الحركة النسوية من
المساواة إلي الجندر.. دراسة نقدية إسلامية
قدم
الباحث ا.مثني أمين الكردستاني: دراسة هي الأولى من نوعها
في العالم الإسلامي تناولت بالدراسة والتحليل أهم أفكار
الحركة الأنثوية (feminism) ،التي باتت تمثل رؤية معرفية
وأيديولوجية للعالم وليست مجرد أفكار حقوقية وسياسية أو
اقتصادية عن المرأة ،كما تعد الحركة الأنثوية أقوى الحركات
الفكرية التي ترعرعت في ظل العولمة كحركة فكرية تمارس
العمل عبر مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات الأمم المتحدة.
وتبرز خطورة الحركات الأنثوية المتطرفة في تبنيها مجموعة
من الآراء والخيارات تعتبر تهديدا مباشرا لكل الأديان
والقيم والحضارات الإنسانية ،خاصة أن هذه الأفكار الأنثوية
أصبحت تمثل النسق الفكري للعديد من الوكالات الدولية
التابعة للغرب وللأمم المتحدة التي صاغتها في شكل اتفاقيات
دولية مفروضة على كافة المجتمعات دون التمييز بين البيئات
والثقافات المختلفة ،بل تفرض ضغوطاً أخرى سياسية في حالة
عدم تطبيقها في دول العالم الأدهى من ذلك أن من يسيطر على
تلك المنظمات التابعة للأمم المتحدة فئات ثلاثة (الشاذون
جنسيا-السحاقيات الفيمينست- التمركز حول الأنثى).
وإزاء هذه المخاطر المحدقة على واقع المرأة المسلمة تأتى
دراسة (أراء الحركة الأنثوية الغربية من وجهة نظر إسلامية
)للباحث العراقي مثني أمين الكردي والتي نال عنها درجة
الماجستير من جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان –قسم
العقيدة- مؤخرا لتدق ناقوس الخطر حول مستقبل المرأة
المسلمة في ظل سيطرة (الفيمينست) على المجتمع الدولي في
ضوء عولمة القيم
التمركز حول الأنثى :
ويستعرض \"مثني\" تاريخ ظهور الحركات الأنثوية،
الذي يؤرخ بنهاية القرن التاسع عشر في فرنسا وبريطانيا
وأمريكا ، حيث بدأت المدرسة الراديكالية المتطرفة في داخل
الحركات النسائية ، والتي تتبني نهجا عدائياً اتجاه الرجل
وتنظر إلي المرأة مجردة عن سياقها الاجتماعي وهي في ذلك
تتجاوز منطلقات الحركات النسوية المعتدلة (حركات تحرير
المرأة).
ومن الجدير بالذكر أن الحركة الأنثوية بدأت متطلباتها التي
تطورت في منتصف 1989 م –حول توسع فرص التعليم والمساواة
القانونية، وحقوق المرأة الضائعة، ولسوء أوضاع المرأة في
الغرب عامة في تلك الفترة ومع تطور الثورة الصناعية في
المجتمعات الغربية ، ونظراً لحاجة المصانع لمجهود المرأة ،
تبنت الحركة الأنثوية أفكاراً اكثر تحرراً وحطمت كافة
القيود الأخلاقية والاجتماعية المحيطة بالمرأة ، وتبنت
متطلباتها حق المرأة المطلق في ممارسة الجنس كما تشتهي ،
ورفض مؤسسة الزواج كما تبنت الحق المطلق في الإجهاض.
تبنت تلك المدرسة أمثال: ( سيمون دي بوفوار) التي تقول
:\"لا يولد المرء امرأة ، بل يصير كذلك\"
إزاء هذه الأفكار طالبت الأنثوية برفض أوضاع المرأة
المرتبطة بتركيبها الهرموني ، ومن ثم ضرورة تغيير مجموع
العلاقات بين الجنسين داخل الأسرة ( الجندر).
ثالوث النسوية:
وإزاء هذا الواقع المرير طالبت الحركة الأنثوية
بمبدأ الحركة المطلقة للمرأة ونزع القداسة عن عقد الزواج
والرباط الأسري ، والاستخفاف المستمر بعفة المرأة ، وأهمية
غشاء البكارة معتبرة أن هذا جزء من الثقافة الذكورية التي
ترى في المرأة متاعاً خاصاً للرجل ورفعت الأنثوية راياتها
الثلاث:الإصلاحات الاجتماعية (إلغاء القوانين)، المطالب
السياسية والحب الحر.
كما سعت ( الأنثوية) إلي ترسيخ مفاهيمها الاجتماعية ،
وتبنت مطالب الشذوذ الجنسي في الأمومة والإنجاب من خلال
ابتداع تقسيمات جديدة \" الأم البيولوجية ..والأم
الاجتماعية \" وروجت لثقافة جديدة تقوم على الإباحية
وملكية المرأة لجسدها ، وهو ما أفرز : أمهات غير متزوجات-
ترك طفل لمؤسسات التبني- الإجهاض- القضاء على الأحداث- رفض
الحجاب والتستر، بل التوسع في شركات التجميل والزينة –
وبناء الأسر اللانمطية ( زوجة وثلاثة أزواج)- زوج وزوج-
اللواط - السحاق (باعتباره يخلص المرأة من سيطرة الرجل)
بل الأخطر من ذلك ما سعت إليه الأنثوية من محاولة تغيير
وإعادة صياغة اللغة الذي دفع بعض الكتابات العلمانية
المعاصرة إلي الدعوة لإعادة صياغة القرآن الكريم ولفظ
الجلالة بصياغة جديدة تميل إلي المرأة \" لماذا لا يكون
لفظ الجلالة مؤنثاً\"؟(!).
الأنثوية وحركات تحرير المرأة
العربية:
وبعدما ركبت الأنثوية موجة العولمة عمدت إلى تشويه
باقي الثقافات والحضارات الأخرى فأعلنت حربا شعواء على
الإسلام وأحكامه والمرأة المسلمة ، ونهجت في ذلك منهجا
يقوم على التشكيك في صحة الدين، والقول بأن الفقه الإسلامي
ذكورى، يسوغ سيطرة الرجل على المرأة والتأكيد على المساواة
المطلقة ، ونقد نظام الزواج و الأسرة الإسلامية وتقديم
الاجتهاد من مجتهدين غير عالمين بأحكام الإسلام مقابل
تقديم الجوائز المالية والأدبية لهم، أمثال \"سعداوي\"،و
\"المرنيسي\". وغيرهن،
ويفضل الأنثويون التركيز على مشكلات النساء المسلمات اكثر
من مشكلاتهن وهو ما يهدد أمن المجتمعات الإسلامية التي
بدأت تشهد ثمار ما زرعته الأنثوية المتطرفة في عقل
المسلمين والمسلمات من زيادة أعداد مرضى الإيدز ، وحملة
تقليص عدد المواليد من خلال تأخير سن الزواج ، الذي جلب
الزنا بدلا من الزواج، لدرجة أن بعض الدول التي تتخذ من
الإسلام ديناً حرمت تعدد الزوجات، مع السماح بتعدد
الخليلات.
دور المنظمات الأهلية:
تشير الدراسة بأن الحركة الأنثوية ركزت على نشاطها
في مجالات التعليم والمواثيق والدساتير الدولية، لتسهيل
عملية التغيير الاجتماعي مستغلة في ذلك المنظمات الدولية
والإقليمية والمؤتمرات العالمية .
بهدف الضغط على الدول لإحداث تغييرات في قوانينها الداخلية
ويسهم في خطورة الأمر اتجاه الأمم المتحدة للتعامل مع
المنظمات الأهلية مباشرة ، بل جعلها رقيبة على دولها،
خصوصاً ما يتعلق بشئون المرأة والطفل، فمثلاً هيئة المعونة
الأمريكية تخصص كل عام ما يزيد على 20 مليون دولار مساعدة
للمنظمات الأهلية المصرية بشرط أن يكون المشروع الممول
مقبولا في المنظمة المقدمة للمعونة.
بل امتد الأمر إلي أقصى درجات الضغط التي يمارسها النظام
العالمي الجديد، حيث أصبح من أهم شروط انضمام تركيا
للاتحاد الأوروبي – مثلا –الاعتراف بالشذوذ الجنسي.
التصور الإسلامي لقضية المرأة:
يعرض د.\"مثني\" في دراسته للتصور الإسلامي لمجمل
قضية المرأة المعاصرة من خلال تفعيل القواعد الإسلامية
التي تقدم البدائل المناسبة ، والتي تنطلق من اعتماد (
الحاكمية لله) مرجعية شاملة،وسيادة الشريعة بما تحويه من
أحكام المرأة والمجتمع ككل ، وينبني التصور الإسلامي على
ضرورة أن تكون الأخلاق والقيم ثابتة وليست متغيرة كما تفعل
الأنثوية التي تشكك وتعبث بكل القيم، كما يركز التصور
الإسلامي على اعتبار الأمومة وظيفة مقدسة خاصة بالمرأة،
كما يعلى الإسلام أمر الفطرة وضرورة مسايرتها، لا
لمعاكستها.
كما قيدت الشريعة الإسلامية الحريات ، وجعلتها تدور في فلك
حفظ مصالح الفرد والمجتمع، وقد ردت الدراسة على عدة شبهات
تثار حول رؤية الإسلام للمرأة مثل:( القوامة - ونشوز
الزوجة).
وتختم الدراسة بمناقشة عامة لوضع المرأة المسلمة، ودورها
في بناء المجتمع مطالبا بضرورة بناء حركات نسائية واعية
بمشكلات المرأة المعاصرة، وتدفع بعجلة التنمية المتكاملة
دون تهميش للمرأة ، ودون استدراج للمرأة المسلمة إلي
متاهات الفكر الغربي الذي انطلق من واقع ظالم، ليس للمرأة
فقط، بل لفئات كثيرة من المجتمع (العبيد- النساء- السود)
لكون أن التربية الإسلامية خصبة بالعدالة والمساواة
والتكريم الإلهي للمرأة والرجل والحيوانات والنبات والبيئة
، تقديراً لدور كل منهم في الحياة المستقرة الكريمة.