السينما والكعب العالي

ريا عاصي / بغداد

rayaasee@hotmail.com

الاحد كان يوما مميزا لي ولعائلتي حين كنت طفلة صغيرة ....توقظني امي صباحا وتقول( قومي ياكسوله انه الاحد ) اهب من فراشي مسرعه على غير عادتي كبقية ايام الاسبوع وكنت ادعو الى الله حينها ان يقصر ساعات النهار ويطيل المساء لانه الاحد ......
وجاء المساء والبستني امي ملابس العيد انا واخي الصغير وارتدت هي فستانا انيقا وتعطرت بشانيل فايف الذي ظل يلازمني لذكرى الاحد وخرجنا سويا (ابي ،امي،انا ، واخي الصغير ) وركبنا حافلة حمراء اللون جميلة ذات طابقين وصعدنا سلالمها وجلسنا على مقاعدها الوثيرة والنظيفة حينها وتابعنا الشارع من النافذة كان واسعا واخضرا من كثرة الاشجار وعبرنا دجلة وتوقف (الباص ابو الطابقين ) وتمشينا في شوارع اليفة وجميلة وكان المارة يرتدون احلى الملابس وانظفها .... وها قد وصلنا صالة استقبال جميلة تتزين باحلى وازهى الملصقات معلنه عن عرض فيلم انجز توا وحديثا واخرا واخيرا .... وكأنها ستقول لك من الفرن الى مائدتك.....
يقطع ابي لنا التذاكر وندخل صالة العرض بكل رهبه وخشوع وكأننا سنلقى وجه الله (اخلع ما حملت من هموم فانت في وادي السينما ) هكذا كانت تناشدنا الشاشة الكبيرة حينها
كان كل شيء جميل الناس ..الشارع .. العصافير .....
حتى جاءت صفارة الانذار معلنه الحرب والدمار و...........
وكبرت ودخلت الجامعه وكان لي في اروقتها صديقتان احداهن شاركتني طفولتي وطقس دخولنا السينما واخرى لم تفعل ...
وحضرنا حينها العديد من المحافل الفنية والادبية من عروض مسرحية ومعارض فنية وامسيات موسيقية.... وفي كل مرة كنا نذهب نحن الثلاثة وفي داخلنا انا والاولى ابتسامه خبيثة عن الثالثة التي كانت تتجمل وترتدي احلى الحلل والحلي واغلاها وتغالي بارتداء الكعب العالي وتعيبنا باننا لسنا آنسات جميلات كما هي تفعل .... لكن في نهاية كل محفل نخرج ونحن قد شاهدنا واستمتعنا وجبنا المعرض عرضا وطولا الا انها كانت تنزوي لانها ترتدي كعبا سيحيل يومها جحيما ان دارت معنا
في احد الايام جاءنا شيخ من شيوخ السينما يحمل الشاشة على كتفه والعارضة بين يديه والافلام يخزنها بين رئتيه وخصص لنا يوما اخر غير الاحد واسماها (سنما احداعش) بالعراقي اي الساعة الحادية عشر ودق ناقوس الفرح داخلنا وتواعدنا واتفقنا على ان نكون من اول المتفرجين والمستمتعين
وجاء الموعد فحضرنا انا وصديقتي نرتدي ثياب عيد ونتعطر بشانيل فايف وننتعل الكعب العالي وجاءت الثالثه لتنصدم بمظهرنا فعلى غير عادتها جاءت بملابس سبور معتقده بانها محفل جديد لن تستمتع به ان كانت تنتعل كعبها الشاهق
وظلت تتلفت وتسأل ما الامر لم كل هذه الاناقة فاجبناها
(اش اش اخلعي همومك انك في وادي السينما )