|
بحوث لمحات من قيادة الامام الصادق للامة .. القسم الاول
د. السيد علاء الجوادي مقدمة الإمام الصادق(عليه السلام) من أكبر القيادات الإسلامية في التاريخ لما له من أدوار علمية واجتماعية وسياسية وتربوية في الاُمة الإسلامية، وفي هذه الكلمات نسعى لتسليط الضوء على جوانب من قيادته للاُمة ودوره في توجيه المسيرة الإسلامية في ظرف من أصعب الظروف التي مرّت بها الاُمة الإسلامية والنخبة الصالحة بعد رسول الله والأئمة المتقدمين من آل محمد صلوات الله عليه وعلى أهل بيته الأطهار. نحاول في هذه الصفحات ان نستذكر والقارئ الكريم جوانب من حياة هذا الامام القدوة الكريم.
منهجية البحث ساشير في هذا العنوان الى بعض المفردات لتوضيح منهجي في تقديم هذه الخلاصة المختصرة عن دراسة الامام جعفر الصادق علية السلام وقد اسميتها " لمحات من قياد الامام الصادق للامة الاسلامية. يقع هذا البحث بقسمين هما:
1- القسم الاول: تعريف عام ومختصر عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام. وقد اعتمدت في اغلبه على اراء المدرسة الاخرى في الفكر الاسلامي اي المدرسة السنية، تحريا لان يكون الحديث من مصادر لا تتهم بالميل لمدرسة اهل البيت عليهم السلام. وهناك الكثير من المسأل المتعلقة بحياة الامام الصادق لم امر عليها الان رغبة بعدم الاطالة على قارئ قد لا يجد في البحوث المطولة بغيته في هذه الاوقات المتسارعة في معدل سيرها. ولكن ارفقت به عددا من المصادر التي تم منها الاقتباس لمن يريد الاستزادة.
2- القسم الثاني وهو بحث تناول المنهج الحركي والسياسي عند الامام الصادق وعند ائمة اهل البيت عليهم السلام. وهي دراسة بها رؤية خاصة عن حركة الامام الصادق نابعة من فهم دوره القيادي في الامة. وكمعلومة حول بحثي بقسمه الثاني فان اهم افكاره كنت قد ضمنتها في بحث نُشر لي في صفر سنة 1402 الموافق لكانون الاول سنة 1981 في مجلة دراسات وبحوث التي رأست تحريرها حتى توقفها بصدور العدد الثامن منها، الصادرة في طهران عندما كنت مقيما في ايران تلك الفترة...وتحت عنوان " التطور السياسي للقيادة الشرعية في عصر الغيبة الكبرى" وللاسف وجدت ان احد الاصدقاء ممن لا ارى مصلحة في ذكر اسمه الان قد اقتطف ولا اقول سرق معظم افكار بحثي الانف وباللافاظ نفسها في كثير من الاحيان بكتاب اصدره لاحقا دون الاشارة الى من كتبها اولا ولم يمنعه من ذلك كونه معمما وينبغي ان يكون من عناوين الفضيلة والاستقامة. وبعد ما يقرب من عشرين عام وتحديدا بتاريخ 17/6/2000 طلب مني اخي الشهيد العلامة السيد عبد المجيد الخوئي الاشتراك في المهرجان الادبي الاول الذي اقامته مؤسسة الامام الخوئي الخيرية في لندن وقد ادار الندوة السيد عبد المجيد رحمه الله وشارك بها كاتب السطور الدكتور علاء الجوادي ببحثه "لمحات من قيادة الامام الصادق للامة" والاخ العلامة السيد فاضل الميلاني ببحثه "مدرسة الامام الصادق الفقهية" ولم يتمكن العلامة الشيخ زكي بدوي رحمه الله وهو مصري ازهري من الحضور لسفره يومذاك خارج لندن. وصدرت البحوث بعد ذلك بكتاب مستقل باسم "مدرسة الامام الصادق فكر يتجدد" ضمن منشورات الموسسة المذكورة. وقد ناقشني اخي العزيز الشيخ توفيق السيف بمداخلة فرددت عليها ببحث بحدود (120) صفحة لتدعيم الاراء التي طرحتها في بحثي في تلك الندوة. وقد توسعت بالقسمين اي بالتعريف العام للامام الصادق وبالجانب الحركي السياسي من حياته ضمن كتاب انجزت تأليفه فيما بعد وبعنوان "منهاج التحرك عند الامام الصادق" وهو بحدود (600). واتمنى ان يرى النور افادة للقارئ المتعطش للتعرف على منهج اهل بيت الرسول وخدمة لخط اهل البيت من جهة اخرى.
اكتب هذه الاسطر لسببين رئيسيين: اولهما: وهو الاهم للتواصل مع قارئ العزيز. وثانيهما: هو ان كثرة المواقع الالكترونية وعدم وجود ضوابط رادعة لسراق الكلمة منها وفيها عرضني وعرض العديد من الكتاب والمفكرين الى ان تسرق نتاجاتهم... وعلى سبيل المثال ففي هذه السنة حصرا سنة 2010 نُشرت اربعة من قصائدي وخواطري الادبية باسماء منتحلة!!! ناهيك عن سرقات قديمة ستجد في يوم من الايام مكانا في مذكراتي ان شآء لها الله ان تظهر لتشهد على اربعة عقود من العمل السياسي العراقي بحلوه ومره.
القسم الاول نسبه هو جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام بن عبد المطلب بن هاشم وجد الإمام جعفر الصادق لأمه أبو بكر الصديق رضي الله عنه. وأمه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. وجده لأمه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، المتوفى سنة 108هـ= 725م أحد فقهاء المدينة السبعة المشهود لهم بسعة العلم والفقه.
المولد والنشأة في المدينة المنورة كان مولد جعفر الصادق بن محمد الباقر في 8 من رمضان 83هـ= 5 من أكتوبر 702م، وكانت المدينة موطن آل البيت. ونشأ الامام جعفر الصادق نشأ في بيوت اهل بيت النبوة نشأة كريمة يرتضع العلم عن أبيه الامام محمد الباقر، ولقب الإمام جعفر بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب. وهو لقب يشترك به مع جده خاتم الانبياء الصادق الامين.
الامام وعلماء الامة كانت للامام الصادق العديد من الاتصالات مع العلماء والفقهاء والمحدثين. وقد اراد الامام الصادق ان يؤسس لمنهج من الحوار والتفاعل العلمي بين مدرسته والمدارس الاخرى المتحركة في الامة. ومن جملة من التقاهم الامام وتبادل معهم البحث العلمي نذكر ابن شهاب الزهري وهو أحد فحول العلم. والتقى كبار شيوخ علم الحديث مثل: · عبيد الله بن أبي رافع · وعروة بن الزبير · وعطاء بن أبي رباح · ومحمد بن المنكدر، وامتد عطائه إلى العراق لبث العلم ونشره، وكانت له عناية كبيرة بنشر الفقه الاسلامي الصحيح وقدم نظرات من مشكاة اهل بيت النبوة حول اختلاف الفقهاء، ومعرفة مناهجهم، وتطلب ذلك منه جهدا كبيرا في تعليم الامة واصحابة ومن التقاه بعلوم القرآن والحديث والفقه والتفسير، والناسخ والمنسوخ والتاريخ والعقائد والفلسفة والعلوم الطبيعية.
الامام وعلم الكيمياء كان الامام جعفر الصادق صاحب مدرسة متميزة فريدة في المعرفة وكانت له اهتمامات خاصة بعلم الكيمياء، وبقية العلوم الطبيعية الاخرى كالفلك وعلم الحيوان وعلم الأرض وعلم تشريح جسم الانسان ووظائف الاعضاء انظر على سبيل المثال كتاب توحيد المفضل او كتاب طب الامام الصادق. وتحار المصادر التاريخية في تحديد الاساتذة الذين اخذ عنهم الامام جعفر الصادق هذه العلوم، لان منطلقاتها السياسية والمذهبية تمنعها من ان تحدد ان اهل بيت النبوة معدن علم يتلقى فيه الخلف من السلف في مدرسة مدينة العلم التي اسسها محمد وكان علي بابها. تذكر المصادر التاريخية أن جابر بن حيان عالم الكيمياء العربي والعالمي المشهور انه تتلمذ عليه، فيقول ابن خلكان في وفيات الأعيان: وله كلام في صناعة الكيمياء.. وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيان الصوفي الطرسوسي قد ألّف كتابًا يشتمل على ألف ورقة تتضمن رسائل جعفر الصادق، ويذكر حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون اسم جابر بن حيان مصحوبًا بعبارة تلميذ جعفر الصادق، ووضع محمد يحيى الهاشمي كتابًا عن أثر جعفر الصادق في هذا الميدان بعنوان الإمام الصادق ملهم الكيمياء.
الامام والعمل السياسي يتصور البعض ان الامام جعفر الصادق عاش بعيدًا عن العمل والنضال السياسي مفضلا عدم الدخول في متاعبها والاصطلاء بنارها، وهذا الرأي لا يمكن الركون اليه لانه عليه السلام عانى الوانا من اضطهاد الأمويين والعباسيين له ولعموم المنتسبين نسبا او خطا لآل البيت، ومن جملة من وقع في هذا الخطأ الشهرستاني في الملل والنحل بقوله: ما تعرض للإمامة قط، ولا نازع أحدًا في الخلافة، ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط...والحقيقة ان الامام الصادق على الرغم من هذه الاقاويل كان واضحا جدا في طرح مفهوم قيادة اهل البيت للامة الاسلامية. كان الامام الصادق هو القائد الحقيقي للامة من خلال عطائه وشخصيته وعاش الامام محترما مكرمًا مبجلا في المجتمع على الرغم من شيوع الفتن والدسائس في عصره، وتجمع الامة على مقامه الرفيع ومنزلته السامية. مما جعل حكام زمانه يرتعبون منه ومن موقعه الكبير في الامة. ومن معالم التصدي السياسي عند الامام، إن أبا جعفر المنصور الخليفة العباسي كان يتوجس منه خيفة لما رأى من التفاف الناس حوله وتقديرهم لعلمه ومكانته، وكان يبث من حوله العيون التي ترصد حركاته وسكناته، لكن الإمام الصادق كان محنكا في ابعاد كل شبهة عنه، واتخذ لمدرسته طابع بث العلم والعبادة والمعرفة والحوار. وباعتراف الجميع من غير اتباع مدرسته انه كان من الأئمة المجتهدين الذين يستخرجون الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة وغير تابع لأحد في اجتهادهم، وكان صاحب منهج أصولي لاستنباط الأحكام، ومن مبادئه في التشريع أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد فيها نهي، وكان لا يأخذ بالقياس؛ لأنه رأي، وإنما يرجع إلى ما ورد في الأصل من الكتاب والسنة.
الخلفاء المعاصرون للإمام جعفر الصادق عاصر الامام الصادق دولتين كبيرتين هما الدولة الاموية ثم شهد سقوطها على اثر الثورة العباسية التي قامت باسم اهل البيت وعاصر كل مخاضات قيام الدولة العباسية، وشهد قيام ثورات وسقوطها وغدر العباسيين بشركائهم بالثورة تساقط قيادات الحركة العباسية مثل ابي مسلم الخراساني. دقت التحرك عند الامام الصادق جعلته متمكنا من قيادة دفة الخط الاسلامي الرشيد في الامة والقيام بدوره المطلوب.
خلفاء الدولة الأموية: 1- هشام بن عبد الملك 2- الوليد بن عبد الملك 3- يزيد بن الوليد بن عبد الملك 4- ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك 5- مروان بن محمد خلفاء الدولة العباسية: 1- ابو عبد الله السفاح 2- ابو جعفر المنصور توفي الامام الصادق عليه السلام بالمدينة المنورة سنة 148هـ ويذهب علماء مدرسة اهل البيت إنه قتل مسموما. كان الإمام جعفر من أعظم الشخصيات ذات الأثر في عصره وبعد عصره، وجمع إلى سعة العلم صفات كريمة اشتهر بها الأئمة من أهل البيت، كالحلم والسماحة والجلد والصبر، فجمع إلى العلم العمل وإلى عراقة الأصل كريم السجايا، وظل مقيمًا في المدينة ملجأ للناس وملاذا للفتيا، ومرجعًا لطلاب العلم حتى توفِّي ودفن في البقيع مع أبيه الامام محمد الباقر وجده الامام علي بن الحسين زين العابدين السجاد وعم جده الامام الحسن عليهم السلام. من كتاب بحار الانوار عن أبي أيوب الخوزي قال : بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل، فدخلت عليه وهو جالس على كرسي، وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، فلما سلمت عليه رمى الكتاب إلي وهو يبكي وقال: هذا كتاب محمد بن سليمان، يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات، فإنا لله وإنا إليه راجعون ثلاثا وأين مثل جعفر؟ ثم قال لي: اكتب فكتبت صدر الكتاب، ثم قال: اكتب إن كان أوصى إلى رجل بعينه فقدمه واضرب عنقه، قال فرجع الجواب إليه: إنه قد أوصى إلى خمسة أحدهم أبو جعفر المنصور، ومحمد بن سليمان، وعبدالله، وموسى، ابني جعفر، وحميدة فقال المنصور : ليس إلى قتل هؤلاء سبيل... وعجيب هذا الامر يبكي عليه احر البكاء لكنه يأمر بقتل وريثه ووصيه...انه امر الصراع على الحكم والسلطة. وفي المصدر السابق كذلك رواية عن داود بن كثير الرقي قال : أتى أعرابي إلى أبي حمزة الثمالي فسأله خبرا فقال : توفي جعفر الصادق عليه السلام فشهق شهقة واغمي عليه، فلما أفاق قال : هل أوصى إلى أحد ؟ قال : نعم أوصى إلى ابنه عبدالله، وموسى، وأبي جعفر المنصور، فضحك أبو حمزة وقال : الحمد لله الذي هدانا إلى الهدى، وبين لنا عن الكبير ودلنا على الصغير، وأخفى عن أمر عظيم، فسئل عن قوله فقال : بين عيوب الكبير ودل على الصغير لاضافته إياه، وكتم الوصية للمنصور لانه لوسأل المنصور عن الوصي لقيل : أنت وفي كتاب بحار الانوار ولد عليه السلام بالمدينة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الاول سنة ثلاث وثمانين من الهجرة، ومضى عليه السلام في النصف من رجب، ويقال : في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة، وله خمس وستون سنة، أقام فيها مع جده وأبيه اثنتي عشرة سنة، ومع أبيه بعد جده تسع عشرة سنة، وبعد أبيه عليه السلام أيام إمامته عليه السلام أربعا وثلاثين سنة، وكان في أيام إمامته عليه السلام بقية ملك هشام بن عبدالملك وملك الوليد بن يزيد بن عبدالملك، وملك يزيد بن الوليد بن عبدالملك الملقب بالناقص، وملك إبراهيم بن الوليد، وملك مروان بن محمد الحمار، ثم صارت المسودة من أهل خراسان مع أبي مسلم سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فملك أبوالعباس عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس الملقب بالسفاح، أربع سنين وثمانية أشهر، ثم ملك أخوه أبوجعفر عبدالله الملقب بالمنصور، إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا، وتوفي الصادق عليه السلام بعد عشر سنين من ملكه، ودفن بالبقيع .
معلم الفقهاء وتتلمذ على جعفر الصادق كثير من الأئمة الكبار، في مقدمتهم أبو حنيفة النعمان المتوفى سنة 150هـ=767م، ومالك بن أنس المتوفى 179م= 795م، وابنه موسى الكاظم المتوفى 183هـ= 799م، وسفيان بن عيينة المتوفى سنة 198هـ= 814م، وحدّث عنه كثيرون من أئمة الحديث، مثل: يحيى بن سعيد الأنصاري وابن إسحاق، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، ويحيى القطان، وآخرين ذكرهم الذهبي في سير أعلام النبلاء. وفضلا عن اعتقاد المسلمين الشيعة بامامته وامامة ابائه فان الإمام جعفر ثقة عند أهل الحديث ويقبلون حديثه، وثّقه الشافعي ويحيى بن معين وغيرهما، ويصفه ابن حبان بقوله: كان من سادات أهل البيت فقها وعلما وفضلا،...وأخرج له مسلم في صحيحه، وأصحاب السنن الأربعة: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
رشحات من احاديث الامام الصادق وللامام جعفر الصادق احاديث وحوارات واحتجاجات وحكم وأدعية أشبه بكلام النبوة، وكيف لا وقد خرجت من بيوت اهل بيت النبوة ومن نفس كريمة، وقلب مؤمن عظيم الإيمان، ورد كثير منها في كتب المسلمين من الشيعة والسنة، وروى بعضها الشهرستاني في الملل والنحل، والذهبي في سير أعلام النبلاء، من ذلك وصيته لابنه موسى الكاظم عليه السلام، يقول فيها: يا بني، من قنع بما قسم له استغنى، ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرًا، ومن لم يرض بما قسم له اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه، ومن كشف حجاب غيره انكشفت عورته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر بئرا لأخيه أوقعه الله فيها.. يا بني، كن للقرآن تاليًا، وللسلام فاشيًا، وللمعروف آمرًا، وعن المنكر ناهيًا، ولمن قطعك واصلا، ولمن سكت عنك مبتدئًا.... ومن كلامه: لا زاد أفضل من التقوى، ولا شيء أحسن من الصمت، ولا عدو أضر من الجهل، ولا داء أدوأ من الكذب.
من أٌقواله عليه السلام: لا تصحب خمسة: الكذاب: فإنك منه على غرور، وهو مثل السراب يقرب منك البعيد، ويبعد منك القريب. والأحمق: فإنك لست منه على شيء، يريد أن ينفعك فيضربك. والبخيل: فإنه يقطع بك أحوج ما تكون إليه. والجبان: فإنه يسلمك ويفر عند الشدة. والفاسق: فإنه يبيعك بأكلة أو أقل منها، قيل: وما أقل منها؟ قال: الطمع فيها ثم لا ينالها. وقد روي عنه: لا تصحب من لا ينهضك حاله، ولا يدلك على الله مقاله. وقال عليه السلام: ليس شيء أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل، وهي مورثة شيئين: قسوة القلب وهيجان الشهوة، والجوع آدام للمؤمن، وغذاء الروح وطعام القلب وصحة البدن. وقوله لحمران: يا حمران انظر إلى من هو دونك ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فان ذلك أقنع لك بما قسم لك، وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربك، واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند اللّه من العمل الكثير على غير يقين واعلم انه لا ورع أولى من تجنب محارم اللّه والكف عن أذى المؤمنين واغتيابهم، ولا عيش أهنأ من حسن الخلق، ولا مال انفع من القنوع باليسير المجزي، ولا جهل أضر من العجب. وقال: هل الإيمان إلا الحب والبغض، وكان يقول: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: بتعجيله، وتصغيره، وستره. ومن فقهه أنه أفتى بأنه لا يحق للمسلم أن يدخر أكثر من قوت عام إذا كان في الأمة صاحب حاجة إلي طعام أو مسكن أو كساء أو علاج أو دواء أو ما يركبه!!. وأفتى بأن السارق إذا اضطر إلي السرقة لأنه لا يعمل، فولي الأمر هو المسئول والآثم.. فإذا سرقالسارق لأنه لا يحصل على الأجر الذي يكفيه هو وعياله، فالذي يستغله أولى بقطع اليد ! وجاء في تاكيده على اهمية الصلاة في كتاب بحار الانوار عن أبي بصير قال : دخلت على ام حميد اعزيها بأبي عبدالله عليه السلام فبكت وبكيت لبكائها ثم قالت : يا أبا محمد لو رأيت أبا عبدالله عليه السلام عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال : أجمعوا لي كل من بيني وبينه قرابة، قالت : فلم نترك أحدا إلا جمعناه قالت : فنظر إليهم ثم قال : إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة ومن مكارم اخلاقه كما جاء في كتاب بحار الانوار عن سالمة مولاة أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام قالت: كنت عند أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام حين حضرته الوفاة واغمي عليه، فلما أفاق قال: أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الافطس سبعين دينارا، وأعط فلانا كذا، وفلانا...فقالت له سالمة: حمل عليك بالشفرة، يريد أن يقتلك ؟ قال : تريدين أن لا أكون من الذين قال الله عزوجل ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ) نعم يا سالمة إن الله خلق الله الجنة فطيبها وطيب ريحها وإن ريحها يوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم أولاده كان له عشرة من الأبناء سبعة ذكور هم: عبد الله و إسماعيل وموسى الكاظم عليه السلام وإسحاق و محمد والعباس و علي المعروف بالعريضي، وثلاث بنات هن: أسماء و فاطمة وأم فروة من صفاته كان ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أبيض الوجه، أزهر له لمعان كأنه السراج، أسود الشعر، جعده، أشم الأنف قد انحسر الشعر عن جبينه فبدا مزهراً، وعلى خده خال أسود.وكان كريما، واسع الصدر قليل الغضب، حسن الخلق يقابل الإساءة بالإحسان تاليا قوله تعالى ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وكان جريئا في الحق لا يخاف في الله لومة لائم،ومما يدل على ذلك إجابته للخليفة المنصور عندما سأله: لماذا خلق الله الذباب؟ بعد أن تضايق الخليفة من ذبابة كانت تحط على وجهه ولم يفلح في إبعادها بقوله: ليذل به الجبابرة، استنكارا لسؤاله. قال فيه العلامة أبو زهرة المصري رحمه الله – هو: التقي النقي.. سليل البركة النبوية والعترة المحمدية.. الإخلاص معدنه والتجرد في طلب الحقيقة مقصده.. لازم العلم وانصرف للعبادة. الورع الذي يُخفي تقشفه تطهيرًا للنفس من الرياء، لا يخشى في الله لومة لائم، كتب إليه الخليفة المنصور: لم لا تغشانا كما يغشانا الناس؟ فيرد قائلاً: ليس لنا ما نخافك من أجله.. ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له. فكتب إليه المنصور ثانية: تصحبنا لتنصحنا، فيجيبه بعزة المؤمن: من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك.لم يغره الثناء ولم يثنه الهجاء.. أشرقت نفسه بنور الحكمة.. يسأله أبو حنيفة في أربعين مسألة فلا يكتفي بالإجابة الوافية، بل يبين اختلاف الفقهاء فيها وما يختاره من أقوالهم وما يخالفهم فيه جميعًا.. مات بين يديه ولد صغير فأخرجه إلى الدفن وهو يقول: سبحان من يقبض أولادنا فلا نزداد له إلا حبًّا. وكان له من الهيبة ما يفوق الخلفاء.. حتى قال الإمام أبو حنيفة – رحمه الله – لما دخل على أبي جعفر المنصور وهو جالس بجواره: أخذني من هيبة جعفر الصادق ما لم يأخذني من هيبة الخليفة أبي جعفر. كان يقدر العلم وأهله ويحترم المخالف، وكان يعتمد في حواره على الأدلة العلمية، وعلى الاستقراء والاستنباط، وبذلك كان صاحب منهج علمي منضبط.، يذكر اختلاف المذاهب والآراء ثم يضيف رأيه واجتهاده.كما كان يحب النظر والتفكر والاستنباط، ويعلي من شأن العقل وينبه على نعمته وفضله فقد قال له رجل يوما: إن ا لله تعالى يقول: ادعوني أستجب لكم فما بالنا ندعوه فلا يجيبنا ؟ قال لأنك تدعو ما لا تعرف، فهو يحث على التفكر في ملكوت الله ومخلوقاته حتى يعرف العبد عظمة ربه وقدرته بالعلم لا بالتقليد.. اقوال العلماء فيه قال ابن حبّان في وصفه: من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً. قال فيه أبو نعيم: اخرج عنه مسلم في صحيحه محتجا بحديثه, وكان مالك بن انس إذا حدث عنه قال حدثني الثقة بعينه، وقال فيه: وما رأت عين و لا سمعت أذن, ولا خطر على قلب بشر, أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وعبادةً وورعاً. التقى أبو حنيفة مرّة بالإمام الصادق فقال له الإمام: ما تقول في محرم كسر رباعية ظبي ؟. فأجابه أبو حنيفة: يا ابن رسول الله ما أعلم ما فيه ؛ فقال له الإمام جعفر الصادق: « ألا تعلم أن الظبي لا تكون له رباعية، وهو ثني أبداً ؟! قال الحافظ ابن حجر:جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله المعروف بالصادق، صدوق فقيه، إمام من السادسة مات سنة ثمان وأربعين بعد المائة روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم في الصحيح وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وقال فيه الذهبي: هو الإِمَامُ، الصَّادِقُ، شَيْخُ بَنِي هَاشِمٍ، أَبُو عَبْدِ الله القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ، النَّبَوِيُّ، المَدَنِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ. .وقال عنه أبو نعيم: الإمام الناطق ذو الزمام السابق أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق أقبل على العبادة والخضوع، وآثر العزلة والخشوع ونهى عن الرئاسة والجموع. عن مالك بن أنس : جعفر بن محمد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على إحدى ثلاث خصال : إما مصل، وإما صائم، وإما يقرأ القرآن، وما رأت عين، ولا سمعت أذن، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علما وعبادة وورعا. وعن عمرو بن بحر الجاحظ: جعفر بن محمد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه، ويقال : إن أبا حنيفة من تلامذته، وكذلك سفيان الثوري، وحسبك بهما في هذا الباب. وقال أبو العباس بن عقدة يروي عن عمرو بن أبي المقدام، قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين روى ايضا عن عمرو بن ثابت، قال: رأيت جعفر بن محمد واقفا عند الجمرة العظمى، وهو يقول: سلوني، سلوني. وقال عن أبي نجيح قال: سمعت حسن بن زياد يقول: سمعت أبا حنيفة وسئل: من أفقه من رأيت ؟ فقال: ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور الحيرة، بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة، إن الناس قد فتنوا بجعفر ابن محمد فهيئ له من مسائلك الصعاب، قال: فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلي أبو جعفر فأتيته بالحيرة، فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخل لأبي جعفر، فسلمت، وأذن لي، فجلست، ثم التفت إلى جعفر، فقال: يا أبا عبد الله تعرف هذا ؟ قال: نعم، هذا أبو حنيفة، ثم أتبعها: قد أتانا، ثم قال: يا أبا حنيفة ؟ هات من مسائلك، نسأل أبا عبد الله، وابتدأت أسأله، وكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا، فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة، وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة، ثم قال أبو حنيفة: أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ؟.
أصحاب وتلاميذه جاء في كتاب الرجال للنجاشي أن الحسن بن علي الوشاء قال : أدركت في هذا المسجد ( مسجد الكوفة ) تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد. و تشير بعض المصادر ان مجموع أصحاب الحديث والرواة ممن روى عنه على اختلاف آرائهم و مقالاتهم ـكانوا أربعـة آلاف رجل. ومن جملة تلاميذ مدرسته وحملة لوائها: 1- أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني اسند عنه. 2- أبان بن تغلب روى عنه الكثير من احاديث الاحكام 3- أحمد بن بشير أبو بكر العمري الكوفي. 4- أحمد بن بشر بن عمار الصيرفي. 5- أحمد بن عبد العزيز الكوفي أبو شبل. 6- أحمد بن مبشر الطائي الكوفي. 7- أحمد بن ثابت الحنفي الكوفي ويقال الهمداني. 8- أحمد ن جابر الكوفي أخو زيد القتات. 9- أحمد بن عبيد الأزدي الكوفي مولى. 10- أحمد بن معاذ الجعفي الكوفي. 11- أحمد بن سليم القبي الكوفي. 12- هشام بن الحكم 13- مؤمن الطاق ومن الملحوظ ان الكثير ممن روى عن الامام الصادق يصنفون على اساس انهم من غير مدرسته. ونود ان نبين ان لنا رايا في فهم ذلك سنوضحه بالكتاب الموسع "منهاج التحرك عند الامام الصادق" ومع هذا فسنشير الى كوكبة من روات الحديث ممن نقل علوم الامام الصادق وبثها للامة في الاطار الواسع: 1. إسماعيل بن جعفر كما في الترمذي والنسائي. 2. حاتم بن إسماعيل في الصحاح عدى البخاري. 3. الحسن بن صالح بن حي. 4. الحسن بن عياش في مسلم والنسائي. 5. حفص بن غياث في مسلم وأبي داود وابن ماجة. 6. زهير بن محمد التميمي في ابن ماجة. 7. زيد بن سعيد الأنماطي في الترمذي. 8. سعيد بن سفيان الأسلمي في ابن ماجة. 9. سفيان الثوري في الصحاح عدى البخارى. 10. سفيان بن عيينة في الترمذي والنسائي وابن ماجة. 11. سليمان بن بلال في مسلم وأبي داود. 12. شعبة بن الحجاج. 13. أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل. 14. عبد الله بن ميمون القدّاح في الترمذي. 15. عبد العزيز بن عمران الزهري في الترمذي. 16. عبد العزيز بن محمد الدراوردي في الأدب المفرد، ومسلم والترمذي وابن ماجة. 17. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح، المجمع على وثاقته عندهم، روى له مسلم والنسائي. 18. عبد الوهاب بن عبد الحميد الثقفي في مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة. 19. عثمان بن فرقد العطّار في الترمذي. 20. الإمام مالك في مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. 21. محمد بن اسحاق بن يسار. 22. محمد بن ثابت البناني في الترمذي. 23. محمد بن ميمون الزعفراني في أبي داود. 24. مسلم بن خالد الزنجي. 25. معاوية بن عمار الدهني في مسند أحمد وأفعال العباد. 26. موسى بن عمير القرشي. 27. أبو حنيفة النعمان بن ثابت. 28. هيب بن خالد في الأدب المفرد ومسلم. 29. يحيى بن سعيد الأنصاري في مسلم والنسائي. 30. يحيى بن سعيد القطان في أبي داود والنسائي. 31. يزيد بن عبد الله بن الهاد في النسائي.
مصادر للتوسع ومن اراد التوسع في حياة الامام الصادق فسنعرض لعدد من المصادر والمراجع التي تناولت جوانب من حياته الزاخرة بكل عطاء..ومن هذه مصادر: * بحار الانوار للعلامة المجلسي/ ج 47/ كتاب حياة الامام الصادق * الشيخ أسد حيدر، الإمام الصادق *الذهبي شمس الدين محمد ـ سير أعلام النبلاء ـ تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرين ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ 1410هـ= 1990م *ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ـ تحقيق إحسان عباس ـ دار صادر ـ بيروت ـ 1398هـ= 1978م *محمد أبو زهرة ـ الإمام الصادق ـ حياته وعصره وآراؤه وفقهه ـ دار الفكر العربي ـ القاهرة ـ بدون تاريخ. *عبد الحليم الجندي ـ الإمام جعفر الصادق ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ 1986م. *أحمد أمين ـ ضحى الإسلام ـ مكتبة النهضة المصرية ـ القاهرة ـ 1956م. * انظر حلية الأولياء 3/192 206 * موسوعة عباقرة الإسلام في الفيزياء والكمياء والرياضيات 4/19تأليف الدكتور رحاب خضر عكاوي ط دار الفكر العربي – بيروت1994م
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org |