|
مقالات أختي مريضة بالعراق صبيحة شبر
تركناك لوحدك، وهربنا نبتغي السلامة لحياتنا المهددة، بالتصفية، تحملت الأعباء صامتة، ساكتة، لا احد قربك، تبثينه همومك، او تحدثينه بمتاعبك، شغلتنا متاعبنا الجديدة، أعباء متراكمة خارج المنزل وداخله، محاولة التكيف مع البيئة الجديدة، لا تدع لنا مجالا لالتقاط الأنفاس، او الجلوس لبعض الوقت، والتفكير بالأمور الراهنة، نقتطع من الزمن الهارب بعض اللحظات، نتصل بك مستفسرين عن الأحوال، وأنت لا تخبرينا بالمتاعب التي أخذت تستفحل، ويتناسل عددها، يهددونك بالعمل، ان تكوني مثلهم، وتمضي على تعهد انه لا يعنيك أي شيء مما يجري، تسيطر عليك أوقات العمل بطيئة متثاقلة، وتعودين بعد انقضاء الساعات المرهقة الى بيتك وحيدة، لتبدئي أعمالا أخرى لايمكن ان تنتهي تطبخين طعاما لك ولأخر قد يزورك، فأنت ما زلت تحلمين، تنظفين أجزاء البيت الكبير الذي خلا من الأحبة، وتغسلين الملابس، وما ان تنتهي من الأعمال الشاقة المؤبدة حتى تمسكي قفتك وتسرعي الى سوق قريب من بيتك لشراء ما تحتاجين اليه من ضرورات الحياة، تسير بك الدنيا باسمة حينا، عابسة أحيانا، وأنت لا تحدثين أحدا عن متاعبك، ما ان نسرق لحظة من الزمن الراكض ونتصل بك الا وتهدئين من قلقنا ولهفتنا، من انك قد تكونين بحاجة الى قربنا،لنخفف عنك آلام الوحدة، ومتاعب الغربة، وأنت تبتسمين مطمئنة إيانا انك بصحة وافرة، وانك أفضل من أشخاص كثيرين ة،لم يجدوا من يسأل عنهم كما نفعل نحن بالهاتف، وكان كلامك المطمئن، يبدد ما يعترينا من شعور ممض بالإثم، ما زال يجتاحنا اننا مقصرون بحقك، وحق أحبتنا الذين تركناهم لوحدهم، يجابهون آلام الوحدة والظلم والتعنت، وفي آخر مرة نتصل بك لحظة، كالعادة لنريح ضميرنا المثقل بالهموم، وأنت تضحكين كالعهد بك دائما، ولكنك تتلفظين بنبأ غريب يثير في أنفسنا الرعب انك تعانين من أورام في منطقة الصدر وانك ستذهبين في صباح الغد، لمراجعة الطبيب وإجراء التحاليل، وكأنا قد استيقظنا من سبات دام عقودا طويلة ينتابنا الفزع، كل ما يجري من مصاعب،وكل ألامك قد تحملتها وحدك، يطول بي النهار، وأنا في ساعات العمل، انتظر عودتي الى المنزل،، كي اتصل بك، لأطمئن على سلامة تحليلاتك، وان كنت اعلم ؤ،، ماذا تعني الأورام ولكن كنت امني النفس وألاعبها ان ما أخشى منه مجرد أوهام، لكنك تطلقين الخبر المفزع يا أختي، ان الطبيب يقول انها أورام سرطانية، وتحاولين التخفيف من وقع الألم على نفسي ان الأمر بسيط جدا وان اغلب سكان العراق، مصابون بأورام، نتيجة الأسلحة الفتاكة والجرثومية، التي استخدمها النظام الدكتاتوري، ثم جاءت امريكا، وجربت الأنواع العديدة،من أسلحتها على سكان العراق،الذين لم يجدوا أحدا، يقف بجانبهم، مدافعا عن حقهم في الحياة، أنت إحدى بنات هذا الشعب الصامد، الصابر، المبتلى يا أختي، ولست إحدى قريبات الدكتاتور ليرأف بك رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء ويرسلونك الى خارج العراق للعلاج، ماذا تفعلين يا أختي، وقد هجر البلاد، خيرة أطبائها هروبا من الإرهاب ورغبة في المحافظة على الحياة، ماذا ستفعلين يا شقيقتي، والدول الأوربية التي يوجد بها التطبيب الجيد لا تستقبل العراقيين، ولا تمنحهم أذنا بالدخول الى بلدانها، ماذا تفعلين يا أختي بأورامك السرطانية وماذا يفعل أي عراقي وجد نفسه مصابا، بأمراض، أخذت تهدد وجودنا بالصميم.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |