جحود
المبدعين
صادق مجبل الموسوي
شاعر وكاتب من مدينة الرفاعي ورئيس تحرير نشرة الاديب العراقية
sadeq_444@yahoo.com
لعله من المؤسف حقاً أن
الإنسان هو النوع الوحيد من الأحياء الذي يمارس البعض من أفراده تحطيم من
يريد أن يبدع .. ومن الأسباب الأساسية لذلك من وجهة نظر بعض علماء النفس
والتربية والاجتماع عدم وجود فرصة حقيقية في عالمنا المعاصر لإشباع غريزة
العدوان والتنفيس عنها، بل وإنكار الاعتراف بها.
وقد كان لهذه الغريزة دور تاريخي هام في الإبقاء على هذا النوع من البشر ..
ولهذا فهي غريزة خطيرة فما الحل إذن ياترى؟ الحل ينبع من حقيقة اصطفاء
الخالق القديم سبحانه وتعالى للإنسان من بين مخلوقاته ونفخه فيه من روحه،
الأمر الذي يجعل كل فرد من أفراده نوعاً مفطوراً على الإبداع.
إن العمل المبدع هو الابتكار والتجديد والتطوير نحو الأفضل والأقوم والأرقى
لما فيه خير البشرية وبما أنه ليس كل قديم سيئاً فإنه بالمقابل ليس كل جديد
حسناً.
إن الإبداع ربما يتم على حساب الآخرين لأنه يهزهم ويهدد استقرارهم وسكينتهم
وربما يلاقي المبدع الرفض والنبذ والاضطهاد من جراء مخالفته لما ألفه
الناس، ولكن عليه أن يقاوم ويستمر ويستخدم في ذلك كل طاقاته.
وليست فرص الإبداع محدودة وتنوعها يستوعب إرضاء الجميع، بالذات إذا لم نحصر
كلمة الإبداع على فن بذاته ونظرنا إليه بنظرة واسعة التي تتراوح بين التلقي
النقدي المبدع الذي يعيد صياغة موضوع التلقي في كل مجالات الحياة وبين
السعي إلى التغيير الإبداعي المشتمل على مغامرة طرق باب المجهول للإبداع
العلمي أو الأدبي أو الفني، وكذلك التغيير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
إن حرمان الإنسان العادي من ممارسة الإبداع هي مصيبة حقيقية لأن ذلك يفتح
الباب أمام التبلد الذهني والذي يصيب الإنسان من جراء عدم إطلاق طاقاته
الإبداعية..
ولعله من فضل الخالق عز وجل على البشرية أن أبقى الفن مجالا ومناراً هائلاً
عبر العصور بوصفه النموذج المعرفي الحي الذي ينوع ويشكل بالتعدد والتناقض
والتناغم وبوصفه المجال الذي يحافظ على جذوة الإبداع الحقيقي مشتعلة عند
الإنسان ولابد أن تتنامى هذه الجذوة الإبداعية لتحرق بنارها أعداء الإبداع
والحياة كما تحرق كل إنسان يناهض التطور