|
مقالات شريعة الانتخابات .. قراءة فقهية معاصرة
نضير الخزرجي / إعلامي وباحث عراقي تمتلك العقلية العربية والمسلمة مجسات تستشعر بها المصطلحات والألفاظ قديمها وجديدها، تتحسس للغريبة منها فتلفظها كليا أو تحاول تعريبها وتدجينها، أو تحسها وتستأنس بها وتتفاعل معها، فيأخذ اللفظ أو المصطلح مساره ومؤداه متمظهرا بمصاديق عدة، مثل لفظ الديوان والفردوس والقانون. ومن تلك المصطلحات التي تتوثب فيها المجسات وتتحسسها بإمعان، مصطلحا الانتخابات والاستفتاء، بوصفهما مصطلحات ذات أبعاد سياسية واردة من بلاد الغرب، لم تعهدها اللغة العربية على مستوى الاستعمال، بيد أن الفقيه والمحقق آية الله الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي، في الكتاب الذي صدر حديثا في بيروت عن دار بيت العلم للنابهين، تحت عنوان (شريعة الانتخابات.. محمد صادق محمد الكرباسي) يرد مثل هذه الشبهة، ويرى، ان الانتخابات أو الاستفتاء، هما: "فكرة إسلامية محضة، ولكن الذي حدث أن الوسائل لم تكن متاحة في غابر الزمان، فلذلك كان الانتخاب أو الاستفتاء يجري في دائرة أصغر من دائرته العظمى التي كانت آنذاك ضربا من المستحيل، بينما كان الغرب يعيش في ظلام دامس، لا يعرف غير الاستبداد والتفرد بالرأي، ويعيش الاضطهاد والإرهاب". ويشكل الكتاب الذي قدم له وعلق عليه القاضي والمحقق الباكستاني، آية الله الشيخ حسن الغديري، فتحا فقهيا في مجال السياسة، وضع فيه المصنف الشيخ الكرباسي، النقاط على الحروف، فيما يتعلق بالانتخابات والاستفتاء، وأبان فيه الغموض الذي يكتنف مثل هذه المسائل السياسية الحساسة، التي أصبحت من لوازم الحياة السياسية المعاصرة، بوصف الانتخابات أو الاستفتاء بوصلة تحدد مسار الحكم وقربها أو بعدها من رضا الأمة الذي هو شرط لولاية الحاكم بغض النظر عن طبيعة الحكم ديمقراطيا كان أو ثيوقراطيا. ولا غبار، أن المحقق الكرباسي أصاب كبد الحقيقة فيما يذهب اليه، لان الانتخابات بلحاظ مؤداها ومآلها لإدارة شؤون التجمع صغيرا كان أو كبيرا، وتنظيم عمل التجمع، فكرة متجذرة في كينونة الانسان، وهي فطرية، لان الانسان مفطور على الاجتماع وعلى السياسة، بلحاظ أن السياسة مقتضاها إدارة شؤون المجتمع وحل الخلافات والنزاعات، وحسب قول الفيلسوف اليوناني، أرسطو طاليس (Aristotle’s) (384-322 ق.م): "إن الانسان بطبعه حيوان سياسي"، والانتخابات في الوقت نفسه، حق قبل أن تكون واجبا لان الحق مقدم رتبة على الواجب، ويعبر عن هذا الحق بمشاركة الشعب في إدارة الحكم من خلال تحمل مسؤولياته والمساهمة في عملية الانتخابات لاخيتار الأصلح لإدارة دفة الحكم، من خلال انتخاب الحاكم مباشرة، أو بالواسطة من خلال انتخاب نواب الأمة الذين يقومون بدورهم بانتخاب الحاكم ضمن بنود قانون الانتخابات التي وافق عليه الشعب. وينبع أهمية هذا الحق، من كون الانتخابات وسيلة ناجحة لاختيار السلطة التي تقوم برعاية مصالح الناس وشؤونهم وتمنع اعتداء المعتدين، وتوفر لهم الأمن والأمان، إن مسألة اختيار الأحسن، كما يقول الشيخ الغديري في تعليقه: "مما حكم به العقل والفطرة السليمة وأرشدنا اليه الشرع، ومن ذلك أيضا اختيار أحسن الأعمال والسبل، وان اختيار الأحسن من حيث النوع والكيف لا يتم إلا بالتشاور والتعاون الفكري والنظري، وهذا هو الذي يسمى في هذا العصر بالانتخابات أو أنها أحد مصاديقه، وهو في الواقع انتخاب الأحسن في أداء العمل". والمشاورة لها أبعاد مختلفة، و(الديمقراطية) من أبرز مظاهرها، لان الوسائل المعتمدة في إعمال الديمقراطية هي وسائل تدخل الشورى في صلبها، إذ أن الديمقراطية هي الوجه الآخر للحكم النيابي البرلماني القائم على شورى الأعضاء، إن كان في مجلس الرئاسة أو مجلس الأمة أو المجالس البلدية والمحلية، فالشورى في الديمقراطية قائمة من اصغر حلقة الى أكبرها. ولما كانت الشورى حاصل ضرب الآراء ببعضها كما في قول الامام علي: (اضربوا بعض الرأي ببعض يتولد منه الصواب) أو قوله (ع): (امخضوا الرأي مخض السقاء ينتج سديد الآراء)، فان الحكم الديمقراطي الناجح هو الذي يعمل بالشورى، وبالتبع، فان الديمقراطية، كما يقول المقدم: "ببحثها عن أحسن السبل للحكم وأمثالها، إنما تكون ناجحة إذا بُنيت على حكم الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، وستكون فاشلة إذا ما تبنّت آراء الأفراد بشكل مطلق، دون ملاحظة حكم العقل والشرع"، ومثل هذه الحكومة يمكن الاعتراف بها، لأنها منبثقة من اختيار الشعب نفسه، ويمثل هذا الاختيار أمانة في أعناق الحاكمين يقع عليهم واجب حفظ الأمانة برعاية شؤون العباد والبلاد بما يرضي العباد ورب العباد. ولأن الانتخابات من المسائل السياسية التي يتحاشى معظم الفقهاء البت فيها، لاعتبارات عدة، فان المحقق الشيخ الغديري يعتبر دخول الفقيه الكرباسي في تناول المسألة من جوانبها الشرعية بادرة قيمة وملحة: "والحق أنه تفرّد في بحثه عن مسألة الانتخابات من الناحية الفقهية ووشحها بوشاح الاستقلال عن بقية أبواب الفقه، وهو عمل بكر وفتح جديد، كما هو ديدنه في موسوعته المعروفة دائرة المعارف الحسينية التي امتازت بالبحث العميق الشامل عن كل ما يتعلق بالإمام الحسين (ع) بنحو مميز". يرى المحقق الكرباسي إن الشورى في إطار أهل الحل والعقد أو النخبة من الأمة، صورة أخرى من المجلس النيابي المتداول في عصرنا، لكن الشورى ليست عين الانتخاب، لان الشورى في إطار محدود والانتخاب مفتوح لكل الأمة، على ان بين المجلس النيابي والانتخاب عموم وخصوص من وجه، ذلك إن: "الانتخاب هو اختيار نواب الأمة أو اختيار الحاكم أو ما شابه ذلك، ولكن النائب هو الذي يلخص رأي الشريحة التي انتخبته، وإذا ما أخذنا بالنتائج نجد أن المراد بالانتخاب هو الأخذ برأي الأمة من خلال النواب". وبإزاء الانتخاب، هناك عملية الاستفتاء الذي يقع رأي الأمة فيه بين دائرتي القبول والرفض، لخيار واحد، مثل الاستفتاء على شكل الحكومة، ولكن الانتخاب كما يقول الفقيه الكرباسي: "أقرب الى واقع الحرية المنشودة في مثل هذه الأمور والى الوصول الى رغبة الأمة (الشعب)، بينما الاستفتاء لا يلبي طموح الأمة (الشعب) بشكل مثالي". ويقدم المصنف صورا عدة من صور مشاركة الأمة في الانتخاب، كدلالة على ان المصطلح ليس جديدا على العقلية المسلمة، كما إن المصطلح من حيث الممارسة قديم جدا، من ذلك ممارسة الشورى في سقيفة بني ساعدة لانتخاب الحاكم، بغض النظر عن موقف الشيعة الإمامية منها، على ان الشورى كما اعتقد من حيث الزمن أقدم من عصر الإسلام، والشاهد في ذلك قوله تعالى في وصف الصحابة: (وأمرهم شورى بينهم) آل عمران: 159، فالقران الكريم، إضافة الى تأكيده على الشورى ولزومها، يقدم وصفا لحالة الصحابة، بأنهم يسوقون أمورهم بالشورى، كانوا قبل الإسلام، وهم بعد الإسلام كذلك، ويؤيده في ذلك سيرة الرسول محمد (ص) في تعاطيه مع الشورى. ومن صور الانتخاب في سيرة المسلمين، انتخاب المرجعية الدينية المتوفرة على كامل شروط الفقاهة، وتقلدها في فروع دينها معظم شرائح المجتمع المسلم، وهذه العملية التي يشارك فيها المقلدون هي الى الانتخاب اقرب منها الى الاستفتاء. ومن صور الانتخاب مسألة العرف التي تآلف المجتمع قبول ما هو متداول بينهم من دون إنكار، فلأن العرف مأخوذ في جدواه ما تم تداوله بين أغلبية الأمة، فهو: "يعكس رضى نسبة كبرى من الأمة وهذا الرضى والقبول هو الذي يحققه الانتخاب أو الاستفتاء"، ونقل عن الصحابي عبد الله بن مسعود الهذلي (ت 32هـ) قول الرسول محمد (ص): (ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن)، شريطة أن لا يخالف نصوصا قطعي الصدور. ومن صور الإنتخاب، مسألة الشهرة الروائية والفتوائية التي تعتبر احد أدوات الفقيه في الفتيا، فالأولى يكثر فيها رواة الحديث الى حد الشهرة دون التواتر، والثاني ذيوع الفتوى الى ما دون الإجماع، وبالاستهداء بروح الشهرة، يفضي من الناحية السياسية، كما يقرر المصنف، الحجية الأخذ بقول الأكثرية الغالبة من الناس فيما لا يخالف الشرع أو في المساحات المباحة التي ترك أمرها الى العباد والتي قال عنها الامام الصادق (83-148هـ): (إن الله فوّض الى المؤمن أمره كله). ومن صور الانتخاب، مسألة السيرة، بنوعيها: سيرة المتشرعة وبناء العقلاء، حيث اعتمدهما الفقهاء والأصوليون في استنباط الحكم الشرعي، إذ إن: "السيرة لا تصدق بسلوكية أفراد قلائل، سواء عند المتشرعة أو عند العقلاء، فان الغلبة مأخوذة بعين الاعتبار"، وهذه الغلبة في المجال السياسي هي مدار الانتخاب والاستفتاء سلبا وإيجابا. ومن صور الانتخاب، مسألة الشياع، القائمة على إذاعة الخبر وشياعه بين الناس، بحيث يستبعد معه التواطؤ على الكذب، وحجية الشياع تكمن في نقل غالب الناس لحدوث الأمر المشاع، وهذه الغلبة كما يقول المصنف، أوصلته الى حد القبول، ومسألة الشياع في جانبها السياسي تبحث في مسألة الانتخاب والاستفتاء، لتحقق نصاب الأكثرية. وخلاصة الأمر، إن الأكثرية تتحقق في كل هذه الموارد، وهي معتمدة لدى الفقهاء، ومثل هذا يتحقق في الانتخاب والاستفتاء أيضا، وان اللجوء الى الأكثرية مما يحكم العقل بحسنه، وان العقل يستهجن الإعراض عن رأي الأكثرية، وقد ورد عن النبي محمد (ص)، فيما لا نص فيه: (عليكم بالسواد الأعظم)، وهو مما يستدل به على حجية رأي الأكثرية، وهذه الأكثرية في الوقت الحاضر، وبما يخص شؤون الأمة تتحقق عبر الانتخاب أو الاستفتاء، شريطة أن لا يكون رأي الأكثرية مخالفا للشرع، ولا يعتدي على حق الأقلية. وبعد مقدمة مستفيضة، يعالج الفقيه الكرباسي، في فصلين مستقلين، مسألتي الانتخاب والاستفتاء في جوانبها الفقهية، معتبرا في الفصل الأول الذي حمل عنوان (الانتخابات)، إن عملية الانتخاب لبيان صلاحية شخص للحكم أو صلاحية حزب لتولي الأمر، أو صلاحية حكم أو موضوع ليكون هو المختار من قبل الناخب من بين شخصيات أو أحزاب أو أحكام أخرى، مما يجب على الأنظمة والدول الاسلامية العمل بها، ولا يجوز للحاكم إلغاء العملية الانتخابية أو التنصل عن نتائجها. كما يقع الوجوب على المكلف الاشتراك في عملية الانتخاب، بخاصة إذا كان الوطن أو العقيدة في خطر، على إن رأي الأكثرية الناتج عن الانتخاب ملزم، ما لم يخالف النصوص القطعية، ولا يتعارض مع مصلحة البلاد والعباد. وفي بادرة فقهية لصيقة بسير العملية السياسية، وتشكل تطورا في المنظومة الفكرية السياسية، لم يصل اليها الغرب الديمقراطي، تطرق الفقيه الكرباسي الى مسألة الطفل والمجنون وحقهما في المشاركة السياسية، إذ وجد المصنف أن الطفل والمجنون وعلى خلاف كل الشرائع والدساتير في الأنظمة الديمقراطية، لهما نصيب في المشاركة السياسية في الانتخاب أو الاستفتاء، الى جانب المرأة والرجل البالغين، وذلك من خلال الولي أو الوصي، فيكون للولي حق الانتخاب عن نفسه أصالة وعن المولى عليه نيابة، مع مراعاة المصلحة. وعلى خلاف الشائع في الأنظمة النيابية، حيث تعطي حق الانتخاب والاستفتاء للمواطن الأصلي أو المتجنس بجنسية البلد فقط، فان الفقيه الكرباسي، يرى ان هذا الحق يشمل المقيمين أيضا ممن لم تمنح لهم الجنسية لسبب أو لآخر. ولأن الانتخاب أو الاستفتاء، ممارسة سياسية تقوم عليها مصلحة البلاد والعباد، فان الفقيه الكرباسي يرى إن المشاركة فيهما واجب كفائي، وقد ينتقل الوجوب من الكفائي الى الوجوب العيني إما بحكم الحاكم الشرعي أو في الحالات التي يكون فيها الوطن أو العقيدة في خطر، على إن الوجوب العيني، ما يطلب امتثاله من عامة المكلفين ولا يسقط بامتثال بعضهم، في حين إن الكفائي، ما يطلب امتثاله من عامة المكلفين، ويسقط بامتثال بعضهم. ولا يسقط حق الانتخاب حتى وان كان البلد تحت الاحتلال، كما يذهب اليه الفقيه الكرباسي، ويزول الحق: "إذا سبب ذلك تكريس الاحتلال، أو تدخله في تحديد سير الانتخابات، ولا مانع من المشاركة إذا فرضت من قبل المحتل أو الأجنبي، ما كانت فيها فائدة ومصلحة الشعب، ويتحقق المنع: "إذا كان في ردها مصلحة البلاد تحت عنوان رد الاحتلال ومقاومته"، على إن هذا العنوان فضاض وعريض لا تحدده الاّ المرجعية الدينية للبلد بمشاورة أهل الحل والعقد، لان في المقاومة دماء ومصالح عامة، يعود في شرعيتها ومشروعيتها كسب الأذن الشرعي من المرجعية الدينية، كما إن المصلحة تحددها أكثرية الآراء، بوصف الأكثرية حجة شرعية وسياسية. وإذا كانت المشاركة السياسية في البلدان الاسلامية واجبا كفائيا ترقى الى الوجوب العيني في ظروف خاصة، فان الفقيه الكرباسي، لا يجوز مقاطعة الانتخابات التي تجري في البلدان غير الاسلامية وفيها أقلية إسلامية، فيما لو: "عاد النفع المعنوي أو المادي للمسلمين، سواء أكان النفع للحصول على حقوق أو – على الأقل- درء المخاطر عن المسلمين. وهذا رأي سديد، وان لم ير القبول من عدد من المتشددين الاسلاميين المقيمين في هذه البلدان، وبخاصة وان النظام السياسي في هذه البلدان قائم على الأحزاب والمجالس النيابية والبلدية، اي ان الطريق الطبيعي للحصول على حق المسلمين أو درء الأخطار المحتملة عنهم، لا يكون إلا بالدخول في العملية السياسية عبر الأحزاب القائمة أو تشكيل أحزاب جديدة كحد أعلى، أو المشاركة في الانتخابات فقط كحد أدنى، لتفضيل كفة منافس على آخر، أو حزب على آخر، يعد هذه الجالية أو تلك بحماية حقوقها. ويذهب الفقيه الكرباسي الى جواز: "الانضمام الى بعض الأحزاب غير الاسلامية للانخراط في العمل السياسي عبر الانتخابات إذا كان الأمر متوقفا على ذلك، أو كان أقرب الطرق وأسهلها للحصول على الحقوق أو المطالبة بها". بل يرى تحقق الوجوب الشرعي في إنشاء تكتلات إسلامية في الدول ذات الأقلية المسلمة، إذا كانت حقوق المسلمين تتوقف عليها، كذلك يجب عقد التحالفات إذا توقفت عليها مصالح المسلمين. وفي الفصل الثاني من الكتاب، وتحت عنوان (الاستفتاء) تطرق الشيخ الكرباسي الى جملة مسائل فقهية متعلقة بعملية الاستفتاء التي تشكل احد الطرق الشرعية للحصول على رأي الشعب، مع الأخذ بنظر الاعتبار، إن نتائج الاستفتاء مثل نتائج الانتخاب، لا تلغي حق من لم يشترك، ولا تلغي حق الأقلية، لكنها ملزمة بقبول نتائج الاستفتاء أو الانتخاب، مع الاحتفاظ بحق المخالفة بما لا يؤدي الى الفوضى وتعريض الأمن للخطر. ولأن الأحكام واقعة بين طرفي الحرمة والوجوب، تتخللهما الإباحة، فان الانتخاب أو الاستفتاء يشملها هذا الوصف، ولذا يرى الفقيه الكرباسي، إن الانتخاب أو الاستفتاء إذا كان مؤيدا من قبل حاكم الشرع بوصفه المرجع الأعلى للأمة، فان: "العمل بهما يكون ملزما وبالأخص إذا صرح بذلك، ويكون الملزم منهما واجبا شرعيا، والمرفوض منهما محرما شرعيا، والمخيّر منهما مباحا، وهكذا". ولا يعني هذا إن المرجع الأعلى بعيد عن المساءلة القانونية تفرضها حصانة دستورية أو قدسية دينية، فلأنه دون المعصوم، فهو قابل للخطأ والسهو، ولهذا يرى الفقيه الكرباسي وهو من الدعاة الى مأسسة المرجعية الدينية، أن: " المرجع الأعلى ليست له صيانة بحيث لا يمكن مناقشته في أمور الدين والدنيا، ولكنه معذور إن أخطأ – دون تعمد لا سامح الله- نعم لابد أن تكون مناقشته بشكل علمي من قبل ذوي الاختصاص، ولا يجوز التنقيص بحقه"، وفي الوقت نفسه: "على المرجع الأعلى القبول بمناقشته أو مناقشة كل وكلائه ونوابه ومندوبيه في معرفة آرائه وتوجهاته وقراراته"، شريطة أن: "لا يخضع مقام المرجعية الى الابتزاز والإهانة والإنتقاد غير البناء". يعتبر الكتاب في صفحاته الثمانين من القطع المتوسط، حلقة ثرية من سلسلة أبحاث سياسية يندر تطرق الفقيه اليها، أفرد لها الفقيه الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي أبوابا مستقلة، مسلطا عليها الضوء، مع بيان الموقف الشرعي منها، ضمن اجتهادات حديثة من خلال الإطلالة عبر نافذة نصوص القرآن والسنة. الرأي الآخر للدراسات – لندن
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |