دراسات نقدية

سيرة الشاعر الكلاسيكي الكردي ..  سيداي كلش

 

حسين أحمد  

 سيداي كلش – شاعر كردي ويكتب باللغة الكردية يعد من الرعيل الأول , منذ نعومة أظفاره عانى من الفقر والجوع والحرمان وعذاب السجون, لقد صادق الشاعر الكردي الكبير جكرخوين وتتلمذ على يديه وإلى الان هوينتمي وبجدارة إلى المدرسة الجكرخوينية في الكتابة الشعرية إذ يقول : في الحقيقة ليس من السهل على أي شاعر أن يحدد وقتا يكتب فيه الشعر لأنها أحاسيس ومشاعر تنتاب الشاعر بين كل فترة وأخرى حسب المناخ الذي يحيط به من حزن إلى فرح وتشاؤم وتفاؤل, وهويحاول دائما أن يعبر عن هذه المشاعر بأساليب مختلفة تتنوع أيضا بين الصرخة والضحكة والدمعة والرقصة ... الخ .الشاعر ذاته يتميز بأنه يعبر بالكلام الموزون المعبر عما يجول في خاطره من مشاعر وأفكار ورؤى يلامس الشعور والعواطف تختلف عن الإنسان العادي لأنه كائن رقيق حساس ومرهف . وصناعة الشعر تختلف من شاعر إلى أخر فهناك من يعول على وحي الشعر وهناك من يعتمد على العلم والمنطق والثقافة الواسعة وخبرة الحياة والمعاناة ومعايشة الإحداث اليومية عبر تراكماتها المختلفة... منذ بداياته قرأ الأدب الكردي بنهم واستلهم من الشعراء أمثال : ملاي جزيري وفقيه تيران ومولوي وكوران ونالي وأحمدي خاني وإلى جلادت بدرخان وكاميران بدرخان واوصمان صبري ونورالدين زازا وروشن بدرخان , وحتى في كتابته للقصيدة الكلاسيكية فله خصوصيته المتميزة عما سبقه من الشعراء الكلاسيكيين الكورد ... لقد كتب سيداي كلش كثيراً عن الطبيعة الكردية الخلابة حيث الجبال العالية والوديان المنخفضة والأنهار العذبة واغاديرها الرائعة وتغنى بها كثيرأً , وكتب عن الحب والثورات وشارك آلام البيشمركة الكردية في قمم جبال كوردستان( زغروس وجودي وهمرين) , كما تغنى وانشد عن( البرزاني) الخالد القائد التاريخي للكورد الذي لن ينساه التاريخ مطلقاً , من خلال تضحياته الكبيرة من اجل وحدة الكورد وخلاصهم من نير الاستعباد, سيداي كلش دائما كان يفرح لانتصارات شعبه ويتألم ويتأوه لانكساراته وهذا ملاحظ لمن يقرا قصائده ويتتبع مسيرته الشعرية.. يقول سيداي كلش :

                      ها قد زال الظلم والاضطهاد ..     
                                 وانكسرت القيود والأغلال ..        
                                         تقدموا أيها الشباب الجديد إلى الأمام ...        
                                                                  الحرية بانتظاركم ...

أدرك كلش أيضا بحسه كشاعر إلى ما ينبع من جوانح قلبه فكتب قصائد عن الحب والروح والعشق  كـ ( gerdena nazik  ) و( ez hatim te bixwazim) . فهوكشاعر رهيف الإحساس وشديد الحساسية ملزم بالحديث عن المرأة ومكنوناتها وإمكاناتها وحضورها الجميل والتي شاهد فيها الحبيبة والمناضلة والأم. ..كما أن كثيراً من قصائده لحنها وغناها الفنانون الكورد في الداخل والخارج . تابع مسيرته الأدبية مع نخبة من الأدباء ورواد الشعر في يقظة الكورد في عموم جفرافية الكردية إلى جانب نخبة من الأدباء والأديبات كـ (عثمان صبري وسيداي تيريز وبيبهار واحمد الحسيني وصالح حيدووالأديبة الكردية ديا جوان والشاعرة خلات احمد والمتألقة ببوار إبراهيم والمتيم بآل بدرخان  كوني ره ش) ظاهرة شعرية في الأدب الكردي لا يمكن تجاوزها وإغفالها على الإطلاق .

 سيداي كلش  ... الشاعر والإنسان.. ( الولادة )  :

اسمه الحقيقي : حسين محمد حسين كلش .. من مواليد قرية( بزكور ) الواقعة ضمن أراضي ولاية (ماردين ) في كوردستان الشمالية في سنة 1930م ، ينحدر من عشيرة ( أومريان ) لعائلة متواضعة من الأب وألام وثلاثة أولاد وفتاة واحدة ويكون ( حسين محمد حسين كلش- سيداي كلش ) هوالابن البكر بينهم .

سيداي كلش ... الصورة المحطمة.. ( الطفولة )   :

 في عام ( 1930) كان ابن سبعة أيام, أرادت والدته أن تقوم بزيارة لأحد أقربائها وعندما شاهدته يلعب بالفانوس وقد تلطخ وجهه بالزيت, خجلت من مرافقته فأخذت بدلا عنه ابن خالته المولود حديثاً وادعت أنه ولدها. في السن الخامسة توفي والده وبعد سنة فقط تبعته والدته في حادث اليم حيث سقطت من على سطح الدار وظلت طريحة الفراش سنة كاملة ثم أسلمت الروح لبارئها .

سيداي كلش ... أيام الزمان .. ( الحراك الاجتماعي) :

 كان الفقر عاما والأمراض منتشرة والتخلف سائدا. فمثلا : الخبز كان مصنوعاً من الشعير أما خبز القمح فكان نادرا إلا في المناسبات ,لذلك تحمل سيداي كلش المسؤولية باكراً ,كونه كان الكبير في عائلته حيث قصد أهل القرية أقربائه في القرية المجاورة بشأن الإشراف على تربيته حتى سن العاشرة , ثم وبناء على وصية والدته تولى( الملا خليل) إحضاره إلى العلامة ( ملا عبد الرزاق )المقيم في سوريا, وكان خليفة للشيخ (احمد الخزنوي ) حيث مكث عنده لمدة ثلاث سنوات من ثم انتقل معه إلى قرية ( كركود ) حيث نال الملا( عبد الرزاق) إجازته في العلوم الدينية. .. في هذا الجوبدا سيداي كلش تعلم أسرار الحياة. وخلال فترة مكوثه في قرية (  كركود ) مع العلامة (ملا عبد الرزاق ) أتيحت له الفرصة الذهبية ليتعرف عن قرب على الشاعر الكردي الكبير( جكرخوين ) , الذي كان يقطن في قرية ( جيلكي ) المجاورة, وكانت شهرته واسعة وصيته رائع ودواوينه تملا الأفاق,إذ كان جكرخوين في تلك الفترة شاعراً هاماَ ومجداَ ،حيث  كانت أشعاره بمثابة بيانات سياسية ألهبت في نفوس قومه الرغبة في التحرر والتقدم. وكان سيداي كلش قد بدا بقراءة دواوينه ابتداء من العام( 1945) عندما صدر له ديوان تحت اسم ( بروسك وبيت ), وقد تعلق به أيما تعلق وتمنى سيداي كلش لوأن باستطاعته النظم والكتابة على هذا المنوال .واعتبر دواوين( جكرخوين) المعين الذي لا ينضب مهما استمد منه ورصيده الذي ألجا إليه ومعلمه الذي اقتداء به .

سيداي كلش .... وأستاذه جكرخوين :

(كان شاعراً كردياً كبيراَ وقومياَ مخلصاَ وإنساناً رائعاً, وأستاذي في الشعر والكتابة والثقافة, فالعلاقة معه علاقة قومية كونه كردي من أبناء جلدتي وأدبية حيث جمع الشعر بين قلبينا واجتماعية إنسانية علاقة المعلم بتلاميذه, وسأعتبره حتى اللحظة الأخيرة من عمري معلمي وأستاذي في كل ماكتبت من شعر وأدب).

سيداي كلش.... في رأيي أستاذه جكرخوين:

(إذا استمر سيداي كلش على هذا المنوال فسيصل إلى آفاق رحبة وواسعة, بالإضافة إلى الاندفاع والحماسة اللتين  يملكهما وحبه للشعر) . إلى جانب ما أتاح له من الدراسة الدينية في قرى( كرعربيد ، خزنة ، كركود ،...) حيث نمت موهبته وصقلت لغته وأغنيت معارفه حتى العام( 1948) م, حيث ترك الدراسة الدينية وبدأ العمل في مجال الفلاحة والحصاد و...., ثم تزوج وأنجب, وصولا إلى العام  1950حيث بدأ الكتابة الشعرية ، وكلما اعترض طريقه شيء وواجهه مشكلة, كان يلجاء إلى أستاذه في الشعر( جكرخوين) حيث كان يرشده بملاحظاته القيمة ونقده الموجه .

سيداي كلش .. النقد وأهميته الثقافية ..؟!

لاشك فيه أن سيداي كلش تعرض كشاعر وكانسان للنقد أسوة بغيره من الشعراء والأدباء, وقد كانت الآراء متفاوتة ومختلفة من مؤيد إلى ناقد, وكان بدوره يرحب بالنقد ويستقبله برحابة صدر, ولكن شرط أن يكون هذا النقد بناء ومبنيا على أسس علمية ومنهجية دقيقة البعيدة عن الإساءات الشخصية . وهنا لابد من الإشارة إلى القول المأثور الذي يقول: (رحم الله من أهداني عيوبي) فالنقد هوالوسيلة الأفضل للارتقاء بالعمل والتطور فيه والتخلص من العيوب والنواقص .

سيداي كلش ...ومفهومه حول إشكالية العلاقة بين الشعر والسياسة:

إن السياسة هي : كيفية التعامل تجاه موقف من المواقف, بينما الشعر هوطريقة للتعبير عن هذه المواقف, فالشعر يجنح إلى النظري أكثر منه إلى العملي, وان كنا لا نستطيع الفصل بينهما ، وأنا برأيي لا أرى فرقا شاسعا بين المسألتين, فالسياسة عمل والشعر قول يعبرعن هذا العمل ,اذا فان كل منهما ملازم للأخر وهذه الملازمة أوجدتها واقعنا الكردي الراهن ,فالسياسي والشاعر ملتزمان بقضية واحدة جوهرية إلا وهي قضية معاناة الشعب الكردي .

سيداي كلش ... وإصداراته الشعرية والثقافية

أصدر سيداي كلش حتى الان ستة دواوين منها خمسة  شعرية وواحدة حكم وأمثال كردية : الدواوين الستة هي:

طريق الشعب        (1981 )

نحن والأعداء        ( 1986)

آلام امة :            ( 1998) 

الشروق :            ( 1999)

نضال  :             (2006 )

حكم وأمثال :        (2006 )

سيداي كلش ... ودواوينه التي لم تطبع :

(الشفق-  الأمل - مذكراتي )

 سيداي كلش كان دائم الحضور والمشاركة في المناسبات الكردية يعانق مشاعر مجتمعه ومن حوله يحس بآلامه ويفرح لفرحه , لذلك وقع عليه الاختيار من قبل اللجنة المشرفة على جائزة جكرخوين الشعرية لعدة أسباب منها :

1ـ كونه من اكبر الشعراء سنا

2 ـ كون جكرخوين كتب مقدمة ديوانه الأول .

3ـ انتمائه إلى المدرسة جكرخوينية الشعرية

4ـ صداقته التي دامت طويلا مع الشاعر جكرخوين.

سيداي كلش ... وحصده للجوائز والشهادات :

نظراً للموقع الهام للشاعر(سيداي كلش) على الساحة الشعرية الكردية وتقديراً لجهوده المضنية في الحفاظ على القصيدة الكلاسيكية ولمشاركاته المستمرة في الساحة الثقافية الكردية عبر فعاليات مختلفة.

فقد نال عدة شهادات تقدير وجوائز قيمة منها:

- وثيقة تقدير من مهرجان الشعر الكردي 2001

- وثيقة تقدير من الملتقى الثقافي في القامشلي 2002

- جائزة جكرخوين للإبداع الشعري في دورتها الأولى في القامشلي 2002 وله أيضاً فسحة كبيرة في العمل السياسي, فهوعضوفي اللجنة المركزية لحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا جناح (عزيز داوود )

- عضوومؤسس لجنة مئوية جكرخوين وتعليم اللغة الكردية. 2004

- عضولجنة تنظيم مهرجان الشعر الكردي في سوريا  2003

- عضوومؤسس منتدى جلادت بدرخان الثقافية 2001

سيداي كلش .. الخاتمة... البداية ..؟!

فكان سيداي كلش بحق شاعراً ومجاهداً ومناضلاً وسياسياً ومدافعاً عن قومه ووطنه بلسان يراعه الذي أيقظ كثيراً منهم إلى جادة الحق والصواب .فكتب اسمه على سويداء قلوب أمته فسيظل التاريخ يذكره كلّ ما جاء ليل اونهار ....؟؟؟؟؟

ـــــــــــــــــ

* -  لقاء شخصي مع الشاعر سيداي كلش

* - لمحة عن حياة الشاعر الكردي سيداي كلش وشعره - جهاد عثمان

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com