|
مقالات
حين يصبح القتل والتفجير فلسفة،وموشيه كاتساف مكرما لإرهاب الدولة!!!
نضال القادري / كاتب وشاعـر أوتاوا، كندا – في 29 أذار 2005
إن التحضيرات تجري على قدم وساق هذه الأيام في كيان الإرهاب "الإسرائيلي"، ويعلن "رئيس كيان الإرهاب الإسرائيلي موشيه كاتساف" في نيسان 2005 عن مبادرة لتكريم مجموعة من الإرهابيين اليهود الذين يحملون الجنسية المصرية بإعطائهم أوسمة البطولة والتمجيد لدورهم في التفجيرات التي نفذت في القاهرة والإسكندرية عام 1954 ضد مؤسسات عامة مصرية وأجنبية بتعليمات من جهاز الإستخبارات "الإسرائيلي" بغرض زعزعة نظام ما بعد سقوط الملكية وقيام النظام الجمهوري الذي كان ما يزال طري العود أنذاك. هذا الكلام يأتي في وقت قد وصلتني فيه الكثير من الرسائل المتحاملة على مقال نشر لي بتاريخ 6 أذار 2005 في وسائل الإتصال المختلفة تحت عنوان:"مقصلة الموساد اليهودي: أرغون وشتيرن وهاغانا وعلى السكين يا سلام!!". إتهمت يومها بأني متحاملا ومن أتباع نظرية المؤمرة التاريخية على اليهود، وبأني عربي ضعيف لا أرقى إلا لصفة كيل التهم يمنة ويسارا من دون الدليل. وأكثر ما هالني، هو قول أحدهم:"إن اليهود أناس طيبون يدافعون عن بلدهم بصورة طبيعية، فلماذا هذا التحامل عليهم؟ وبدنا نعيش كم يوم متل العالم والناس بلا وجع راس، ومش عيب واحد يفاوض، كل الدول العربية لازم تعمل سلام وتعيش بأمان". إن الحقيقة التاريخية التي تتمثّل في طرح منابت الصهيونية الحقة هي التي يجب أن تشد أنظار الجميع إليها، هذه المنابت التوراتية والتلمودية، ومشارب موسوليني والنازية، والفلسفات المتطرفة التي تتغذّى مباشرة وبلا مواربة من المنابع المسمومة، التي عاشت عليها أحياء اليهود المنعزلة، الحاقدة، ومن الأيديولوجيات القومية الفاشية التي نمت في أوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، هذه الأفكار المجردة كانت واضحة، عارية، بلا تجميل أو "رتوش" في عناصرها ومقوماتها ومرتكزاتها الجوهرية. وقد عبر عنها بإخلاص ووقاحة شاعر الصهيونية "زفي جرنبرج"، الذي كان يرى في أن كل نظام جديد في التاريخ ثبت نفسه انطلاقاً من تدمير أعدائه، ومعيار التغيير الوحيد هو كمية الدم المراق!! نعم، أفلا يستحق من ينظر إلى تدميرك تحت كل هذه العناوين، سواء كانت معلنة أم مبطنة، أن تخدش أو تدل على إنجازاته وقدراته وتشهر بها وبأصحابها، وهل أن أصحاب "نظرية المؤامرة" دائما على ضلال في تفكيرهم؟! نعم، لا بد من توضيح سريع لنتعرف بإيجاز على "إنجازات" هذه العصابات التي لم توفر أحدا من حقدها وإجرامها وكرهيتها، وكأن المطلوب حتى لا نتهم بأننا من "أتباع نظرية المؤامرة"، أن نستسلم لقدراتها "الخارقة" تحت معطيات ما يسمى "عملية السلام" أو "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، أو بالإرهاب والعداء للسامية، أو ما شابه في المستقبل. إن الموساد "Mossad"، ستة أحرف تحولت مع الزمن إلى أسطورة في الإعلام، ومعناها:"خدمة الأخبار السرية"، الذي أصبح معروفا كمرادف للاستخبارات "الإسرائيلية". والجدير ذكره، أن مركز الثقل لنشاطات الموساد الخارجية هي البلدان العربية، ويشكل الموقع التنسيقي البالغ الأهمية لنشاطات الموساد الموجهة ضد سورية الطبيعية موقعا متميزا من حيث تصنيف الأهداف الأستراتيجية، وقاعدة هذا النشاط هي ضواحي جنوب فرانكفورت في ألمانيا حيث يقيم الكادر السري للإخوان المسلمين المعادي لسورية، حيث يعملون أيضا تحت حماية وتمويه القوات العسكرية الأميركية المتمركزة هناك. لقد خرج تاريخيا عن هذا الجسم الأسطوري الصيت مجموعة من الفرق والعصابات أهمها: عصابة ستيرن، هاجانا، جوش إمونيم، تي إن تي، وأرغون، بالإضافة لمجموعة من المتفلسفين والمنظرين. والأغلبية الساحقة من هؤلاء المتفلسفين والدعاة عاشوا في أوروبا الشرقية، التي كانت تغلي بالثورة، وتأثروا كثيرا من تصاعد المدّ الاشتراكي والفكر الثوري، ونشاط الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي بوجه خاص. ولذلك فقد لبس معظمهم الأقنعة الثورية، وادّعى الانتماء لليسار وتغنى بمفاهيم الاشتراكية والماركسية إستكمالا لولوج تثبيت حقيقة فكرهم وانتمائهم للصهيونية الشوفينية، ولأهدافها العدوانية، ولروحها العنصرية التدميرية ولجوهرها المعادي للإنسانية. إن فلسفته الصهيونية من نظريات "التفوق العرقي" والصورة المثالية "للأمة المطلقة" و"الشعب المختار" والأفكار والآراء والنماذج الفاشية والقومية المتعصبة في أوروبا قد تجلت في مناظرات "جابوتنسكي" الديماغوجية الوقحة، ومن قبله بالداعية "موشي هس" مؤلف كتاب "روما والقدس" (1862)، والمؤرخ والزعيم الصهيوني "ناحوم سوكولوف". فالداعية "فلاديمير جابوتنسكي"، ولد في روسيا من عائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، وشارك في المؤتمرات الصهيونية في مطلع القرن العشرين وانتقل إلى استانبول، حيث تولى مسؤولية الصحافة الصهيونية بين العام 1909 وحتى 1911، وعمل على المشاركة في تأسيس الصندوق القومي اليهودي والفيلق اليهودي، وشارك مع وحدات "الهاغاناه" في ضرب المظاهرات العربية في القدس عام 1920، وأبرز ما يميزه عن "وايزمن" أن فريق الأخير والقيادة الصهيونية تصرّف وفق سياسة حاذقة، "سياسة الخطوة خطوة" في تنفيذ مشروع ما زال يحبو في المهد، ولا يعلن عن أهدافه الحقيقية، في حين أن "جابوتنسكي" أعلن على كل الدنيا، من دون لفّ ودوران، عن ماهية الأهداف الاستيطانية والإفنائية، وعن الوسائل الإرهابية العدوانية عمليا التي ينبغي سلوكها مع العرب من أجل سلب كل فلسطين، ومن ثم التوجه إلى كل محيطها القومي. أما "ناحوم سوكولوف، فقد حسم التناقض بين الصهيونية كحركة بعث روحي والصهيونية كحركة استعمارية بأن قرر:"علينا أن نكون صهاينة في استعمارنا وروحنا وديننا" (إميل توما، جذور القضية الفلسطينية، بيروت، ص52). ولندلل على ما أنجزته الدولة من إرهاب علينا التطرق لتعريف أدوات هذه الجرائم وشبكاتها: 1. عصابة ستيرن: مجموعة إرهابية صهيونية أسّست في 1940 من قبل "إبراهام ستيرن" (1907ـ1942)، هذه المجموعة نفّذت هجمات إرهابية معادية لبريطانيا والعرب خلال فترة الانتداب البريطانية في فلسطين. 2. هاجانا: هي منظمة عسكرية إرهابية صهيونية في فلسطين المحتلة. نشأت في عهد الإمبراطورية العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى لحماية اليهود المهاجرين. إن العديد من أعضاء هذه الجماعة خدموا في القوات البريطانية في الحرب العالمية الأولى والثانية حيث شكّلت العصابة قاعدة الجيش بعد تأسيس كيان "إسرائيل" في عام 1948. 3. جوش إمونيم: ارتبطت بالهجمات الإرهابية ضدّ العرب والإنجليز في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وأهم الأعمال الإرهابية الرئيسية لعصابة "جوش إمونيم" السرية بدأت من عام 1980 ولمدة أربع سنوات. 4. تي إن تي: هي مجموعة إرهابية معادية للعرب تسمى "إرهاب ضدّ الإرهاب ـ تي إن تي"، هي حركة للمتطرف اليميني رجل الدين اليهودي "مائير كاهانا"، وعرفت أيضا بحركة كاهانا. إن "تي إن تي" مسؤولة مباشرة عن تفجيرات عديدة، وعدّة جرائم قتْل لشخصيات عربية وأجنبية بدأت عمليا في عام 1975. لقد أوردت في مقالي(مقصلة الموساد اليهودي: أرغون وشتيرن وهاغانا وعلى السكين يا سلام!!) الأتي ذكره:"إن كيان "إسرائيل" هي أول "دولة" في العالم استعملت الطرود المتفجرة والشاحنات والسيارات المفخخة في أسواق الخضار والفنادق العربية في حيفا ويافا والقدس وبيروت. إن اليهود إغتالوا الوزير البريطاني اللورد "موين" في مصر بطرد متفجر، والوسيط الدولي الكونت "برنادوت" في القدس (17أيلول1948)، وهي أول "دولة" في العالم تختطف طائرة مدنية سورية في العام 1954، وقامت بتفجير المراكز الثقافية للولايات المتحدة الأميركية في القاهرة والإسكندرية في العام 1955 التي عرفت بفضيحة "لافون"(وزير الحرب الإسرائيلي)، وخططت وقامت بتدبير إلقاء القبض على زعيم الحزب السوري القومي الإجتماعي "أنطون سعادة" بسورية في تموز من العام 1949 وسلمته لبشارة الخوري ورياض الصلح من أجل إعدامه للتخلص من فكرة الأمة السورية التي هي الرد الطبيعي والخطة العكسية على المشروع الصهيوني... ولم تكن الدول كما الأفراد بمنأى عن إرهابهم إذ اختطف جهاز "الموساد" سرا في الليل من المرفأ الفرنسي "شيربورغ" سفنا حربية كانت باريس قد احتجزتها، وقرصنت سفينة يورانيوم لكي تستطيع صنع قنبلتها النووية الأولى. وأيضا، إغتالت المقدم في الجيش المصري "مصطفى حافظ" في 13 تموز 1956 في غزة، وكذلك الملحق العسكري المصري "صلاح مصطفى" بطردين متفجرين في العاصمة عمان (14 تموز1956)، وخمسة علماء ذرة مصريين بطردين متفجرين في تشرين الثاني 1962 في القاهرة، وستة من العلماء الألمان في مصر في عامي 1962 و1963، وأحرقت (15) طائرة مدنية لبنانية في إغارة على مطار بيروت في العام 1968، وأغارت على منطقة "ميسلون" بسورية في العام 1969، وارتكبت مجزرة "مصانع أبي زعبل" ومجزرة أطفال مدرسة "بحر البقر" بمصر في العام 1970، واغتالت الأديب "غسان كنفاني" بواسطة سيارة ملغومة (8 تموز 1972)، وأيضا إغتالت في بيروت "كمال ناصر" و "محمد النجار" و "كمال عدوان" في العام 1973. ودمرت مفاعل "تموز" النووي ومقر منظمة التحرير في تونس عام 1985. وفجرت في العام 1982 أحد قادة فتح "ماجد أبو شرار" في غرفته بفندق في روما، وكان عملاء الموساد يقفون وراء تلك المجموعة السرية التي تسمي نفسها (منظمة تحرير لبنان من الاجانب) والتي أعلنت مسؤوليتها عن تفجيرات بالقنابل في لبنان وسوريا. وإغتالت "خليل الوزير" بتونس في نيسان 1988، ولم يسلم المناضل "فتحي الشقاقي" بمالطة في العام 1995، وسيد الشهداء "راغب حرب"، وسيد المقاومة الإسلامية "عباس الموسوي" أمين عام حزب اللة، والنائب والوزير اللبناني "إيلي حبيقة"، والمقاوم اللبناني "غالب عوالي"، والشيخ الكفيف "أحمد ياسين"، والمجاهد "عبدالعزيز الرنتيسي"، والقائد "أحمد عياش" وغيرهم.. إن الأسماء أتت على سبيل المثال لا الحصر، وأعتذر عن إكمال لائحة الضحايا السابقين ورحم الله اللاحقين!!!".
نعم،
لقد حصل كل ذلك سابقا، ولا ندامة عندهم لذلك. وأخيرا، بعد 57 عاما على إعلان
قيام "الدولة"،
سيمنح رئيس
كيان الإرهاب
"الإسرائيلي
موشيه كاتساف" في نيسان 2005 مجموعة من الإرهابيين اليهود الذين يحملون الجنسية
المصرية أوسمة البطولة والتمجيد لدورهم في التفجيرات التي نفذت في القاهرة
والإسكندرية عام 1954 ضد مؤسسات عامة مصرية وأجنبية بتعليمات من جهاز
الإستخبارات "الإسرائيلي" بغرض زعزعة نظام ما بعد سقوط الملكية وقيام النظام
الجمهوري الذي كان ما يزال طري العود أنذاك. والجدير ذكره، أن أجهزة الأمن
المصرية قد اعتقلت وقتها عدداً لا يستهان به من مواطنين اليهود بتهمة وضع عبوات
ناسفة في مراكز ومؤسسات عامة مصرية، وثقافية أجنبية بأوامر من جهاز الاستخبارات
"الإسرائيلي"، حيث حكمت على الإرهابيين "موشيه مرزوق" و "شموئيل عيزر" بالإعدام
شنقاً، وتم تنفيذ الحكم على ستة آخرين بالسجن والأشغال الشاقة حتى خمس عشرة
عاما. وكان بين المعتقلين الرائد في جهاز الإستخبارات "ماكس بينت" الذي أقدم
على الانتحار في السجن، إلا أن الباقين قد فروا وقتها ولم تنجح الأجهزة المصرية
في الإمساك بهم. وفعلا لم يترك الإرهابيون إلا حتى تاريخ إطلاق سراح المعتقلين
في صفقة تبادل أسرى حرب العام 1967 الذي جرى مع "إسرائيل". عند سماع خبر التكريم الذي صدر عن "رئيس كيان الإرهاب الإسرائيلي"، قال "روبرت داسا"، أحد الإرهابيين اليهود على لائحة التكريم، إن من المؤسف أننا نتلقى شكر الدولة وامتنانها بعد تأخير شديد وسنوات معاناة وعذاب نفسي وبدني مررت بها أنا وزملائي وأقاربنا، وأقارب من صعدوا على المشنقة، ولكن أن يأتي التكريم خير من أن لا ياتي". إن كلام الإرهابي "روبرت داسا" فيه عتب وملامة شديدين، ولكن ألا يفقه هذا الغبي لصعوبة التكريم عملانيا؟! إنه لمن المستحيل على "إسرائيل" أن تكرم أبناءها الأبطال، فكل يوم يمر عبر التاريخ، نشهد به في "إسرائيل" تكريسا لمجرم بطل، ولقاتل بطل، ولكذاب بطل، ولمخادع بطل، ولمستعمر بطل. إن المجتمع كله يستحق التكريم، ونحن نشهد بذلك لمن فاته قدر الإستشهاد وبقي على قيد الحياة!! وفي الختام أقول:حينما يصبح القتل والتفجير فلسفة، وموشيه كاتساف مكرما لإرهاب الدولة!!! نقول لكل الإنسانية: ماذا بعد؟! وإلى أين سيبقى العالم في دائرة النوم المقرر؟! ومن هي الأسماء التي سيكرمها "الموساد" بعد 57 عاما من اليوم؟! ربما سيكرم، كما شهدنا في مصر، أبطالا قاموا ببطولات الفتنة وزعزعة سيادة الدول وتخريب علاقاتها الخارجية. ولكن في هذه المرة، ربما سيكون التكريم بالنسخة اللبنانية: وسوبر ستار العصابة سيقر بمن قتل رفيق الحريري؟! من يدري؟!!!
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |