|
مقالات جمالية الرسم الإسلامي اعداد: زهراء سعدي العبيدي (بنت الرافدين / بابل) هل يوجد رسم اسلامي؟ انه سؤال بالغ البساطه في ظاهره، لايعرف ماذا يجيب عنه المثقف ذلك الذي يتذكر بصورة غير واضحه انه سمع عن التحريم الاسلامي للصور مع انه راى نسخا لمنمنمات عربية او فارسية او مغولية او تركية واخطر من ذلك ان اهل الاختصاص المهتمين بالموضوع منذو البداية هذا القرن لم يطرحوا السؤال بجدية وبقوا من المشكلة في موقع لايختلف عن موقع الرجل البسيط في عصرنا هذا وخلاصة هذا الموقف من جهة تسجيل التحريم للصور الممثله للكائنات الحية ومن جهة اخرى ملاحظة الوجود الفعلي للرسم لايمثل الكائنات الحية والانسان منها بالاخص وقد عرف هذا الرسم ازدهارا رائعا خاصة كفن تصويري للمخطوطات بداية اول القرن الثالث عشر الى نهاية القرن السابع عشر في جميع البلدان الاسلامية ذات الحضارة المتقدمة وحيث ان المؤرخي الفن الاسلامي لم يطرحوا هذاالسؤال الاولي رغم بساطتة فقد ظلوا مفتقرين الى موقف من جوهر الموضوع ويلاحظ ذلك في الفوضى التي تتسم بها حتى عناوين مؤلفاتهم فتاره يكون الحديث عن (الرسم في الاسلام) او (فنون بلاد الاسلام) او (الفنون الصغرى الاسلاميه) او (الفن الاسلامي) او (المختصر في الفن الاسلامي)او (الاسلام والفن الاسلامي) وتاره يكون الحديث عن (الرسم والمخطوطات العربية والفارسية والتركية) او (دليل الاعمال الفنية الفارسية والهندوفارسية) او (رسم المنمنمات الفارسية) او (المنمنمات الفارسية والهندية) او(الفن الفارسي) او (الرسم العربي) او(الرسم الفارسي). قد بلغ اختيار العناوين درجه من عدم التحري ان كتابا كبيرا ككتاب بنيون ويلكنسن وجراي (المنمنمات الفارسية)تحتوي على منمنمات عراقية ومغولية وتركية وهندية. اما صاحب كتاب(العهد القديم والعهد الجديد) في الفن الديني الاسلامي فانه لايتناول في الواقع سوى مواضع المنمنمات لاجمالية الرسم. ويثبت انه لم يفلت نبي من الانبياء الكتب المقدسة من يد الرسام الفارسي.مما يثبت رغم التحريم رسم الكائنات الحية ان الفنانين يركزوا على الانسان فحسب.بل لم يتهيبوا تمثيل احداث دينية هامه ورسم كبار الانبياء عند المسلمين خاصة نوح وابراهيم ويسوع ومحمد (صلى الله عليه واله وسلم) هذا عدت شخصيات مقدسة من امثال سليمان ويوسف وعلي بن ابي طالب (عليه السلام) ومختلف ابطال الاسلام. ولقد اجتنب كذلك القائمون على معرض الفن الاسلامي (المنظم في طائفة 1971 بمتحف (لور نجري)) اتخاذ موقف معين حيث اتخذوا له عنوانا (فنون الاسلام من بداية الى سنه 1700)وذلك يعني انه وقع جميع اثار انجزت في البلدان التي حكم فيها امراء الاسلام فليس هناك راي اذن حول وجود اوعدم وجود جماليه خاصه ثم ان الاراء المسبقة حول الفن الاسلامي بالاخص هي من النوع بدرجه ان كاتب المقال حول المعرض في جريدة لوموند يقول (ان وجود المنمنمات الفارسية مثلا مهما كان المبررا سيفاجئ اولئك الذين يتوقعون مشاهدة فن محض التحريم مسلط على التصوير التشبيهي) ثم في موضوع اخر من قال انها مجموع ثرية ورقيقة تشرف مجموعاتنا العمومية وان كانت ضئيلة بالنسبة لمحتوياتها الاخرى.وهي بعيده عن الفن الاسلامي الخالص. فالسؤال اذن باق كما هو. هل يوجد رسم اسلامي؟ ولكن مالمقصود بالرسم الاسلامي؟ هل هو الممارس بداية الفتح العربي في المناطق الخاضعة للاسلام؟ ان تعريفا كهذا اوسع مما يبغي.اذ ان الفنون القبطية والاناجيل السريانيه المصورة بقيت على ازدهارها المطرد وحتى الرسم البيزنطي قد بقي نموه متواصلا في مختلف الاديره اليونانية او في الكنائس والاناجيل فهل يسمى العمل الفني اسلاميا اذا كان موصى نجازه لحساب رجل مسلم او معتنق للاسلام؟ ولكن من الواضح ايضا ان الاعمال في القرون الاولى كانت بيزنطينيه من حيث جماليتها ومنجزة بايدي يونانين او مسيحين سوريين مثل الفسيفساء والجداريات التي تزين مساجد سوريا وقصورها في القرن الثامن ومن المحتمل جدا ان تكون جمالية الرسم الاسلامي تكونت على يد فنانين مسيحيين او حديثي العهد بالاسلام من سوريا وبلاد ما بين النهرين او مصر مما كانوا يرغبون – من اجل العيش الامن – في التزام بالشريعة الاسلامية خاصة منها ما يحرم تمثيل الكائنات الحية وذلك انجاز اعمال لحساب اشخاص مسلمين ويمكن القول بصفتهم لاينتمون لديانة المحمدية –انهم كانوا يشعرون بالضروره الامتثال لهذا التحريم ربما اكثر من المسلمين فالواضح اذن ان العقيدة صاحب العمل الفني لا دخل لها في الموضوع – هي مسالة تظطرنا الى سبر خبايا الضمائر والا فكيف نعرف ان فنانا مسلما في الظاهر او مسيحيا يضمر اولايضمر ايمانا مخلصا وعميقا لذلك لايمكننا اعتبار الاعمال نفسها والسمات الموضوعية التي تبديها حتى نحكم بمطابقتكم لمقتضيات الجمالية اسلامية اي بحترامها الاساليب لتحريم (محاكات الكائنات الحية) والطبيعية بصورة عامة ونلاحظ ان كان بوسع الرسم التشبيهي ان يصبح جائزا بلا عناء لو اقتصر على نقل المناظر الطبيعية الجامدة والعمائر. لكن الفنانين المسلمين لم يتبعوا الانادرا جدا هذه الطريقة التي كانت مفتوحة لهم بوضوح وفي ذلك دلاله عميقة...فالواح الفسيفساء في قبة الصخره بالقدس والمسجد الاموي بدمشق – وهي من انجاز فنانين بيزنطيين من القرن السابع والثامن وتتميز الجمالية البيزنطيبية الصرفة – قد طبقت هذه الفكرة ولكن لم يبق لها عمليا اي تاثير في المنمنمات ذا تبدو العمارة في هذه الاخيره نادره جدا ولانعثر على ماذج منها الا في بعض المؤلفات الموسوعية مثل كتاب البلهان عندما يراد تصوير مختلف عواصم العالم......... ولا نجد بعض المناظر الطبيعية بلا اشخاص الا في كتاب ((مختارات للشعر الفرس)) من نهاية القرن الرابع عشر- ولكن مؤرخي الفن انفسهم يتخذون من ذلك حجة للتاكيد على ان هذه المنمنمات ليست اسلامية بل صينية او مزدكية هناك بعض المنمنمات النادره تمثل ازدهارا ولكنها من القرن السابع عشر وقد قربت يومئذ نهاية الرسم الاسلامي كما اننا نعثر على الاشجار ونماذج معمارية منفردة في بعض المخطوطات شوهها اعداء الصور ذوو الراي الضيق والمتبعون حرفيا للتحريم. وهكذا فان المنمنمات احدى مخطوطات الحريري بالمتحف البرطاني قد كشطت ورسمت فوقها اشجار وعمائر لأخفائها وعلى العكس فان مجموع الرسم الاسلامي يرتكز على تشبيه الاحياء وخاصه منها الانسان ،الانسان في احواله وافعاله اليومية مثلما تصورة مقامات الحريري وكليله ودمنه.الانسان – بطل في اعماله الاسكندر ورستم وبهرام غور وحتى الانسان –النبي او صالح في الكتابات المقدسة وخاصة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وعلي بن ابي طالب (عليه السلام) وهكذا يجد الفنان المسلم انماطا جمالية ولغة خاصة بجيز منه وذلك باتباع طريقة ابرع وهي تمثيل الكائنات الحية اما في ما يتعلق بموضوع الدمى هو عدم الشبه وفي ذلك حجة اساسية بالنسبة لتطور الرسم الاسلامي. ان ما كان محرم هو الصور المشبه اي التصوير المشبه لكائن واقعي بذاته فيكفي حذف السمات الذاتيه وعدم القصد الى الشبه يتناول الرسم اذن ماهية الانسان او على الاكثر النماذج المختلفة التي يتجسد فيها وهكذا يصور الفنان افكارا جوهرية ويخضع الفن الاسلامي الى جمالية جوهرية بالنسبة لكل الكائنات الحية. وحيث ان ماهية الانسان تتجسد في رجال ونساء في شبان وكهول وشيوخ في ملوك ومحاربين وتجار وخدم وبيض وصفر وسود في عرب او فرس او هنود او صينيين فأن الرسم الاسلامي شكل (نموذجية بشرية جمالية) وبعد ذلك يأتي في نهاية القرن السادس عشر في الهند الامبراطور المغولي (اكبر) وهو صاحب افكار متقدمة لتفسير تحريم التشبية فيرى ان الفنان في الواقع لايقدر بحال بلوغ الشبه الحقيقي ومحاكات الحياة المتجسدة في كائن ذاتي لان ذلك يتطلب منه تصوير كل شعرة وكل بقعة او نقص في البشرة وهو امر مستحيل ويروي مؤرخة ابو الفضل قال ((لقد بدا لي ان للرسام طريقه خاصة في الاقرار بالله تعالى لانه عندما يصور كائنا حيا وعندما يصور اعضاءه عضوا عضوا يشعر انه غير قادر على اعطاء الذاتية لعملة وهو مظطر في هذه الحالة الى التفكير في الله واهب الحياة وبذلك يزيد من حكمتة))
سمات الرسم الاسلامي فاذا جمعنا نتائج هذه الاحاديث والاخبار وتفسيراتها نكون حصلنا على اهم السمات الخارجيه التي تطبع الرسم الاسلامي وهي. انعدام المنظور وبصوره عامة الرفض الظاهري للبعد الثالث ، ورفض خداع الحواس الخاصة منه تضأل الاشياء بمفعول المسافة والتاثيرات الجوية فيكون الاشخاص في المستوى الخلفي الظاهرون من وراء التلال في نفس حجم الاشخاص الماثليين في المستوى الامامي ولهم نفس الموضوع بكل جزيئاتهم دون اي تشويش وكذلك انعدام الضلال ولاضواء على الاشياء – وهو مالم يكن محرما وعلى الكائنات الحية وكذا الحرية في تحريف الفضاء الحسي بتصوير العمق حسب مستويات متتالية على شكل عمودي مما يندفع بالافق الى الاعلى اللوحة ويعطي احساسا ببؤره رؤيا مرتفعة جدا وتسهل هذه الطريقة تصوير كل الاشخاص دون نقص في الحجم وبنفس الوضوح وهي مطابقة للواقعية الذهنية المتجسدة في الجمالية الجوهرية ،اذ الواضح ان ماهية ((الانسان)) لاتتغير بتغير المسافة ولاينقص وضوحها كما ان الرسام يستطيع كلما شعر بالحاجة ،ان يشخص مشهدا منطلقا في وقت واحد من نقاط رؤيا مختلفة مثلا بعض المشهد من فوق وبعضه من مستوى اوسط كما يستطيع من آن واحد تصوير مشهد داخل بناية وكذلك البستان مع الاشخاص في الخارج.ثم ان تمثيل البشر لن يكون ابدا مشخصا ومشبها تشبيها واقعيا بوسع الفنان طبعا ان يرسم نماذج بشرية مختلفة على نحو متفاوت الاقناع على الاكثر..فجمالية الرسم الاسلامي كما سبق جمالية المنهمكين في عمل مختلفة تصبح بدورها نمطية مما يؤدي الى جمالية سلوكية كما يؤدي تفسير هذه الاحاديث الى نتائج عاجلة في ميدان اللون لانه يحذف الظلال والاضواء وكذلك يحذف تدرج اللونيات وتعدد الفروق اللونيه ونحصل على مسافات نقية تتجاوز دون ربط بينها ودون ارتعاش او انعكاسات ضوئية وبايجاز فأن هم الفنان الدائم هو اظهار عدم سعية الى محاكاة الواقع.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |