|
مقالات شهد العراق في مرحلة ما بعد دكتاتورية البعث حركة كبيرة في مجال الاتصالات والاعلام وهذه الحالة الجديدة افرزت بدورها تيارات اثرت الى حد كبير على الجو النفسي والفكري في المجتمع العراقي. وما يطرح في الساحة اليوم من قضايا (التشتت) والعلاقة بين (الطوائف) و (الحرب الاهلية) وامثالها انما هو من الاثار السلبية لظاهرة الانفجار الكبير في حقل الفضائيات والاتصلات الذي حدث في العراق. ومما لاشك فيه ان هذه الاحداث ازالت الحواجز امام الثقافات والافكار المتعددة والمختلفة داخل هذا البلد. وجعلت الفرقاء وجهاً لوجه. وصيّرت الساحة العراقية حلبة يفوز بها من له السبق في هذه الثورة الاعلامية. ويرد هنا ثمة تساؤل عن موقع الحكومة الوطنية العراقية من هذه الثورة الاعلامية الدعائية. وكيف يمكن ان تتخذ منها وسيلة لدعم وجودها وقوتها ووحدتها والتقريب بين ابناءها. وهذا ما نريده من خلال هذه القراءة هو فتح باب لمعالجته والتفكير الجاد به. - ويمكن التأسيس لذلك من خلال المحاور التالية -
المحور الاول: اهمية الخطاب الإعلامي. يتميز الخطاب الإعلامي عن الخطاب الفكري في قدرته على تحريك المشاعر والعواطف. ونحن في عملية التقريب والتوحيد بين صفوف ابناء العراق نحتاج في تصوري احتياجا كبيراً الى الخطاب الاعلامي كحاجتنا الى التعميق العلمي والتأصيل الفكري والسياسي وربما يستهين بعض الباحثين في حقل التقريب والقضاء على الفتنة بلغة الاعلام معتقدين انها لغة لاتتميز بالعمق العلمي والفكري. لكنني ارى ان المستهينين بلغة الاعلام لا يفقهون اسلوب الدعوة او غير مهتمين اساساً بدعوة الشعب الى الوحدة ونبذ الطائفية. وعليه فان الخطاب الاعلامي ضرورة قصوى في أي دعوة تقوم بها الحكومة. ودعوة نبذ الفرقة والتشتت لا يجوز ان تقتصر على العمليات العسكرية والخطب السياسية بل يجب ان تتخذ من الاعلام سبيلا لتحقيق ذلك.
المحور الثاني. الاعلام العراقي اليوم. دور الاعلام في عراقنا اليوم شأنه شأن التقنيات الاخرى متخلف وهو غالباً ذيلي تابع. انه في احسن احواله يحاول ان يقلد الاعلام العربي والذي هو اساساً مقلد للاعلام الغربي فلم تشهد الساحة اليوم ان هناك هوية وطنية خالصة طاغية على اي جهة اعلامية عراقية بل والاخطر من ذلك فان بعض القنوات الاعلامية في عراقنا الجديد. تسير على نفس طريق التآمر الاعلامي على الشعب العراقي على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي الذي تقوم به الجهات المعادية للشعب العراقي نحن اليوم بحاجة الى الاعلام الداعم للعراق بكل جوانبه.
المحور الثالث – الصفات الغالبة على الاعلام العراقي الصفة الغالبة على الاعلام العراقي هي التركيز على مفاهيم التعصب التي تثير مشاعر العداء تجاه الغير وتجزيء البلد الى عربي وكردي وسني وشيعي ومسلم وغير مسلم وعلماني وديني.... بل احيانا تثير او يثير الاعلام النزعات داخل الفصل الواحد. والاخطر من كل ذلك انه يقوم بصب الزيت على الخلافات بين ابناء البلد ليشعل نار الحرب (والعياذ بالله ) عن طريق عرض المشاهد المنحرفة والممارسات الخاطئة للجهة من ابناء بعض الولاءات ضد طائفة او قومية اخرى. كما يركز الاعلام نحو ضياع المثل الاعلى عند العراقيين عن طريق حشد هائل من الافلام والبرامج التي تحول المتعاطين معها الى موجودات لاهم لها سوى مصلحتها الخاصة. واتخاذ شخوص ذوي مستوى هابط قدوة لها.
المحور الرابع – الاعلام المطلوب الاعلام المطلوب في عراقنا اليوم هو ذاك الاعلام الذي يخلق وحدة شعورية وعاطفية بين العراقيين في كل ارجاء البلاد ويؤكد على الهوية الوطنية والانتماء لارض العراق. ويرشد الصحوة الوطنية والانتماء ويحترم جميع الانتماءات. ويربي ابناء الوطن على العزة والكرامة والشخصية الوطنية. كما هو ذلك الاعلام الذي يضع امام الجماهير مثلها الحق ويدعوها الى ان تعبئ طاقاتها للسير نحوه. ويعالج كل الحساسيات القومية والطائفية. وهكذا الاختلافات السياسية والحدودية بشكل يدفع بها الى ان تصب في المصلحة الوطنية العليا. ويوضح للعراقيين مصيرهم المشترك امام التحديات والاخطار والتهديدات المحدقة بهم. ويكشف عن الخطط الرامية لتذويبها ومصادرة هويتها والانقضاض على الاستقلال الفكري والسياسي والاقتصادي. واخيرا يمكن ان نقول. ان دعوة التوحد بين ابناء الشعب العراقي تحتاج الى الخطاب الاعلامي كحاجتها الى الخطاب السياسي والديني وغيره.. والاعلام المهيمن اليوم لا يخدم هذه الدعوة. فلابد من التفكير الجاد في سبل النهوض باعلام يقوم على قاعدة وطنية خالصة يخدم مصلحة البلد في بناء الانسان العراقي الذي يسعى لصناعة مستقبل واعد بعزه وكرامة.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |