|
مقالات حبال الكذب كثيرة لكنها قصيرة ؟ ! حوراء عامر الكفيشي الكذب أو الصدق أسلوب حياة يتربى عليه الإنسان منذ نعومة أظفاره، تؤثر فيه ظروف كثيرة من تجارب وخبرات ومواقف في الحياة. ومن المعروف أنَّ الكذب لا يفيد لأنَّ عمره قصير وينتقل عدواه من الكبار إلى الأطفال الذين يمارسونه كشيء مستحب، ذلك لأن الطفل في سن معينة يعيش عالمه الخاص ويتهيأ له بعض الأشياء التي يصدقها وينقلها إلى أهله من وجهة نظره رغم أنه (يكذب). أما في عالم الكبار فيختلف الأمر كثيراً ذلك أنه يستند إلى خلفية عميقة المدى تهدف إلى إخفاء الأخطاء وعدم توسيعها وطمس الحقائق. وعلى الرغم من أنَّ الكذب لا يتماشى مع أخلاقنا كمسلمين إلا أنَّ الكثير منا يعتبره ضرورة من ضرورات الحياة، وربما كان ذلك من توابل الحياة، فمن المعروف أنَّ الضد يظهر حسنة الضد، فنحن نعرف معنى الصحة من خلال المرض، والفرح من خلال الحزن، والصدق من خلال الكذب، ولولا الموت كنهاية محتومة لحياتنا لما عرفنا معنى الحياة. وفي هذا المجال يتبادر إلى الأذهان سؤال مهم وهو: من الذي يلجأ إلى الكذب أكثر، الرجل أم المرأة؟؟ وفي ذلك تقول الأديبة (حمدة خميس): ((هناك كذب في حياة الإنسان بشكل مطلق، لأنَّ الإنسان لا يستطيع أن يبوح ويعبر عن كل ما يدور في أعماقه وبالتالي يضطر للمراوغة حول حقيقة معينة ليحافظ على سر ما في حياته الخاصة أو العامة، وأعتقد أن الرجل أكثر كذباً بسبب كونه أكثر فاعلية وارتباطاً بالمحيط الخارجي للحياة، ذلك لأنَّ الرجل يمارس كذباً شديد الخطورة، فهو رجل السياسة والشرطة، وفي رأيّ أنَّ الدبلوماسية كذب سياسي، وأنَّ الرجل سيد الكذب وصانعه وفوق ذلك يمارسه بكل شجاعة. أما المرأة فهي تمارس الكذب البسيط الذي يصد عنها الرجل في الحياة وليس للسيطرة عليه)). وتضيف الأديبة (باسمة يونس): ((إنَّ المرأة تكذب من ناحية العمر، والملابس التي تشتريها من أماكن شرائها أو أسعارها، ولكن الرجل يكذب إذا أراد التخلص من زائر، أو حينما يتأخر عن موعد عودته للمنزل، ويكذب في تجارته لأنه يريد أن يربح أكثر، وفي شرح حالته المادية، أو وضعه الاقتصادي. والمرأة أكثر تسامحاً من الرجل، وبحكم كونها امرأة فهي تنفر من العدوان، وتكون أكثر حناناً وعطفاً، والمجتمع دائماً يجبرها على الكذب حتى في مشاعرها وأحاسيسها، وغالباً ما تكذب المرأة في الأمور التافهة قاصدةً بذلك الخير والإصلاح، وليس التشويه، أما الرجل فنادراً ما يتسامح على عكس المرأة التي تسعى إلى تصديق الرجل دائماً على الرغم من معرفتها المسبقة بأنه يكذب عليها وذلك حتى تتجنب المشاكل)). أما بالنسبة إلى السيد عبد العزيز شهيل فهو يعلق على ذلك فيقول: ((نعم، الرجل أكثر كذباً من المرأة لأنه في المواجهة، ومطالب بالإنفاق والحماية، لذلك تراه يكذب في الأمور المالية والاقتصادية وحساباته في البنوك. ولكن كذب المرأة متقن بشكل أكثر من الرجل، ومع ذلك فإنَّ المرأة إذا شعرت بأنها وقعت ضحية كذبة فإنها تغضب وتنهار وتستغل ذلك كفرصة لاستدرار عطف وحنان من حولها)). أما الشاعر حبيب الصايغ فيقول: ((أنا ضد الكذب المدمر الذي يقود إلى المآسي والكوارث، ومع الكذب الذي يساعد على استمرار الحياة)). وهكذا نجد أنه تختلف الآراء وتتنوع المواقف حول موضوع الكذب، لكن يبقى الرأي الأول والأخير للدين الإسلامي، حيث يقول السيد محمد أستاذ العلوم الإسلامية: ((الكذب هو مخالفة القول للواقع، وهو من أبشع العيوب والجرائم، ومصدر للآثام والشرور، لذلك حرمته الشريعة الإسلامية، وفيه قال تعالى: (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله). وعلى الرغم من أن معظم الناس يعلمون أنَّ الكذب حرام إلا أنهم غالباً ما يمارسونه ويخترعون له مسميات عديدة مثل الكذب الأبيض والكذب الأسود، وهنا يجب القول بأنَّ جميع أقسام الكذب محرمة، سواء التي تتم بدافع من الهزل والمزاح أو التي تهدف إلى إثارة الفتن والمشاكل بين الناس، وهنا نذكر قوله عليه الصلاة والسلام: (لعنة الله على الكاذب ولو كان مازحاً). ويجب أن نعلم أنه بالإضافة إلى كون الكذب حرام على الكاذب، فكذلك نقله للآخرين حرام أيضاً، وكذلك تدوينه وكتابته وقراءته والاستماع إليه حرام أيضاً. ويؤثم الإنسان سواء كذب بلسانه أو بقلمه أو بالإشارة ولا فرق بين أن يبتدئ هو بالكذب أو يخترعه أو يكون قد وجده في كتاب مثلاً وما إلى ذلك)). وفي الختام، من المفيد أن نعلم بأن الكذب قشرة خارجية سرعان ما تتحلل وتتلاشى والحقيقة ستنكشف عاجلاً أم آجلاً لذلك لا داعي للتغليف وبإمكاننا المصارحة بأسلوب لطيف ودافئ، وبذلك يستطيع الإنسان أن يؤسس حياة سعيدة قائمة على التفاهم والحب والمودة.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |