|
دراسات نقدية
عندما يذهل الشعر المتلقي قراءة نقدية في قصيدة ياتراب الحسين للشاعر المبدع علي الأمارة الدكتور صدام فهد الاسدي / البصرة قصة الحسين وملحمة كربلاء تنسج للشاعر لوحات وصورها تنسخ الإبداع شعرا وقد يتشرف الشعراء بذكر رائد الحرية الحسين(ع)ولم تك كربلاء الأولى ولاترابها الموضوع الأول عند الأمارة بل تعدتها آلاف القصائد وقد أقحم السياب في مرثية جيكور شيئا منها وكذلك البياتي ملمحا ببد يل موضوعي وهم يجدون البطولة والإباء والتضحية الكبرى في ملحمة الطف وقد درست الكثير من القصائد الرائعة في وصف الإمام الحسين بكنى متعددة ولكن لقصيدة الشاعر علي الأمارة وقفة مميزة لما فيها من ابداع يرتفع وآخر يتسلق عاصفة العواطف ويبني قرارا روحيا للمتلقي وقد أجريت تجربة لطلابي في الجامعة على المدارك السمعية في الأبيات الفريدة للقصيدة الحسينية وأقولها بحق أن قصيدة الشاعر علي (يا تراب الحسين)التي أهداها لي في التسعينيات الماضية وما زلت أجد القصيدة تتقدم الصفوف وأقول برؤيا شاعر وناقد إنها كتبت بروح صادقة وموهبة نقية دون لف ودوران وهذا ليس بغريب على الأمارة المبدع ولم يطلب الشاعر بها شفاعة احد إلا الحسين (ع) وقد يقف الحسين له يوم المحشر مسجلا له هذا الشعر في سجل النجاة أني ابدأ الصوت المعري الذي بدأبه علي(خفف الوطء أنها كربلاء)وهنا يبدو التناص يسجل حضورا في نسق القصيدة رابطا الحركة المعرية بأطهر ارض كربلاء ,ثم تتصاعد فمضاءات المجاز المرئي ((أصبح التراب ضياءا)ولك أن تنبش في رؤيا تراب كربلاء ماذا فيه من قداسة خالدة,ويسرح الشاعر في موتيقة رد الصدر على العجز بنغمات وايقاع شعري دفاقين ((العليون منزلا وطباعا فإليهم تنامت العلياء) و(واقشعر الهواء حزنا وشوقا كل شيء يشتاق حتى الهواء) (عطروا الدهر نفحة وفداءا فهم الطهر كله والفداء) وعندما ترسم أهل البيت في مدارك الذاكرة تجد الأمارة لا ينسى واحدا((وبهم من محمد-العليون-حسنيون-وعليهم من الحسين-الساجدون-بقروا العلم-الصادقون-الكاظمون-الرضا فيهم-يجودون-الهادون-عسكريون-صاحبوا الزمان) وهكذا يفتح الإمارة صورا مرتبة لاهل البيت عليهم السلام جميعا وليس بصانع هذا الشعر بل يتدفق من موهبته تدفقا لانه صادق التعبير ولو دخلنا إلى الدلالات الرائعة في فنه الشعري منها: 1-التقابلات الرائعة والتناقضات المتلاصقة ثوبا وجسدا (حين ننخى باسمهم فلدينا مسك ماء ومسك نار سواء) وهنا تبزغ المفارقة بين الماء والنار وقوله_ (في يديه اللواء ينزف نورا يا لواء وفي يديه لواء) (هي كف العباس تبقى سراجا بمعانيه تفضح الظلماء) 2/الصور الشعرية المتدفقة حركة وإثارة كقوله (حين ساروا برأسه فوق رمح لاح منه المعراج والإسراء) (هل كقبر العباس في الأرض قبر رفع الضوء نعشه والماء) (أيها الرأس فوقهم أنت دوما في حياة أو في ممات سواء) 3/النداءات الموجعة والتي تلبس ثوب التكرار ولكنها تفجر نشيدا شعريا صارخا (يا تراب الحسين بالله هبني منك اشراقة وخذ ما تشاء) فماذا يريد الشاعر غير لمسة من تراب الحسين يعطر بها روحه الباكية لوعة للجراح؟ وماذا يطلب ((يا تراب الحسين جئنا خفافا وثقالا لما أتانا النداء) وهذه دعوة لزيارة الحسين (وقوله للرمح( أيها الرمح قد تجرأت حتى رفعت فوق نصلك الجوزاء 4/الدلالات المكانية والزمانية سجلت حضورا مشهودا (أضرمت خلفه الخيام وهبت من خدور الإسلام تلك النساء) (هو نفس الفرات صار لديهم فانظر اليوم كيف صار السقاء)) (قد سقيتم حتى الأعادي فراتا يوم صفين حين كان اللقاء) وهذه صورة للمقارنة بين صفين وكربلاء أي فرق يرسمه الشاعر للمحاربين في الاولى يسقون الفرات عذبا وفي الثانية يمنعون الماء على سبط نبيهم 5/صورة الحسين بطلا تاريخيا لا يتكرر ثانية في الزمن (ولواء الحسين ارث عظيم أي ارث قد أورث الأنبياء) (أنت يا ابن الوصي خضت المنايا والمنايا يخوضها الأوصياء) (يا تراب الحسين أوجز حديثا ذهلت من حديثك الأشياء) نعم هكذا يعلق الأمارة الأوسمة المبدعة على طريق الفضيلة وله الشرف الرفيع ان يقلدها للحسين 6/الموروث الشعري ما جاء تقليدا بل صياغة رائعة وبثوب جديد ((ولكي يستقيم دينك طه اختنا الرماح والرمضاء) ان كان دين محمد لم يستقم وقولها هل بيت تنزل الوحي فيه فبهم كان للعباد ارتقاء) ( خفف الوطء أنها كربلاء فهنا تحسد التراب السماء) لقد وفق الشاعر الأمارة في مستهله الشعري بل تدفق تراثا أصيلا ونسجا حديثا وفي مسك الختام أقول أن هذه القصيدة واحدة من عشرات القصائد التي رسمتها يد الأمارة وهنيئا له وهو يقف في صفوف الحسين شاعرا ويصنع بطاقات سفره القادم من سجل الأحرار ويلون عواصف شعره بقطرات اللؤلؤ الشفق الفريد وهو يتناثر من تراب الحسين عبقا.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |