|
مقالات ذاكرة المكان: مهرجان دهوك الثقافي الثاني عبدالكريم يحيى الزيباري تمهيد للذاكرة الحديث كما حدث والقول كما قيل، وكل ما لم يحدث هو الذي حدث بالفعل، لا كما قالت مستغانمي في مطلع ذاكرة الجسد(الحب هو ما حدث بيننا والأدب هو كل ما لم يحدث)ومن استنطاقنا لذاكرة المكان، الذي شهدَ مظاهرة ثقافية جميلة، والثقافة لا تتبلور في الطرق ولا المقاهي ولا القرى وإنما داخل المدن الكبرى، ولا أقصد الكبرى بحجمها أو قوتها، والذاكرة المكانية تحتاج إلى زمن، والزمن يحتاج إلى اسم لتمييزه عن غيره من الأزمان ولكل اسم فلسفة. فيقال في تاريخ النهضة الأوربية: قدمت فلورنسا في زمن الحاكم لورانزو دي مديتشي(1449-1492) نتاجاً من الفن والأدب والبحث لم يشهده العالم منذ أمجاد أثينا القديمة، فانتقلوا من النحت إلى النقش إلى العمارة، وظهر الأدباء والفلاسفة وكان ميخائيل أنجلو وليوناردو دافنشي متنوع المواهب، ورفائيل وتيسيان والشاعر بترارك. فماذا سيقال في تاريخ النهضة الكردية؟ مهرجانين ثقافيين لسنتين على التوالي، تأكيد على مكانة المثقف في هذه المدينة، واهتمام حكومة الإقليم ودعمها للثقافة.
سؤال واقع حضرة المهرجان: ماذا جرى ويجري الآن؟ الواقع نوعان: الواقع كما هو معروف للأغلبية المتوقفة عن التفكير، وواقع المفكر الذي لا ينفكُّ عن التأويل، فلم يعدْ كافياً لقارئ عصر ما بعد الحداثة، ذكر ما جرى وما كان لأنَّهُ بانتظار ولو محاولة لتفنيد بديهيات تحتكم إلى تقاليد تستدعي المناقشة. هل يوجد اتفاق على مفهوم المهرجان؟ لماذا اختفت كلمة مهرجان من مفردات البحث العلمي؟ بعض مثقفو العصر يستعملون في كلامهم كلمة مهرجان لاستحضار ذكريات جميلة لا غير! كيف وصل الاقتفاء الثقافي لمفردة المهرجان إلى هذا المستوى؟ لماذا هوامش المهرجان أكثر فائدةً من متونه حيث تتغلب الشخصانية على كل ما هو ثقافي وموضوعي؟ صناعة مهرجان أم صناعة ثقافة أم دال على ثقافة معينة؟ ما هي الغاية من المهرجان؟ قيل لمد جسور التواصل الثقافي بين الأدباء الكرد، فما هي الجدوى من دعوة كل أديب؟ إلى متى سنخاف من التقاليد والأعراف التي نستأسر بداخلها؟ لماذا لم يميزوا ويكتبوا في الدعوة دعوة حضور، دعوة استماع؟ لماذا نخاف من الآخر المختلف؟ أينَ يكمنُ الضرر في مخاطبة الآخر بلغته؟ أليس في المرونة زيادة في القوة والسيطرة؟ وكنت خلال هذه الأيام قد تعرفت على عدد من الأدباء العرب، الذين قلما يدخلون القاعة، وحين استفسرت منهم، قالوا كيف نجلس ونحن لا نفهمُ كلمةً واحدة؟ فإذا كان المدعوون العرب غير قادرين على الاستماع ولا جديرين بالإلقاء، ونحن غير قادرين أن نترجم لهم ألم يكن من الأجدر ألاّ ندعوهم أصلاً؟ أليس إحدى أهم غائيات المهرجانات تسليط الضوء على مواهب شابة ومثقفة ولا تقلُّ في إبداعها عن المشاهير؟ أليس إبعاد هؤلاء المغمورين عن دائرة الضوء وعدم منحهم فرصة سيساعد في قتل مواهبهم؟ العنوان: مهرجان دهوك الثقافي الثاني. الوفود المشاركة: جمعية الأدباء الكرد في ديار بكر، جمعية الأدباء الكرد في السويد، نادي القلم الكردي في ألمانيا، المعهد الكردي في استنبول، المعهد الكردي في برلين، البيت الكردي في بروكسل، اتحاد أدباء العراق، أدباء كرد من أذربيجان والإمارات العربية المتحدة، وفد قناة الجزيرة والعربية والشرقية، الزمكان: دهوك: قاعة محمد عارف جزيري، الساعة العاشرة صباح يوم الأربعاء المصادف 8/11/2006 وبرعاية السيد تمر رمضان محافظ دهوك افتتحت أعمال المهرجان بإدارة حسن السليفاني، بالوقوف دقيقة إجلالاً لأرواح الشهداء الذين سقوا الأرض بدمائهم، وبواقع ست ، وعلى هامش المهرجان تمَّ افتتاح معرض خاص بمنشورات اتحاد الأدباء الكرد، فرع دهوك، وقام ضيوف المهرجان بزيارة إلى مقر الاتحاد الجديد والذي يغطي مساحة 5500 م 2 ، ثم بدأت الجلسة الثانية في الساعة 330 بعد العصر في قاعة أحمد خاني في مبنى رئاسة جامعة دهوك، تكلم برويز جيهاني من روش هلات (شرق كردستان-إيران)عن تجربته الروائية، وصبري سليفاني وكانت الجلسة بإدارة الكاتبة سرفراز نقشبندي، وكانت للروائي أنور محمد طاهر مداخلة مهمة قال:(بينما تطورت الرواية كثيرا منذ بدايتها قبل أكثر من قرن ونصف لا زلنا نناقشها وكأنها في بداياتها، أي أننا نبدأ من حيث بدءوا، بينما علينا أن نبدأ من حيث انتهوا) وفي اليوم الثالث والأخير كانت الجلسة الأولى للروائي أنور محمد طاهر، يتكلم فيها عن تجربته الروائية ولقد تحدث بدايةً عن الإحراج الذي يصاحب المبدع وهو يتحدث عن تجربته، وكان معه الروائي حليم يوسف(ألمانيا) والذي اعترض على طريقة لفظ اسمه(يوسفي حليمي) تكلم الأول فلم نسجل عليه اعتراضا، لكن الثاني ذهب بعيداً يحكي لنا قصة نضاله مع الأمن السياسي في الشام ويقصد دمشق، وكان من جملة ما قال(لي صديق ولصديقي هذا صديق آخر، ولصديق صديقي صديقٌ آخر- سبحان الله ظننته سيستمر إلى ما لا نهاية في دورة مفرغة)لكن الحمد لله انتهى عند صديق صديقه لواء في الأمن السياسي، ذهب لمقابلته فاستقبله السكرتير، وهنا هاجمني الملل والضجر، وأردت أن أخرج كإجراء سلبي، لكني في اللحظة الأخيرة قررت المواجهة، وصعدت إلى المنصة لأقول(سؤالي الأول للروائي أنور: قال تورجينيف: كلنا خرجنا من معطف نيكولاي غوغول، وها قد مضت مائة عام ولا زالت قصصنا تسير بنفس النسق، عنوان شمولي+مقدمة+متن+ خاتمة، ألف ليلة وليلة، الإلياذة والأوديسة، لكن إذا كان العنوان سيفَعِّل مفاتيح النص، فماذا بقي للقارئ أن يفعله(وبسبب الترجمة جاء السؤال سيعطل مفاتيح النص) فأجابني السيد أنور مشكوراً، نعم أنا لا أريد أن أعطي القارئ كل شيء من العنوان ولكن للقارئ أن يتعب نفسه للبحث والتمحيص ليتعثر بمتعة الاكتشاف، ثم سؤالي الثاني للسيد حليم يوسف(إذا كان بارت يقول لا ينبغي لكاتب على قيد الحياة أن يكتب سيرته الذاتية لأنه ربما في اللحظات الأخيرة يغير رؤيته ومواقفه، ويقول السيرة نوع أدبي كريه لأنها وحدة مزيفة لموضوعها، إنَّها نصب تذكاري زائف لشخص حي، وأنا أريد من السيد الروائي حليم أن يشرح لي أين تكمن فائدتي الابتسمولوجية في سماع أمور جداً شخصية عن سكرتير صديق صديقه، وهل يوجد أديب لا يعاني في سبيل نشر مؤلفاته، فأجابني أنا لم أتكلم عن حياتي الشخصية) وفي الجلسة الثانية من اليوم الأخير كانت لقصائد الشعراء، وانتهت الأعمال.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |