|
مقالات أحرام أم حلال؟ صبيحة شبر
عمر كامل ضاع بين سجن ومعتقل، تعذيب وإهانات فوق مستوى الاحتمال، صنوف من الحرمانات المتلاحقة، المتكررة، والتي لا تعرف التوقف، نفي في بقاع الأرض المختلفة، حرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، التي لايمكن الجدال بشأنها، لايمكن أن تتكلم، لاتتكتب، وان كتبت لا أحد ينشر لك، الكل يقاطعك، وكأنك البعير الأجرب المطلي بالقطران لا أحد يشغلك في بلاد المنفى التي التجأت إليها، فكيف تنافس أهل البلاد وهم في أزمة عمل؟ وان أثبت مهارتك في مكان معين، فأنهم يمنحونك راتبا لا يفي بحاجاتك الإنسانية، وحاجات أفراد أسرتك وتوفير الضرورات من طعام وشراب ودواء ان ابتعت لباسا، فانك تفضل حتما، ان تذهب إلى أسواق البالة، عندهم فقط مطلبك، تعمل النهار كله، وراتبك لا يسد حاجاتك الأساسية، تضطر لإشباع مطالبك الى الاشتغال طوال النهار، وجزء من الليل، تصبح مجنونا، كالثور العامل في النواعير، تجري وتجري وعيناك معصوبتان تحاول ان تعمل عندهم، فماذا بامكانهم ان يفعلوا لك؟ لا يستطيعون أن يقتلوك مثلا كما يفعلون مع أهلك في داخل البلاد، يرحبون بمقدمك، قائلين أنك كفاءة، وانك فاهم لمناهجهم، مستوعب لها، وبدلا من رفع راتبك، يخفضونه،، وكنت تستطيع ان تثبت جدارتك في مهنتك، فاذا بهم يعلمون أولادهم ان يثيروا الشغب أمامك، وآنت صامت، ما بمقدورك ان تفعل؟ وأنت في هذا التيه، تأتيك أنباء مفزعة من وطنك الذي تعشقه باستمرار، أنهم اعدموا اخاك واختك، ورملوا اخاك الثاني، وأثكلوا شقيقتك، وأمك الحنون تموت كمدا هي الأخرى،وأنت مذهول، تتساءل لماذا؟ وأنت متأكد أنهم أبرياء لم يفعلوا شيئا تحاول ان تكون اخرس، لا تتكلم، تسمع دون ان تتفوه بكلمة، تأتيك الاتهامات انك تخاف، وأنك حتما تدبر شيئا أثيما، مخيفا، مرعبا، لا تدافع عن نفسك، لأنك واثق ان دفاعك لن يجدي شيئا، أنت مذموم متهم، مدان تتغرب، تعاني، تحيا منبوذا، لا احد يسأل عنك، او يهتم بك، او يرفع سماعة الهاتف ليطمئن على سلامتك، ولكنك اذ تعرف ان اهلك يمتازون بالعطف والحنان وان أصدقاءك لا يحيون حياة طبيعية، كما انك لاتحيا، تجد لهم أعذارا وأنت بالرغم من كل المصاعب متفائل، نؤمن تمام الإيمان أن الغد آت، تأتيك الأخبار دائما ان محاولات عديدة تجري لاستبدال محنتك بمحنة أخف وطأ، تعرف أخيرا أن أمريكا مصممة على التغيير، فهي تريده الآن، تفرح بالنبأ، يمكن أن تتنفس، ستقدر على الكلام كبقية أبناء جنسك، فرحتك لاتتم، تتعاون اياد كثيرة، لوأدها داخلك، سيارات مفخخة، انفجارات، عبوات ناسفة ن أحزمة، فدائيون يرغبون بالعشاء مع النبي بدمك، وأنت الضحية دائما تتساءل وأنت في حيرة من أمرك، لماذا أكون كبش الفداء أبدا؟ ماذا جنيت؟ وما اقترفت يداي؟ فلا تلق جوابا، الذي تعرفه ان الجميع يرغب بالتضحية بك، تتساءل مرات ومرات : ومن المسئول عن كل هذه المجازر التي تحدث؟ من المسئول عن غربتي وغربتك، عن ضياع العمر الجميل في المنافي والحرمان؟ من المسئول عن إصابتنا بالقرحة والكآبة والأمراض النفسية المختلفة؟ أليس المسئول يستحق العقاب على فعلته؟ أليس الجزاء من جنس العمل؟ لماذا يبيد آلاف الناس، ويهجر الملايين، ويعذب ويهين، ويسلب، ثم يعفى من العقاب، عاقبوا بالإعدام من سلب حيوات الملايين من البشر وشوههم ونفاهم وجعلهم يعانون في طول الأرض وعرضها، ثم الغوا حكم الإعدام بعد ذلك
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |