|
دراسات نقدية
تأملات في ديوان نشيد الدم للشاعر الشهيد " عادل السعيدي رحمه الله " الذي صدر بعد يومين من استشهاده لؤي قاسم عباس وقفتُ أتأمل ُ عنوان ديوانهِ الاخير ( نشيد الدم ) لعلهُ كان يعلم بأن دمه سيراق من اجل العراق ... رحتُ اتجول في عالم شعره استوقفني (الاهداء ) فقد خطهُ بيده قبل رحيله ... الى دماء الشهداء من عهد هابيل وقابيل الى قيام الساعة ... لفت انتباهي عبارةُ في هامش الاهداء (( للدم نشيد لا تسمعهُ كل اذان )) هل سمعت صوت دمك يا ابا سلام وهو ينزف على هذه الارض؟!حين اغتالتك ايادي الغدر الاثمة هل كنت تشعرُ بمصيرك ؟! وكيف لا تشعر بذلك المصير وقد كنتُ تستشعرُ آلام الامة باكملها ... رحلت عنا - ابا سلام – الى عالم الخلود وتركت فينا أنشودة نتغنى بها الا وهو نشيد الدم . ... الشاعر عادل السعيدي ... عرفتهُ أنساناً فأحسسته شاعراً ,تلوت ُشعرهُ فأدركتهُ ثائراً , خضتُ في غمار ثورتهِ فوجدته متمرداً , حين تجوب في عالم كلماته يأخذك الأحساسُ بعيداً الى عالمٍ ملئٍ بالرقة والجمال ويداعبك شعور بأن نسيم ٌ يحملُ عبق الماضي الجميل قد صار طوع يديك ويملأكَ الامل بأن القادمُ من الزمان يحمل في طياته ِخيرٌ عميم . حين تنشدُ ابيات شعره ُ تتجاذبك الافكار الفلسفية ذات اليمين وذات الشمال وتحملك الى عالم يسمو فوق الحاضر الذي لا يمل من الخنوع والخشوع لكل من هبّ ودب في عالم السياسة الرخيص . فشاعرنا يرى في شخصية الإمام علي بن ابي طالب –ع- شخصية لن تتكرر وحين تتأمل في أبياته التالية نجده يحمل في داخله بركان غضب وثورة عارمة تجتاح المكان وتخترقَ حدود الزمان وتشعر بان متمرداً يقف متحدياً لنزوات الحكام واهواءهم التي لا تكاد تنتهي . سيــدي ما شفــنه مثلك قائد ابكــل العصور اطه للاسلام حــقه ورفــع عــن امته الجور وساوه روحه ويه الرعيه ابكل حزن وبكل سرور يأخــذ اقـل من الشعب وساواه اعجام وعرب الغــير ربه ماغــضب وابــد ماغره الغرور حيدر ما سـلب شعبه ولا بـــنه النفسه القصور وما سكن دار الامــاره ولاتعــــله ابعــله دور والمزار اليــوم بــيته روح للـــــكوفه وزور حگنه من نهــتف باســمك ضيـــعِنه النشد وهذه الصور الشعرية تكاد تتكرر بالوان مختلفه واعني بها صور التحدي والثورة العارمة التي في داخل الانسان الشاعر فتارة نراه يقدم لنا من خلال ابياته دعابةٌ جميلة تأنسُ بها النفوس وتارة اخرى تستوحش من غدر الحكام العرب والجامعة العربية وقرارات الامم المتحدة المتوالية بشأن العراق . ويتخذ شاعرنا من مناسبة ذكرى مولد الامام علي مناسبة لاستذكار قيم البطولة والشجاعة حين انتصر سيف علي –ع- على مقالع اليهود وحصونهم المانعة في خيبر ويقارنه بنكسات العرب المتوالية رغم كثرة عددنا وعدتنا التي دفعنا ثمناً غالياً من اجل اعدادها . يا عـلي يتعب العـدنه عــرب واسلام شكثر الحـقد يجمــعنه كلنه ونلتقي بس عـل الغدر العرب مجتمعه اعله الصفــحه والاسلام بهل الكتر واحد محضر خطبته والثاني يعدل غترته والقدس شنهو القبضته تالي ناتجــها صفر انقرر وصافينه خابط وشهب بيه تحصد النار ودولة اسرائيل تبگه ابكـل شبر تزرع دمار والعرب منتظره كلها وشوكت يصدر قرار الطم وون اعله كيفك من يسمعك من تون * * * العدو مأمن ونايــم يــدري مابينه الغيور ويدري سلمنه القياده وصرنه لليعبر اجسور وصرنه مسرح للتجارب وياعراق العزه ثور النكسات نحسبها ونرد واردود من نغلط نعد وبعنه الحضارة والمجد والوطن نعلگ ابخور گبل بس نكسات نحسب ونحسب شظل بالارض وتلعب اسرائيل جوله ابكفيها طول وعرض اشوكت نتحرك احنه ايصير هل الذله فرض سيدي منين اجيبك سيدي ياابو الحسن * * * كافي هل المهزله الكبرى وكافي ضحك اعله الذقون ابكثر ماساومتوا بيــنه ارخــصنه والغالي يهون اذانه تقره الممــحي وگمـنه نســــمع بالعيون ونتعجب بممشه العدل وممشانه صار بتكْ رجل والراح من عنده العقل صار يتشلبه المتون القمه بس الاسم تحمل والقمــم صــار سفح واحنه مجتمعين نخطب والعدو يجني الربح الليل نتسامر ويـــاها لاچن نثور الصبح وعلم اسرائيل عالي انجومه تخفگ بالوطن * * * وشاعرنا ينظر الى ثورة الامام الحسين بن علي –ع- من زاوية مختلفة عن شعراء عصره فهو لا يرى فيها مناسبة نستذكر فيها الالم واللوعه والحزن والاسى من جراء ذلك المصاب الجلل الذي اصابنا بمقتل سبط الرسول وسيد شباب اهل الجنة بقدر ماهي مناسبة يستذكر فيها قيم البطولة والشجاعة والتضحية والإباء وقيم الفضيلة التي استشهد الامام الحسين من اجل احياءها . فهو ينشد مزهواً بموقف الحر الرياحي ويترنم طرباً لموقف مسلم ابن عقيل الذي آبى ان يكون غادراً رغم انه لو اراد ان يفعل لكان له مبرره القوي في فعله غير انه كان قد قطع على نفسه بان لا يغدر ولا يخون . ونرى شاعرنا يتمايل حبوراً حين يصف موقف هاني بن عروة . ويقف شامخاً حين يسطر في ابياته ملاحم العباس ابن علي وهو يكر على الجموع المحتشده والالوف المؤلفه ليشق طريقه الى نهر العلقمي وهو يأمل في ان يحمل الماء الى شفاه الحسين الذابلة او يسد رمق الطفل الرضيع ويسكن روع الاطفال ولهيب النار في اكبادها ويفي بعهدٍ قد قطعهُ الى حبيبة قلبه وبنت أخيه سكينة بنت الحسين ... والسعيدي في مجمل ابياته يبحث عن المفردة البسيطة التي تستقر في القلب وتحرك الوجدان وتوقظ ضمائر الغافلين . فشاعريته مرتبطةٌ باحساسه العميق اتجاه الانسان وملتصقة بالأرض وهي نابعة من ضميره المتيقظ الذي يأبى ان يسلم او يستسلم للرقاد كما يفعل بعض الشعراء . فالشعر عنده اداة يوصل من خلاله افكاره الرامية الى تصحيح وتقويم وتهذيب سلوك المجتمع الذي صار قاب قوسين او ادنى من الانحلال والانحطاط والانحراف لذلك فهو يلجأ الى الشعر الشعبي رغم قدرته على تناول الشعر الفصيح ( القريض ) بنفس قدرته على تناول الشعر الشعبي وان بلاغته لا يشوبها شائب ولا ينقص من قدرها شئ . اذ انه يحاول ان يوصل افكاره الى اوسع مدى من خلال استخدامه اللغة الدارجة ( العامية ) التي تكون موضع فهم لدى الجميع ... في هذا الديوان نبتة طيبة زرعها في ارض خصبة توشك ان تورق خيراً وتحمل الينا ثمراً نلعقه ٌ لعلنا نقدر ان نوقف نزيف الدم على هذه الارض – فهذه رسالة الشاعر في الحياة – لنتلوا جميعاً نشيد الدم ونضع حداً لانتهاك الانسان لاخيه الانسان ....
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |