|
مقالات دراسة تحليلية تاريخية سياسية اجتماعية لقبسات من رسالات بلاد الرافدين وفريد حضارتها السمحاء (7) هلال آل فخرالدين قبسات من ريادة بلاد الرافدين في ضمان حقوق الانسان .. صحيح ان بلاد الرافدين كانت مهبطا للرسالات السماوية ومصدرا للتشريع ومنبع للقوانين (جوديا)و(مسلة حمرابي)وهذا واضح وضوحا لالبس فيه وليس بخاف على احد ولكن الذي خفي ولم يتناول هو ان أول وثيقة ظهرت في الدنيا لضمان حقوق الناس كافة وليس فقط احترامها قد بزغ نورها من ارض الرافدين في حين كانت الدنيا تتخبط في دياجير الجهل والتوحش وشن الغارات البربرية الهمجية في ابادة اقوام وامم الجنس البشري وبكل قسوة وبلا رحمه ..! وفي الحقيقة ان نشر ثقافة حقوق الانسان هي من الامور الهامة لكي يتفهم الجميع لحرياتهم ومداها ومن ناحية اخرى احترام حقوق الغير وهذ بدوره يحتاج الى خطة توعية شاملة لامر غير معهود ولشيء غير مالوف ولامتعارف عليه خصوصا في تلك الفترة التاريخية لان صدور القرار بشان احترام هذه الحقوق يرجع تنفيذها للبشر اولا وإذا كانوا هؤلاء ليسوا على مستوى من وعي كاف او الثقافة اللازمة المتعلقة بحقوق الانسان وليس لديهم قناعة عميقة بالحريات فكيف يتم تنفيذ هذه القرارات او القوانين المتعلقة بذلك خصوصا وان الامام علي جاء في فترة تعج بتراكمات اخطاء كثيرة وخطيرة وانه بادر بحزمة اصلاحات كبيرة وجذرية تغييرية سياسية واقتصادية ودينية واجتماعية لا انه لم ينسى ابدا حقوق الانسان واحقاق العدالة والمساوات في العيش المشترك مع الاخر وكل هذه المعطيا ت سارت جنبنا الى جنب ومن غير فصل او تاخير تبعا للظروف الصعبة والمستجدات على الساحة من الفتن والحروب ...! يذكر المؤرخون القدامى كالطبري وابن الاثير وغيرهما وكذا يذكر ايضا المستشرق الفرنسي (ماسنيون )في مؤلفه التحقيقي الضخم خطط الكوفة الذي يشير فيه الى العدد الكبير من الاديرة والكنائس والصوامع في الكوفة في خلافه الامام علي (ع) في عاصمته الكوفه حيث كتب عهدا الى النصارى واليهود واهل الاديان الاخرى في الدوله الاسلاميه في ضمان حقوقهم وفي اقامة شعائرهم في بيعهم وصوامعهم وكنائسهم وانهم في حماية الدولة ولا يحق لااحد اكراههم على تغيير معتقداتهم او التعرض لهم بسوء وهم احرار ومصونون وان اديرتهم ومعابدهم وكنائسهم مكفولة ومحفوظة من الهدم والاعتداء .وقد قامت بترجمة هذه الوثيقه الى اللغه الانكليزيه الكنيسه الارمنيه في جلفا في اصفهان في ايران ونشرته وقد ظهرت تلك الوثيقة الانسانية الرائدة في فجر خلافة الامام امير المؤمنين علي (ع) للدولة الاسلامية قبل اربعة عشر قرناوتحديدا من الكوفة بالذات عندما كان حاكما لاكبر واقوى دولة على وجه الارض ..ولم يكن الامام علي يطبق رسالة السماء وقيم الاسلام من خلال الفرض او الظرب ورفع العصا او اشهار السوط او التخويف بالدرة للناس وارعاب العباد ..لا ابدا ماكان هذا اسلوب محمد (ص) ولا اسلوب ال محمد –(أهل البيت)- الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، بل كان اسلوب ابن ابي طالب نابع من منطلق الكلمة الحسنة وافاق الحوار الشفاف ومفوهم التسامح والرفق في اطار احترام الانسانية وضمان حقوق البشر كافة و ان الاديان منار هدى وسبل خير ورشاد لخدمة بني ادم جميعاوجعل مشروع بنود ها ومبادئها خيارا وقدرا انسانيا لازما وليس لضرورة مجابهة حالة طارئة او عدوا مشتركا ...لسعة صدره (ع)ولنفاحات روحه القدسية وبعد افاق عطائه الانساني ان الذي يريد ان يسبر اغوار وابعاد نظرية الامام في مجال (حقوق الانسان ) يراها لايحدها دين ولاجنس ولا مكان فهي تجلوا صدأ الازمان وتكشف وجه الاحسان 1-وانطلاقا من مفاهيم الاسلام وابعاد ه الحضارية انه جاء منقذا هاديا وباعثا للاخلاق ولم يكن ضالا او بدويا عنيفا متقهقرا وكونه عادلا وليس ظالما و محررا وليس مستعبدا ومواخيا وليس مفرقا ومنفتحا متسامحا وليس منغلقا او متطرفا فقد بشر الاسلام بقيم السماء الرفيعة التي تكرم وتحترم كل البشر لادميتهم كما جاء في الذكر الحكيم قال سبحانه :( ولقد كرمنا بني ادم..) ووفق نظرية الاصوليين والفقهاء فان اطلاق العام يظل على اطلاقه ويعم ويستغرق الكل مالم يقيد او يحدد ..ولفظ التكريم لبني ادم قد جاء في القران عاما وغيرمخصص لقوم او جماعة او فئة فهو عام و مطلق يشمل كل ابناء ادم ومن غير فرق او تمييز وهذا ما يعتبربحق اسمى بعد انساني وصلت اليه البشرية من احترام وتقدير الاخر لادميته وانسانيته ..وكذلك ما افصح عنه القران الكريم من فلسفة التنوع الانساني واختلاف الشعوب والاقوام لاجل التعارف والتمازج والتعايش اولا :وثانيا :ان التفاضل بين البشر هوبيد الله سبحانه وحده وثالثا :ان معيار هذا التفاضل محدد بمفهوم التقوى قال تعالى :(يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )الحجرات 13 و قال رسول الله (ص) حين فتح مكة مخاطبا عتاة قريش :(يامعشر قريش !!إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظيمها بالاباء .. الناس من ادم وادم من تراب ) فكان النبي الاكرم يتعامل باحترام شديد وعطف كبير مع بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي ويساويهم في الحقوق والعطاء مع غيرهم من كبار الصحابة المهاجرين وزعماء الانصار قائلا (ص) :(لافرق لعربي على اعجمي الا بالتقوى..) حيث نلاحظ ان الاسلام شدد النكير على السيد القرشي وعم النبي ابو لهب لغطرسته وجاهليته وتقديس الاحجار وكفره بالله العظيم قال سبحانه :( تبت يدا أبى لهب وتب*ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى نارا ذات لهب ) المسد 1-3 لقد رفع الاسلام سلمان الفارسي ووضع الشرك ابالهب ..حتى اعظم رسول الله (ص) من منزلة سلمان وبلوغ الدرجة الرفيعة لحسن اسلامه وسموا خلقه وسريرته بما لم يحظى بها المهاجرين من اشراف قريش من الصحابة الاوائل حيث قال (ص) :(سلمان منا اهل البيت ) 2- السياسات التي انتهجها الخليفة الثاني عمر على غير ما كانت عليه زمن النبي (ص) وخلافة ابي بكر من التفريق في العطاء بين المسلمين وجعله طبقيا ومن النظرة العنصرية في تفضيل العرب على غيرهم من الشعوب المفتوحة والتعامل معهم من منطلق الاستعلاء والنظرة الدونية 3 -السياسة الخاطئة التي انتهجها الخليفة عثمان من خلال : اصطناع اربعة بؤر جسمة الخطر في (المدينة ) و(الكوفة ) و(الشام ) و(مصر)لم تتورع من ارتكاب كل خطيئة على حساب الخليفة عثمان اوبتغاضيه ورضاه عنها وذلك اولا: من تولية اقاربه غلمان بني امية على حواضر المسلمين وابعاده الصحابة الكبارعنها ثانيا: اساءة الولاة من غلمان بني امية الى الاسلام بما ارتكبوه من شنائع خلال تسلطهم على حواظر الدولة الاسلامية و سياسة العباد بالعنف والغطرسة والتعسف في التعامل حتى مع المسلمين ثالثا:استئثارهؤلاء الولاة بثروات الامة وجعل مافتحه الله على المسلمين بسيوفهم ورماحهم بستانا لهم وحدهم وبيت مال المسلمين ملكا خاصا لهم يتداولونه كما يشاؤون في مجانبة فاضحة عن كل قيم ومباديء الاسلام .. رابعا:تماديهم في ممارسات الغي وخروجهم عن الشرع وانتهاك الدين الى المنتهى وعدم التفاتهم لكل صيحات النصح والاستغاثة .!! خامسا :التفرقة الشديدة والتميزالعنصري والمفاضلة بين بني امية من جهة وبين سائر العرب من جهة اخرى وكذلك بين العرب وسائر الامم الاخرى في الدولة الاسلامية ومما اسهم بشكل خطير في تعجيل الثورة على الخليفة عثمان الذي لم يكن يمارس صلاحياته بنفسه بل كان يوجه ويقاد من قبل اقاربه وبالخصوص مروان المعروف (بخيط باطل) الذي اورده المهالك ولم يصدره منها ..علما بان الصيحات الاولى المنذرة من سوء عاقبة هذا السبيل انطلقت من الكوفة عندما تمادى والي الكوفة (الوليد ) من الخروج الى امامة جماعة المسلمين والصلاة بهم وهو مخمور وفي حالة من السكر الشديد وعدم الوعي لمايقول حتى صلى بهم صلاة الصبح اربعة ركعات وقال :هل تريدون المزيد ...؟!! وقال :(ان السواد بستان لقريش).اي العراق مزرعة تقدم خيراتها لبني امية والناس مجرد عبيد لهم ..!وان الخليفة عثمان وهب خمس افريقيا لقريبه عبدالله بن ابي سرح وبذر كثيرا من اموال بيت المال فلما اعترض عليها صاحب بيت المال ابن مسعود ورمى مفاتيح بيت المال عند الخليفة خوفا من الله وتخلصا من المسئولية .فما كان من الخليفة الا ان امر غلمانه واتباعه من دوس وسحق الصحابي ابن مسعود ورميه خارج المسجد ...!! وكان لبؤرة ولاية الشام التي تربع عليها معاوية فترة طويلة وتسلطه عليها في تركيز موقعه من خلال اولا :الفترة الطويلة التي جلس فيها على كرسي الولاية ثانيا: دعم الخليفة عمر له وتمكينه من الولايات الاخرى عند موت عمالها كولاية فلسطين والاردن والقدس اضافة الى ولاية الشام التي توارث حكمها عن اخيه يزيد بن ابي سفيان ثالثا:في خلافة عثمان استمكن وهيمن على هذه الاقاليم الاربعة الغنية وستبد في التسلط عليها وكانه الحاكم المطلق رابعا :دهاء ومكر وخبث معاوية وعدم تورعه من سلوك اي طريق للوصول الى مبتغاه حيث (الميكافيلية ) باوسع صورها .. فهذا الركام الهائل من الخروج على الرسالة ومجانبة الهدى النبوي الشريف وقيم ومعاير الانسانية ..!!ماكان لادنى منه ان يسكت عنه الامام او يطوي عنه كشحا ويسدل عليه ثوبا .. لذلك كان اساس برنامج الامام علي و ثورته الاصلاحية جريئة وجذرية شاملة وان كانت سوف تجر عليه الكثير من المتاعب لانها (حق) ولايمكن السكوت او التنازل او الممارات في المباديء في سياسة ابن ابي طالب ...!! فقد اوضح الامام برنامجه من أول يوم بويع فيه ومن غير مواربة او غيمية فاعلن حملة تطهيرية شاملة تطيح برؤوس الفساد ومراكز التسلط الاستبدادي في الاقاليم مغايرا تماما لماتعارفت عليه الانظمة السياسية في اتخاذ مواقف متباينة وصورا شتى من اساليب المراوغة والمصانعة والمكائد السياسية والالا عيب الماكرة في بداية التشبث بالتسلط على حساب مصالح الدولة وبنية المجتمع واسس العقيدة..لكن مباديء الامام السامية وقيمه الراسخة التي لاتتزعزع ولا تلين ولاتتلبس بلبوس المنافع الانية والفوز بالمصالح الشخصية الضيقة .. ..وذلك لايمان الامام العميق ايمان الاحرار الذي لاتشوبه شائبة بكل ماهو طاهر ونقي وصالح يرتجى للمجتمع وفيه سعادته وتطوره..وكان من عزائم امره استأصا ل بؤر الجور ومكافحة الظالمين وملاحقة المجرمين وتتبع المفسدين ومحاسبتهم ومعاقبتهم وفي مقدمتهم حاكم ولايات الشام الكبرى معاوية بن ابي سفيان اذن فالمسير في هذا السبيل ليس سهلا ولاهينا بل سيكلف الامام الكثيرو يجشمه عناء كبير من شق عصى الطاعة والتمرد على الشرعية على اقل تقدير .. يلاحظ في ثورة الاما م علي الاصلاحية الشاملة ابعادا كثيرة منها: البعد الاول: سبق ريادتها في محاربة ظلم الانسان للانسان واستمدادها من نصوص الشريعة ومجانبتها للاعراف البدوية والمصالح السياسية والاضواء الاعلاميه البعد الثاني : فورية تطبيقها وابطال كل ما كان مجانب للسنه الشريفة البعد الثالث :انقلابيتها وتصحيحها لركام اخطاء من سبقوه بالرجوع الى صحيح الشريعة البعد الرابع : جذرية معالجتها للامور كافة والموازنة بين الاهم والمهم البعد الخامس :سعتها للناس جميعا فلافرق لاحد على احد الا بالتقوى والعمل الصالح البعد السادس :شفافيتها وموضوعيتها ورقي اسلوبها الحضاري في حوارها ولغة منطقها البعد السابع: سعة امتدادها وعدم اقتصارها على بني ادم فقط بل تتعداه حيث تشمل الحيوان والنبات واصلاح الارض وعدم افساد البيئة البشرية التي هي ليست فقط ملك بشر عصر دون عصر بل ملك الاجيال البشرية القادمة ايضا اولا: فقد أولى الامام علي جل جهده الى مسئلة الفساد المستشري وتبداء أساسا وبالتحديد من رأس النظام السابق وتتدرج الى باقي الرموز ومراكز السلطة وقوى القرار السياسي والسلطة التنفيذية ومن غير مصانعة او محاباة وتعتمد بالخصوص على تجاوزات رجال الحكم وعلياء القوم وبطانة السلطة السابقة فاصدرالامام مرسوما من أول ساعة تولى فيها صلاحياته الدستورية كحاكم برد كل ما حازه الخليفة عثمان ومن لف لفه من الامراء والعمال –من غير حق-الى خزينة الدولة (بيت المال) فصادرقطائع عثمان حيث يقول عنها (والله لو جدته قد تزوج به النساء وملك به الاماء لرددته فإن في العدل سعة ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه اضيق ) .. ثالثا:لقد فاجأ الامام الجميع بصرامة قراراته وبصلابة مواقفه وعزيمة اجراءه وسرعة تنفيذه واتخاذه المواقف المسئولة الحازمة والحاسمة حيالها وفي معالجة وقطع دابرالتجاوزات والانتهاكات التي مارسها اتباع النظام السابق وحكام الاقاليم من نهب الاموال وسرقة الممتلكات وكل من يدور في فلك السلطان واهل الجاه ..! وفي هذا الصدد يقول الامام :(وقام معه بنو ابيه يخضمون مال الله خضمة الابل نبتت الربيع) معريا الاستأثار ومكامن الفساد.. حيث كان المألوف فيمن مضى من الخلفاء عند تسنمه السلطة يمارس سيرة المصانعة او شراء الذمم بلبذل والعطاء او بالسكوت والتغاضي على مافي ايدي هؤلاء المرتزقة من السحت للحفاظ على هيمنة التسلط وبسط النفوذ واخضاع الروؤس ..! وان ما نتهجه الامام وماطبقه من اجراءات العدالة والمساوات يعتبر نقلة نوعية فريدة لم ترى له الرعية من قبل مثيل سواء في التحدي لكل القوى النفعية المعشعشة في الدولة ام في جذرية التطبيق الفوري وسموا المعاني والمواقف ومبداء تطبيق (الحق) الذي اختطه .. هذا ممالم يألفه ولايرتضيه اصحاب الاطماع ومستعبدي العباد ممن استبقوا على الغل سواء من الصحابة ام الولاة ثانيا:ان الامام رفض بكل شدة واباء لبعض من راى في ابقاء( معاويه) على ولاية الشام حتى تنجلي الغبرة وبعد ذلك يعزله عندما تستقيم الامور ولكن هذا مما لايستقيم ابدا وفكر ومفاهيم وروح الامام وقد استنكرالامام هذا الطرح ونددبه بكل وضوح وجلاء لمجانبته للدين وخيانة للامة مؤثرا الحق على ماسواه قائلا : (أتأمروني إن اطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه ! والله لا اطور به ما سمر سمير وما ام نجم في السماء نجما !) فقد بادر الامام ومن الحظات الاولى في تولي صلاحياته كحاكم للدولة الاسلامية وبلا تلكؤ ومن غير ابطاء باجتثاث بؤر الفساد واقصاء مراكز الطغيان وقوى الاجرام في حواضر وولايات الدولة حيث افصح الامام وبشكل لالبس فيه ومن غير تورية او استبطان حسب المنطق الدبلوماسي للساسة من الف والدوران مراعاتا للمصالح وتحقيق للمكاسب و..و على حساب القانون وحقوق الجماهير ..وقد حذر مالك الاشتر واليه على مصر من الاستعانة بالاشرار من موظفي ورجال العهد السابق قائلا (ان شر وزرائك من كان للاشرار قبلك وزيرا ومن شركهم في الاثام فلايكونن لك بطانة فإنهم أعوان ألاثمة وأخوان الظلمة ). ثالثا:اقر الاسلام لافراد الامة جميعا حقوقا متساوية كفلها التشريع لكن البعض منها غيب وطمس عليه لاجل مصالح انية وان برقع بلبوس الدين ومصلحة دولة المسلمين ..وهذا ما سعى الى تطبيقه الامام علي من رفع الحيف وازلة الاجحاف الذي لحق بالامة من جراء فساد سياسات من كان قبله في المجال الاقتصادي من التفريق في (العطاء) على اسس طبقية من تقسيم المسلمين الى طبقات المسلمون الاوائل والمهاجرين والانصار واهل بدر واهل بيعة الرضوان ومن اسلم بعد فتح مكة ..الخ اوعلى اسس عنصرية من تفضل قريش على من سواهم من العرب وتفضيل العرب على غيرهم من الامم والشعوب الاخرى التي سنها الفاروق عمر في خلافته واستمرها حتى خلافة عثما ن ..وبما ان هذه الاعراف بعيدة عن قيم الاسلام وتعاليمهم الرفيعة حيث جعل جزاء عمق الايمان والالتزام بالاسلام وهذا مذخور لصاحبه يثاب عليه يوم الجزاء لا ان يساوم عليها من خلال حفنة من الدراهم ..لذلك اثر الامام علي نقض هذه الاعراف واعاد العطاء على ماكان عليه زمن رسول الله (ص) وخلافة ابي بكر
المباديء الانسانية في سياسة الرعية الملاحظة الكبيرة في نهج الامام علي هو الالتزام الصارم بتعاليم الدين وزالة كل ماعلق به من بدع وتطهيره من كل دنس وتنقية من الشوائب ووفق هذا المنهج الرفيع فارجع في خلافته الحق الى نصابه بالمساوات في الحقوق والعطاء على ما كان عليه زمن المصطفى (ص) وان كلفه ذلك كثيرا من العناء وفي هذا الصدد يؤكد امير المؤمنين الامام علي التقيد بنشر العدالة وتحقيق العدل مهما كانت العواقب قائلا:(والله لئن أبيت على حسك السعدان مسهدا او اجر في الاغلال مصفدا أحب الي من أن ألقى الله ورسوله ظالما لبعض العباد وغاصبا لشيء من الحطام ) نهج البلاغة \ص346 الخطبة 224 وله كلمة اخرى عظيمة في هذا الصدد يقول الامام (اما والله لو اعطية الاقاليم السبعة بما تحت افلاكها على ان اعصي الله في نملة اسلبها جلب شعير –اي حبة شعير – مافعلة ذلك) وصرح الامام على الملاء متحديا بجرأته المعهودة التي لاتخذه في الله لومة لائم قائلا : ( لوكان المال لي لسويت بينهم فكيف وإنما المال مال الله ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير واسراف وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الاخره ويكرمه في الناس ويهينه عند الله ولم يضع امرؤماله في غير حقه ولا عند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودهم ).. وللعلم إن ماقام به الامام لم تكن الامور له مستوسقة ولا طائعة حيث كثرة الفتن والحروب ورغم ذلك فقد ذكر المؤرخون انه وزع في السنة الواحدة عطائين الى الامة في حين كان من سبقه يعطي في السنة عطاء واحدا وهم في حالة من الدعة والسلم .!
سياسة العرب للامم المفتوحة رابعا:كان للنعرات العنصرية القبلية والاعراف البدوية الجاهلية الاثر الكبير في حياتهم وتعاملاتهم التي جبلة عليها نفوسهم طابعها الراسخ في اذهان العرب وتغلغلها في مشاعرهم بحيث ان الاسلام لم يستطع ازالتها من نفوسهم او محوها من ثقافتهم وذلك اولا :لبداية اسلامهم وثانيا :عدم تغلغل مفاهيم وقيم الاسلام الانسانية الراقية في قرارة صدورهم وثالثا :لبعدهم عن اجواء المدنية وانقطاعهم عن اسباب الحضارة وايغالهم في التعصب للجنس العربي والرس البدوي عامتا وعند بزوغ فجر الاسلام ظهرة استعلائية قرشية خاصتا .. فقد ظهرة العنجهية العشائرية البدوية والاستقراطية القبلية القرشية واضحتا من خلال تعاملهم مع الامم والشعوب الاخرى المفتوحة من موقع العصبوية الجنسية والغلبة السياسية متجاوزين بذلك تلك الدعوات والمباديء التي نادى بها الاسلام ..واطلقوا على الامم والشعوب غير العربية لفظ الاعاجم والموالى الذين هم بمعظمهم من الفرس والزط والنوبيين الذين اسلموا وارتبط وا بالقبائل العربية عن طريق (صلةالولاء ) فلم يستطيعوا رغم ذلك أن يحظوا بالعدالة والمساواة مع العرب فظلوا مواطنين من الدرجة الثانية إن جاز التعبير رغم ان منهم من شارك في صفوف جيش المسلمين وما قدموه من خدمات للدولة الجديدة إذ كان معظم الموظفين والعمال منهم ..اما جماهير الفلاحين واصحاب الحرف وعامة الناس الذين املوا ان تتحسن أحوالهم على يد الفاتحين الجد ودخلوا الاسلام لما بشر به من مساواة وعدالة اجتماعية فسرعان مأخذوا بالتذمر بسبب سياسات الولاة التعسفية حيالهم .. كما اخذ الدهاقين كسابق عهدهم في تولي مهمة جمع الظرائب من السكان بالاتفاق مع السادة العرب الجدد فكان الناس مستاؤن لتلك السياسة العنصرية التي طبقة حيالهم ..لذلك يلاحظ ان تفاقم المشاكل الاجتماعية والتميز الطبقي ادى الى انظواء الشعوب المغلوبة على امرها (الموالى) في رفع لواء كل الحركات المعارضة والانتفاظات التي قامت في ارجاء الدولة وكانوا وقودها وفي حماس واندفاع انظر بروكلمان ص133 ويسجل ان معظم الثورات التي حدثة ابان الحكم الاموي قد انطلقة على العموم من العراق لشدة الاجحاف وتزايد الظلم وسياسة القهر .. صحيح ان الثورة العباسية قد حققت للموالى الذين يشكلون الدعامات الاساسية لها حق المساوات مع العرب حتى زال استعمال كلمة (الموالى) الانها لم تستطع حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية بروكلمان ص171.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |