بنت الرافدين

من شعراء الناصرية

الشاعر الدكتور مصطفى جمال الدين من بغداد ويقظان وعواصف الغربة

الدكتور صدام فهد الاسدي / البصرة

ماذا يكتب الناقد عن القمم ؟ايرسم صورة واحدة عن زاوية منها ويرجع الى قرار؟؟انها الحيرة حقا ان ترفع راسك للقمم ,ولكن الحق معي ان ارفع راسي الى الجبال الفكرية التي طرزت سماء الوطن بالابداع,شاعر نبكي عليه دون مجاملة,انه خسارة للوطن وقد عاش اخريات ايامه غريبا من السجن ومن هناك لاحت يقظان تتردد على السنة الشرفاء:

انبؤوني يامن برفحاء بانوا كيف يغفو بليله اليقظان

لقد كبر يقظان الحفيد وبردت جروح رفحاء ورجع الحق الى نصابه ,ولكن لم تبرد نار الفراق بيننا وبين الشاعر الكبيرالذي طرز اجمل قصيدة في مربد الشعر وسجلها خالدة الى بغداد:

بغداد ما اشتبكت عليك الاعصر الا ذوى ووريق عمرك اخضر

مرت بك الدنيا وصبحك مشمس ودجت عليك ووجه ليلك مقمر

نعم سيظل وجه بغداد منورا مهما طالت سكين الارهاب وعصفت ريح الخراب ,سترجع ويورق غصنها ولم يذهب قول الشاعر سدى

من سوق الشيوخ روح الناصرية الفكري مدينة العشرات من المبدعين (الربيعي / اطيمش / الشرقي /نيازي / الغالبي / ) وفي عام 1927 م اطل الطفل الشاعر على تلك الربوع واعلن المهد عن ولادة شاعر فحل,وابتدأت الرحلة الى النجف في عمره المبكر وهناكفتحت الفقه قلبها لهذا المفكر واخذ من بوارقها العالية شهادة الماجستير عام 1962م(القياس حقيقته و حجيته )ووضع قلمه في خدمة مجلة الرابطة النجفية وكم قدم فيها من قصائد وبحوث اكاديمية مهمة,لقد كان من شعراء المربد عام 1972م وهو يقدم قصيدته المارة الذكر عن بغداد,وبعد عام اصدر ديوانه الاول (عيناك واللحن القديم)وقد سجل للمربد صوتا لاننساه:

والمربد الخصب مازالت قصائدكم من الف عام به تجنى وتشتار

وكم ناغم شخوص البصرة بحوار وتساءل :

وانتشى خاطر الفرزدق اذ عادت اليه نواره الحسناء

وتناسى الخليل في نشوة اللقيا عتابا صفا عليه الوفاء

وهنا نرى الايقاع مدورا وهذا من خصوصيات الفن الشعري لجمال الدين ولاغرابة فهو صاحب الايقاع في كتابه((الايقاع في الشعر العربي من البيت الى التفعيلة)ومن امثلة التدوير عند الشاعر:

1/الصفة//قوله:

بغداد بالسحر المندى بالشذى ال فواح من حلل النسائم تعطر

بغداد بالذكرى الحبيبة بالصدى ال رنان من خلق الاعاصر يهدر

2/اللون الرائع في قوله:

بخيوط الخريف في الشعر الاصفر تبدو كذابل النوار

بالخميس الاخير بالبقع السوداء في عين سوسن كالدراري

لم تزل ياحبيبي في روابي الخضر منه كجلوة النوبهار

3/الطبيعة تتحدث في شعره كقوله:

فارجعيها من قبل ان يسلم الزورق احلامه الى التيار

بدموع اطلقها وانا اسمع وقع النجوم في افكاري

4/الحركة الواقعية كقوله:

ثم تجري الحياة في قصب الراعي فينسى قطيعه ويغنيوهنا يظهر الراعي بدفقات ايقاعه المتواصل في احضان الطبيعة

5/تكرار الفاعلية بشكل رائع كقوله:

الفراس الركاب اذ هوم لا الليل على فرعيها واغفى الرواء

ويقلب الربيع حضن ينام الورد فيه وتحلم الاشذاء

وتوابيت من حروف يسجى الشعر فيها كأنها اشلاء

هو ذاك العود الذي نازعت جيكور في مجده الابهاء

هذه اللقطات وغيرها الكثير تدور في رحى مشاعر جمال الدين وهو يرسم بريشة عمودية فكيف به لوكتب التفعيلة لابدع جدا

انه المبدع الفقيه والتربوي والرائد والايقاعي ,لقد زرع بذرة خصبة في الناصرية اصبحت شجرة غناء

رحمك الله ياجد يقظان حفيدك الذي ولد في صحراء رفحاء وهو يقطع الاسوار هاربا وامه من سوط الجلاد وقهر الحكام