أنا أحب... أنا أذوب
وداد عقراوي
widad.akrawi@woea.dk
ما
زال الغموض يحيط بمفهوم سر علاقة المرأة بالرجل والرجل بالمرأة رغم
الكم الهائل من المناقشات حول التجارب الفكرية والشعرية
والاجتماعية والدراسات المكثفة والبحوث ذات الأبعاد والاتجاهات
الهادفة البعيدة عن اي تأثيرات مترامية وعن أوهام القيود المستحدثة
لكشف النقاب عن جزئيات وجزيئات الحب والشعر و"الخيانة" ـ تلك
الاسرار الغريبة التي تعبر كلها عن حبِ وتعلقِ خلق الخالق ببعض...
تركت لنا الازمان مجموعة من القصص للمشاهير لنستدل منها...
فهناك مثلاً قصة أبرز أدباء فرنسا في الحقبة الرومانسية الاديب
والشاعر والرسام الفرنسي فيكتور هوجو (26 فبراير 1802م -22 مايو
1885)، صاحب رواية "البؤساء" الشهيرة، والتي ترجمت ـ كمعظم أعماله
ـ إلى كثير من اللغات المنطوقة، مع زوجته أديل هوجو... فهذه السيدة
عاشت لحظات عمر قاسية شبه منعزلة افتقدت فيها لأبسط مشاعر العطف
والحنان...
نجح فكتور في تسلق سلم النجاح وحصل على أسمى مكانة فى فرنسا وأسس
جمعية الأدباء والفنانين العالمية وأصبح رئيساً فخرياُ عام 1878
وكان يجوب البلدان الاوروبية مع عشيقته جوليت درور ولكنه كان يبخل
على زوجته بكلمة طيبة...
الأمر المثير هنا هو ان شاعراً وناقداً اخر اسمه سانت بون انجذب
لزوجته بكل ما لدى الشاعر من شوق واصبحت مصدر الهامه الشعري...
هذا ما سجله التأريخ عنهم وارجو ان لا ندينهم باي شكل من الاشكال،
فقد يكون فكتور او سانت قد اتخذا تلك المواقف المتباينة من أديل
وفعلا ما فعلاه لاسباب لسنا على علم بها ولكنني اعتقد بان الشاعر
او الشاعرة مهما انكرا وجود مصدر الهام اي وجود شخص معين يجعلهم
يدخلون ويُدخلوننا معهم في عالم الابداع فانا واثقة بان هذا الملهم
او الملهمة بقلب وله وجود حقيقي... ومجموعة القلوب هذه كلها
تنبض... ولولا ذلك لما حصل الابداع.
اما مسألة خلط الابداع بالخيانة للزوج او الزوجة فلا اؤمن بها...
فعندما ننام نحلم كلنا احلام غريبة في بعض الاحيان... فهل هذا يعني
بان ما شاهدناه في الحلم قد حصل في الواقع؟
الجواب هنا لا... ولكن في حالة الانا الشعرية المسكونة بالابداع
الادبي والروعة... بالعطش للجمال الحقيقي... فما يتم تسجيله قد لا
يكون قد حصل في الواقع ولكنه تعبير عن تمني الحصول على "تلك
النعمة" باختلاف انواعها وصيغ التحدث عنها... الحلم هو الذي يدفع
الانسان للتمسك بالحياة...
احب هنا ان اختم بمقطع من كتاب مشكلة الحب للشاعر الروسي أوسترفسكي
الذي ألف العشرات من المسرحيات:
قالت قطعة الجليد و قد مسها أول شعاع
من أشعة الشمس في مستهل الربيع :
أنا أحب، وأنا أذوب،
و ليس في الإمكان أن أحب، وأوجد معاً...
فإنه لا بد من الاختيار بين أمرين:
وجود بدون حب... وهذا هو الشتاء القارس الفظيع...
أو حب بدون وجود... وذلك هو الموت في مطلع الربيع...