|
بحوث محنة الطفولة تهديد خطير لحاضر ومستقبل العراق الجديد الطفولة العراقية ضحية الحرب والإحتلال والعنف الطائفي والفساد وعجز الحكومة! (3- 5) د. كاظم المقدادي من أجل الأطفال اليتامى والمرضى والمقعدين ! من أجل مستقبل المجتمع العراقي المهدد بعلل وظواهر مرضية خطيرة مستديمة ! للسنة الخامسة على التوالي،لم يقدم نظام العهد الجديد،الذي نشأ على أنقاض نظام البعث الفاشي البائد، ما يفرح الطفولة العراقية ويسعدها لتشارك أطفال العالم في عيد الطفل العالمي- الأول من حزيران/ يونيو.. في هذه المناسبة،ومن أجل الأطفال اليتامى والمرضى والمقعدين، ومن أجل مستقبل الشعب العراقي،نستعرض في هذا الملف حقائق ومعلومات،معروفة وغير معروفة للجميع، متوخين تسلط الضوء على المحنة الراهنة للطفولة العراقية، التي تدين كل من تسبب بها، وعمل ويعمل على إستمرارها، أو تجاهلها،ولا يريد التخفيف منها،ضارباً عرض الحائط بتداعياتها وإنعكاساتها الخطيرة على حاضر ومستقبل المجتمع العراقي، المهدد بعلل وظواهر مرضية خطيرة مستديمة، ستشوه اصالته، وستتوارثها الأجيال، اَملين التحرك العاجل، وإبداء الرأي وتقديم المقترحات بشأن ما ينبغي القيام به من قبل أبناء وبنات العراق، في الداخل والخارج، تضامناً مع الطفولة العراقية المستباحة !
إستمرار تلوث البيئة وأثره على حياة أطفالنا لم يعد سراً بأن البيئة العراقية ما تزال لليوم مخربة، موبوءة، وملوثة بمختلف أصناف الملوثات الخطيرة..طبعاً التلوث ليس وليد اليوم، وإنما كان منتشراً وبدرجات خطيرة قبل سقوط النظام السابق، لكنه تزايد أكثر وتفاقم، فشمل مناطق أخرى لم تكن مشمولة به، أو كانت أقل تلوثاً نسبياً، بعد حرب عام 2003، نتيجة لعدة عوامل، وأولها: ما أحدثته الأسلحة الجديدة والمطورة،التي إستخدمت خلالها،من دمار وخراب وفناء جماعي، ونشر للإشعاعات والسموم القاتلة. يضاف إلى ذلك عمليات النهب التي طالت مركز هيئة الطاقة النووية العراقية في التويثة،ورمي محتويات مئات البراميل والحاويات الكبيرة الخاصة الحافظة لمواد مشعة، في المزارع والسواقي القريبة وفي نهر ديالى، وحتى في بالوعات منازل المنطقة، لجهل الفاعلين بخطر فعلتهم تلك.وأكدت القياسات الإشعاعية العلمية، التي أجراها خبراء نوويون، للعشرات من البيوت والمزارع المحيطة بمقر التويثة، تسرب التلوث الإشعاعي الى كل مكان، حتى في مقتنيات البيوت،وكان بدرجة خطيرة جداً، إذ بلغ أكثر من 500-600 ضعفاً .ووجدت العالمة ريان تولي في أحد المنازل جرعة الإشعاع قد بلغت أكثر من 10 الآف مرة الحد المسموح بها. علماً بأن فريقها وضع علامات تنبه الى خطورة المنطقة،أزالها الجيش الأمريكي فيما بعد. وكل هذا أضيف الى إشعاعات وسموم الحرب التي أعقبت جريمة غزو الكويت في عام 1991، وأرهق البيئة العراقية بملوثات إضافية، وفاقم من تدهورها على نحو أوسع وأشد،مؤدياً الى مزيد من الخراب البيئي وتدهور الصحة العامة، وبخاصة صحة الطفولة العراقية . واليوم يوجد نحو 160 ألف عراقي مصاب بالسرطان والأورام الخبيئة، غالبيتهم من الأطفال الصغار،الذين يموت منهم سنوياً أكثر من 8 اَلاف مريضاً، بسبب ضعف أجسادهم، ونقص الأدوية، أو للتأخير في التشخيص لقلة الكوادر الطبية المتخصصة العاملة حالياً، ولشحة الأجهزة والمعدات الطبية اللازمة.. منذ 16 عاماً ونحن نحذر، عبر وسائل الإعلام العربية والعراقية، وفي مؤتمرات دولية، من حصول كارثة بيئية وصحية وخيمة تسببها إشعاعات ذخائر اليورانيوم المنضب.ونبهنا مرات ومرات الى أن تداعياتها لن تقتصر على الجيل الحالي، بل وستطال الأجيال القادمة، وضحيتها الأولى والأساسية هم أطفال العراق الأبرياء- براعم وعماد حاضر ومستقبل شعبنا العراقي، مستندين في ذلك الى دراسات علمية والى أبحاث العديد من العلماء الأجانب، ومنهم الكندي هاري شارما، والبريطاني كريس بسبي، والهولندية ريان تولي،والألماني سيغفرت- هورست غونتر، والأمريكي أساف ديوراكوفيتش، والكندي تيد ويمان،وغيرهم،الذين زاروا العراق، وقاسوا بأنفسهم، وبأجهزتهم الخاصة مستويات الإشعاع في العراق. فمثلاً أثبتت العالمة الهولندية ريان تولي ـ المختصة بالإشعاع، والتي عملت ضمن فريق «غرينبيس» الذي زار منطقة التويثة وفحصها ميدانياً في حزيران/يونيو العام 2003ـ أن الناس في الاماكن القريبة من التويثة يستقبلون اشعاعا في نصف ساعة يعادل الحد الاقصى الذي يستقبله الشخص خلال عام كامل بالمعايير الغربية، مما يعرضهم لمخاطر كبيرة للاصابة بالسرطان وغيره من امراض الاشعاع.وقد عثر فريقها على نشاط إشعاعي في منازل هناك يفوق المستوى الطبيعي للإشعاع بعشرة آلاف مرة؛ ووجد مصدراً مشعاً خارج مدرسة ابتدائية تضم 900 تلميذ، تفوق قدرته الإشعاعية المستوى الطبيعي بثلاثة آلاف مرة؛ وكان السكان المحليون لا يزالون يخزّنون الأغطية والبراميل المشعة في منازلهم.. وفي أيلول/سبتمبر- تشرين الأول/ أكتوبر 2003،قام المركز البحثي الدولي المستقل UMRC المتخصص بطب اليورانيوم بإجراء دراسة ميدانية إشعاعية علمية واسعة، في كافة مدن وسط وجنوب العراق، من بغداد وضواحيها وإنتهاءاً بأبي الخصيب، وأثبتت إنتشار التلوث الإشعاعي في كل مكان،في التربة والهواء والماء، وفي أجسام المواطنين الملامسين، وفي جثث القتلى، وفي الأنقاض، وبنسب تجاوزت الحد المسموح به بأكثر من30 ألف مرة في العديد من المناطق العراقية. وفي أواخر اَيار/مايو 2005،حذر خبير دولي من المخاطر والآثار الجانبية التي تركتها الاسلحة الكيماوية، والمواد المشعة، مثل اليورانيوم المنضب، على الصحة العامة في العراق.وأعلن روبرت بسيت - مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في العراق، في مؤتمر صحافي عقده في عمان، بإن هذا التلوث شكل تحديات بيئية كبيرة في العراق،وأصبح يشكل مصدرا للقلق في جنوب العراق على وجه الخصوص، مشيرا الى ان القوات البريطانية افرغت 1.9مليون طن من المواد المشعة في هذه المنطقة.
ركام الحرب وأطفالنا في حرب عام 2003 إستخدمت القوات الأمريكية والبريطانية، مجدداً، ذخائر اليورانيوم المشعة، وهذه المرة بكمية فاقت ما إستخدمته عام 1991 بنحو 6 أضعاف، أما شدتها الإشعاعية، وبالتالي التدميرية، فتجاوزت الـ 400 مرة- بحسب العالم الأمريكي دوراكوفيتش. ومع ان الحرب توقفت منذ عدة أعوام إلا أن ركام الحرب المضروب بتلك الأسلحة، وهو مشع وسام كيمياوياً، وسيظل هكذا لاَلاف السنين، ما يزال ينتشر في أرجاء العراق،في المزارع وفي أطراف المدن وداخلها، وبالقرب من الأحياء والمناطق السكنية، ويتجمع حوله، ويلعب فوقه الأطفال الصغار، وهو ملوث إشعاعياً.أثبتت ذلك القياسات الإشعاعية. بينما كل ما عملته الجهات المسؤولة هو تجميع قسم منه، وليس كله، في "مقابر" مكشوفة، في أطراف المدن، متاحة للعبث،وقد أخذت منه كميات كبيرة،وجرى إستخدامها كخردة / سكراب، في صناعات وحرف عديدة، وبذلك إنتقلت إشعاعاتها الى المواطنين. وأصيب المئات، بل الآلاف من الأطفال بالسرطان والأورام الخبيئة وغيرها. ولم يسلم العراقيون الذين غادروا البلد بعد عام 1991 من الإصابات السرطانية القاتلة.فقد أكدت نتائج دراسة أجريناها في الخارج أن اللعب عند الركام المذكور هو أحد أسباب وفيات الأطفال العراقيين في الدول الأوربية، ممن غادروا العراق بعد عام 1991- راجع " الثقافة الجديدة"، العدد 318، 2007. وفيما منعت الكويت والأمارات العربية المتحدة والأردن في وقته دخول السكراب العراقي الى أراضيها،بعد تقارير أكدت تلوثه بالإشعاع،أُعلن في عام 2006 عن تشكيل لجنة مركزية من قبل مجلس الوزراء العراقي تكون مسؤوليتها تجميع مادة السكراب الموجود في الشركة العامة للحديد والصلب في البصرة وشركة الصمود العامة في منطقة التاجي، ولم يوضح أحد ما الغرض من التجميع، وهل ستسبقه عملية تنظيف،أو على الأقل التأكد من خلوه من الإشعاع، وهو الأهم،قبل الإستفادة من مادته. وكنا قد حذرنا من خطورة إستخدامه، وتأكد ما ذهبنا إليه[1].وأطلقت العديد من مديريات البيئة في المحافظات العراقية تحذيرات مماثلة.اَخر التحذيرات أطلقتها دائرة صحة محافظة بابل مشيرة الى تزايد حالات الاصابة بالامراض السرطانية نتيجة استعمال المواطنين لمخلفات منشآت التصنيع العسكري المنحل في منطقتي الاسكندرية والمسيب.وقال الدكتور محمود عبد الرضا- مديرعام صحة بابل- ان الكثير من العوائل القاطنة في المنطقتين المذكورتين تستخدم المعدات الملوثة بالاشعاعات التي حصلت عليها أبان عمليات نهب منشآت حطين والقعقاع والمثنى عقب سقوط النظام السابق-سنأتي بعد قليل وبالتفصيل على الإصابات المرضية. وعدا هذا، ما أنفكت القنابل والذخائر غير المنفلقة،أو المنفجرة، وأسلحة محطمة، وملوثات كيماوية، متناثرة جراء حربي 1991 و 2003،في مواقع مدنية كثيرة، تهدد لليوم أرواح أطفالنا، وتشكل أخطاراً جمة.وثمة عشرات الملايين من الألغام المزروعة في الأراضي العراقية، حيث اعلنت الهيئة الوطنية العراقية لشؤون الالغام التابعة لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي عن وجود 25مليون لغم تحت الارض، لم تستخرج بعد، اضافة الى 3 ملايين طن من الصواريخ، والقنابل، والذخائر، مازالت مهملة في مناطق متفرقة. وقالت ان هذه تقديرات اولية، اذ تشير الدلائل الى وجود اعداد اكبر لم تزل مدفونة تحت الارض، وموزعة بين الحقول والمزارع.وقدرت الهيئة عدد المناطق الملوثة بالألغام والمقذوفات بأكثر من 2000 موقع في بغداد والمحافظات. وأثبتت آخر المسوحات للألغام الأرضية، والتي شملت 12 محافظة، و11 الف و 250 منطقة سكنية، إن أكثر من 4000 منطقة مشكوك بتلوثها. وأكدت الهيئة الوطنية لشؤون الألغام ان ثلثي سكان العراق يعيشون بالقرب من المناطق الملوثة بالالغام والقنابل غير المنفلقة.وأظهرت التقارير التي صدرت مؤخرا عنها ان 11 مليون و 800 ألف نسمة يتأثرون بشكل مباشر بهذه المشكلة، اي بحدود 9995 تجمعا سكانيا، منها 2678 تجمعا تبعد منطقة الخطر عنها بمسافة تقل من كيلو متر واحد. وقدرت التقارير ان 50% من الاراضي الزراعية ملوثة بالالغام والاعتدة غير المنفلقة. وبصدد الأطفال، نشير الى تأكيد ستيفان دي مستورا- نائب المندوب الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، والمنسق العام للبرنامج الإنساني في العراق بان الألغام الأرضية تزهق أرواح المئات من الأطفال في العراق، حيث يشكل المدنيون ما لا يقل عن 99 بالمئة من ضحايا الذخائر غير المتفجرة من بقايا الحروب، ويمثل الأطفال دون سن 14 عاماً ربع المجموع الاجمالي للضحايا. ويعد الأطفال أكثر عرضة للإصابة أو الموت جراء الجروح الناجمة عن الذخائر غير المتفجرة من الكبار حيث ينجذب الأطفال الى المنظر الخارجي المتميز وذي الألوان البراقة لهذه الأجسام القاتلة.واوضح السيد روجر رايت- الممثل الخاص لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" في العراق بأن معظم الأطفال الضحايا يفقدون الحياة قبل وصولهم الى المستشفى. من جانبها اكدت السيدة فالبورغا انجلبريخت-القائمة بأعمال مكتب المفوضية العليا لشؤون الاجئين التابعة للأمم المتحدة في العراق بأن اللاجئين والمهجرين من الأطفال هم الأكثر عرضة للتضرر من الذخائر غير المتفجرة لأنهم على الأغلب غير مدركين لمخاطر اللعب والعبث والعبور ما بين المناطق الخطرة. ومن المفارقات المحزنة،التي ليست غريبة على المسؤولين العراقيين، أنه لا توجد احصائية رسمية لعدد الاطفال الذين قتلوا او أصيبوا بالعوق والتشوهات او العاهات المستديمة، بسبب إنفجار الالغام. وتؤكد السجلات والوقائع والتقارير الدولية تصاعد عدد الاطفال الذين لقوا حتفهم، أو أصيبوا بعجز بسبب انفجار الالغام.وأفاد الدكتور حيدر حسن طارش بان مئات الآلاف من الاطفال العراقيين يمشون على عكازات حالياً، وقد قطعت اطرافهم العليا او السفلى بسبب الالغام او الانفجارات والمفخخات، وان الطلب على الكراسي المتحركة والاطراف الصناعية يتزايد مع تزايد ضحايا الالغام والسيارات المفخخة.
الأمراض السرطانية قبل عامين،أشارت تقارير طبية الى وجود أكثر من 160 ألف عراقي مصاب بأمراض سرطانية وأورام خبيثة، يموت منهم سنوياً نحو 8 اَلاف مريضاً.وأكدت مصادر وزارة الصحة بان مستشفى الإشعاع والطب الذري في بغداد يستقبل يومياً كمعدل متوسط 100 حالة سرطانية جديدة. ويتوقع الخبراء أن يصل المعدل السنوي للإصابات السرطانية الى نحو 25 ألف حالة، وهذا الرقم لم يبلغه بلد في العالم سوى اليابان بعد جريمة إلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في الحرب العالمية الثانية. وأعترف مصدر صحي مسؤول بان سرطان الاطفال في العراق اكثر شيوعا من مثيلاته في الغرب، ويشكل 8 بالمائة من حالات السرطان كافة في العراق، مقارنة بواحد بالمائة في الدول المتقدمة، وان أكثر السرطانات شيوعاً بين الاطفال هو سرطان الدم، تليه سرطانات الجهاز اللمفاوي، والدماغ، واورام الجهاز العصبي. ويؤشر سجل السرطان زيادة في عدد ونسب حالات سرطان الدم في المحافظات الجنوبية من العراق. فعلى سبيل المثال شكل سرطان الدم في محافظة البصرة نسبة 9- 12%.وفي محافظة ميسان بلغت نسبته 14%. وقبل أيام اشارت صحيفة "القلعة" لدراسة علمية قام بها فريق بحثي تابع لكلية الطب بجامعة البصرة بالتعاون مع دائرتي صحة محافظتي ميسان والبصرة كشفت فيها النقاب عن وجود 10 انواع من السرطان متوطنة في جنوب العراق وتحديدا في محافظة ذي قار وميسان والبصرة.وجاء في الدراسة ان الانواع السرطانية تشكل 75% من مجموع وفيات السرطان بشكل عام. واعتمد الباحثون في معلوماتهم علي مكتب تسجيل الوفيات في المراكز الحضرية في المحافظات التي شملها المسح عام 2006.ويذكر ان القوات الانكلوـ امريكية استخدمت خلال احتلالها العراق عام 2003 مواد مشعة تسبب السرطان وكان ابرزها اليورانيوم المنضب[8]. وفي بابل ارتفع معدل الاصابة بامراض السرطان في منطقة الفرات الاوسط بنسبة 95% عن السنوات السابقة. وقد سجل الدكتور شريف العلوجي- إختصاصي أمراض السرطان والأورام- أكثر من 5465 حالة سرطانية منذ عام 1990 ولغاية 25/8/2005، موضحاً إرتفاع الحالات السرطانية 7 أضعاف عام 2004.وفي نينوى، أكدت إحصائيات مستشفى الاورام والطب النووي في المحافظة بأن عدد مرضى السرطان والوفيات بهذا المرض بلغت، خلال عامي 2004 و 2005 نحو4711 مريضاً عراقياً..وأرتفع عدد مراجعي المستشفى من الف شخص تقريباً في السابق الى 5 الاف مراجع حالياً. وتؤكد احصائيات منظمة الصحة العالمية عن العراق بعد العام 2003 بان سرطان الدم يشكل 30.5 % من مجموع السرطانات الشائعة عند الاطفال، يليه سرطان الغدة اللمفاوية 25.7% ، وسرطان الدماغ 13.6%، وسرطان الغدد الصماء 5.9% وسرطان العظام 5.1% وسرطان العين 4.5% ،يليه سرطان الانسجة الرخوة والكلى والمبيض. وأكد تقرير نشرته وكالة (IRIN) التابعة للامم المتحدة، بان 56 بالمئة من المصابين بامراض السرطان في العراق عام 2004 هم من الاطفال تحت سن الخامسة، بالمقارنة مع نسبة 13 بالمئة قبل 15 سنة. وقد حصلت زيادة 20 بالمئة بالاصابات مقارنة بعام 2003، علماً بأن الإحصائيات المذكورة لم تشمل الحالات المسجلة في المستشفيات الخاصة. لقد لعبت ذخيرة اليورانيوم المنضب الأمريكية دوراً كبيراً في إرتفاع نسب السرطان في العراق.وهذا ما أكده في أيلول 2005 خبير بيئي دولي،مبيناً بأن الاستخدام المفرط للمواد الكيميائية والمشعة في العراق هو السبب في ظهور الأمراض العديدة. وأعلن الدكتور وجدي هيلو- رئيس قسم البيئة والصحة المهنية في جامعة ستوني بروك الاميركية، بأن البيئة في العراق ملوثة بدرجة كبيرة مما ادى الى ظهور العديد من امراض السرطان، والجلد، والجهاز التنفسي. واوضح هيلو بان البيئة في العراق عانت بشكل كبير خلال الاعوام الثلاثين الماضية من استخدام الاشعة والكيماويات في الحروب، وفي الصناعة، وفي الاستعمال اليومي، من دون اعتبار للبيئة.
إنهيار الخدمات الصحية وإنعكاسه على حياة أطفالنا أكد مسؤولون طبيون إن 50% من الجرحى الذين يقعون ضحايا للانفجارات يفقدون حياتهم اما بسبب الإنفجارات نفسها أو لتأخر وصول المصابين للمستشفيات، أو بعد وصولهم لها، بسبب قلة الكوادر الطبية وشحة الادوية[2]. وكل من زار مستشفياتنا،حتى في العاصمة بغداد،يصطدم بواقعها البائس! وتجدر الاشارة هنا الى تقرير لمنظمة الهجرة الدولية IOM اشار لزيادة عدد الوفيات اثناء الولادة بسبب عدم توفر وسائل الانقاذ الكافية والعناية بعد الولادة في البيت، بالاضافة الى ان العديد من العيادات الطبية لاحظت زيادة عدد حالات الاجهاض لآن العائلة ليس لديها القابلية الاقتصادية بما يعيل فردا جديدا[3]. ومع إنتشارالتغذية الصناعية للرضع على نحو واسع في العراق،وفي ظل التلوث المنتشر، إزدادت مخاطر إصابة الأطفال الصغار بالأمراض، مثل الإسهال وذات الرئة. وهذه الأمراض بدورها تُفاقم سوء التغذية. ويُشكل الإسهال خطراً رئيساً في غياب الماء النقي والوسائل الصحية الأساسية، التي لم يطرأ تحسن عليها،للأسف، في ظل العهد الجديد. في عددها الصادر يوم الجمعه 19/1 /2007، نبهت صحيفة "الاندبيندت" الى المحنة الفظيعة لأطفال ٍ يموتون بسبب قلة الأجهزة الطبية البسيطة ، التي لا تزيد كلفتها في بعض الحالات على 95 باوند. وأشارت الصحيفة الى رسالة وقعها مائة طبيب مدعومين من منظمة المحامين الدولية الى الظروف الصعبة في المستشفيات العراقية، مضمونها يكشف عن خرق اتفاقيات جنيف التي تتطلب من الولايات المتحدة وبريطانيا، كقوات احتلال،أن تحمي حياة الناس .وقال الأطباء : " إن الأطفال المرضى أو المصابين ، الذين يمكن معالجتهم بطرق بسيطة ، يتركون للموت بالمئات ، لأنهم لا يملكون الادوية الاساسية والمصادر الاخرى اللازمة للعلاج، مثل الادوات الطبية ".وأضافوا:" إن الأطفال الرضع يزودون بالاوكسجين بواسطة انبوب بلاستيكي في انوفهم فيموتون لعدم وجود قناع أوكسجين ، بينما يموت اطفال اخرون بسب قلة فيتامين K ، او الإبر المعقمة وهي لا تكلف سوى 95 باونداً".ولدى المستشفيات امل ضعيف في منع اصابات قاتلة للاطفال الرضع . ويشير الاطباءالى ان بعض الامراض تنتقل بسبب عدم وجود الكفوف الجراحية والتي لا يكلف الزوج منها سوى 3.5 باوند . وحث الاطباء المملكة المتحدة على تجهيز المستشفيات العراقية بالوسائل اللازمة لمعالجة الاطفال من مبلغ اعمار العراق والبالغ 33 مليار دولار . ويعتقد الأطباء بأن أكثر من 14 مليار دولار قد اختفى نتيجة الفساد والسرقة ودفعات الى مرتزقة . إن النظام الصحي في العراق يسير- بحسب الدكتورة ميسان عبدالرحمن- طبيبة أطفال متخصصة في مستشفى الطفل التعليمي ببغداد- نحو الإنهيار، واستمراره حتى الآن يعود فقط إلى دعم كل من اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية. بيد ان الحاجة ملحّة إلى المزيد من الفعل في ظروف موت مئات الأطفال بسبب أمراض بسيطة يمكن معالجتها بسهولة في حالة توفر الأدوية المناسبة مثل الإسهال وذات الرئة.وأكد تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر بأن الوضع الإنساني في العراق يزداد سوءاً ويصيب آثاره جميع العراقيين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. بعد هذا،هل تستغربون إذا علمتم أن العراق سجل في عام 2005 أعلى معدل لوفيات الأطفال في العالم ؟ هذا ما كشف النقاب عنه تقرير صحي أمريكي حديث، مؤكداً أن نسبة بقاء الأطفال على قيد الحياة في العراق حتى ما بعد سن الخامسة، قد تراجع بشدة ليحتل العراق ذيل الترتيب العالمي خلف مجموعة من أفقر دول العالم مثل بوتسوانا وزمبابوي، بعدما تضاعفت وفيات الأطفال فيه 150 في المائة.وأكد التقرير الذي أعدته منظمة "أنقذوا الأطفال" أن طفلاً من بين كل 8 أطفال في العراق يموت قبل أن يبلغ سن الخامسة، نتيجة الأمراض والعنف. وتوجه التقرير بالنقد اللاذع لحكومة بغداد التي اتهمها بإهمال القيام بأي جهود في سبيل تحسين أوضاع الأطفال [4]. وأكد تقرير المنظمة المذكورة بان 30 بالمئة من وفيات الأطفال في العراق يعود سببها الى أمراض قابلة للعلاج، مثل الإسهال وذات الرئة، لكن تردي الرعاية الصحية، وإنتشار سوء التغذية وسط الأطفال، وإزدياد عدد الأطفال الذين يعيشون في أوضاع سيئة، مع إستمرار العنف،حال دون إنقاذهم .. وحسب التقرير المذكور كان يموت 50 طفلاً من كل ألف ولادة حية قبل عام 1990 إرتفع حالياً الى 125 وفاة لكل ألف ولادة حية،أي بزيادة مرتين ونصف.وتضيف المنظمة بان 122 ألف طفل قد توفي خلال عام 2005 وحده قبل بلوغهم سن الخامسة.ويعود أكثر من نصف العدد لأطفال حديثي الولادة بعمر الشهر الأول من حياتهم[5]. علماً بأن منظمة الصحة العالمية نبهت الى ان الشحة المزمنة لمياه الشرب في العراق اصبحت تهدد بارتفاع معدلات الاصابة بالاسهال بين الاطفال، وما يزال ملايين الاطفال يواجهون صعوبة في الحصول على الماء برغم مرور 4 سنوات على اندلاع الحرب.وقد اصبحت شبكات توزيع المياه مصدرا لنقل الامراض الخطرة التي تنتقل بواسطة المياه. ونوه بيان المنظمة العالمية الى تعرض اطفال العراق بشكل خاص للاصابة بامراض الاسهال التي ما تلبث ان تتحول الى سوء التغذية الحاد[6]. من جهتها لفتت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الى ان مرافق الرعاية الصحية تعمل بأقصى طاقاتها وهي تكافح يوماً بعد يوم لاستقبال الأعداد الكبيرة من المصابين ،وهناك الكثير من المرضى والجرحى الذين لا يذهبون إلى المستشفى لأنها ترى في ذلك خطراً شديداً، فيما يتكرر تهديد المرضى وأفراد الأطقم الطبية أو استهدافهم. وأضافت "غالبا ما تكون المياه ملوثة بسبب رداءة أحوال شبكات الصرف الصحي والامداد بالماء وبسبب تفريغ مياه البالوعات غير المعالجة في الأنهار التي هي المصدر الرئيسي لمياه الشرب." وتابعت"كما أن نقص الكهرباء والوقود وعدم صيانة البنية التحتية يعني أن الامداد بالماء النظيف غير منتظم ولا يعول عليه، وأن التخلص من مياه المجاري لايتم بشكل ملائم". وحذرت منظمة اليونيسيف من التدهور المتواصل لأوضاع الأطفال العراقيين،وذكرت بأن الوضع الإنساني لأطفال العراق قد تدهور كثيراً، سواءً داخل العراق أو في الدول المجاورة التي تستقبل اللاجئين. وناشدت المنظمة المجتمع الدولي على زيادة وتسريع المساندة للأطفال العراقيين الذين يواجهون خطر المرض وسوء التغذية بشكل متزايد[7].
عمى البصيرة والضمير الميت.. الى متى ؟!! إنهيار الخدمات الطبية والصحية مشكلة صارخة وجلية للعيان.يبدو ان المسؤولين المصابين بعمى البصيرة هم الوحيدون الذين لا يقرون بذلك! ليس هذا فحسب، بل وشنوا حرباً شعواء على تقرير منظمة الصليب الأحمر الدولية الذي تمت الإشارة فيه إلى تردي الخدمات الصحية،حتى ان وزير الصحة الدكتور علي الشمري- المستقيل- وصفه بأنه "كتب من وحي الخيال"، مع إعترافه بوجود أزمة في الخدمات الصحية، ووجود مشكلة في عملية إيصال الأدوية إلى العراق وتوزيعها على المؤسسات الصحية، وان اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء كانت وراء تأخر تنفيذ العديد من العقود [9]. بعد مرور أكثر من عام على تشكيل لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب طرح يوسف المحمداوي الكثير من التساؤلات المشروعة، التي يفرضها الواقع الصحي والبيئي باعتبار اللجنة هي عين المواطن على وزارتين مهمتين (الصحة والبيئة) كسلطة رقابية.. فماذا فعلت اللجنة وهي ترى مدن العراق بصورة عامة تعيش في واقع صحي وبيئي مزريين، الماء والجو والارض تعيش اقصى حالات التلوث البيئي، وصورة المجاري الطافحة اصبحت مشهدا يوميا كبديل عن ساحات الورد والمتنزهات التي كنا نحلم بها في زمن الديمقراطية الموهوم، مناطق العراق يفتك بمواطنيها شبح الامراض ومن لم تحصده وحشية اساليب الارهاب تلتقفه ادران ما أنزل الله بها من سلطان الف داء وداء غير مألوف وهجين على قواميس الطب، الدواء الصالح للاستخدام البشري اصبح في خبر كان ومذاخرنا تملأها بضاعات لمعامل وهمية وماركات مزورة الاجهزة الطبية غائبة عن مؤسساتنا الصحية البالية والكفاءات والعقول العلمية هجرها الارهاب الخارجي والداخلي اما للمنافي او للقبور، الولادات المصحوبة بالتشوهات الجنينية اصبحت سمة بارزة للولادات الحديثة.. ولاوجود لاية مشاريع واضحة المعالم تعطي للمواطن الامل بحدوث تحسن يذكر ولذلك نتساءل بمرارة وألم :اين لجنة الصحة والبيئة وهي ترى موازنة 2007 تضيع كسابقتها 2006 في اسواق الفساد الاداري التي استوطنت كيان الدولة العراقية[10]. من جهتها، أكدت صحيفة " الصباح" الرسمية أن اداء وزارة الصحة شهد تراجعا واضحا خلال السنوات الثلاث الماضية تمثل بعطل اجهزة الفحص الطبي وقلة الادوية في اغلب المؤسسات الصحية مما زاد من معاناة المواطنين وهم يحاولون الحصول على خدمات علاجية جيدة. وعلى الرغم من اصلاح معظم الاجهزة الا ان الوزارة مازالت تواجه الكثير من المشاكل في مقدمتها قلة الادوية لا سيما في العيادات الطبية الشعبية وقلة الملاكات الطبية والتمريضية في الكثير من المؤسسات الصحية. و وصف مفتشها العام الدكتور عادل عبد الله أداء الوزارة خلال عام 2006 بانه كان الأسوأ في تاريخها حيث تمت إحالة مئات قضايا الفساد الإداري والمالي إلى القضاء بالإضافة إلى تشخيص العديد من المشاكل التي كانت ولا تزال تعاني منها وزارة الصحة، في مقدمتها قلة الأطباء الاختصاص في المستشفيات العامة وردهات الطوارئ.. [11]. وحول قضية تصفية الكوادر الطبية ومغادرتها للعراق تخلصاً من القتل، تساءلت " الصباح": من سيحافظ على الملاكات الطبية والتمريضية ويقدم لها الحماية المناسبة ؟ وهل من قانون يوفر لهم الحماية وينزل اقصى العقوبات بمستهدفيهم ؟ [12]. أتعلمون: لـ "معالجة" ما يعانيه العراق من استنزاف الأطباء مع انتشار العنف، ولـ "وقف" هذه الظاهرة، أعادت حكومة المالكي تطبيق إجراء من عهد صدام حسين المقبور يحظر على كليات الطب إصدار وثائق ودرجات التخرج للخريجين الجدد حتى لا يغادروا العراق[13].. هكذا،بأساليب الإكراه عاد المسؤولون" يحلون" المشاكل المستعصية!! .. فهل يعول أحد على مثل هؤلاء المسؤولين لحل مشاكل أطفالنا الملحة والعاجلة ؟.. أترك لكم التعليق.
الهوامش: [1] - إنظر: د.كاظم المقدادي،حذار من الحديد السكراب من مخلفات الحرب!،"البيئة والحياة"،العدد الثامن،أيلول 2006. 2 - مستشفيات بغداد: 50% من جرحى الانفجارات يفقدون حياتهم ..أهالي الضحايا يستخدمون القوة لاستقدام الأطباء.. و50 إلى 70% من الكوادر المؤهلة هجرت، بغداد: نصير العلي ،الشرق الأوسط،14/5/2007 3 - زهراء البيرماني، الموت وأطفال العراق،"إيلاف"، 21/1/2007 4- العراق صاحب أعلى معدل لوفيات الأطفال في العالم، نيويورك- (CNN)،8/5/2007 5- IRAQ: Child mortality soars because of violence, poor health care,Baghdad-(IRIN),15 May,2007 6- المياه الملوثة تزيد معدلات الوفيات بين الاطفال في العراق،"الصباح"،16/4/2007 7- اليونيسيف تحذر من التدهور المتواصل لأوضاع الأطفال العراقيين،راديو الأمم المتحدة، 20 نيسان/أبريل 2007 8 - صحف بغداد: 9 ملايين عراقي تحت خط الفقر.. وانتشار واسع للامراض السرطانية في الجنوب،بغداد ـ من ضياء السامرائي،"القدس العربي" ، 14/5/2007 9- وزير الصحة : تقرير منظمة الصليب الأحمر الدولي نسج من وحي الخيال ،بغداد – سعدي غزالة،"الصباح"،14/4/2007 10- يوسف المحمداوي، لجنة الصحة والبيئة ،"الصباح"، 27/5/2007 11-بعد تراجع أداء القطاع الصحي هل ينجح وزير الصحة الجديد في النهوض به؟،بغداد - سعدي غزالة،"الصباح"، 8/5/2007 12- إستهداف الأطباء إستنزاف لثروة وطنية ، صـباح زنـكنة، "الصباح"،8/5/2007 13- حكومة المالكي تعيد العمل بإجراء من عهد صدام لمنع استنزاف الأطباء،بغداد: كارين بروليارد-* شارك في هذا التقرير سعد العزي وكي أي ابراهيم -خدمة «واشنطن بوست» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)، 6/5/2007
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |