحبته، فقد عاشت وماتت شابة في روحها وأثبتت أن الإنسان
لايمكن أن يبدع في كل مجالات الإبداع بلا حب، تلك العاطفة
الجميلة التي تمنح الإنسان دوافع للعيش وللعطاء وتجعله قادرا
على تحمل صنوف الالم، فيشعر انه واحد من بين الالاف الذين
يقطنون الارض وليس وحيدا
ومن آثارها النثرية: أخي إبراهيم عام 1946 __ رحلة صعبة ( سيرة
ذاتية ) عام 1985 ___الرحلة الأصعب ( سيرة ذاتية ) عام 1993
فدوى طوقان من أوائل الشعراء الذين جسدوا العواطف في شعرهم،
وقد وضعت بذلك أساسيات القصائد الأنثوية، منحت القاريء العربي
قصائد جميلة في الحب والثورة، احتجت المرآة فيها على ازدواجية
المعايير في المجتمع، وهيمنت على شعرها آخر المشوار الطويل
الذي عايشته موضوعان النضال والتحدي الذي تميز يهما الأدب
الفلسطيني
××××××××××××××××××××××××××××××
ماتت فدوى وعمرها ست وثمانون سنة، وبالرغم من العمر الطويل
هذا، فقد فوجئنا بنبأ رحيلها، فقد كانت شعلة متوهجة من النضال
والعمل والعواطف الجياشة ن والشعر الملتزم بقضايا الإنسان
العربي المناضل والمهزوم
×××××××××××××××××××××××××××××××××
في ديوانها ( على قمة الدنيا وحيدا ) قصيدة جميلة عنوانها ( عن
الحزن المعتق ) تهديها الشاعرة إلى رفيقها في النضال والإبداع
سميح القاسم، تقول فيها:
وعند اشتعال المساء بنيران
شمسك قمت، تسلقت جدران كهفي
حاولت أن اقطف وهجا فأمطر حزني
وعند انهمار هباتك قلت لأرضي تبارك
هذا الربيع تلقي هبات يديه، فأزهر
حزني
وقام التعارض سدا كما الموت، حال
التعارض دون اندماج العناصر
شمسك ظلت قصية
وارضي ظلت عصية
وعند انهيارات جسر التواصل حاولت
حاولت حاولت لكن
ولم يبق مني على راحتيك سوى غيمة
عابرة
تجمد فيها الشرار
وغاب حضوري، رحلت بعيدا وغصت
بعيدا، إلى القاع غصت أنادم حزني
أعاقره بغابة جب بغير قرار
×××××××××××××××
إنها شاعرة عظيمة عشنا مع قصائدها الرائعة البديعة أجمل
أوقاتنا وأكثرها هناء وبهجة، فما أجمل قصيدتها التي تخاطب بها
العام الجديد:
في يدينا لك أشواق جديدة
في مآقينا تسابيح، وإلحان فريدة
سوف نزجيها قرابين غناء في يديك
يا مطلا املأ عذب الورود
ياغنيا بالأماني والوعود
ما الذي تحمله من اجلنا ؟
ماذا لديك ؟
×××××××××
اعطنا حبا، فبالحب كنوز الخير فينا
تتفجر
وأغانينا ستخضر على الحب وتزهر
وستنهل عطاء
وثراء
وخصوبة
×××××××
اعطنا حبا فنبني العالم المنهار فينا
من جديد
ونعيد
فرحة الخصب لدنيانا الجديبة
إنها مبدعة غنت للحب والتآخي بين بني الإنسان، من اجل الحياة
الآمنة الرغيدة، من اجل أن تسود قيم الإخوة والتفاهم بين أفراد
العالم المنهار