|
مقالات حين يكتب التشكيلي شعراً بالفرشاة الغجرية لاحمد النعمان موديلا
البروفيسور د. عبدالإلـه الصائـغ / مشيغن المحروسة
1/ ذات بكور فتحت عينيها سنابل زرقاوين بلون السماء قبل ان تغادرَ الألوانُ قواقعَها شبكت ذراعيها على صدرها المرتجف على كرتين بيضاوين بلون الثلج قبل ان تَخْتَطَِفَ الثلجَ حاوياتُ الأجساد الملقاة فوق الأرصفة المنداة بالدم العبيط تحسست ملابسها المبتلة بعرق البارحة لماذا البارحة يالهي وملابسي لماذا تبتل فوق جسدي من أيِّنا ابتلت! ملابسها كانت بلون ضفائرها الطفولية قبل ان تتكدر بدخان السجائر البخسة والعرق المغشوش ارادت ان تنهض لكن الخدر اللذيذ خيبها مالذي اغتال قواي فجأة ذلك العَجِلُ المقدس الذي غادرني نائمة أم تلك النزقة التي احتلتني منذ بدأت أعني منذ بدأت! هش لا تبوحي بسرها! فتحت شفتين بلون التين قبل ان يستتر به الأخيبان حواء وآدمها الديدبان وهما في الطريق الى الأرض مطرودين من معسكر الجنة شاءت سنابل ان تصرخ اين انا؟ هنا لاشيء يذكرني بالبيبون والشِّقَّيْق ونشيد تحية العلم يؤديه الأطفال في صباحات الموصل الناعسة ( ناعس ) كلُّ ما فيك سيدي العجل السماوي اصرخ اريد ان اصرخ بكل جسدي واسئلتي اريد ..... أن .... أصـ... رخ فغار صوتها في السكوت واوهنتها عيون العنكبوت تضيء من لوحة عتيقة مائلة غرفة من هذه التي اسلمتني للأسئلة وخبأتني عن عيوني والقتني خارج أسوارالزمن! من هذه النائمة فوق شرشفٍ نديٍّ كتوم لايرى ولايسمع اقتربي يتها المرآة لتري دهشتك في وجهي ثمة فاعل ومفعول هرب الفاعل بالفعل خارج أسوارالمكان ولبثتُ المفعولَ به مثل طفلة خسرت براءتها في ذات ليلة كليلة عمياء صماء شلاء لستُ المفعولَ به ولستَ الفاعل من منا الفاعل أو من منا المفعول انهض ياشبحي الخدران ياشجني وغادرني فأنا الساعةَ لن اخرج لن قبل ان التقيه وهو يدخن رغباته السرية بنهم علني وهو ثملٌ كضفدعة سقطت في قرَّابة خمر وهو يغني بحنجرة من نحاس متأكسد يالهي ما الذي يحصل لي لم ازل بعد سنابل أأنا احلم في الحلم وببوحي اقاتل لم اعثر ولم يسرقني الدرويش مني وانا مازلت في غرفة اختي بغطاء عاتكٍ خبأت احلامي عني انني الثغ لكني اغني 2/ السماء فحلٌ فسيفسائي يدنو ويدنو والأرض انثى من غرين تدنو وتدنو اني اختنق وحدي واحفر لحدي لحظةَ أغازل جسدي جسدي حيـ من ميتـ منـ حيـ آخر قديس حي مات آخر عشاقي مرَّ وما سلم آخر بدوي وثني ذاب في سورة رمل ما اسلم الناس ابتدأت تمضي الساعة جاءت مرت فاتت وانا نائمة لا اعلم ليس على الأرض سواي سأكتب آخر قصيدة واتلاشى لكن ... أمضي الى اين ليس ثمة اين ولا متى علامات الأستفهام غادرتنا ميتةً لا احد يسألها بعد الآن الزمان اختبأ في المكان وليس ثمة مكان للمكان ياه كأني ارى السماء للوهلة الأولى من نمنمها بالفسيفساء من جملها بالميناء انعكاسات الضوء تعشي عيني فسيفساء ادركت الآن بعد الفوات ان كل شيء فسيفساء القبل والبعد والجهات الست كل شيء فسيفساء الوجوه القلوب الجيوب الذنوب كل شيء فسيـ ...... فساء لاتسلني فانا اسمعك ولا افهمك انا اراك ولا ادركك دع كل شيء للاشيء فانت الذي هو انا فسيفساء والفسيفساء الذي هو انت فسيفساء مااوحش ان يكون الفسيفساء آخر الأشياء 3/ سنابل لم تمت بعد ولم تغادر فراشها كانت تحلم في الصحو وتصحو في الحلم سنابل اجمل صبايا باب الطوب عيناها الزرقاوان خضراوان ونهداها الأبيضان زرقاوان وضفائرها الذهبية برونزية شفتاها شقي تين فيوليتي سنابل مازالت فاغمة من خمر الهاتف مااوجع ان يتعجلنا الفجر ويعود الليل الى العتمة الهاتف سلك بين ثغرين عطشين لايحسنان اللثم بين وجعين لايعرفان الضم الهاتف الفيروزي يغور في فضاءات الفسيفساء بعد قليل ربما في ذات ذات تكون الأرض والسماء شقي طاحون ويكون الأحياء دقيقا مطحون وسنابل تطلع من بين الشقين 4/ طفل خانس خلف الدفلى والدفلى مرتجفة شبح أت يكبر يكبر والعتمة خانسة خلف الشبح من يطفيء هذي اللوحة 5/ من يمسح عن حلمي لهاث الفسيفساء وتماثيل الماء من يوقف زحف الملح فوق الجرح الأرض وباء والأفق عماء 6/ لاتحزن ياطفلي فقريبا تهجرنا الدار نعبر قارات الطلسم الأكبر صوب شواطيء أهلة بالغرباء وصبايا مفتونات بالزوار لاتحزن ياطفل النار 7/ فسيفساء أرضي فسيفساء سمائي فسيفساء كلماتي . 8/ من يقفل هذي الضوضاء كي يبدأ ربي ثانية خلق الأشياء كي يختزل النعمان صراخ الأوطان ويرتِّشَ بالألوان خاتمة الألوان 9 / للغجرية بوح الروح وهي تنوح جرح الرؤيا حين تبوح من يدخلني الساعة في اللوحة كي تخنقني أُطرٌ اللوحة لحظة يشتبك الجسدان ويغيبا حلقات حلقات من تبغ ودخان من يمنع هذا الفتان النعمان ا ليغادر مشغله البللور في نيوكاسل في موسكو في الموصل سيان كي لايهتبل الحلاج الوصل المحظور فينهتك المستور وتذوب عناقيد النور كي يتركنا اللجلاجُ ثملين بلوعتنا وندور ندور! الأرض تدور بنا والأفق يدور بهمو والناس تدور.. تدور تدور تدور هذه الغجرية اقلقتني حقا! وشغلتني عني صدقا! الغجرية تخبِّيءُ عينيها وراء ظلال كحلية كي لا ادري وجهة نظرها! أهي تحملق فيمن يحملق فيها! أم تحملق في فتنة الجسد! ام تراها تحملق في اللاشيء وهو يتشيَّأ من جديد! الغجرية قصيدة مكثفة للفنان الكبير الدكتور احمد النعمان شاء ان يرسمها بالفرشاة ويؤسس من خلالها طقوسا للرؤيا في زمن العمه كرنفالات للالوان في مأزق الإنسان! داخل اغلوطان وخارجها! تتضمن لوحة النعمان قراءته الخاصة لمفهومات الغجرية في الذاكرة الجمعية العراقية!! ولقد حاول قبلي الصديق والعالم الدكتور بهجت عباس قول شيء جميل في الغجرية، ولم يتأت لي السانح لكي اتابع ما كتب هذا المثقف الفنان عن لوحة النعمان! كما انني لم اسأل رفيقي الأستاذ النعمان عمن قرأ او تأمل لوحته المثيرة ( الغجرية ) قبلي! لكنني موقن ان قراءات سبقتني وقراءات اخرى ستتبع تلك وهذه! ولكن لماذا الغجرية موضوعا؟! ولماذا انتقى الفنان نموذجه المناسب ضمن رؤيته لها؟ النموذج في تعبيري هو الفتاة الموديل التي دخلت مشغله ليحاكي في قماشته كينونتها!! لماذا هذه الألوان النـزقة والنظرات الحزينة؟ بل كيف تم نفخ بطن الفتاة وثدييها بهذه الطريقة البابلية أو الآشورية؟؟بحيث تلغى الفجوة بين الثديين الممتلئين والبطن الممتليء؟؟ واقول فتاة ولا اقول إمرأة رغم ان (الحمل) دال تام المدلولية على تحول الموديل من دنيا العذرية الى دنيا الثَّيبِيَّة!! يالهي ولماذا خضب الفنان خلفية اللوحة بالخضاب الأحمر كما خضب وجه الفتاة وحلمتيها؟ بل ما الحكمة من ان تبدو الغجرية بملابس النوم الشفيفة ثم تنهدل علاقة الكتف (الأيسر!!) لتهبط نحو الذراع بينا ينسدل شعرها الوحشي اسود ورماديا نحو الأسفل وتستشزر الغدائر نحو العلى!!؟؟ بينا تتسمر عينا القاريء عند ترائب الغجرية التي بيضت مساحة الصدر الأبهى من تحت العنق الى اعلى الثديين !!أثمة مسٌّ تراثي لامس التكوين؟؟ يقينا انني تجاوزت المسموح به بحثيا في عدد اسئلتي!! اعترف بذلك وإن كنت اتوهم بأنني لم اصل الى السؤال الأكبر!! وستلاحظ معي ان الفنان الكبير النعمان سوَّر غجريته بثلاثة أُطُر : الأول حددها فتركنا نرى ماسمح لنا به فقط اي الى الثلث الأول من البطن وترك لخيالنا حرية توسيع الإطار ليتسع لكل عذابات الجسد ومباهجه!! اتظنون معي ان الفنان النعمان كان يغار على موديله ان تضيء فيه عيوننا كل زاوية كغيرة ربمبرانت على تمثاله الشيطانة العذراء أو غيرة غوغان على موديله البولونيزي؟؟ ثمة اطار ثان حول غجرية النعمان ما الضرورة اليه؟؟لماذا خصه بخرص اخضر يتدلى من علٍ كما يتدلى المشنوق؟ هل الخرص خارج اللوحة او جزء منها؟؟ وان كان نعم فلِمَ لم يدخل كينونة الغجرية؟؟ اي الإطار الأول، وإن كان لا فما مسوغ تخليقه وقد عودنا النعمان ان يوظف فنيا ودلاليا كل شيء حتى ما يقرفه أو يوجعه حتى !! أثمة حوار مثلا بين اخضرار الغصن واللون الفيروزي الذي يكاد ان يحيط بالغجرية!! أكان الغصن طبيعيا يتنفس مثل الغجرية ام بلاستيكيا صناعيا؟؟ واخيرا لماذا حرم الإطار الثالث من اية كتلة؟؟ بمعنى ثان لماذا ملأ الإطار الأخير بكتلة الفراغ!! الصمت عند الموسيقيين والسكون عند العروضيين!! قد يكون ايحاء الصمت / الفراغ / السكون أكثر إيلاما للقراءة المشاكسة التي لا تهتم بالتمظْهر كما تهتم بالتَّمغْور! بالممنطوق كما تهتم بالمسكوت عنه! هذا هو المكر الفني الحديث الذي يسوِّغ شعرية اللوحة (1) فالصــورة الفنــية artistic image معان مرسومة بالفرشاة والألوان والقصيدة كلمات راسمة بالمتخيل المتاح والجدل قائم بين المحسوس البصري ( الصورة التشكيلية ) والمشعور المجرد ( الصورة الشعرية مثلا او القلمية ) والرابط بين الصورتين هو الرابط اياه بين المحسوس والمشعور بين الواقع تحت سلطة الحواس والخارج عنها اي المجرد ومن سوى الخيال الذي يصنع التماثل من اللاتماثل (2) الصورة او اللوحة النعمانية لا تثرثر اسرارها بل هي دائرة مموهة المداخل لا يرى مداخلها إلا من أوتي فطنة مناسبة! وقد يكون المكر تضليلا لعيني المستكشف، كيف يحصل هذا؟ وفق (جشتالت) فانت ترى الكل ومن ثم ترى التفاصيل حسب الإثارة الضوئية البصرية! وعليه نحن وفق جشتالت نقع اسرى كلية اللوحة فنراها مزاج كل الأطر والألوان والخطوط والعلامات والفواصل لكن اللوحة تغاير التحول من الكلي الى الجزئي لأنها تبدأ بالجزئي لتستقر عند الكلي فهل كان وراء المغايرة هاجس فني او دلالي مثلا؟؟ ازعم كذلك لسبب هين مؤداه ان العينين باديء ذي بدء تقعان بيسر على دائرة تتضمن الثديين وشيئا من البطن!! وهو الهم المركزي الآخر للوحة كما يبدو لنا للوهلة الأولى !! هذه المرأة الطفلة والحامل العذراء والغجرية النقية هو ماتصبو اللوحة الى تأثيله فالغجر عند لوركا معادل دلالي للطيبة والنقاء ( قارن يريما ) وعند لورنس معادل للقوة الجنسية واللاتلوّث ( قارن العذراء والغجري )!! والغجر عند العراقيين هو اللذة المحرمة والجسد المباح!! فانت ستفاجأ بان التغجُّر ليس عهرا والتعري ليس إباحة وحمل الجنين ليس خطيئة!! فآخر ما يشغل اللوحة هو غوغاء الجسد بمعنى آخر اللوحة تدشن فرعا جديدا لفن ( الأمشقة ) فكأنك تتحسس رفسات الجنين في بطن الغجرية ودفقات الحليب في ثدييها ووعثاء الحياة في عينيها!! ( 3 ) اللوحة من خلال طلسم الجاذبية الأنثوية تهصر رؤية القاريء وتستحوذ عليها فالجنس مدخل وليس موضوعا!! هل قرأت ثلاثية احلام مستغانمي مثلا ذاكرة الجسد؟ وفوضى الحواس؟ وعابر سرير؟ لو قرأتها لساعدتني في تفهم كيف يكون الجنس مدخلا فقط وليس موضوعا وسيلة وليس غاية فرواية مستغانمي قراءة في الجسد الجزائري المهيض ولوحة النعمان قراءة في جسد الحلم السياسي المهيض وقد يكون الفنان غير مطلع على ثلاثية مستغانمي كما ان احلام لم تر اية لوحة للنعمان كما علمت!! يقول المتنبي الشعر جادة وقد يقع الحافر على الحافر!! وقد سئل ابو عمرو بن العلاء : كيف توجه المعنى يتداوله شاعران لم ير احدهما الآخر ولم يقرأ له؟؟ فأجاب ما معناه : إن هي الا هموم واحدة وألسنة مختلفة ( إن هي إلا عقول رجال توافت على السنتها ) ومثل ذلك قالت يوليانا كرستيفا مطلع ستينات القرن العشرين حين قعَّدت نظرية التناص اي وضعت نظريتها الكبرى في الجدل بين النصين الغائب والماثل( السابق واللاحق او المتزامن )!!(4) تضعنا قوة الجذب قبالة الحلمتين والثلث الأعلى من البطن كشيء من المكر الفني وآية ذلك ان الموضوع يتمحور عند عيني الغجرية فهما مركز اللعبة الفنية!! والمتفرس يقع اسير المكر الفني فيظن البطن والثديين همي اللوحة او موضوعها!! عينان عراقيتان لا غبار على سومريتهما او بابليتهما أو آشوريتهما بحيث تتوازى الجفنان العلويان مع الحاجبين بينا تحيط الهالة حول العينين إحاطة السور بالمعصم ولن يكتمل ارتواؤك الجمالي دون الهبوط القسري نحو الشفتين العراقيتين المزمومتين كأنهما بانتظار قبلة الحياة التي تعيد الأميرة النائمة الى عشاقها الأقزام السبعة!! شفتان ممتلئتان وقحتان تقولان ما لم تقله العينان الخجولان!!,كأنهما نقيضا شفتي المونوليزا فالغجرية تدعو والمونوليزا تطرد او في احسن الفروض لا تدعو فهما غامضتان بينا شفتا الغجرية نمامتان وفق مخيال الأمشقة!! استحضر في ذاكرتك صورة( تياما )في الملحمة السومرية حينما في العلى أو ملحمة التكوين ( إينما اليتش ) بل استحضر صورة عشتار في هو الذي رأى ( جلجامش ) أو شبعاد أو فتاة مملكة الحضر في الموصل ( شمش ) ستجد تطابقا مستحيلا في المضامين والأشكال! العينان والشفتان سمفونية لونية غاية البهاء!! هما كلام طويل لم يبدأ بعد!! واحمد النعمان فنان عراقي اهدته ام الربيعين الموصل الحدباء للإبداع العراقي كما اهدتنا من قبل ابن جني وابا تمام ابا اسحق الموصلي والخطاط المعجزة يوسف ذنون ... و النموذج الموصلي للجسد الموصلي يحفر في الذاكرة بعيدا فهاهو النعمان من منفى الى منفى من موسكو الى نيوكاسل والميسم الموصلي للموديل لابث في روحه لا يريم واكاد اصرخ ان هذه الغجرية موصلية!!!! وذلك يكشف قول الدكتور النعمان للدكتور بهجت عباس ان عبدالإله الصائغ اختار الغجرية غلافا لديوانه الجديد!! الذي يصدر بعد سنابل بابل! وسنابل كما وضح في الديوان والدراسات التي نهضت به : هي حبيبتي الموصلية على سبيل الواقع لا المجاز وقد كانت مجوعتي الشعرية التي صدرت في عمان قبل ثمان سنوات تحمل اسم حبيبتي الموصلية الحقيقي التي ماتت في عز شبابها وانا في غربتي الأزلية!! اخترت اللوحة لأنني صرخت حين اهداها النعمان لي : انها سنابل اقسم بربي انها سنابل؟ كيف اهتدى اليها النعمان؟ واي سر يكمن في هذا التخاطر المروع؟؟ هل احبها قبلي؟ متى اين؟؟ والمعادل الموضوعي للغجرية هو البراءة والنقاء والخصب والأنوثة والإستحالة (5)!! العينان تختصران جل مقولات اللوحة حتى لكأن الخطوط تبدأ منهما لتنتهي اليهما والألوان تعيد اليهما ما اقتبسته منهما!! لقد اضفى عليهما الأسلوب الآشوري فهما عينا آلهة لا يمكن النظر اليهما! هما عينا ميدوزا ربتما اللتان تحيلان الناظر اليهما حجرا! فمن يغامر منا بالنظر اليهما؟ العينان حوراوان! بل ان المبالغة في الحور جعلت العينين حورا فقط دون بياض!! لك ان تتخيل فتميز البياض من السواد فهما كهفان كحيلان يفضيان الى غابة الضوء ( الروح )! عينان ناعستان خجلتان تسقياك خمرا صوفيا : وعينان قال الله كونا فكانتا فعولان بالألباب ما تفعل الخمر (6) أو : حوراء لو نظرت اليك سقتك بالعينين خمرا وكأن ما جمعت عليه ثيابها ذهبا وتبرا وكأن رجع حديثها قطع الرياض كسين زهرا (7) وتلبث تفاصيل الكتل في خلفية اللوحة وهو ماتنهض به دراسة لاحقة ان منحني الله العمر والصبر .
لوحــــة الهوامش * يلاحظ المتأمل للوحة الغجرية ابتداءً كون النموذج مأسوراً بثلاثة أُطر! مختلفة الالوان والحجوم بينا يتفرد الثاني بجملة صورية قوامها ابعاض غصن ما!! . 1/ الشعرية هي بؤرة الجمال في الأشياء رب شعر دون شعرية كألفية ابن مالك ورب شعرية دون شعر كلوحة الغجرية!! اما المكر الفني وهو المكر الخير الذي يشكل عصب الشعرية انظر في ذلك كتابنا الخطاب الشعري الحداثوي والصورة الفنية طبعة المركز الثقافي العربي بيروت كازابلانكا 1999 2/ الصورة الفنية :نسخة جزئية للواقع او التوقع الحسي او الشعوري وفق تكنيك ابداعي جمالي يعادل بين المجاز والحقيقة!! بينا يكون التمائل في اللاتماثل مسوغا للفن على راي ارشيبالد مكليش انظر في الصورة كتابنا : الصورة الفنية معيارا نقديا طبعة ثالثة القاهرة 1996 وفي نظرية التماثل : انظر الشعر والتجربة ارشيبالد مكليش ترجمة سلمى الخضراء الجيوسي طبعة دار الآداب بيروت 1996 . 3/ الأمشقة فن بدائي يرينا ان كل شي يشف عما تحته فمثلا المرأة الحامل ترينا الطفل في احشائها والفتاة العاشقة ترينا سعة قلبها ونحن نرى سكان البيت من خلال الجدار الذي يشف وقد افادت الدادية من هذا الفن ثم انصرفت عنه!! وعراقيا كان شاكر حسن ال سعيد اول من انتبه الى هذا الأسلوب في لوحاته البواكير بيد انه انساق وراء اسرار الحرف العربي لتوظيفه صوفيا في اللوحة ولم يحقق شيئا وا أسفاه والولع باسرار الحروف ولع غيبي اطلق عليه علم الجفر!! انظر في الأمشقة الغصن الذهبي للسير جيمس فريزر . 4/ التناص يقتضي نصين احدهما حاضر والآخر مغيب مثلا قال الأعشى الجاهلي : وكأسٍٍ شربت على لذة واخرى تداويت منها بها ( النص الغائب ) وقال ابو نواس العباسي : دع عنك لومي فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء ( النص الحاضر ) 5/ واما المعادل الموضوعي فقد ورد تأصيلنا له في بحوثنا (تعدد صور الله والوطن في اعيننا! ) انظر في المصطلحين 4/5 وغيرهما كنابنا النقد الأدبي الحديث وخطاب التنظير ( مرجع سابق ). 6/ التقدير وعينان فعولان قال الله كونا فكانتا!! ورحم الله من قال لولا الحذف والتقدير لسبقتنا في فهم النحو الحمير!! . 7/ الشعر لبشار بن برد مخضرم الدولتين الأموية والعباسية .
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |