هل هذا هو شهر رمضان؟
اعتذار للشهر الكريم
فاطِمة فتح الله الحجاج
harakat_ja@hotmail.com
اللهم رب شهر رمضان الذي أنزلت
فيه القرآن ، و افترضت على عبادك فيه الصيام ، ارزقني حجّ بيتك
الحرام في هذا العام و في كل عام ، و اغفر لي الذنوب العظام فغنه
لا يغفرها غيرك يا رحمن يا علّام"
-لطالما كنّا ننتظر شهر رمضان ؛فسلفاً قد كان له نكهة مميزة وطعم
خاص وطابع فريد..
فلماذا وصلنا إلى هذه الدرجة من الاستخفاف بهذا الشهر العظيم من
انتهاك لحرمته؛ وعدم مراعاة فضله؛ وعدم احترام الضيف الذي حلّ
علينا؛ والمضيف الذي ضيّفنا في رحاب رحمته وقدّم لنا عروضاً مغرية
حصرية في هذا الشهر الكريم وفتح لنا أبواب من التوبة وصنوف من
المغفرة وخصص ليالِ شريفة لتقدير المقادير واستجابة الدعاء ..
فأعرضنا ..
وراقت لنا عروض التلفاز الشيطاني أكثر ؛ أمسكت الريموت ذات ليلة
وأخذت أتنقل في المحطات الفضائية"الخليجية" ولكني صدمت فقد تعرت
هذه القنوات من الأدب قصة ومضمون وأصبحت تتسابق بعرض ما لديها من
تعري وانسلاخ أخلاقي تحت مسمى"حصرياً"
كنت أقول أليست الشياطين مغلولة ؛؛ ولكن اتضح لي بعدها بأن شياطين
الإنس مفلوله تسرح وتمرح ..
أهذا هو الشهر الذي انتظرناه ؟
أهذا هو الشهر الذي فيه ليلة عظيمة خير من ألف شهر ؟
أهذه الليلة التي فيها قال النبي (ص) : قال موسى: إلهي !.. أريد
قربك، قال : قربي لمن استيقظ ليلة القدر.
قال : إلهي !.. أريد رحمت، قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة
القدر.
قال : إلهي !.. أريد الجواز على الصراط، قال: ذلك لمن تصدّق بصدقةٍ
في ليلة القدر.
قال : إلهي !.. أريد من أشجار الجنة وثمارها، قال: ذلك لمن سبّح
تسبيحه في ليلة القدر.
قال : إلهي !.. أريد النجاة من النار، قال : ذلك لمن استغفر في
ليلة القدر.
قال : إلهي !.. أريد رضاك، قال: رضاي لمن صلّى ركعتين في ليلة
القدر .
فلكم نخجل من الله تعالى ونحن نمارس الخطايا وننظر إلى المحرمّات
في حضرته !!
أهذا هو القري ؟
أهذا الشهر الذي قال فيه الإمام علي عليه السلام : «لا يكن يوم
صومك كيوم إفطارك» .
وقال فيه « انّ الصّيام ليس من الطّعام والشّراب وحدهما فإذا صمتم
فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، وغضّوا أبصاركم عمّا حرّم الله، ولا
تنازعوا ولا تحاسدوا ولا تغتابوا ولا تمارُوا ولا تخالفوا (كذباً
بل ولا صدقاً) ولا تسابوا ولا تشاتموا ولا تظلموا ولا تسافهوا ولا
تضاجروا ولا تغفلوا عن ذكر الله وعن الصّلاة وألزموا الصّمت
والسّكوت والصّبر والصدّق ومجانبة أهل الشّر، واجتنبوا قول الزّور
والكذب والفري والخصومة وظنّ السّوء والغيبة والنّميمة وكونوا
مشرفين على الآخرة منتظرين لأيامكم (ظهور القائم عليه السلام من آل
محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ) منتظرين لما وعدكم الله متزوّدين
للقاء الله، وعليكم السّكينة والوقار والخشوع والخضوع وذلّ العبيد
الخيّف من مولاها خائفين راجين».
وفي الحديث: سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة تساب
جارية لها وهي صائمة فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطعام
فقال لها : كُلي ، فقالت : أنا صائمة يا رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم ، فقال : كيف تكون صائمة وقد سببت جاريتك انّ الصّوم ليس
من الطّعام والشّراب وانّما جعل الله ذلك حجاباً عن سواهما من
الفواحش من الفعل والقول، ما أقلّ الصّوم وأكثر الجّوع».
وقال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: «كم من صائم ليس له من
صيامه الا الظّماء، وكم من قائم ليس له من قيامه الا العناء، حبّذا
نوم الاَكياس وإفطارهم»
ففي الحديث : إن الله تعالى يعتق في آخر ساعة من نهار كل يوم من
شهر رمضان ألف ألف رقبة .
ألا نستطيع أن نروّض أنفسنا خلال شهر كامل بالترفع عن هذه الترهات
؛ وأن نشعر بالغبطة لأنفسنا لأن الرب الجليل أعطائنا هذه المكرمة
لإعادة صياغة تركيبتنا !!
ولكن !!
لكم نحن خجلين من الشهر الكريم والذي يخيل لي بأنه يأتي في كل عام
على مضض !
سامحنا يا شهر رمضان !!