مقالات

طائر الجنوب المدمى

((في ذكرى استشهاد عز الدين سليم))

 مصطفى المهاجر / برزين ـ استراليا

malmohajer@hotmail.com

راحلاًَ إلى رحاب الله....... وعلى جناحيه دم الجنوب العراقي المدمى..... و على لسانه ترانيم الدعوة لرسالة السماء ........ وفي قلبه أريج الولاء لأهل بيت الرسالة.... وبين جوا نحه..... حب غامر للعراق وأهله........ نما واستطا ل طوا ل سنين غربته عنه وعنهم...... وحين عاد إليه عازما على المساهمة في مسح غبار سنوات البعث العجاف ....... وساعيا بكل عزيمته وإيمانه..... و شوقه وولائه ..... وحنينه الجارف إلى النخل والماء ......إلى إضاءة زوايا العراق التي سوّدها القتلة و الساقطون وحثالة البشر......... و جاداً بكل ما وهبه الله من نعم الفكر واللباقة و الحس الإنساني المرهف.... في محاولة إنهاض العراق من همجية طوامير زمرة السفلة الرعاع ورئيسهم الهمجي المتخلف ....... ومن وهدة مقابرهم الجماعية ...إلى حيث يستحق العراق وأهله من مكان مشرف تحت شمس الحياة الكريمة..... وفي رحاب عالم جديد لا مكان فيه إلا للحرية والكرامة..... والخبز المعجون بعرق الجهد الطاهر المبارك......

حين عاد طائر الجنوب الذي هاجر إلى الضفة الأخرى ........إلى مرابعه .....إلى أرض طفولته وصباه.... إلى مدارج أفكاره الأولى .....وبصماته الأولى..... وحروفه الأولى..... كانت بانتظاره تلك الوحوش الآدمية التي طردته من وطنه محكوما عليه بالإعدام.........لتعيد تنفيذ حكمها القديم..... بسلاح جديد...... أكثر بطشاً... و أشد فتكاً... وهو يعلم أنهم بانتظاره ..... ولكن للموت على أرض  الوطن.... وفي سبيل العقيدة و الحلم الأجمل..... رائحة جنان الخلد ....... وطعم اللقاء مع الأهداف السامية ......ولذة الانتصار المبارك على عصبة القتل والاغتيال والتصفيات...!!

  مجاهد آخر من الرعيل الأول يصعد مدارج الشهادة ....... ليعانق صحبه الأبرار الذي سبقوه إلى هناك ..... حيث النعيم الدائم الذي أعده الله لخاصة أوليائه..... وليكونوا هم في استقباله......

الشهيد الصابر البطل عبد الصاحب دخيّل (أبو عصام) ..... الذي وقف ببطولة نادرة ليقول لجلاديه من العصابة البعثية المتخلفة والهمجية .......! : "هنا "مشيرا إلى صدره العامر بالإيمان وحب أهل البيت "..... هنا أسرار الحركة الإسلامية...... وأتحداكم أن تنتزعوا منها حرفا واحد.....!" فكان قبره حوض التيزاب...!!

وشيخ الشهداء ..... الشيخ عارف البصري...... الذي ساومه الجلادون على دينه لدنياهم فشمخ مستعليا بالله ..... قائلاً........ " لقد تعلقت بأستار الكعبة ودعوت الله أن يرزقني الشهادة..... وها هي تقترب مني... ولن أتخلى عنها" ......!!

وسيد شهداء العراق والعالم الإسلامي في العصر الحديث ...... المفكر الإسلامي الكبير الشهيد السيد محمد باقر الصدر....... الذي وقف طوداً شامخاً في وجه القاتل زعيم القتلة "صدام" وعصابته البعثية الحاقدة......... فاضحاً زيف شعاراتهم......... وأكذوبة مبادئهم..... وسفالة سلوكهم........ قائلاً بلسان جده الحسين (ع) "لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل.... ولا أقر إقرار العبيد"....

وليعانق شهدينا البار عشرات لا بل مئات الآلاف من إخوانه الشهداء...... على ذات الدرب ولذات الأهداف النبيلة........ ليعانقهم قبل معانقة الحور العين....!!! وحين يُسأل عن قاتليه ......سيقول لهم بكل ثقة واطمئنان ........إنه القاتل نفسه......الذي قتل العراق وأهله....... قتل المراجع والعلماء من آل الحكيم وغيرهم......... وقتل المرجع الكبير الشهيد محمد الصدر وولديه رضوان الله عليهم أجمعين..... وإنها الأيادي الآثمة ذاتها إنها العصابة التي ولغت   في دماء العراقيين أربعين عاماً.... بكل همجيتها ووحشتها وحقدها المزمن على كل ما يمت إلى الإسلام وأهل البيت بصلة....! إنها العصابة نفسها ...... ولا تخدعنكم الأسماء والعناوين والألقاب والأقنعة!! لقد قتلوا مئات الآلاف في طواميرهم وزنازينهم ....... وزرعوا أرض العراق بالمقابر الجماعية لأجساد الطاهرين من خيرة أبناء وبنات العراق وشيوخه وأطفاله ...!!! وأما من افلت من قبضة حقدهم حين كانوا يعيثون فسادا في العراق أرضا وبشرا ومقدسات..... فها هم الآن......... يلاحقون الأبرار بغدرهم وخستهم وسعارهم......... بالأمس كان السيد محمد باقر الحكيم رضوان الله عليه ....... واليوم الأستاذ عز الدين سليم...... وغدا لا ندري من سيكون التالي...... !!! والقاتل واحد ...... وطريقة القتل واحدة.... والشعارات الخادعة ذاتها..!!

وماذا بعد.......؟! وكيف الخلاص...... من دوامة القتل وأنهار الدم و الدموع .....؟! ليس من سبيل إلا الوعي والإدراك السليم لما يحاك للعراق أرضا وشعبا ........ ليس من سبيل إلا تجاوز الذاتية والأنانية ........ ليس من سبيل إلا  محاولة تنظيف العراق من قذارة وعفونة أربعين عاما ملوثة بالبعث الحاقد وبصدام الهمجي القاتل وبعصابته المسعورة........ ليس من سبيل إلا إخراج العراق إلى نور الحياة ........ ونسيم الحرية والعيش الآمن الكريم....... بعيدا ً عن كل الشعارات البراقة المجبولة بالخداع والخيانة ........... وعن كل الهتافات التي قتلتنا بها سكاكين الحقد الطائفي ..... والعروبة الزائفة.........! ووقف جميع العرب والمسلمين حكاما وشعوبا........ يتفرجون على مجازر أبنائنا ...... وضياع ثرواتنا ... وتشريد أجيالنا على خارطة الدنيا...... ووقف جميع العرب والمسلمين –حكاما وشعوبا- وهم يصفقون لقاتلنا الهمجي المتخلف وهو يشتري ضمائرهم ..... وأخلاقهم وعروبتهم و دينهم..... بنفطنا الذي أودعه الله في أرضنا... ضمانة لمستقبل أجيالنا........ كانوا يتفرجون ....و يرقصون على جراحنا..... ويصفقون بإعجاب ...... فقد كان القتل عربيا بامتياز!! وكان الذبح للآلاف من أبنائنا شرعيا..... وعلى الطريقة الإسلامية...!!  ويكفي ذلك مبرراً أن يسكت الجميع أثناء فترة  حكمه ......... وأن يحزنوا لسقوطه ... وان يثأروا له...... ومنا أيضا....... ومن خيرة رجالنا الأبرار...........! ولكن سيخيب مقصدهم فـ :"الله ولي الذي آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور" وسيرد الله كيد الظالمين إلى نحورهم..... فالأرض التي أتخمت دما وقتلا وجثثا...... لا بد أن تزهر فيها سنابل العدل والحرية و الكرامة.....! وهي تستصرخ الجميع.......أن كفى..... واتقوا الله في أبنائنا ودمائنا...... ومستقبل أطفالنا وأن كفى....... كفى شعارات براقة زائفة ومغامرات غير محسوبة العواقب..... ودعوا نسائم الحرية تهب على أرضنا الطاهرة... ولتزهر براعم الإيمان والكرامة من جديد..... وليذق شعبنا المظلوم.... طعم الراحة والأمان و الاستقرار والعيش الكريم على أرضه الطيبة "وما ذلك على الله ببعيد"........." ولله الأمر من قبل ومن بعد".

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com